1-اذهب للحى أو المحافظة وادفع «الرشوة » وأنت ساكت 2-ادفع لمفتش التموين والبيئة والبيطرى..عشان تعدى 3-« الباشا ».. ياكل ويشرب ويلبس.. ويشيش ببلاش موظفون فى الأحياء ولجان تفتيش وأمناء شرطة يطاردون المشروعات الصغيرة ب«التصاريح» حسيب باع ذهب والدته لبدء «كافيه متنقل».. ومسئولو الحى رفضوا منحه الترخيص غرامة 6 آلاف جنيه لمشروع أسامة دفعته للانتحار أمام القطار شاب افتتح مطعمآ.. فطلب المفتشون والمسئولون «دليفرى »ولم يدفعوا زكى بدر هاجم مبتكر تطبيق«اشتكى »قائلا: «اطلع على أمريكا » عزت دفع 25 % من رأسمال المشروع فى الرشاوى والتصاريح.. وموظف قال له: «شخلل علشان تعدى »
انتشرت مؤخرًا الدعوات الموجهة للشباب للبدء فى مشروعات صغيرة، وضرب أصحاب ذلك الاتجاه المثل بال30 ألف جنيه التى يدفعها المهاجرون غير الشرعيين لسماسرة الهجرة للخروج من مصر أملًا فى الوصول إلى أوروبا، وفى المقابل يبدو صوت من خاضوا تجربة بدء المشروعات الصغيرة غائبًا، خاصة فى ظل المعوقات الصعبة التى يواجهونها من فساد ورشاوى ومحسوبية وروتين.. «الصباح» رصدت قصص مجموعة من الشباب الذين تعرضوا لمصاعب تلك المشروعات.
لم يجد أسامة يعقوب أديب «32 سنة- صاحب شركة مجمدات غذائية» ما يعبر به عن غضبه وضيقه بعد إغلاق شركته الصغيرة بقرية «أولاد نصير» بسوهاج، سوى إلقاء نفسه أمام قطار، وقال مقربون إنه شعر بما وصفوه ب«الظلم» بعد تغريمه ما يقرب من 6 آلاف جنيه بسبب أحد التراخيص الخاصة بمشروعه. أسامة، حالة ضمن آلاف الشباب فى مصر الذين حاولوا شق طريقهم وبدء مشروعات صغيرة تساعدهم على تحمل نفقات الحياة، وتكشف «الصباح» فى هذا التحقيق عن قصصهم، وكيف أن قرارات إدارية وحكومية تتسبب فى تعنت موظفين ضد الراغبين فى استخراج التراخيص، ويحصل بعض هؤلاء الموظفين على رشاوى ومحسوبيات، ما يكبد صغار التجار ومن يبدأون مشاريعهم تكاليف زائدة، وقد يضطر بعضهم لإغلاق مشروعه أو عدم البدء فيه. محمد حسين، 42 عامًا، من القاهرة، كان له حلم بعد ثورة يناير فى أن يفتح مطعمًا بشكل جديد، كبداية لمشروع سلسلة من المطاعم، التى تراعى جودة الطعام والخدمة المقدمة، وبدأ العمل على أرض الواقع فى يونيو 2011، بالتجهيز لمطعم فى شارع السودان بالجيزة، وبعد تجهيزه وشراء المعدات اللازمة، وغيرها بدأت أزمته فى مواجهة تعنت المسؤولين. يقول حسين، إنه اعتقد بعد الثورة أن الفرصة متاحة للشباب لكن الحقيقة عكس ذلك، بعد تجهيز المطعم وتشغيله على أعلى مستوى عن طريق الاستدانة للأصدقاء والأقارب، فوجئ بهجوم الروتين والرشوة من قبل مسئولين فى الطب البيطرى والبيئة والحى وغيرهم، وطلب بعضهم رشاوى بشكل يومى. يضيف حسين: «بعد افتتاح المطعم بأسبوع، جاء أحد المسئولين البيطريين، للتفتيش على المطعم لكنه لم يجد شيئًا مخالفًا سوى السؤال عن صلاحية الخبز الموجود بالمطعم، موضحاً أنه ذكر للمفتش البيطرى، أن الخبز يأتى من مخبز حكومى ولا يوجد شىء اسمه صلاحية للخبز، لكنه أصر على موقفه، واستطرد: «اكتشفت فى النهاية أن الموضوع ادفع علشان تعدى، شخلل جيبك، وبالفعل دفعت له، وتركنى وذهب». وواصل: «بعد واقعة المسئول البيطرى بأيام، جاء مسؤول من وزارة البيئة ممسكاً بجهاز فى يده، وقال لى إن «الديسى بل» أو الصوت مرتفع فى المطعم، وراح يحرر محضرًا ومخالفة، فقلت له: «تعالى افطر وبعدها نشوف موضوع الصوت العالى، وبعد أن فطر بالمطعم نسى الصوت العالى وذهب، وهكذا تكرر الأمر نفسه مع مسؤولى الحى». لم يقتصر الأمر على المسئولين السابقين، بحسب حسين، والذى قال: «استمر الموظفون فى أسلوبهم الاستفزازى المتمثل فى الدفع مقابل عدم تحرير محاضر دون وجه حق، وبدأوا فى طلب «ديلفرى»، وإرسال أقربائهم لتناول الطعام بالمطعم دون مقابل، وتحت كل هذه الضغوط اضطررت لإغلاق المطعم، وتسبب ذلك فى خسارتى لمبلغ 100 ألف جنيه، والاستدانة ب 120 ألف آخرين». وأشار حسين، إلى أنه بعد ذلك حاول السفر إلى الخارج بعد محنة افتتاح المطعم، وبدأ سفره إلى معرض الكتاب فى قطر للبحث عن فرصة عمل بدون إقامة، وأنه كان يعود كل شهر لمصر للحصول على تذكرة والعودة إلى قطر، وتمكن من الحصول على إقامة ونال درجة الماجستير إلى جانب وظيفته، يختتم الشاب حديثه: «كان حلمى أن أعمل بما يرضى الله وكان ذلك هو كل أملى فى الثورة، لكننى اصطدمت بالواقع، لدرجة أن أحد هؤلاء المفتشين قال لى: هنا لا توجد ثورة، الثورة هناك فى الميدان».
فى حماية أمين شرطة حكاية أخرى بطلها باسم حسيب، شاب عشرينى، قرر بدء مشروع أسماه «بيبو كافيه»، وذلك لرغبته فى عدم الوقوف فى طابور البطالة بعد تخرجه من كلية التجارة جامعة عين شمس، قرر حسيب أن يشق طريقه لبناء بيت وأسرة مستقرة وعمل مشروع خاص يكافح من خلاله لإيجاد مصدر للعيش. فى منطقة جسر السويس، بدأ حسيب مشروعه انطلاقًا من عربة «فان» مزينة بالأضواء الملونة وملصق عليها أسعار المشروبات والمأكولات لتكون «كافيه متنقل»، خاصة بعد إخلائها من المقاعد تمامًا ليتم وضع أدوات المقهى والخامات المستخدمة وأجهزة التسخين والتبريد داخلها. قبل تجربة «الكافية المتنقل» وعمل حسيب «كلاكيت» سينمائى فى عدد من الأفلام ومنها، الفيل الأزرق، والآنسة مامى، هاللو كايرو وغيرها من الأفلام، وبسبب الظروف السيئة التى مرت بها صناعة السينما فى الفترة الأخيرة توقف عن العمل، ليشترى العربة «الفان» بنظام التقسيط الذى لايزال يدفعه حتى الآن. دائمًا ما تمنى حسيب، أن يؤسس فكرة مختلفة يتكسب من خلالها بعيدًا عن صورة المقهى أو الكافيه التقليدى، ويروى ل«الصباح» أن ما شجعه على القيام بهذا المشروع الصغير، هو تشجيع الرئيس عبدالفتاح السيسى للشباب ودعواته الدائمة لهم لإقامة مشروعات صغيرة ومبتكرة، وكرر الرئيس ذلك فى أكثر من خطاب وبرنامج حتى أنه أطلق تسمية «عام الشباب» على سنة 2016، ويستطرد حسيب: «رغم كل تلك الدعوات الرئاسية اصطدمت بواقع مغاير من مسئولى الحى». يروى حسيب، بنبرات متحسرة على وضعه، ما تعرض له من تهديدات متكررة بسحب السيارة أو تكسيرها، وهو ما تسبب فى عدم قدرته الآن على تشغيلها «وقطع عيشه»، ووقوفه مختبئًا بسيارته فى شوارع جانبية معظم الوقت باحثًا عن لقمة العيش. لم يجد صاحب «بيبو كافيه» حلًا لمشكلته سوى الوقوف أمام أحد المحلات التى يحميها أحد «أمناء الشرطة» لأنه على علاقة وطيدة بصاحب المحل، ورغم محاولته الحصول على تراخيص رسمية، لكن حسيب لم يوفق، ووصف معاملة رئيس حى النزهة الجديدة له عند تقدم الشاب بأوراقه المشروع بأنها كان متعالية، فضلًا عن أنه أطاح بالورق ناصحًا إياه أن يفتح مقهى بدلًا من هذا المشروع، بل وطالبه بالحصول على إمضاء من محافظ القاهرة شخصيًا. «مش عارف أعمل أيه مع أمى اللى باعت ذهبها عشانى، ولا مع الأقساط اللى مش عارف أسددها» يقول حسيب بأسى وألم شديدين، وتذكر الشاب الأقساط المستحقة التى لا يستطيع سدادها بسبب عدم تمكنه من إنهاء أوراق ترخيص المشروع وتعنت المسؤولين: «لا أملك سوى التشبث بحلمى وعدم فقدان الأمل» كانت آخر ما ختم به باسم حديثه مع «الصباح»، مناشدًا المسئولين بضرورة التسهيل على الشباب استجابة لما أكده الرئيس، لأنهم لا يريدون سوى الاستقرار والعيش بالحلال». شخلل علشان تعدى محمد عزت، 36 سنة، تخرج فى كلية الهندسة وعمل لمدة عامين فى شركة كبرى، فضاق بروتين العمل وعدم التجديد فى حياته، حسبما قال، ولم يكن قراره بتركه العمل وبدء مشروعه الخاص بالأمر السهل، فقد اضطر لبيع شبكة زوجته من أجل بدء مشروع كبدة على سيارة سوزوكى متنقلة وتحول من مهندس إلى بائع كبدة. افتتح عزت مشروعه نهاية عام 2010 وكان يتعرض للكثير من المضايقات من أمناء شرطة وموظفين فى الحى، مشيراً إلى أن عام 2016 لم يكن واقعيًا هو عام الشباب كما يقول الرئيس ولم يتحقق أى إنجاز للشباب خلال هذا العام، ولكن البيروقراطية فى مؤسسات الدولة هى أهم أسباب فشل مشروعات الشباب، بحسب قوله. وعلق محمد عزت على تساؤلات بالعض بشأن سبب نجاح مشروعات الشباب السوريين فى مصر قائلًا: «السوريون جاءوا إلى مصر ومعهم رأس المال لبداية المشروع، وبالتالى عرفوا كيف ينطلقون بخلاف الشباب المصرى الذين لايستطيعون تحصيل رأس مال لبداية المشروع». وأضاف عزت، أنه كان يمتلك اثنين من أكبر المطاعم فى مدينة نصر بدأهما باقتراض مبلغ من أحد البنوك المصرية وبعد أن عمل على المشروع واستثمر فيه من وقته وماله، وأصبح المطعم يستوعب 70 شابًا فوجئ بقرار إغلاق المطعم بدعوى مخالفات لقرارات شركة المياه، وأثناء حل المشكلة قال له أحد المسئولين: «شخلل علشان تعدى»، بحسب رواية عزت. الذى قال، إن 25 فى المائة من قيمة القرض تم صرفه على استخراج الأوراق والتصريحات ودفع الرشاوى.
«اشتكى» «اطلع على أمريكا» هكذا صدم وزير التنمية المحلية أحمد زكى بدر، الشاب أحمد الناجى، الذى ابتكر تطبيقًا الكترونيًا للهواتف المحمولة يحمل اسم «اشتكى» لتوصيل صوت المواطن للحكومة. يقول ناجى ل«الصباح»، إنه صُدم بعد رد وزير التنمية المحلية، عندما علق على فكرة مشروعه بجملة «اطلع على أمريكا»، واتباع أسلوب السخرية من مشروعه، موضحًا أنه لا يمانع فى أى فرصة للسفر إلى أمريكا، وأن فريقه لديه طموح بتأسيس شركة عالمية مقرها الأم فى مصر ولها فروع فى عدة دول وليس أمريكا فقط. ويضيف ناجى، 27 عامًا، إنه كان من المدعوين فى لقاء خاص بريادة الأعمال، ووزير التنمية المحلية أحمد زكى بدر، كان أحد المدعوين أيضًا وأثناء الاجتماع انتهز أحد أصدقائى فرصه وجود الوزير ليحدثه عن التطبيق الإلكترونى «اشتكى» والمبتكر بشهادة رسمية رقمها 2691 لسنة 2016 من وزارة الاتصالات، وتقوم على فكرة استقبال الشكاوى بمختلف أنواعها لتوصيل صوت المواطن للحكومة، وعن طريق ملء البيانات وإضافة الشكوى يتم استقبال طلبات المواطنين، بعدها يراجع فريق عمل التطبيق كل تفصيله فى الشكوى وبسرعة. ناجى وهو من المقيمين فى الاسكندرية، ويعمل كرئيس تنفيذى لشركة ناشئة متخصصة فى إدارة المشروعات، يقول إن رد الوزير لم يشغلهم وعزموا على الاستمرار، وتوجهوا إلى مؤسسات حكومية، وتعاقدوا معها، وعلى رأسها حى الجمرك بالإسكندرية، وحى وسط بالإسكندرية، وإدارة الرصد البيئى بالإسكندرية، وشركة مياه الشرب بالإسكندرية، فضلًا عن قرب تفعيل التطبيق بشركه كهرباء الاسكندرية. واعتبر أن سبب رفض الوزير لفكرته يعود إلى سخريته دون أن يسمع التفاصيل، ويقول ناجى: «لم يرفض المشروع فهو لم يعط لنفسه الفرصة ليستمع إلى شرح فعلى على جهاز كمبيوتر أو موبايل، ليرى البرنامج بنفسه بدلًا من أن يقول «اطلعوا على أمريكا» بأسلوب ساخر». يشير أحمد ناجى، إلى أن المشروع يصلح لأى جهة تستقبل شكاوى من المواطنين، فهو يصلح لكل الجهات الحكومية، والشركات العامة والخاصة، والهدف منه الربط بين كل الجهات الحكومية، وغير الحكومية فى نظام إدارى واحد، والعامل المشترك هو برنامج الشكاوى الذى تمكن من هذا الربط دون أى أعباء أو تكاليف بنية تحتية. وأنهى ناجى حديثه قائلًا: «البحث العلمى فى مصر مُهمل جدًا، ولو أن هناك أماكن حكومية تشجع البحث العلمى، لكانت هذه الأماكن فى القرية الذكية أو مكتبة الاسكندرية فقط، فما هو الحل لشباب النوبة وشلاتين والصعيد، أليس لديهم فرصة للابتكار أوالاهتمام بأبحاثهم؟.. أعتقد أنه حان الوقت ليتم فتح هذا الملف فالإبداع هو المستقبل والأطفال هم الأمل».