ظنت أن رجال الدين على عكس مكاتب الزواج التي تتخذ الأمر مصدرا للتربح، وأنهم يقومون بهذا العمل لوجه الله، كما أنهم سيكونون آمنين على اسرار الفتيات إن لم يتم الزواج خاصة في ظل حساسية الأمر. سمعت" أ، ع " من صديقتها أن الجمعية الشرعية بالجيزة تقوم بهذا الدور وبعد تردد كبير قررت أن تذهب إلى الجمعية كي تبحث عن شريك حياة لها خاصة بعد انفصالها عن زوجها منذ فترة ولم يقدر لها الزواج ثانية. بعدما دلتها صديقتها على مكان الجمعية الشرعية بالجيزة ذهبت إلى هناك إلا أنها فوجئت أن الجمعية أغلقت هذا الباب كما قال لها أحد العاملين هناك إلا أنه دلها على شيخ كان يعمل بالجمعية لكنه يقوم بالأمر خارج الجمعية، حصلت على رقمه وبعدما تواصلت معه لعدة أيام قابلته ووعدها أنه سيأتي لها بالعريس المناسب إلا أنها فوجت بعد ذلك بأنه سيكون هناك مبالغ مالية حسب نسبة ثراء العريس فتوجست منه خاصة أنها كانت تهدف إلى جواز طبيعي مثل ما يتم إلا أن حديثه عن نسبة ثراء العريس كانت بمثابة جرس إنذار جعلتها تعدل عن الذهاب إليه مرة أخرى. الحالة لم تكن الأولى حيث أننا تواصلنا مع عدد من الحالات الأخرى في الفيوم التي تعرضت لذات المواقف.
عندما علمنا من " أ، ع" بالحكاية قررنا أن نخوض ذات التجربة من البداية حتى نصل إلى الشيخ.
البدايه كانت عندما ذهبنا إلى الجمعية الشرعية بمسجد الإستقامة في منطقة الجيزة، بحثا عن الشيخ الذي ذاع صيته" س، ف" بهدف ايهامه بأننا نريد الزواج من عريس غني سكرتير الجمعية الذي التقينا به ويدعى "عماد" أخبرنا أن العاملين بالجمعية عانوا كثيرا ، خاصة أن المترددات اللاتي يردن الزواج كانت مشبوهات وهو الأمر الذي أدى إلى غلق باب الزواج بالجمعية، إلا أنه أخبرنا أن الشيخ " سنف" يقوم بنفس المهمة في الوقت الحالي بشكل منفرد، وهو ما أثار شكوكنا بشأن قوله أن الجمعية أوقفت الأمر نظرا لأن المترددات معظمهن مشبوهات. محررة الصباح حصلت على الرقم من سكرتير الجمعية ثم ذهبت إلى الشيخ إلا أن بداية الأمر لم تكن مريحة كما قالت الفتاة السابقة حيث استقبل الشيخ مكالمة الفتاة بجمل دعت للتعجب. "اهلا يا جميل, تحت أمرك يا عسل, انتي تؤمري يا سكر" ثم أغلقت المكلمة بعد الاتفاق على الذهاب إليه في اليوم التالي. حين ذهبنا حسب الموعد المحدد ألتقينا به بالجمعية لكن لم يكن داخل الجمعية بل قابلنا من وراء سور حديدي، إلا أن نظراته كادت تخترق جسد محررة الصباح، ومن ثم بدأ الحديث بشأن المواصفات التي تريدها وأخبرناه أننا نريده من عائله محترمة وغنية، , ومن ثم قال لنا أنه سيبحث عن المواصفات التي طلبناها, وأنه يعرف الكثير من الأشخاص تمثل هذه المواصفات بسهوله, مشيرا إلى أن التعارف والقبول يتم بعد أكثر من جلسة، وحينما سألناه عن المبلغ المالي المطلوب قال أن الحديث عن هذا الأمر بعد الجلسة الأولى، والتي طلب أن يكون معنا محرم فيها, فأخبرناه أننا لا نريد ان نصطحب معنا محرم فعرض علينا أن يكون هو المحرم وأن اللقاء لن يكون داخل الجمعية وحين حاولنا الاستفسار عن المكان أخبرنا أنه سيتم تحديده حين يأتي بالعريس، مؤكدا أن الحديث عن المبالغ المالية سابق لأوانه وأن المهم هو أن نجد الشخص المناسب مغلفا حديثه بأن ندعوا الله بان يرزقنا بالشخص المناسب. من خلال الحديث مع بعض العاملين بالجمعية علمنا أنه يتقاضى نحو 10آلاف جنيه من الطرفين حال كان الزوج ميسورا وأنه لا يجعلهم يتواصلون مع بعض بعد اللقاء الأول وأنه يمم الأمر حرصا على الأموال
الملفت للأمر ان الشيخ أثنى على المعلومات التي وصلتنا من بعض العاملين بشأن الفتيات المشبوهات، فخلال حديثه معنا أكد أنه ساعد الكثيرات كانوا قد ضلوا الطريق ومن ثم تابوا وعدلوا وتزوجوا عن طريقه، مؤكدا أنه يقوم بعقد القران وأن دوره يقتصر على الاتفاق ومن ثم يذهبوا إلى المأذون الشرعي. محرر الصباح خاض ذات التجربة مع سكرتير الجمعية ويدعى " ع، س" والذي قام بدوره فور اتصال المحرر بغرض الزواج بأن كل شيء متوفر وأن كل المواصفات متاحة، وحين تم الحديث عن المبلغ المالي كان الرد أيضا " مش هتفرق بس نوفر العروسة وبعد كده كل شيء ساهل يا استاذ" وعندما عرف ان الحال المادي ميسور كان الرد أن هناك فتيات مميزات من الناحية المادية والجمال والشهادة وهن للرجال ذات الحالات الخاصة أيضا. هذا الشيخ لم يكن الحالة الأولى التي تقوم بهذا الفعل، فعلى ما يبدوا أن حالة الكساد الاقتصادي جعلت الناس تبحث عن أي طريقة تتربح من خلالها، في الفيوم ايضا، كان ذات الدور يقوم به أحد المشايخ "السيد، ع" والذي ذاع صيته بمنطقة بندر الفيوم، وحين تواصلنا معه أخبرنا أن كل شيء موجود في إطار الشرع، عند محاولة السؤال عن أن كان هناك رجال عرب ميسورين الحال للزواج منهم أخبرنا أنه لا يوجد شئ من هذا النوع إلا أنه إذا وجد هذا الأمر سيقترحه علينا في إطار الشرع والقانون وحسبما علمنا من العديد من الحالات بالفيوم أنه يقوم بتزويج فتيات الفيوم لرجال إما من القاهرة أو دول الخليج وان معظمهم ميسورين الحالي وذلك من أجل الحصول على مبالغ مالية كبيرة من الرجال، عند الاتصال به مجددا اخبرنا بأنه في القريب العاجل سيكون هناك بعض الأثرياء وسيعرض علينا تفاصيلهم، إلا أن مماطلته في تأخير العرض حسبما علمنا من بعض الفتيات بالفيوم أنه يجب علينا اعطاءه مبلغ مالي في البداية على طريقة " إرمي بياضك" وانه لا يطلب المبلغ بنفسه في البداية غلا انه ينتظر هذا الأمر حتى يضمن المبلغ المالي، أو غذا كانت هناك فتاة جميلة يسارع بالبحث عن عريس لها حتى يحصل على المبلغ المالي من العريس. فيما أكدت " س، ع" أنها كانت ضحية لأحد المشايخ بالفيوم الذي حصل منها على ثلاثة آلاف جنيه واكتشفت بعد ذلك أن العريس لم يكن مستعد للزواج وأنه كان نصابا وجلس معها أكثر من مرة وطلب أن تستمر علاقتهم بشكل عادي حتى يدبر ظروف الزواج إلا أنها اكتشفت أنه لا يسعى للزواج بل يسعى للتسلية. الأمر لم يقتصر على مسجد الاستقامة حيث امتد إلى قرية الدُناوية بالجيزة فهناك ذاع صيت رجل خمسيني يدعى محمد السمسار والذي بدأ مشواره عندما طلبت منه سيدة أن يبحث لها علي عريس مقابل مبلغ من المال وبعدها اشتهر كسمسار زواج بالقرية ،وبات يذهب إلية كل أب يريد زواج ابنته قبل فواتها قطر الزواج أو ربما للتخلص من عارها ومسئوليتها علي حد وصف البعض منهم، الأمر لدى هذا السمسار لم يكن كسابقيه من المشايخ بالنسبة للتستر تحت عباءة الدين، فهو يحدد المبالغ المالية قبل أي شئ وربما أن أقل مبلغ حسب الأهالي هو 500جنيه إلا أن المبلغ يتضاعف حسب ثراء العريس أو جنسه إن كان مصريا أو عربيا فالوضع يختلف تماما، خاصة إنه يزوج عدد كبير من الفتيات تحت سن ال 16 سنة. يقول سعيد عثمان مدير جمعية "نهر أهل الجنة" بالقرية التي يقطن بها السمسار، أن الجمعية أجرت دراسة واثبتت أن نسبة العنوسة في القري والأرياف لا تتعدي ال5% بينما تترواح من 20 إلي 30 % في المدن، وأن هناك عامل يساعد في نجاح السمسار نظرا لحرص بنات أهل الريف على تزويج بناتهم في سن صغيرة.
من جانبه قال الشيخ أحمد كريمة أنه في حال كان هذا العمل لوجه الله فلا إثم في ذلك بل انه منفعة للناس ويجزى عنه القائم به، أما غذا كان هذا الأمر في إطار التجارة فهو إثم واستغلال لظروف الناس بين ويجازى القائم به، مؤكدا ان الفعل ذاته كان منذ عهد الرسول لكنه كان في إطار تعريف الصالحين بالصالحات وهو فعل خير لا أزمة في القيام به ما دام بقصد الخير.
فيما قالت الدكتورة " عزه كريم", أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية, إن أزمة مكاتب الزواج أو سماسرة الزواج, تتمثل في أنها تتعامل مع احتياج الشباب للزواج نظرا إلى الظروف الاقتصادية المخيفة التي تواجههم الآن، والتي أحسنت تلك المكاتب استغلالها كوسيلة للتربح دون وضع معايير معينة لإتمام هذا الزواج. وأشارت عزة، إلى أن هذا الشيخ يحجم من الجرم بأنه يقوم بعمل ذلك بشكل سري دون مكاتب معروفة أو استمارات كما يحدث في معظم مكاتب الزواج، وان هذا يدل على عظامة الأمر, بأنه أصبح هناك سماسرة للزواج بشكل غير معلوم فقط من أجل التربح وإستنزاف الجيوب .