ساعدتُ فتاة هندية عمرها 17 سنة فى محو أمية 500 طفل فى دلهى أخذت حذرى من سمك يصعق بقوة 650 فولت.. وسمحت للقرود أن تخطف نظارتى أكلت فاكهة «الرامبوثان» و«المانجوستان» و«جلد الثعبان» والأرز المغلف بورق الشجر «كورس» التأهيل للزواج بماليزيا جعلها الدولة الأقل طلاقًا فى العالم عزفت الطبول مع أئمة إندونيسيا أثناء طقوس العيد.. وصليت مع نائب الرئيس فى خلال ثلاثة وأربعين يومًا، قطعت مسافة 22 ألفًا ومائتى وخمسين كيلو مترًا، مستقلًا ما يزيد على 127 وسيلة مواصلات، مستهدفًا ما يزيد على 15 مدينة فى آسيا. انطلقت من القاهرة ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضى متجهًا إلى جاكرتا - إندونيسيا لتكون المحطة الأولى فى رحلتى «ثلاثية آسيا»، رحلة اكتساب المعارف وبناء الصداقات وتبادل الخبرات، رحلة استغرقتُ فى وضع خطتها ما يزيد على ثلاثة أشهر!، رحلة المنح التى يمنحها الله لك عندما تسير وتنظر فى أرضه، والمحن التى يضعها لك أثناء طريقك لتتغلب عليها وتتعلم منها فتصنع قصتك الخاصة. انطلقت معتمدًا على نفسى، راجيًا توفيق ربى، لا أملك سوى حقيبة على ظهرى، وقلم يكتب خواطرى. انطلقت وعينى ترى أمامها قول أبى العلاء المعرى :- وإنى وإن كنت الأخير زمانه... لآت بما لم تستطعه الأوائل عشت أيام رمضان الأخيرة بروح سامية فى أكبر دولة إسلامية بالعالم، أصلى التراويح بالسارو، وأتجمع مع المئات على شراب جوز الهند أثناء الإفطار، صليت عيد الفطر فى مسجد الاستقلال مع نائب الرئيس «محمد يوسف كالا»، وعزفت الطبول مع الأئمة أثناء طقوس العيد، ودخلت بيت الملك فى وسط جزيرة جاوة بجنوب شرق آسيا، وتحدثت مع حراس رئيس جمهورية الهند «برانب مخرجى» فى دلهى. عزمت على تكوين الصداقات فيكون لى بيت بكل مكان عملًا بنصيحة قالها لى صديق بروسيا العام الماضى، فقابلت العديد من الأعراق، وتعلمت ما صادفنى من اللغات، واعترض طريقى الكثير والكثير من الجنسيات، وعشت تفاصيل حياة العديد من الديانات. شعرت بالإسلام الهادئ فى بيوت المسلمين فى جنوب شرق آسيا، وقضيت أوقاتًا كثيرة مع الهندوس فى بالى وجنوبالهند، وعشت أيامًا مع السيخ فى دلهى، عبرت البحر لأرى طقوس الهندوس فى عيدهم الأكبر، ودخلت الكاتدرائيات فى جاكرتا ومعابد السيخ والبوذيين فى شمال وجنوبالهند، وقطعت بحيرة «حسين ساجار» بحيدر آباد فوصلت لتمثال «غوتاما بوذا»، وزرت إحدى عجائب الدنيا السبع ومواقع التراث العالمى وأكبر معبد بوذى بالعالم «بروبودور» بأكبر دولة إسلامية بالعالم فكان خير دليل على شعار إندونيسيا الوطنى «الوحدة فى التنوع». وأثار انتباهى رمز ماليزيا «1»، وهو رقم واحد المبطن بعلم ماليزيا، والذى تجده فى جميع أرجاء الدولة بدءًا من المطارات مرورًا بالمواصلات والمبانى والمتاحف والمساجد حتى على أكياس السكر والمنتجات !، وسألت أحد المارة الماليزيين بالشارع عن سبب انتشار هذا الرمز بهذا الشكل اللافت، ولم أكن أتوقع أنى سأجد إجابتى عنده، ولكنه علمنى التعايش عندما سمعت إجابته قائلًا: نحن فى ماليزيا ثلاثة أعراق «الملايو - الهندى - الصينى»، ونحن نعلم تمام العلم أنه إذا أردنا أن تكون ماليزيا رقم «1» فيجب أن يكون العرق الملايو والهندى والصينى واحدًا. تعلمتُ مبادئ اليوجا من رجل يعرف شيئًا عن كل شىء ويبلغ من العمر ستين عامًا، وساعدتُ فتاة هندية تبلغ من العمر 17 عامًا مسئولة عن محو أمية 500 طفل فى دلهى، وقابلت رجل أعمال ما زال شابًا فى مطلع العشرينيات فى بالى. استمتعت بكوالامبور الساحرة عندما شاهدتها من على ارتفاع 421 مترًا من «برج كوالامبور»، وصعدت ال «بتروناس» أحد أطول أبراج العالم، وسيرتنى قدمى إلى جنتى الله فى الأرض «كيرلا - بالى»، وشرفت بزيارة مسجد مكة الذى بنى من تربة جلبت من مكةالمكرمة أقدس موقع فى الإسلام بأمر من محمد قولى قطب شاه الحاكم الخامس لسلالة قطب شاهى بحيدر آباد، والتى رأيت عظمتها عندما شاهدت معالمها من أعلى نقطة فى حصن غلوكوندا، تلك القلعة التى بناها إبراهيم قولى قطب شاه منذ 497 عامًا، والتى خرج منها الأحجار الكريمة التى تزن 182 قيراطًا. أصررت على حضور الكورس التأهيلى للزواج بماليزيا، والذى أصبح على الماليزيين الراغبين بالزواج اجتيازه كرخصة لزواجهم، فأصبحت ماليزيا أقل نسبة طلاق فى العالم، فتعلمت العقيدة من دكتورة هولندية !، ولمست فضل الأزهر على العديد من الأئمة، وقابلت الأساتذة فى أحد أعلى جامعات العالم. كنت أتنقل بالأتوبيسات المجانية فى جنوب شرق آسيا، وعاصرت تصوير الأفلام فى كوتشن بالهند، واندهشت من مهارات المعاقين فى الصناعات اليدوية الفورية بكوالامبور، وانبهرت من شغف وانضباط واهتمام الطلاب الصغار بالعلم والثقافة داخل المتاحف. أكلت فاكهة الرامبوثان والمانجوستان وجلد الثعبان فى ماليزيا، والذرة الحارة فى بالى، والأرز المغلف بورق الشجر فى عيد الفطر بجاكرتا، والسمك المملح أثناء الليل من العربات على نواصى الطريق، وشوربة الصويا والزنجبيل أثناء المطر. رأيت إنسان الغاب وحملت الإغوانة على يدى فى يوجياكارتا، وأخذت حذرى من سمك الرعاد الذى يصعق بقوة 450-650 فولت وسمك القرش بكوالامبور، وسمحت للقرود أن تخطف نظارتى، واخترقت الغابات بين النمور والأفيال فى الهند، تسلقت الجبال فى جنوب آسيا، وعبرت البحار فى الشرق، وجريت تحت الأمطار وغمرتنى مياه الشلالات، وهبطت 400 درجة لأستلقى زورقًا فى مياه المنحدرات. لم أنس طيلة فترة رحلتى ذلك الرحالة العظيم «ابن بطوطة»، الذى لقبته جامعة كامبريدج «أمير الرحالة المسلمين الوطنيين»، والذى لم يكن يملك شيئًا من أدوات التكنولوجيا ولم يقف ذلك حائلًا أمامه من الترحال، فقطع مسافة 73 ألف ميل، وأخرج كتابه «تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار». فكان ذلك بالإضافة لعملى التطوعى التنموى الذى كان له الأثر فى إدراك أهمية السفر عندما سافرت محافظات مصر حتى وصلت لسيناء، حافزًا أن أكون رحالة مصريًا فى العشرينيات من عمرى وأعيد ذلك النموذج، مذلالًا العقبات ومتحديًا الصعاب، مستثمرًا الفرص المتاحة والتكنولوجيا الحديثة فى تيسير سفرى بأقل التكاليف الممكنة. فأخذت قرار الترحال وبدأت بصناعة الحياة واستبدلت قول الشاعر :- ما كل ما يتمناه المرء يدركه... تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن بالقول الآخر :- تجرى الرياح كما تجرى سفينتنا... نحن الرياح ونحن البحر والسفن إن الذى يرتجى شيئًا بهمته يلقاه... ولو حاربته الإنس والجن فاقصد إلى قمم الأشياء تدركها... تجرى الرياح كما رادت لها السفن وحددت الدول التى لا تحتاج تأشيرة لزيارتها، واستطعت الحصول على تأشيرات الدول الأخرى، وحجزت تذاكر الطيران مبكرًا بعد تحديد الموسم المناسب من خلال مواقع تتيح أرخص سعر بعد ما تقوم بالبحث فى كل شركات الطيران على مستوى العالم ومن هذه المواقع :- momondo – ebookers – skscanner – edreams – easyjet على الجانب الآخر كنت أستطيع أن أقيم مجانًا من خلال موقع couchsurfing، فأستقبل طلبات الاستضافة فى هذه المدن، فكنت أقيم مجانًا وأكتسب ثقافة هذه الأسر فى ذات الوقت، أو من خلال موقع helpx – workaway والذى يتيح العمل التطوعى فى هذه المدن مقابل الإقامة. ليس هناك أفضل من السفر ونقبل الخبرات، ولكن حانت الآن لحظة إقلاع الطائرة من مطارة القاهرة الدولى إلى جاكرتا والتى ستستغرق 11 ساعة، معلنة معها بدء سلسلة مقالات «ثلاثية آسيا».