ناصر تمسك بهيكل والسادات تعامل مع خمسة .. ومبارك كاتب لكل مناسبة موسى صبرى كاتب الخطابات المفضل للسادات.. وبهاء الدين وأنيس منصور وعبد القدوس تبادلوا الأدوار المسلمانى وحجازى تقاسما كتابة خطابات منصور.. وتعليمات مكتب الإرشاد وراء كوارث «كلمات» مرسى مكرم محمد أحمد تخصص فى الخطابات العميقة لمبارك.. وسمير رجب للشعبية.. وعمر هاشم للمناسبات الدينية كتابات «مالرو » ساهمت فى صنع أسطورة «ديجول »..و «هاملتون » تخصص فى خطب جورج واشنطن هيكل صاغ خطاب التنحى لعبد الناصر فخرجت المظاهرات تطالب ببقائه أسامة الباز أبدع فى صياغة خطاب السادات فى الكنيست المسلمانى كتب نقاط بخطاب مبارك ليلة موقعة الجمل غموض حول هوية كاتب خطابات الرئيس السيسى.. وياسر رزق ينفى المشاركة فيها تبدو هوية كاتب خطابات الرئيس فى مصر سرية للغاية فى أحيان كثيرة، رغم أن الشفافية تقتضى الكشف عن الأسماء، باعتبار هذا العمل مهنة. يمثل كاتب خطابات الرئيس عبر التاريخ أهمية كبيرة منذ محمد نجيب مرورًا بجمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك ومحمد مرسى وعدلى منصور، وصولًا للرئيس عبدالفتاح السيسى، فخطابات الرئيس ليست مجرد ألفاظ رنانة، لكنها تحتوى على أفكار وتتضمن فى فحواها قرارات مؤثرة، لذلك عليه أن يختار بعناية مفردات الخطاب التى تراعى تباين المستوى الثقافى والتعليمى بين عموم الشعب. فى الخارج، يعد كاتب الخطابات وظيفة رسمية فى فريق العمل المعاون لأى رجل سياسة، سواء كان رئيسًا للجمهورية أو محافظًا أو وزيرًا أو نائبًا بالبرلمان، ومن المعروف أن الكاتب الفرنسى الكبير أندريه مالرو كتب العديد من خطابات الجنرال ديجول، أما فيليب كولنز فكان كاتب الخطابات الرسمى لرئيس الوزراء البريطانى تونى بلير، أما فى النظام الأمريكى فأول كاتب خطابات رسمى كان فى عهد الرئيس الأسبق وارن هاردنج عام 1921، وإن كان من المعروف أن ألكسندر هاملتون كان يكتب خطابات مؤسس الولاياتالمتحدة جورج واشنطن، وقد عرفنا فى هذا السياق آرثر شلزنجر، كاتب خطابات جون كنيدى، بينما كان بوب شرام هو كاتب خطابات الشقيق؛ إدوارد كنيدى السيناتور، وكان وليام سافاير كاتب خطابات ريتشارد نيكسون، ومايكل والدمان كاتب خطابات بيل كلينتون، وكريس ماتيوز كاتب خطابات جيمى كارتر، كما عرفنا أيضًا كاتبة خطابات امرأة، هى بيجى نونان التى عملت كاتبة خطابات للرئيسين رونالد ريجان وجورج بوش الابن، بينما كان لزوجته لورا بوش كاتب خطابات مستقل هو تشارلى فيرن، أما باراك أوباما فكان كاتب خطاباته، حتى مطلع عام 2013، هو جون فافرو، وهو شاب نابغة فى الثلاثينيات من عمره، استقال ليؤسس مكتبه الخاص. ورغم أن كاتب خطابات الرئيس ليس من الأمور، التى يتم إعلانها رسميًا، فإن هناك عددًا من الكتاب الذين عُرف عنهم تولى هذه المهمة فى عهود مختلفة، ومن بين أهم هؤلاء الكاتب محمد حسنين هيكل، أحد أشهر الصحفيين الذين اقتربوا من دائرة الحكم منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ليصبح أشهر من كتبوا خطابات الرئيس جمال عبد الناصر، ومن بعده الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى وجد فى هيكل الكاتب والسياسى والمستشار. ويشير البعض إلى دور هيكل ككاتب وصحفى فى كتابة خطب الرئيس جمال عبد الناصر وصياغة الميثاق وتوصيل اتجاهات وبرامج الثورة إلى المواطنين من خلال الكلمة وقد شارك هيكل أيضًا فى اختيار المسئولين كالوزراء والمحافظين وغيرهم من أصحاب مواقع المسئولية العليا فى البلاد وقد كان يتم استشارته فى بعض القرارات السياسية من قبل ثورة يوليو. ومن أشهر خطابات الرئيس عبدالناصر التى كتبها هيكل خطاب التنحى عقب هزيمة يونيو 1967، وفيه صاغ هيكل كل كلمة من كلماته بميزان حساس وألقاه الرئيس جمال عبدالناصر بحزن مهيب، الأمر الذى كان له أثر فى شحن عاطفة المصريين، الذين خرجوا آنذاك للهتاف باسم الزعيم. كتب هيكل للرئيس السادات العديد من الخطب الرسمية التى ألقاها على الشعب فى مواقف مختلفة، أخطرها الخطاب الذى أعلن فيه فشل المفاوضات على فك الاشتباك. غير أنه وفى أول فبراير 1974 قرر السادات إقالة هيكل من الأهرام وعينه مستشارًا لرئيس الجمهورية واتصل عبد الفتاح عبد الله وزير شئون رئاسة الجمهورية به ليخبره بوجود خمس فرق جاهزة تنتظره فى الجناح الذى أعد له فى قصر عابدين، لكن هيكل فاجأه قائلًا «لا أنوى الذهاب إلى قصر عابدين وإنما أنا خارج من الأهرام إلى بيتى حتى أعثر على مكتب أعمل فيه كصحفى». استعان السادات بأكثر من كاتب فى مراحل مختلفة، منهم موسى صبرى، وإحسان عبدالقدوس. ويقال إن الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين قد كتب بعض الخطابات القليلة للسادات فى بداية حكمه، وأيضًا قيل إن أنيس منصور قد صاغ بعض الخطابات الرئاسية للسادات. ويمكن القول إنه بعد خلاف السادات مع هيكل أصبح الكاتب الصحفى موسى صبرى هو كاتب خطابات السادات المقرب والمحبب، لكنه فى النهاية لم يكن مقنعًا كما سلفه فى مخاطبة الشعب، وربما لأن الأول كان أكثر «كاريزما» منه ويحظى بقبول شعبى أكبر. من أهم خطابات الرئيس السادات خطابه فى الكنيست والذى أبدع الدكتور أسامة الباز فى صياغته، ووقف العالم بأكمله منصتًا للرئيس السادات وهو يلقيه بثقة. ثم جاء حسنى مبارك فاستقرت هذه المهمة عند مستشاره السياسى أسامة الباز الذى روى ذات مرة للكاتب الصحفى محمد سلماوى كيف سحب منه هذه المسئولية بالتدريج إلى أن وصل لمرحلة كان يكتب فيها الخطاب ليجد الرئيس يلقى خطابًا آخر كتبه ابنه. ومن بعد الباز، كان الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، الذى اشتهر بكتابة خطابات مبارك فى آخر سنوات حكمه. أما الدكتور مصطفى الفقى، فقال إن أسامة الباز كان أول من كتب خطاب للرئيس مبارك، بالإضافة إلى «أننى قمت بكتابة أكثر من خطاب له»، ولكنه لاحظ أن: «لغتى زايدة شوية، متشددة، قوية، اللغة يعنى فصاحة». وقد قيل إنه إذا كانت لغة خطاب مبارك بسيطة وفى مستوى العامة، فالكاتب هو سمير رجب رئيس تحرير الجمهورية ورئيس مجلس إدارة دار التحرير سابقًا.. وإذا كانت عميقة فالكاتب هو مكرم محمد أحمد.. أما إذا كانت دبلوماسية ومختصرة فالكاتب هو أسامة الباز.. أما إذا كان الخطاب دينيًا فإن كاتبه هو الدكتور أحمد عمر هاشم. وقد أكد مكرم محمد أحمد أنه لم يكتب الخطاب العاطفى الذى ألقاه الرئيس الأسبق حسنى مبارك يوم 1 فبراير 2011 قبل ساعات من «موقعة الجمل»، والذى مس قلوب بعض المصريين حين قال «سأموت على أرض مصر». وقال مكرم خلال لقاء تليفزيونى: «أقسم بالله أنا لم أكتب هذا الخطاب». وأضاف أن الذين كتبوا هذا الخطاب العاطفى هما جمال مبارك وأنس الفقى وزير الإعلام الأسبق، وأنهما الأقرب إلى كتابة مثل هذا النوع من الخطابات. وأوضح قائلًا «توقفت عن كتابة خطابات مبارك منذ عام 2005، وكنت أكتب له الخطابات السياسية فقط. وكان هدفنا فى الخطابات طمأنة الناس وأن يكونوا راضين عن الفرعون الذى يحكم». وأشار مكرم إلى أنه ظل يكتب خطابات الرئيس السابق حسنى مبارك لمدة 10 سنوات قبل أن تطيح به لجنة السياسات التى وقفت بالمرصاد له، ولتوجيهات أسامة الباز الخاصة بحال الشارع المصرى. عن هذا الخطاب العاطفى لمبارك، هناك روايتان إحداهما أوردها عبداللطيف المناوى الذى كان يرأس قطاع الأخبار فى التلفزيون الرسمى، حين قال إن أحمد المسلمانى لم يكتب هذا الخطاب، وإنما كتب نقاطًا، ولم يتم إرسالها للمشير محمد حسين طنطاوى لينقلها إلى مبارك، وإنما كان المناوى يعطيها أولًا بأول للسكرتيرة لكى تقوم بطباعتها على الكمبيوتر، فظن المسلمانى أن المناوى أرسلها للمشير طنطاوى. وأضاف المناوى: نقاط المسلمانى وغيرها مما كتبته أنا، كانت ضمن مشروع خطاب أرسلته لواحد من المصادر الكبيرة ليلقيه مبارك فى ذلك اليوم، لكن ما ألقاه فى الأول من فبراير (ليلة موقعة الجمل) كان خطابًا مختلفًا، لم يتضمن تنازلًا عن السلطة، ومع ذلك تعاطف معه الناس. بشكل عام، وبقراءة فى خطابات مبارك على امتداد عهده الذى استمر 30 سنة، نجدها تتضمن فى البداية دائمًا التأكيد المستمر على المفهوم الشامل للإصلاح بجميع أبعاده وتحقيق مصلحة المواطن العادى وأن يشعر كل مواطن بأنه استفاد من عائد التنمية، وذلك تأكيدًا لمبادئ العدالة الاجتماعية التى كان مبارك يشدد عليها دومًا فى كلماته. ومن الأهداف التى كان مبارك يكررها دائمًا السعى نحو ضمان استقرار وسلامة البلد، فكنا نجده يقول: «إن مصر تعيش وسط عالم يموج بالمتغيرات السريعة والمتلاحقة وتعيش وسط منطقة مليئة بعناصر التفجر وعدم الاستقرار، وكان عهدى لكم ولا يزال ألا أنجرف لمغامرات تقامر بمستقبل الوطن وموارده وأرواح أبنائه». وبقدر ما يتوجه الخطاب الرئاسى نحو الإصلاح السياسى والديمقراطى للمجتمع كله فإنه يتجه بشكل خاص لمحدودى الدخل والفقراء، الأمر الذى ظهر فى تركيز البرنامج الانتخابى على تلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، ولا يكاد خطاب من خطابات مبارك يخلو من الوعد بالارتقاء بمستوى معيشتهم والحديث عن الإنجازات، برغم أن التقارير والدراسات الصادرة عن جهات رسمية وحكومية تنفيها لتبدو الأمور وكأنها تحدث فى دولة أخرى غير مصر. فى عهد محمد مرسى، لم يُعرف كاتب خطاباته بشكل واضح، وهناك من قال إنه هو يكتبها بنفسه، أو لا يكتبها على الإطلاق ويلجأ إلى الخطب الشفاهية، وآخرون قالوا إنها تأتى إليه من مكتب الإرشاد. وقد أثارت الأخطاء الفادحة الواردة فى خطابات الرئيس محمد مرسى زوبعة من الانتقادات، كشفت أن كاتب خطابات الرئيس ليس على المستوى المطلوب، وبدا أنه من دائرة المقربين وعلى الأرجح أنه من دوائر جماعة الإخوان المسلمين. أما المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، الذى تولى منصب الرئيس المؤقت عقب الإطاحة بمرسى فى 3 يوليو 2013، فقد تردد أن كاتب خطاباته هو واحد من اثنين: الدكتور مصطفى حجازى، مستشار الرئيس منصور للشئون السياسية والاستراتيجية، وهو أستاذ أكاديمى ومفكر مصرى خبير فى مجال التطوير المؤسسى، وشغل مناصب استشارية مختلفة لعدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وتميز بردود متزنة فى مؤتمراته الصحفية، وكلمات دبلوماسية، وقدرة فائقة على الإقناع. وهناك رأى آخر يقول إن الكاتب الصحفى أحمد المسلمانى، المستشار الإعلامى للرئيس منصور، كان يتقاسم مع حجازى كتابة خطابات الرئيس منصور. غير أن منصور الذى لقب ب «رجل قضاء من الطراز الأول» فى الأوساط القضائية، لم تكن خطاباته إلا فى المناسبات والأحداث المهمة، وكانت دائمًا كلماته محدودة ومختصرة بلغة قوية، بدون استطراد، لفتت الأنظار له وترددت أنباء عن أن منصور هو من يكتبها بنفسه. فى الوقت الراهن، لا يُعرف على وجه الدقة كاتب خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى تتسم غالبيتها بالارتجال. غير أن هناك تقديرات بأن عددًا من الشخصيات الإعلامية المقربة من الرئيس وعلى رأسهم ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، ومحمود مسلم رئيس تحرير جريدة «الوطن»، والدكتور سامى عبدالعزيز عميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة، هم من يتولون صياغة خطاباته. غير أن ياسر رزق قال فى يوليو 2015، فى تصريحات لراديو 9090 عبر برنامج «جر شكل» للإعلامى محمد على خير، إنه لم يكتب أى خطاب للرئيس السيسى، مما يزيد الأمر غموضًا.