العرابى: زيارة برلمانية إلى رام الله تحفز الفلسطينيين على المصالحة.. وخلف: مبادرة الرئيس ليست من فراغ السفير شاكر: 14 جنرالًا إسرائيليًا طالبوا بحل الدولتين.. وجاد: مبادرة السيسى تعادل زيارة السادات للقدس عبد المنعم سعيد: إسرائيل لا تريد التطبيع الشعبى يتفق الجميع على أن السلام بين مصر وإسرائيل ظل مقتصرًا فقط على العلاقات الرسمية، فلم ينجح فى التحول إلى سلام على المستوى الشعبى، ولذا يسمى ب«السلام البارد». ومع بداية أحداث 30 يونيو، حاولت إسرائيل أن تشكك فى مصداقية نجاح ثورة 30 يونيو، وأن المصريين لن يخرجوا إلى الشوارع، وفيما يخص الموقف الرسمى أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، تعليمات لأعضاء حكومته بالامتناع عن أى تعليق على أحداث ثورة 30 يونيو فى مصر، رغبة من إسرائيل فى الانتظار حتى ترى إلى أين ستتجه الدفة. يصف د. عبدالمنعم الجميعى، أستاذ التاريخ الحديث، المتخصص فى الشأن الإسرائيلى، علاقة مصر بإسرائيل بأنها تتسم بحالة من الشد والجذب المتكرر على مدار التاريخ، سواء فى عهد مبارك، أو فى عهد الجماعة، وحتى بعد 30 يونيو، على الرغم من وجود معاهدة كامب ديفيد، كمحدد أساسى للعلاقة بين الدولتين. ويرى أنه فى عصر مبارك، عاشت الدولة المصرية فى حالة استرخاء عسكرى وهو الأمر الذى يفضله عدد كبير من المصريين، مشيرًا إلى أن لتلك الفترة عيوبًا ومميزات كثيرة، منها مثلًا، أننا لم نكن نسمع عن كل هذا العدد من القتلى يوميًا على الحدود. وأوضح أنه بعد ثورة 30 يونيو، انقلبت كل هذه الموازين، فأصبحت لمصر كلمتها فى مقابل كلمة إسرائيل، لأن العلاقة أصبحت تقوم على أساس من الندية.
فيما فجر د.عبد المنعم سعيد، مدير المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة مفاجأة، معلنًا أن إسرائيل لا تريد التطبيع مع مصر على المستوى الشعبى؛ لأنها أصبحت الآن فى موقف قوة بحكم ارتباطها المباشر مع الغرب وامتلاكها للسلاح النووى. ويؤكد أنه لا تبادل تجارى قوى بين البلدين حاليًا، ولا حتى تعاون ثقافى أو إنسانى، وفى مصر اختفت الطبقة المثقفة الرافضة للتطبيع لعدم فاعلية موقفها، فمن كان يرغب فى التطبيع مع إسرائيل فعل ذلك ولن ينتظر حتى الآن ليبدأ. ويرى أن إسرائيل تفضل أن تبقى على مسافة بعيدة من البلدان العربية، فهى دولة رأسمالية يبلغ دخل الفرد فيها 30 ألف دولار سنويًا، ما يضعها فى مصاف الدول المتقدمة، كما أن مسألة التطبيع مع العرب يمكن أن تسبب لها العديد من المشكلات الداخلية المتعلقة بتنامى الأقليات العربية بداخلها، وهناك أيضا فكرة المظلومية التى نشأت عليها إسرائيل، حيث تستفيد كثيرًا من العداء الشعبى لها فى المحافل الدولية. ويصف العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل بالجيدة، بعد تخلى إسرائيل عن البروتوكول الأمنى المتضمن فى اتفاقية كامب ديفيد وسماحها للطيران المصرى بالتحليق على الحدود من داخلها لضرب أهداف للإرهابيين فى سيناء، موضحًا أن إسرائيل ترغب فى استمرار حالة السلام البارد، كما أن مصر ستحافظ على العلاقة داخل نفس الحدود، من أجل استمرار التعاون الأمنى لمكافحة الإرهاب فى سيناء. واتفق السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، فى تصريح ل«الصباح» على أن العلاقات المصرية الإسرائيلية ما زال تشوبها الجمود، وتمنى أن يصل حديث الرئيس السيسى الأخير إلى آذان القادة والمسئولين الإسرائيليين، مؤكدًا أنه منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، نشرت جريدة (نيويورك تايمز) أن أكثر من 14 جنرالًا ورؤساء أركان وقيادات سياسية مهمة وبارزة فى إسرائيل تدعو إلى إنشاء دولتين فى فلسطين، واعتبر شاكر أن هذا تقدم مهم وخطير، ويلخص دعوة الرئيس السيسى إلى «سلام دافئ»، بالتوصل إلى حل القضية الفلسطينية. ويرى النائب عماد جاد، المحلل السياسى والمتخصص فى الشئون الإسرائيلية، أن كلمة الرئيس حملت أول توجه مباشر للرأى العام الإسرائيلى، وهذه المبادرة موجهة لكل الأطراف الداخلية الإسرائيلية، ولها دلالتان؛ الأولى أنها تعادل زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس، وذلك لأن السيسى خاطب فى كلماته الرأى العام الإسرائيلى بشكل مباشر، بينما الدلالة الثانية فى التحرك المصرى الإقليمى القوى، وهو مؤشر على التماسك الداخلى، وعلى عودة مصر إلى البعد الخارجى من جديد. وأضاف جاد «ولكى تحل القضية لابد من الجلوس مع الإسرائيليين، خصوصًا أن مصر هى الطرف الذى تعول عليه حركة فتح والشعب الفلسطينى لإنهاء الانقسام الداخلى». ويرى السفير محمد العرابى رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب أن حديث الرئيس عن القضية الفلسطينية يضعها مرة أخرى على سلم أولويات المنطقة، كونه رئيس أهم دولة فى المنطقة، وأنه آن الأوان لمصر أن تلعب دورًا فى استئناف عملية السلام، كما أن على كل الأطراف الفلسطينية أن توحد صفوفها عبر عملية مصالحة شاملة. وأضاف العرابى أنه لا توجد إرادة إسرائيلية لدفع عملية السلام، حيث رفضت فكرة المؤتمر الذى دعت له فرنسا لإعادة إطلاق السلام، على الرغم من قبول أمريكا حضور الاجتماع التحضيرى للمؤتمر. وكشف العرابى عن أنه طرح على مجلس النواب القيام بزيارة برلمانية إلى رام الله لإظهار الدعم للفلسطينيين، ودعوة كل الأطراف للتوحد لتحفيز الفلسطينيين على المصالحة الشاملة. يؤكد اللواء محمود خلف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية أن مبادرة الرئيس السيسى عن القضية الفلسطينية ليست من فراغ، فمن المحتمل أن تكون هناك فرصة سانحة يراها الرئيس تسمح بإيجاد حل للقضية الفلسطينية حتى نوقف بحر الدماء ويعيش كلا الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى سلام.