النصب والاحتيال وسائل يتقنها النصاب للإيقاع بفريسته عن طريق استخدام طرق الخداع والتلاعب واستغلال طيبة بعض الافراد الذين في بعض الاحيان لايتوقعون أي خديعة أو نصب من الآخرين، والحكومة دائماً تحمل شعار «القانون لا يحمي المغلفين أو يمعني اصح الاغبياء» تجاه هذا النوع من السرقة، فالمجني عليه يصبح مغفلاً ولايجلب له حقه والنصاب يصبح ذكياً وينفد بحيلته من القانون، ولكن دعونا نتساءل لماذا لايحمي القانون ما يسمونهم اغبياء، ولماذا يسمح لهؤلاء النصابين بسرقة أموال الأفراد «عيني عينك» أمام الجميع ومن ضمنهم الشرطة؟، فهناك حكايات عديدة لاتنتهي عن النصب والنصابين وطرق مختلفة لخداع الناس، لذلك دعونا نسلط الضوء علي نماذج مختلفة من عمليات النصب حيث قامت «الوفد» ببعض المغامرات لكشف هذه العمليات. القروض البنكية مقرات وهمية لاستقبال الضحايا و200 جنيه رسوماً إدارية وأكثر من 10% عمولة لتخليص القرض، كشفت «الوفد» عن واقعة نصب لعدد من الشركات تقدم قروضاً تصل إلي 200 ألف جنيه مستغلة ظروف بعض الأفراد وحاجتهم الشديدة للمال سواء من أجل عمل مشروع صغير يكون مصدر دخل لأسرهم أو للزواج. الاعلانات التي تكون عبارة عن ملصقات يتم توزيعها في الشوارع ومحطات المترو ومواقف السيارات، هي الوسيلة التي تستخدمها شركات النصب لاستدراج ضحاياها بتقديم المزيد من الاغراءات. ولا تعتمد شركات النصب علي الدعاية الميدانية، بل تتجه في بعض الاحيان إلي بعض القنوات الفضائية للترويج علي نفسها، وللأسف أن هذه الإعلانات تحقق نسب مشاهدة عالية، وتبدأ الشركة بعد الإعلان استقبال المزيد من المكالمات الهاتفية التي تصل سعر دقيقة إلي 150 قرشاً، اي إذا وصل المكالمة إلي 5 أو 7 دقائق ستحصل الشركة علي أكثر من 8 جنيهات ومع تزايد اعداد المتصلين تزداد أرباح الشركة. قامت «الوفد» بالاتصال بإحدي الشركات التي تقدم قروضاً وهمية تدعي (الماسة للخدمات البنكية)، وأوضح أحد الموظفين بها أنهم سيحصلون علي رسوم ادارية تقدر بحوالي 200 جنيه، وأن القرض يصل إلي 200 ألف جنيه، ولكنه مخصص للأشخاص الذين تبلغ اعمارهم فوق ال 35 عاماً، مؤكداً أنه لأصحاب المعاشات وورثتهم وللموظفين وأصحاب السجلات التجارية وبدون أي ضمانات. وطلبت الشركة بعض الأوراق لتشعر الضحية بأنها تتتبع الإجراءات السليمة لكي يطمئن قلب أي فرد اليها. واللافت أن هذه العملية تتم في مقر الشركة نفسها في احدي العمارات بوسط البلد، حيث تقوم الشركة بتحصيل الرسوم وبعض اوراق اثبات الشخصية بعيداً عن التعقيدات والروتين المتبع في معظم المؤسسات الحكومية. وقال مصدر قانوني إن الهيئات الحكومية المرخصة كالبنوك هي الوحيدة المنوط بها تقديم القروض للأفراد وليس اي شركة خاصة، مؤكداً أن الجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني غير مصرح بها بتقديم أي قروض. وأكد أكثر من ضحية تعرضوا للنصب من الشركة منهم «عبد الحميد محمد» موظف بإحدي المؤسسات الحكومية: «أنه فور مشاهدته لإعلان الشركة بتقديم القروض تصل إلي 200 ألف جنيه، ذهب إلي مقرها ودفع الرسوم الإدارية التي طلبتها، ولكن بعد فترة لم يتصل به أحد من الشركة ولم يستلم القرض حتي الآن بل يتعمدون تأجيل صرف المبلغ كلما سألهم عنه. مواقع الزواج مواقع تصطاد فرائسها بحجة الزواج، وتكون المطلقات والأرامل والعوانس والحالمات بالزواج ضحية لهذه المواقع التي تستغل الدين احياناً لاستدراج الفتيات ثم بعد ذلك يجدن انفسهن متورطات في علاقات غير مشروعة سواء زواج عرفي أو مسيار أو متعة أو غيرها، وقامت «الوفد» باختراق هذه المواقع ومعرفة ما يجري بهذه المواقع المشبوهة. مودة نت، مسلمة للزواج، قرآن للزواج، مودة للزواج، آدم وحواء، مونايا، انا وانت، زوجتي للزواج، عرسان، كل هذه اسماء مواقع مختلفة تعلن علي صفحتها الرسمية بأنها مواقع خاصة للزواج بالمسلمين فقط، تسعي لايجاد شريك الحياة بكافة المواصفات التي يتطلبها الشريك الآخر، والغريب في هذه المواقع أنها تتخذ الدين الإسلامي شعاراً وستاراً لأعمالها غير المشروعة، تبدأ الصفحة الرئيسية لهذه المواقع بآية قرآنية وهي: «من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون». أعلنت هذه المواقع علي صفحتها الرسمية أن عدد متابعيها وصل إلي أكثر من نصف مليون شخص، كما تدعي السرية التامة وعدم الخروج عن تعاليم الإسلام، يتم التسجيل في الموقع وخلال 24 ساعة يتم التواصل مع أكثر من شخص بهم نفس المواصفات التي تريدها الفتاة في زوجها المستقبلي. بدأنا ندخل الموقع وقمنا بإنشاء «ملف شخصي» بحساب وهمي» يحمل اسماً مستعاراً لكي تستطيع من خلال التسجيل بالمواقع واتباع الخطوات التي أعلن عنها، وبدأنا ندخل البيانات مواصفات الشخص الذي نرغب الزواج منه، وهي «فتاة متدينة» تريد شاباً مسلماً في منتصف الثلاثينات يكون حسن المظهر ولديه شقة ومال، ويكون لديه فرصة عمل شريفة. فجأة بعدما أرسلنا الرسالة بحوالي ساعتين أو ثلاث انهالت العديد من الرسائل لأسماء مختلفة من الشباب الذين يرغبون في الزواج، منهم من يحمل أسماء مستعارة مثل «الطير العاشق» ، «حزين يا ليل»، «أنا السلفي» وغيرها من الاسماء. بدأت التحدث مع واحد من هؤلاء الذي ابدي استعداده للزواج ولكن ظروفه المالية سيئة للغاية نظراً لضعف راتبه الشهري، فأبديت عدم اعتراضي علي ظروفه فحاول التحجج ببعض الأمور الأخري حيث اشترط تشغيل الكاميرا أثناء الحديث وإرسال رقم التليفون الشخصي، وعندما اعترضت لأن هذا الأمر مخالف للتعاليم التي أعلنت عن الموقع، فقال إن الموقع ليس غرضه الزواج بشكل مباشر فهو يركز بشكل أساسي علي اقامة العلاقات والتعارف بين الأشخاص ولايشترط الزواج بشكل أساسي. تحدثت إلي شخص آخر من إحدي الدول الخليجية لديه زوجتان وثلاثة أطفال، أبدي استعداده الكامل للزواج لمدة شهر أي زواج «مسيار أو متعة» نظير مبالغ مالية سأحصل عليها فور الطلاق، وسيتم الاتفاق علي الشبكة والمهر فور موافقتي علي الزواج. ومن زواج المتعة إلي عرض الزواج العرفي، قام أحد الاشخاص بإرسال رسالة يؤكد أنه يحمل نفس المواصفات التي كتبتها علي الموقع، ولكنه يريد الزواج بي عرفياً نظراً لأنه متزوج من أخري ولديه ابنه ولايريد إخبارها لذلك يريد الزواج سراً، مبرراً ذلك بأن الزواج العرفي حلال طالما قائماً علي رضاء الطرفين». وننتقل إلي شخص متدين يقول عن نفسه إنه من السلفيين، حيث أبدي رغبته في الزواج ولكن بشرط ارتداء النقاب وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى، واشترط بعض الأمور الأخري منها مشاهدة البرامج الدينية فقط والالتزام بكل كلمة يتفوه بها لي، وبعدما قبلت هذه الشروط أعلن علي الفور استعداده لمقابلة الأهل لتحديد موعد الزفاف لأنه لايقتنع بالخطوبة... وبعد كل هذه التجارب التي قمنا بها والتحدث إلي انماط مختلفة من الأشخاص الموجودين علي الموقع لاحظنا أن أغلب المحادثات التي تتم في هذه المواقع تكون ليست بغرض الزواج كما ندعي فأغلب الأشخاص الموجودين يرغبون في إقامة علاقات خارج إطار الزواج سواء بقي يسمي «زواج مسيار أو متعة أو زواج عرفي أو علاقة مقابل مبالغ مالية كبيرة وغيرها من هذه الأشياء. ومن مواقع الزواج المزيفة إلي مكاتب الزواج المشبوهة، سمسار يرتدي زياً عادياً كأي بني آدم ولكنه ليس بإنسان طبيعي فهو تجار شاطر ولكن ليس في السلع الغذائية ولكنه في السلع البشرية حيث يعتبر اي فتاة كالسلعة التي تباع وتشتري لها ثمن معين وزبون خاص علي حسب المواصفات المطلوبة من الطرفين، استطاعت «الوفد» اختراق أحد مكاتب الزواج ومعرفة ما يدور فيها بعد العديد من المعوقات التي اعترضت طريقنا للوصول إليه. دخلت إلي المكتب مع احد اصدقائي، بحجة البحث عن زوج مناسب وبمواصفات معينة منها التدين والوظيفة المناسبة والشقة، «ففي البداية استغرب السمسار من صغر سني لأن عمري 22 عاماً واذهب إلي مكاتب الزواج حيث يري أن فرصتي خارج المكتب ستكون أعلي ولكني أقنعته انني من عائلة محافظة للغاية وأبحث عن مواصفات معينة لا اجدها في معظم الشباب لذلك توجهت إلي هذا المكتب للبحث عن عريس مناسب أرتبط به، فاقتنع إلي حد ما بحديثي معه ووعدني أنه سيساعدني وطلب مني الجلوس علي المقعد حتي يجلب لي استمارة الزواج وهي عبارة عن استمارة اسجل فيها مواصفات الشخص الذي ارغب في الارتباط به. واثناء جلوسي وقعت عيني علي العديد من الفتيات يجلسن القرب مني، اغلبهم فوق الثلاثين عاماً منهن المطلقات والأرامل والعوانس، تحدثت اليهن لمعرفة الأسباب التي دفعتهن للجوء إلي مكاتب الزواج فقالت «ف.ع» 33 عاماً: «أنها سمعت من صديقاتهن أن مكاتب الزواج ستجد لها العريس المناسب وسيكتب لي الشقة باسمي لذلك توجهت علي الفور إلي مقر المكتب للبحث عن الزوج الذي أرغب في الارتباط به، مؤكدةً انهم أخذوا بياناتها ورقم تليفونها وبلغوها بالرد عليها فور ايجاد العريس. وتضيف «م .ح» 35 عاماً: «أنها ذهبت إلي المكتب للزواج لأن فرصتها علي حد قولها قلت للغاية لكبر سنها، مشيراً إلي أن المكتب عرض عليها أحد الأشخاص لكي تتزوج منه ولكنه زواج عرفي، فوافقت لأنها ليس لديها سبيل آخر، مبررة ذلك بان الزواج العرفي يعتبر حلالا لوجود شهود ستشهد علي العقد، ولكن رغم حديثها بهذا الكلام إلا أن الحزن لم يفارق ملامح وجهها ابداً والدموع كانت تملأ عينها. وبعد نصف ساعة بالظبط بعدما تحدث السمسار لعديد من الأشخاص عبر التليفون، أتي وهو حامل استمارة البيانات وطلب مني ملأها، وبعدما قمت بالاجابة عن الاسئلة الموجودة بالاستمارة، وهي عبارة عن الاسم والتليفون والعنوان، قمت بتسجيل بيانات وهمية لاتوحي بأي شكل من الأشكال إلي شخصيتي، ثم بعد ذلك وعدني بأنه فور إيجاد العريس المناسب سيتصل بي علي الفور. ولكن الغريب أنه همس في آذني وقال لي إن العديد من الرجال الخليجيين مستعدون للزواج ببنات بنفس سني وسيدفعون اموالاً باهظة، مؤكداً أنه فور موافقتي سيتحدث إلي واحد منهم للتجهيز إلي الزفاف فوراً وعندما سألته عن إذا كان الشخص متزوجا ام لا ضحك وقال « طبعاً متجوز» ولكن اللي يهمك الاموال التي ستحصلين عليها مقابل الزواج منه وحتي اذا قام بتطليقك سيكون معاكي أموالاً كثيرة، وستسطيعين الزواج من غيره». ذهبت وأنا مندهشة من كافة الأمور التي شهدتها فيما يسمونه مكتب زواج وهو بعيداً تماماً عن هذا بل هو مكتب للبيع والشراء نعم لشراء بضاعة تعجب زبوناً ما فيدفع ثمنها ويتم بيعها عدة أيام أو شهور ثم يبحث عن غيرها. خربش واكسب خربش واكسب هي طريقة جديدة يستخدمها النصابون للخداع علي الأشخاص، تحت زعم أنهم عندما يخربشون بعض الكروت سيحصلون علي هدية وهذه الهداية هي دعاية للشركة تم افتتاحها حديثاً تتخذ مقراً بإيجار في وسط البلد تحديداً في ميدان الدقي حيث يقف عملاؤها خارج المقرات لعرض الكروت علي الأشخاص وأنهم عبارة عن هدايا بمناسبة الافتتاح، هذه الهدايا قد تكون خلاطاً أو ثلاجة أو موبايل أحدث موديل، أو رحلة إلي شرم الشيخ أو الغردقة أو غيرها من المدن السياحية، طبعاً اي فرد يفرح كثيراً عندما يخربش الكارت ويكسب جائزة ولكنه لم تكتمل فرحته، لانه عندما يدخل إلي مقر الشركة سيجد اثنين من الموظفين يطالبونه ب رسوم حوالي 20 جنيها وبعد اسبوعين أو ثلاثة يأتي ليتسلم الهدية، وبعد انتهاء المهلة المحددة تذهب لكي تأخذ الهدية ولكن لاتجد المقر الذي وصفته لك الشركة لكي تستلم منه الجائزة فهو مكان وهمي اخترعته لكي تخدع العديد من الأفراد وتحصل علي اموالهم. واللافت أن عملية النصب هذه تتم أمام أعين جميع الناس وحتي أعين الشرطة التي تمر كل يوم علي مقر الشركة وتري عملاءها الموجودين في الشوارع كل يوم لاصطياد ضحية جديدة وطبعاً كالعادة القانون يقف صامتاً أمام كل هذه الأعمال التي أصبحت حرفة يرزق منها العديد من الأشخاص علي حساب أشخاص آخرين تم خداعهم وبيع الوهم لهم.