«من حق الشعب أن يختار راعيه»، مبدأ أساسى رسخته المسيحية منذ بدايتها حتى لا تحدث انشقاقات، بل ورسخه فى مصر الراحل البابا شنودة الثالث حينما كان أسقفا للتعليم من خلال الكثير من المقالات فى مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة، ولكن بعد وفاة البابا شنودة هناك الكثيرون ممن يستهينون بهذا القانون الكنسى ويجبرون الرعية على تقبل شخص لا يريدونه، وهذا ما حدث فى ايبارشية هولندا رغم أن لائحة الكهنوت الجديدة، التى تم إقرارها فى عهد قداسة البابا تواضروس الثانى، تنص على وجود فترة زمنية قبل إقامة المرشح للكهنوت من أجل تلقى أى شكاوى أو اعتراضات ضد المرشح وفحصها فحصًا دقيقًا لمعرفة مدى صدقها أو كذبها قبل ترسيمه. ومؤخرًا زادت حدة الخلافات فى الكنيسة القبطية بهولندا، بعد تولى كاهن جديد بدون موافقة رعية ومجلس كنيسة الملاك ميخائيل والأنبا أنطونيوس بأندهوفن بجنوب هولندا. ويقول أحد أعضاء الكنيسة وعضو الهيئة القبطية الهولندية -رفض ذكر اسمه- «عند عرض اسم ذلك الشخص لترشيحه للكهنوت رفضته رعية الكنيسة، وأرسلوا شكاوى عديدة إلى البابا تواضروس، والأنبا كيرلس النائب البابوى لأوروبا وسكرتير البابا لشئون المهجر، حتى يوقفوا الرسامة إلا أنهم لم يتلقوا أى رد». إحدى الشكاوى، حصلت «الصباح» على نسخة منها، حملت توقيع عدد كبير من الاقباط المقيمين، ونصت على «الموقعون ادناه من مجلس وشمامسة وخدام وخادمات ورعايا الكنيسة القبطية الارثوذوكسية بهولندا، يتوسلون اليكم لمنع إتمام رسامة ماجد بقطر كاهنًا بالإبراشية لعدم موافقة الغالبية العظمى من شعب الإبراشية على هذه الرسامة، وحفاظًا على وحدة الكنيسة وعقيدتنا الأرثوذوكسية» ويضيف عضو الهيئة القبطية الهولندية «لكى يخرج أسقف هولندا الأنبا أرسانى من أزمة مبدأ حق الرعية فى اختيار راعيه، تم رسامة بقطر ككاهن عام وجعله سكرتيرًا خاصًا له»، مشيرا إلى أن الأسقف فاجأ الجميع بإتمام طقس الرسامة الجمعة بدلا من السبت، الذى كان من المقرر اتمام الرسامة به. ويضيف «عناد الأنبا أرسانى، وراء تصميمه على رسامة ماجد بقطر كاهنًا، كما أن بقطر من المقربين للأسقف، فالكهنوت تحول إلى سلعة تشترى بالمال». ويوضح ميخائيل بشرى، الباحث القبطى، أنه «عندما أراد الآباء الرسل إقامة عدد من الشمامسة للخدمة، تركوا الحرية للرعية فى اختيارهم، مع قيامهم بوضع عدد من المبادئ التى تحكم هذا الاختيار، وحتى يتم تطبيق هذا المبدأ بشكل صحيح لابد من معرفة من هى الرعية وكيف يمكن الحصول على رأيه بكل دقة، فكلمة الرعية هنا يجب أن تعنى على الأقل القبول العام، فيجب ألا تكون هناك أي اعتراضات وجيهة على المرشح للكهنوت ولو من شخص واحد، فالعدد فى حد ذاته ليس دليلًا قاطعًا على أهلية المرشح». ويضيف «من قوانين القديس يوحنا ذهبى الفم أن (مثل هذه الأمور تقتضى التحرى الكامل، ومن يرشح أحدًا للكهنوت يجب ألا يقنع بالرأى العام، ولكن يجب عليه فوق كل شيء وقبل كل شيء أن يختبر أخلاق الرجل)، وعندما قال الرسول بولس (يجب أيضًا أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من الخارج)، لم يغفل أهمية الفحص الدقيق، ولكن بعد حديث طويل ذكر هذه الشهادة، مبرهنًا أن الإنسان لا يقنع بها بمفردها فى مثل هذا الاختيار، بل تؤخذ فى الاعتبار مع غيرها، لأن الرأى العام غالبًا لا يعبر عن الحقيقة، ولكن إذا سبقه الفحص الدقيق لا يأتى بضرر»، مشيرا إلى أن عدم الصلاحية للكهنوت أو لرتبة معينة فيه ليس عيبًا يسئ إلى أى إنسان، وإلا أصبح من لا يقع عليهم الاختيار الإلهى لإقامتهم بطاركة محل شبهات، وهو أمر لا يمكن القبول به، فالكاهن يجب أن يتحلى بصفات خاصة قد يكون من غير الضرورى للإنسان العادى الالتزام بها.