جسر «سلمان » مشروع مهم وعائده الاقتصادى على مصر غير محدود لاتزال حالة الجدل والنقاش بشأن تقييم الاتفاق المصرى السعودى، بتنازل القاهرة عن جزيرتى «تيران وصنافير» وتسليمهما للجانب السعودى، تسيطر على الرأى العام المصرى، وعلى الرغم من حدة النقاش على قاعدة عدم التفريط فى الأرض، لايزال التقييم العسكرى والاستراتيجى بفوائده ومخاطره غائباً عن المشهد.. «الصباح» استطلعت آراء عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين بشأن المكاسب والخسائر التى ستعود على مصر من تلك الخطوة، وكذلك من تشييد جسر الملك سلمان الرابط بين مصر والسعودية. وفق القواعد الثابتة لجغرافيا المنطقة، فإن الجزيرتين تتحكمان بثلاثة ممرات استراتيجية من وإلى خليج العقبة، الأول منها يمتد بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة وعمقه يصل إلى 290 مترًا واسمه ممر «إنتربرايز»، والممر الثانى يقع بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكنه أقرب إلى الجزيرة، وهو ممر «جرافتون»، وعمقه 73 مترًا، فى حين يقع الثالث بين جزيرتى تيران وصنافير، وعمقه 16 مترًا فقط، ولهاتين الجزيرتين أهمية استراتيجية لأنه يمكن للمتحكم فيهما إغلاق الملاحة فى اتجاه خليج العقبة. ومن بين المخاطر الاستراتيجية التى تتحكم فيها الجزيرتان، إمكانية التأثير على قناة السويس بشكل كبير، وقد يمكن أن تؤدى تلك الخطوة فعليا إلى إنهاء دور قناة السويس وأن تصبح بلا أى فائدة نهائيًا، وهو الأمر الذى أكده عدد من الخبراء الدوليين، وكشف الكاتب الصحفى جمال الجمل، فى مقال نشره بموقع البديل، أن هناك مصطلحًا عبريًا هو «تعالات هاياميم» أى التخطيط والاستراتيجية وهو يشير إلى قناة البحار أو المشروع الذى وقعته إسرائيل مع الأردن، فى خطوة تكتيكية تهدف إلى ربط البحر الميت بالبحر الأحمر، بعد رفع منسوب المياه فى البحر الميت، حيث تقوم إسرائيل بربط البحر الميت بالبحر المتوسط، وبالتالى تتحقق الخطة التى حلم بها، وسجلها تيودور هيرتسل الأب الروحى للصهيوينة، وقد وقعت العديد من الاتفاقيات مع الأردن والسلطة الفلسطينية، فى ظل حضور أمريكى ودعم بريطانى، وهو ما اعتبره وزير التعاون الإقليمى الإسرائيلى سيلفان شالوم هدية لروح هرتسل، حيث سيقضى هذا المشروع على قناة السويس تماما، وهى الفكرة التى اقترحها أميرال البحار البريطانى وليم آلان فى منتصف القرن ال19 لمنافسة فرنسا، وضرب تنفيذها لمشروع قناة السويس. وحسب الخطة التى وضعت منذ القديم فإن آراء الخبراء تتجه إلى أن الهدف من إبعاد مصر من خليج العقبة يهدف إلى البدء فى المشروع الجديد وهى القناة الإسرائيلية المزمعة التى ستقضى على قناة السويس. مخاطر أمنية أخرى، أشار لها اللواء طلعت مسلم الخبير العسكرى والاستراتيجى، قائلا إن تسليم الجزيرتين له خطورة كبيرة على الأمن القومى، حيث تكمن خطورة هاتين الجزيرتين فى أنهما تمثلان المدخل الجنوبى لخليج العقبة، وبالتالى يمكن من خلالهما السيطرة على الملاحة سواء لإسرائيل أو الأردن، وهو ما يتفق مع المخطط الهادف إلى إنشاء « قناة البحار» الإسرائيلية. وأكد مسلم، أن مصر كانت لا تملك الحرية الكاملة فى الجزيرتين طبقا لمعاهدة السلام، إلا أنه وفى الوقت الراهن فقط، أصبحت مصر تملك سلطة أمنها القومى البحرى، حيث إنه طبقا لمعاهدة كامب ديفيد فإن مصر وافقت على اعتبار ممرات خليج العقبة دولية، وبالتالى ليس من حقها تعطيل الملاحة بها، وهو ما جعل مصر غير قادرة على استخدام هاتين الجزيرتين إلا لأغراض السياحة والملاحة والتجارة فقط إلا أنها الآن فقدت كل الاستراتيجيات الأمنية بشكلهما. فى ذات السياق قال الخبير الاستراتيجى، اللواء نبيل فؤاد، إن أهمية الجزيرتين فيما يخص الأمن القومى تتمثل فى أنهما تقعان على خليج العقبة، وأنه فى حالة الطوارئ والحروب يتم غلق خليج العقبة، ووضع قوات أمنية مكثفة على الجزيرتين. أحد الخبراء الاستراتيجيين الذى رفض ذكر اسمه، ذهب إلى أن خطورة تسليم الجزيرتين تتمثل فى التغيرات التى يمكن أن تحدث خلال السنوات المقبلة وإذا حدث أى فتور فى العلاقات المصرية السعودية بسبب أزمة سوريا أو اليمن يمكن أن تلجأ السعودية إلى الضغط بورقة خليج العقبة الذى يمثل الأهمية الاستراتيجية القصوى بالنسبة لمدخل مصر البحرى. وأكد الخبير أن الأمر يمكن أن يصل إلى أن تقوم السعودية بوضع قواعد أمريكية فى الجزيرتين وهو ما سيمثل الكارثة الكبرى حينها، وشدد على أن بقاء القوات المصرية على الجزيرتين فى الوقت الحالى هو امر طبيعى جدا، إلا أن الفترة المقبلة يمكن أن يحدث هناك أي تغيرات فى العلاقات العربية، وهو ما سيجعل مصر تحت رحمة السعودية وطوع قراراتها أو طلباتها. على الجانب الآخر تبقى الفوائد الناتجة عن تسليم الجزيرتين، متعلقة بالفائدة الاقتصادية الناتجة عن جسر الملك سلمان الذى سيتم إنشاؤه، وكذلك خروج الجزيرتين من معاهدة السلام بين مصر واسرائيل، وهو ما يتيح حرية التصرف فيهم. وحول الآثار الاقتصادية أوضح عدد من الخبراء الاقتصاديين أن جسر مصر والسعودية يعد رابطة وصل بين العالم العربى الأفريقى والعالم العربى الآسيوى وانه سيكون الممر الأعظم بين أفريقيا وآسيا، وأن أن حجم التجارة التى سيخدمها الجسر سيصل إلى 200 مليار جنيه سنويا لمصر، مما يساهم بشكل كبير فى نقلة اقتصادية للدول التى ستشارك فى التجارة التى تمر عبر الجسر سواء من آسيا أو أفريقيا. وأكد عبد الرحمن طه الخبير الاقتصادى، أن هناك عددًا من الفوائد ستعود على مصر منها تقليل نفقات الحج، وكذلك فإن العبور من خلال الجسر من الدول الأفريقية سيعود بفائدة على مصر، موضحاً أن التبادل التجارى بين السعودية وعدد من الدول الأفريقية سيمر من خلال مصر وهو ما يؤكد أن هناك عائدًا اقتصاديًا سيعود على مصر إثر هذا الجسر فى المستقبل.