تحولت الأنباء المتلاحقة عن اختفاء بعض أدوية علاج السرطان إلى حقيقة دامغة، وضجت مواقع وسائل التواصل الاجتماعى بالحالات المتضررة.. «الصباح» تواصلت مع عدد من الحالات التى عانت من نقص عرقات علاج المرض الخبيث ورصدت مشكلاتهم. محسن أبو الفضل، 30 عامًا، من محافظة القليوبية، يقول إن والده أصيب بألم مستمر فى جانبه ما دفعه إلى الذهاب للمستشفى لتلقى العلاج؛ إلا أنه فوجئ بإصابته ببؤر سرطانية فى الكبد، ونقل على إثرها للعناية المركزة بمعهد ناصر، وصُدمت عائلته بعدم وجود علاج فى المستشفيات ومراكز الأورام، وبرر الأطباء الأمر بأن العقار ناقص فى مراكز الأورام فى الفترة الأخيرة، وبعدها بأيام توفى والده. لم يقف الأمر على والد محسن فقط، بل امتد إلى ميار البالغة من العمر 13عامًا، والتى توفيت الأسبوع الماضى بسبب عدم حصولها على جرعة دواء «بيورنيثول» لعلاج السرطان لعدم توفره بمعهد الأورام منذ ما يقرب من أسبوعين وأكثر. حمدى مغاورى، من شبرا الخيمة، حالة ثالثة توثق اختفاء علاج السرطان من مستشفيات الحكومة، يقول «توفيت ابنتى على سرير معهد الأورام، بسبب نقص الأدوية بل وصل الأمر إلى أن الأهالى باتوا يقتسمون العبوة الواردة فيما بينهم، فى حال وجدوها أساسًا، وذلك بالإضافة إلى عدم توفير عبوة «الاسبراجينيز» الذى يعتبر العقار الأساسى فى علاج الأورام، ما أدى لإرسال استغاثات لإدارات المستشفيات ومنظمات المجتمع المدنى للعمل بسرعة التوصل لهذا الدواء الذى يتم استيراده لصالح الشركة المصرية لتجارة الأدوية بسعر 40 جنيهًا، بجانب أننا علمنا بأن ابنتى لم تكن الوحيدة بسبب أزمة اختفاء الدواء، بل توفى أيضًا ما يقرب من خمسة أطفال بالطريقة نفسها بمعهد الأورام وبمستشفى أبو الريش معظمهم مصاب بأمراض التلاسيميا أو الهيموفليا أو أمراض فقر الدم أو حمى البحر المتوسط». الدكتور عبد اللطيف أبو الحسن، استشارى أمراض الكبد، كشف أن هناك نقصًا شديدًا فى بعض الأدوية الخاصة بمرضى الأورام السرطانية، بسبب عدم توافر اعتمادات من العملة الصعبة وتأخر صرف العقار من الخارج بسبب ارتفاع أسعار الدولار، ومن بين أبرز أنواع الأدوية المختفية هى «الاندوكسان، يوراسيل، هولوكزان، فايف فلور، ميثوتريكسات، يوروميتكزان»، لافتًا إلى أن عقار إندوكسان والهولوكزان بالتحديد يدخلان فى كل الجرعات الكيماوية وجميع البروتوكولات العلاجية للأورام السرطانية، ويستخدمان لعلاج سرطانات الثدى والدم والأنسجة الرخوة، وتعتمد وزارة الصحة على استيراد الأدوية من الخارج فقط، خاصة وأن الأدوية التى تستخدم للتقليل من الأعراض الجانبية لعلاج الأورام السرطانية غير موجودة أيضًا وهى مسئولة عن تقليل سمية الأدوية الكيماوية فى الجسم. ورصد دراسة أصدرها مركز الحق فى الدواء، وجود نقص هائل فى أدوية الأورام فى معاهد أورام القاهرة وأسيوط والمنصورة وطنطا وسوهاج، ومن بين الأدوية الناقصة هى هولوكسان وأندوكسان وبيورنيثول والاسبراجينيز، ولفتت إلى أن الأطفال المرضى يتعرضون للموت بالمستشفيات بسبب غياب عقار بيورنيثول فى كل معاهد الأورام التى تستورده الشركة المصرية لتجارة الأدوية، ويتم بيعه خارج منافذ الشركة من خلال مافيا تتاجر فى الأدوية فى السوق السوداء. وأوضح المركز أن أسعار عقار البيورنيثول فى السوق السوداء، وصلت ل450 جنيهًا للعبوة، ما دفع أهالى المرضى لشراء عبوة واحدة واقتسامها بينهم، وطالب المركز بالتحقيق مع الشركات المستوردة للأدوية والتى تخرج منها بواسطة بعض المندوبين للأسواق السوداء استغلالًا للأزمة، والتفتيش على شركات الاستيراد الأخرى التى تستورد أصناف مثل كيتوستريل المخصص للفشل الكلوى، مسعر ب220 جنيهًا وطرحها بكامل الكمية فى السوق السوداء بسعر يصل إلى 800 جنيه للعبوة (خمسة شرائط). «الصباح» واجهت الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة، بما تم توثيقه من نقص شديد فى عقاقير مرضى سرطان الكبد، ومن بينها «إندوكسان» المستخدم بشكل كبير فى الأمراض السرطانية، والذى أوضح أنه لا توجد أى نواقص فى هذا العقار، لافتًا إلى وجود نقص فى العقار نفسه خلال فترات سابقة وتم توفيرها بكميات كبيرة خلال الفترة الحالية، وأن هناك مخزونًا منه فى مراكز الأورام.