تشكيل لجنة لاعتماد المفتين وتوحيد المعايير الشرعية.. واتجاه للاستعانة بمشايخ من السعودية مستشار مفتى الجمهورية: «القوانين تكبلنا عن مواجهة غير المختصين.. وسلمنا أمرنا للبرلمان» فى تحرك عنوانه «إثبات الوجود»، أقدمت الدعوة السلفية على إنشاء «دار إفتاء» موازية لدار الإفتاء المصرية، وخصصت لها مقرًا بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية، لتستقبل فيه جمهور المستفتين، فيما لا يزال البرلمان يتلكأ فى إصدار تشريع لتقنين إصدار الفتاوى، كأحد آليات ضبط وتجديد الخطاب الدينى، الذى ينادى به الرئيس عبد الفتاح السيسى. فبعد أن خرجت الدعوة السلفية من المشهد السياسى تدريجيًا بعد سقوط حكم الإخوان، وكذلك رفع يدها عن المساجد والزوايا التى كانت تسيطر عليها، إثر قرارات متتالية من وزارة الأوقاف، أبرزها منعهم من الخطابة، اتجهت الدعوة إلى خلق كيان جديد على الأرض يحفظ لها وجودها، فكان قرار إنشاء «دار إفتاء» حاولت أن يكتسب مسحة شرعية من خلال توحيد معايير الفتوى على جميع الأعضاء، بعد أن كانت التوجهات المختلفة تحكم الأمر على موقع «أنا السلفى» و«صوت السلف»، وكلاهما تابع للدعوة السلفية. الكيان السلفى الأبرز بدأ يستشعر الخطر بعد مناقشة البرلمان لمشروع قانون يوصى بتجريم إطلاق الفتاوى من غير المتخصصين، واقتصار الفتوى على «دار الإفتاء المصرية»، و«مجمع البحوث الإسلامية»، و«هيئة كبار العلماء»، ما يهدد مواقع الدعوة السلفية «أنا السلفى» و«صوت السلف» بالإغلاق، كونها لا تتبع الأزهر أو دار الإفتاء، مع الوضع فى الاعتبار أن «أنا السلفى» يطلق نحو 5 آلاف فتوى سنويًا، يقدمها عدد كبير من المشايخ بمختلف التوجهات. ومع الحصار الذى شعرت به الدعوة، قررت أن يكون العمل الدعوى، وخاصة الفتاوى، له لجنة خاصة يوجد بها عدد محدد من الشيوخ يلتزمون بمنهج إفتاء متفق عليه، حتى لا يحدث تضارب، وعلى رأس هؤلاء المهندس محمد عبد الفتاح أبو إدريس رئيس الدعوة، ونائبه الدكتور ياسر برهامى، وأحمد حطيب وأحمد فريد مسئولى لجنة مكافحة المد الشيعى فى الدول الإسلامية، وآخرون لا يزالون فى مرحلة التوافق على أسمائهم، وقد استقروا على إسناد إدارة الدار الجديدة لبرهامى، مع منحه لقب «الإمام الأكبر»، وهو اللقب الذى يطلق على شيخ الأزهر. وعلى غرار ما يحدث بدار الإفتاء الرسمية، يتفرغ أحد الأعضاء لتلقى الأسئلة بالمقر الجديد فى أوقات معينة، ومن المقرر أيضًا الاستعانة ببعض علماء الدين بجامعات سعودية، ممن هم على تواصل مع الدعوة السلفية، للمشاركة فى تقديم فتواهم للسائلين، غير أن هذه الخطوة لا تزال مؤجلة لحين الاستقرار على أعضاء لجنة الفتوى بشكل نهائى. الدكتور مجدى عاشور مستشار مفتى الجمهورية، علق ل«الصباح» على خطوة الدعوة السلفية قائلًا: «أزمة الإفتاء فى مصر بدأت مع غير المتخصصين ممن لم يتم إعدادهم الإعداد المناسب، والذين أصبحوا يطلقون الفتاوى التى تثير الجدل، لأنها لم تصدر من دارسين بالمعاهد المتخصصة فى هذا الأمر». وحول عدم التعامل بجدية فى قضية شائكة مثل قضية الفتوى، وتركها للعبث، أكد الدكتور عاشور أن دار الإفتاء مكبلة ولا يمكنها إلا النصح فى تلك الحالة، وذلك لعدم توافر مواد قانونية تمكنها من أن تتصدى لغير المتخصصين فى أمر الفتوى، لذلك فإن دار الإفتاء حاليًا تدرس مع الأزهر التعاون مع اللجنة الدينية بالبرلمان، لإصدار تشريع يجرم الإفتاء من غير المتخصصين أو التابعين لمؤسسات الدولة المسئولة عن الفتوى، مشيرًا إلى أن «الأمر الآن فى يد البرلمان الذى يجب عليه الانتهاء من إعداد القانون حتى يتسنى لدار الإفتاء التصدى لغير المتخصصين، وإلى حين ذلك سيستمر هؤلاء فى تقديم الفتاوى، وهذا خطأ كبير، لأنه يعرضهم للوقوع فى الخطأ نظرًا لعدم تدريبهم بالقدر الكافى».