بعد مرور 30 عاما علي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قال صحيفة إسرائيلية معروفة "هاآرتس" ما يردده كثير من المراقبين عن السلام البارد بين مصر وإسرائيل. قالت الصحيفة ان السلام مع القاهرة لا ينطبق عليه القوم بأن الأيام الجميلة تمر بسرعة، وبعد مرور تلك السنوات فإن العلاقات لا تزال باردة، بمعني ان المصريين لا يذهبون إلي إسرائيل إلا للضرورة كما ان السفارة الإسرائيلية بالقاهرة مرصودة وشبه محاصرة.. كما لا يذهب المصريون إلي إيلات المواجهة لمنطقة طابا رغم السماح بذلك بدون تأشيرة دخول. ما تردده الصحيفة الإسرائيلية هو تسجيل للواقع ولكن مع اختلاف جوهري في طرح الموضوع.. فالمصريون يحبون السلام ويؤيدونه ولكن المانع من "تطبيع" العلاقات غير الرسمية بين شعب مصر وإسرائيل هو سلوك الحكومة الإسرائيلية وموقفها من الفلسطينيين. حين فتحت مصر بقيادتها التاريخية طريق السلام كانت تستهدف اختراق حائط العداء التقليدي وسحب المجتمع الإسرائيلي إلي القبول بصيغة التعايش السلمي في المنطقة ولكن حالت ظروف رفض أطراف عربية أخري المضي في التجربة حتي النهاية دون استفادة الجميع منها. وقتها رفض الرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والعراقي صدام حسين وقادوا جبهة الرفض لاتجاه الرئيس السادات إلي تحقيق مصالحة تاريخية تعيد الاستقرار إلي منطقة الشرق لأوسط. الواقع ان مصر لم يكن بوسعها التراجع عن قرار اتخذته بناء علي حسابات عملية ودقيقة لتطور المواقف العربية والدولية واتجاه حركتها في المستقبل. توقف عملية السلام عند حدود تنفيذ معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ليس مسئولية مصرية، وانما هو موقف الرفض العربي الذي التقطته إسرائيل لتوقف عملية السلام عند تلك الحدود، فالمجتمع الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية وقعا تحت وطأة مبادرة السادات ولم يستطيعا التخلص من الموقف والا خسرت إسرائيل الكثير بخسارة تحالفها مع الولاياتالمتحدة. اما بالنسبة لبقية الأطراف التي رفضت الدخول وقتها في عملية السلام فقد اعطت لإسرائيل فرصة التملص من تحقيق سلام شامل وعادل، وخاصة ان الذين رفضوا منذ ثلاثين عاما لم تكن لديهم رؤية بديلة.. كانوا يرفضون فقط دون ان يعرضوا البديل. ما حدث منذ ثلاثين عاما يحدث الآن علي نحو مختلف ولكن بالدلالة نفسها.. فالذين يقولون ان معاهدة السلام بعد 30 سنة لم تحقق السلام الشامل والعادل يغالطون، لأن المعاهدة كانت شأنا مصريا لم يغلق الباب علي الآخرين وانما تركة مفتوحا لهم حسب رؤيتهم وتحركاتهم. الموقف الشعبي المصري رد علي تنصل إسرائيل من الاتجاه إلي السلام الشامل والعادل بحصر العلاقات في الاطار الرسمي الضيق ورفض صورة التطبيع الشعبي علي اي مستوي وفي هذا السياق لا يمكن فصل ما هو شعبي عما هو رسمي. الموقف الشعبي مستمر في رفضه علاقات شعبية مع إسرائيل ما لم تسلم إسرائيل بحقوق الفلسطينيين وتعيد ما اغتصبته من الاراضي المحتلة.