160شركة متورطة فى أزمة تصدير المنتجات الزراعية الفاسدة

63 محطة وشركة يحتكرون تصدير البرتقال والبطاطس.. وخسارة بالملايين لصغار المصدرين
الشركات الصغيرة تتعاقد مع المحتكرين بحد أدنى 10 آلاف جنيه لتمرير شحناتهم إلى الخارج
ما بين التركيز على نظرية المؤامرة وتجاهل أسباب الأزمة وعدم توضيح حقيقتها، تركزت جهود معالجة المسئولين المصريين لأزمة وقف عدة دول استيراد الفواكه والخضراوات الزراعية المصرية وبعض المنتجات الحيوانية والسمكية، غير أن «الصباح» حصلت على معلومات تكشف الأسباب الحقيقية وراء قرار حظر استيراد الموالح والمنتجات الزراعية المصرية، وأن هناك خللًا فى منظومة التصدير المصرية، تقودها مافيا مكونة من 60 إلى 100 شركة ومحطة تصدير واستيراد، لهم الحق دون غيرهم فى تصدير محصولى البرتقال والبطاطس.
يقول «أ. ح»، صاحب شركة استيراد وتصدير مصرية، إن أزمة الصادرات المصرية مع روسيا بدأت فى ديسمبر 2015، عندما تم ضبط شحنة «برتقال» فاسدة بجمارك الموانئ الروسية، لكن المصدرين المصريين عللوا ذلك بأن الأمطار هى السبب فى فساد هذه الشحنة، وتكررت الأزمة مرة أخرى منذ نهاية شهر يناير حتى شهر يونيو الماضى، بوصول كميات من البرتقال الصيفى الفاسد إلى روسيا، مما زاد من أزمة الصادرات المصرية فى الخارج».
وأشار صاحب الشركة، إلى أن الشركات المصرية الوسيطة التى وصفها بالمحتكرة للتصدير، لأنه الوسيلة الوحيدة التى يستطيع المصدرون وشركات الاستيراد التصدير من خلالها لمحصولى البرتقال والبطاطس، صدرت شحنات من البرتقال ومنتجات أخرى بكميات كبيرة إلى روسيا وانجلترا ودبى وعدة دول أخرى، خلال موسم 2015/ 2016، واكتشفت الدول المستوردة بعد وصول هذه الشحنات إلى موانيها أن جميع هذه الشحنات فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمى، مما تسبب فى خسائر بالملايين للشركات المستوردة، خاصة أنها دفعت قيمة هذه الشحنات مقدمًا إلى الشركات المصدرة فى مصر.
وأوضح المستثمر الذى يعمل فى مجال الاستيراد والتصدير، أن شركات متضررة استوردت الشحنات وأرسلت شكاوى إلى جميع الهيئات المسئولة فى مصر للتحقيق ومطالبتهم بالتعويضات، مؤكدًا أن جميع الشركات المتضررة فى روسيا وبريطانيا والإمارات والأردن ودول أخرى، يستعدون لرفع قضايا ضد الشركات المصرية المحتكرة التى صدرت الشحنات، وجميع شركات الشحن التى تسلمتها، وستختصم كذلك هيئة الجمارك والموانئ المصرية، والحجر الزراعى المصري، والمجلس التصديرى المصرى للحاصلات الزراعية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية، وأيضًا ضد هيئة الجمارك الروسية والموانئ الروسية والحجر الزراعى الروسى.
الأزمة - وفقًا للمعلومات التى حصلت عليها «الصباح» - نتجت من قرار المجلس التصديرى، التابع لوزارة التجارة والصناعة، الذى أعطى بعض الشركات حق التصدير للمنتجات الزراعية فقط دون غيرها، مما اضطر باقى الشركات إلى التصدير من خلال وساطة الشركات المحتكرة، حيث يشحن المصدرون كميات من البرتقال «على سبيل المثال» وينقلونها إلى محطة الشركة التى تملك حق التصدير، لتقوم بدورها بعمل معالجة لهذه الكميات الواردة من المصدر.
وأضاف المصدر «بعد استلام هذه الكميات، تقوم المحطة بمعالجة هذه الكميات، منها عمليات التطهير للبرتقال والغسيل ثم التجفيف والتشميع والتأطير والتغليف»، موضحًا أن الأزمة كلها تحدث فى هذه العمليات، فالبرتقال يصل المحطة طازجًا وخاليًا من أى تلفيات، لكن هذه العمليات التى تجريها المحطة تتسبب فى تدميره بدلًا من الحفاظ عليها أطول مدة».
وأطلع صاحب الشركة «الصباح» على عدة مقاطع فيديو وصور لأكثر من 50 شحنة مصرية فاسدة تم ضبطها فى موانئ روسيا ودول أخرى خلال الأشهر الماضية، موضحًا أن من بين أسباب فساد الشحنات، عدم استخدام مواد خاصة مستوردة فى تطهير شحنات الفاكهة، وأن عمليات التجفيف لا تتم بالصورة الكافية، وتعبأ الفواكه وهى غير جافة، وكذلك عمليات التشميع تحتاج إلى مواد مستوردة باهظة الثمن يتم شراؤها من الخارج بالعملة الصعبة، لكن محطات التصدير تتجاهل استخدامها وتلجأ إلى مواد تشميع غير ملائمة.
وفى الفيديوهات والصور التى حصلت «الصباح» على نسخة منها، تظهر شحنات برتقال فاسدة فى الموانئ الروسية مُدون عليها شركة المتوسط لتصدير الحاصلات الزراعية «Mapc»، ويملكها المستثمر السعودى عبد الإله كعكى، ورجل الأعمال المصرى محمد الصيحى وهما من كبار المصدرين، حيث تقوم هذه الشركة بتصدير منتجات شركة النوبارية لإنتاج البذور «نوباسيد»، وهى شركة قطاع عام اشتراها المستثمر السعودى «عبدالإله كعكى».
ويقول عمرو حافظ صاحب إحدى شركات الاستيراد والتصدير: «يفترض وجود مفتشين من الحجر الزراعى والصادرات الزراعية، للكشف عن الشحنات فى جميع مراحل معالجتها فى المحطات، وكذلك فى الموانئ قبل شحنها بالحاويات، وهؤلاء المفتشون يتم رشوتهم من قبل أصحاب المحطات والشركات المصدرة، لتمرير شحنات فاسدة سواء فى المحطات أو الموانئ».
ويستكمل «دفع الرشاوى على أعلى مستوى للمفتشين، ففى الفترة الماضية كنت فى إحدى المحطات، وشاهدت كميات من فواكه غير صالحة، واستغربت من كيفية تعبئة هذه الشحنات الفاسدة وتصديرها، لكن صاحب المحطة قال لى: كله هيعدى، مشيرًا بيده إلى مفتش الحجر الزراعى، وقال: ده واخد شيك ب 100 ألف جنيه ومش هيتكلم، وهايطلع ياكل سندويتشات فى مكتب مدير المحطة ويترك التفتيش».
وأوضح أن الشركات المصدرة أيضًا تتبع طرقًا أخرى لتمرير الشحنات الفاسدة، وهى أنه بعد فحص رجال الحجر الزراعى للشحنات فى الموانئ قبل شحنها فى الحاويات لتصديرها، يقوم هؤلاء المصدرون بتبديل الشحنات التى تم فحصها بشحنات أخرى لم يتم فحصها، ليتم اكتشاف عدم صلاحيتها بعد وصولها إلى موانئ الدول المستوردة، مما يكبد الشركات التى تصدر عبر هؤلاء الوسطاء ملايين الدولارات، وكذلك العملاء».
وعقد المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، اجتماعًا سريًا لشركات تصدير واستيراد الفواكه والمنتجات الزراعية، لمناقشة تضرر الشركات من المحطات والشركات الوسيطة، وعرض خلاله الفيديوهات التى حصلت «الصباح» على نسخة منها.
وقال صاحب إحدى الشركات الذين حضروا الاجتماع السرى، إن المجلس التصديرى شكل لجنة مكونة من 5 أشخاص لبحث منع الشركات الأجنبية من تصدير المنتجات المصرية، والتحقيق فى شكاوى أصحاب بعض الشركات وتضررهم من المحطات التى يملكها كبار المصدرين فى مصر، ومنهم مسئولون كبار فى المجلس التصديرى ذاته، بالإضافة إلى تعويض الشركات المتضررة فى مصر ورسيا من هذه المحطات، خاصة بعد اتجاه الشركات الروسية إلى خصم مبالغ مالية ضخمة من الشركات المصرية التى ليست لها علاقة بالأزمة بالإجبار.
وأكد أصحاب عدد من شركات التصدير الصغيرة، أن هناك 63 شركة ومحطة تحتكر تصدير 3 ملايين طن بطاطس سنويًا، و100 شركة تحتكر تصدير مليون ونصف المليون طن برتقال، إلى دولة روسيا، وأن أى شركة تريد التصدير لا تستطيع التصدير إلا عبر هذه الشركات المحتكرة.
«10 آلاف جنيه هى القيمة التى يدفعها أصحاب الشركات لتمرير شحناتهم، وتصل إلى مئات الآلاف حسب كمية الشحنات ونوعيتها»، هذا ما أكده أحد المصدرين، مضيفًا «تنقطع المياه عن المحطات بالأسبوع، وعمليات التطهير غير سليمة، والمجفف حرارته غير مضبوطة، والفواكه بها مياه، مما يسبب عفن الكرتونة، التى تتسبب فى عفن البلاتة كلها، حيث يوجد بها 180 كرتونة».
وحصلت «الصباح» على عدد من الخطابات الموجهة من الحكومة الروسية ممثلة فى الهيئة الروسية للصحة النباتية، أولها بتاريخ 13 سبتمبر، وجاء بها أنه «تحسبًا من كتلة شحنات من فواكه الحمضيات التى استقبلتها روسيا من مصر، فإن الرقابة البيطرية والصحة النباتية الروسية .