ليست لدينا سياسة واضحة فى التجارة واستثمارات متوقفة بالمليارات المستثمرون: نريد حزمة تشريعات لتشجيع الاستثمار وعلى الحكومة تقديم حلول خارج الصندوق أحمد الوكيل: هناك تضارب بين أجهزة الدولة ذاتها فيما يخص التعامل مع المستثمر محمد السويدى: المنظومة التشريعية المتعلقة بالاقتصاد تحتاج إلى تطوير وهيكلة حسام فريد: مشاكلنا نتيجة للتخبط.. والدولة يجب أن تملك توجه لرسم خريطة السوق معتصم راشد: الحكومة بوزرائها لا يعلمون شيئًا عن السياسة الاقتصادية.. وما يحدث لا يعرفه أى نظام اقتصادى فى العالم هانى قسيس: التشريعات الحالية لا تعبر عن استهداف زيادة الاستثمارات وليد هلال: استثمارات بالمليارات تنتظر وجود سياسات اقتصادية واضحة .. ومقترحات للتنفيذ: تشجيع المستثمرين والصُناع على الدخول فى المنظومة الرسمية لتوسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقى.. دون زيادتها الإعفاء الضريبى 3 سنوات.. ومد سداد أقساط الأرض الصناعية 6 سنوات.. وترفيق الأراضى الصالحة للاستثمار
في الوقت الذى تعلن فيه الدولة سعيها لتحفيز فرص الاستثمار، تبدو الحاجة ملحة للنظر في السياسات الفعلية التي تنتهجها الدولة في سبيل تحقيق أهدافها بزيادة معدلات التنمية وتحقيق زيادة في الدخول والوصول بالخدمات إلى قطاعات أوسع من المصريين.. ويبدو السؤال عن حقيقة وطبيعة التوجهات الاقتصادية للدولة؟ أكثر حاجة من غيره ليكون هو محور النقاش في الأوساط الحكومية وقطاع رجال الأعمال المعنيين، وكذلك بين المصريين.. «الصباح» بدورها طرحت التساؤل بشأن مدى شعور المستثمرين بوجود اتجاه يغلب على تحركات الدولة يمكن اعتباره سياسة واضحة لها، وما إذا كانت السياسة الفعلية التي يجري تنفيذها تتناسب مع ما تعلنه الحكومة. رجل الأعمال حسام فريد الرئيس السابق لجمعية شباب الأعمال، رأى أن «المشاكل والأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر حاليًا نتيجة التخبط الواضح فى بوصلة السياسات الاقتصادية التى يجب أن تنتهجها أى دولة لتظهر أمام العالم، وخاصة المجتمع الاقتصادى الدولى، بأنها دولة واضحة وتشريعاتها ثابتة وتحترم كل تعاقداتها مع الجميع». وتابع فريد: «على الحكومة أن تنتهج أساليب وسياسات واضحة خارج الصندوق وليست تقليدية، للعبور سريعًا بمصر إلى بر الأمان، أما إذا عالجت الحكومة المشاكل الاقتصادية الراهنة بأساليبها التقليدية دون أن تعى حجم المخاطر المحيطة، فسندخل مجددًا فى نفق مظلم، ولن تحقق طموحات الرئيس السيسى». وأضاف فريد، «الدولة نقضت عهدها مع المستثمرين بعد الثورة، بسبب عدم وضوح السياسات الاقتصادية، وستفقد مصداقيتها مجددًا، إذا لم تحل تلك المشكلة على وجه السرعة، وأعتقد أن هناك توجه واضح لدى الدولة لإنهاء كل المشاكل العالقة، ونحو وضع سياسات واضحة، خاصة مع الانتهاء من انتخابات مجلس النواب». وأوضح فريد أن «الدولة يجب أن يكون لها توجه مباشر نحو رسم خريطة السوق الاقتصادية أمام العالم، والبداية تكون بالتطبيق محليًا على المستثمرين فى الداخل وإظهار معاملاتهم بشكل يضمن للأجنبى أن ذلك البلد يحترم الاستثمار، وأنها بالفعل تريد بناء اقتصاد قوى». ودعا فريد الدولة أن تبدأ بتشجيع المستثمرين والصُناع المحليين للدخول نحو الاقتصاد الرسمى، حتى تتمكن من توسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقى، ولا يتم فرض ضرائب إضافية على المستثمر الحالى»، مشيرًا إلى أن الحكومة إذا كانت تظن أن فرض الضرائب مصدر دخل أوحد، فهذا أكبر خطأ تقع فيه، فالدولة التى تعتمد على الجباية كمصدر دخل تعتبر دولة «خايبة» خاصة فى ظل ارتفاع معدل التضخم. وقال الرئيس السابق لجمعية شباب الأعمال، إن المرحلة الحالية تتطلب من الحكومة اتخاذ العديد من الإجراءات الاستثنائية لإنقاذ الاقتصاد الوطنى، وأهمها ضرورة إصدار مجموعة حوافز وإعفاءات تشجيعية جديدة للمستثمرين، أبرزها أيضًا الإعفاء الضريبى ثلاث سنوات من بدء الإنتاج، وإصلاح البنية التشريعية ومد فترة سداد أقساط الأرض الصناعية إلى 6 سنوات، إضافة إلى ضرورة الدخول فى مشروعات ترفيق وتأهيل الأراضى الصناعية الصالحة للاستثمار، بما لها من قدرة على منح مزايا تنافسية لا يمكن للمطور الصناعى أن يقوم بها». أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية طالب بتغيير منهجية التعامل مع المشاكل الاقتصادية، من الاستسهال والاقتصار على إدارة الطلب التى تؤدى عادة إلى تدنى مستويات المعيشة للمواطن المصرى وتضارب تحقيق احتواء التضخم وتخفيض البطالة إلى إدارة العرض الذى ينقل الاقتصاد إلى مستويات أعلى فى الإنتاج والتشغيل، مع خفض الأسعار».
وانتقد الوكيل وجود اختلافات كبيرة فى التوجهات بين أجهزة الدولة ذاتها فيما يخص التعامل مع المستثمر عند حصوله على التراخيص، مشددًا على أهمية إنشاء هيئة واحدة للتعامل فى أراضى الدولة مع منح رخص نمطية لصناعات قطاعية وخدمات، وأخيرًا تحديد جهة واحدة للخطاب الإعلامى فيما يخص الأمور الاقتصادية لمنع الآثار السلبية للتصريحات المتناقضة للجهات الرسمية. كما طالب الوكيل بضرورة تثبيت سياسات البنك المركزى بحيث تكون واضحة لكل المستثمرين فيما يخص حدود السحب والإيداع، حتى يكون لدى المستثمر أو التاجر علم بما يجرى حوله من آليات للعمل التى تمكنه من أداء مهماته، سواء فى التصنيع أو فى التجارة. وقال الوكيل إن «مرحلة الإصلاح السياسى فى مصر اكتملت ببناء الدولة وانعقاد مجلس النواب الذى كنا ننتظره جميعًا، ولا تنقصنا حاليًا إلا ترجمة هذا الإصلاح ليصب فى صالح المنفعة على القطاع الاقتصادى، ووجود فرص كبرى للمستثمرين وحوافز تجارية واستثمارية»، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة من القوانين لابد من صدورها على وجه السرعة؛ من بينها قانون الاستثمار الموحد وقانون الجمارك، وهذا مدعوم من قبل التشريعات الحديثة التى لها علاقة بالقطاع المصرفى وحماية المستهلك. فيما يرى معتصم راشد المستشار الاقتصادى لاتحاد المستثمرين أن الحكومة بوزرائها أنفسهم لا يعلمون شيئًا عن السياسة الاقتصادية التى تنتهجها الدولة «لأنه من الأساس لا توجد سياسة اقتصادية واضحة» بحسب قوله. وتابع راشد «ليست لدينا سياسة واضحة فى عملية التجارة، فما يحدث فى مصر لا يعرفه أى نظام اقتصادى فى العالم وسياسة الاقتصاد الحر يتم استخدامها كشماعة لأصحاب المصالح على حساب المواطن ولإسكات الحكومة عن المطالبة بحقوقه المشروعة، كما أن هناك علاقات ومصاهرات بين المسئولين ورجال المال، قد تؤثر على عدالة القرارات الرسمية». وطالب بوجود سياسات اقتصادية واضحة تحدد هوية الدولة فى التعاملات الخارجية مع المستثمرين لتجنب هروبهم من مصر، وأوضح بالقول «الصين دولة اشتراكية وليست رأسمالية وما زالت ناجحة وستتربع على عرش العالم اقتصاديًا فى عام 2017 بسبب وضوح سياساتها الاقتصادية، فى حين أن ضبابية السياسات الاقتصادية لمصر تجعلها تتراجع أمام العالم بشكل كبير». أما محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات المصرية، فأكد على ضرورة تطوير وهيكلة المنظومة التشريعية المتعلقة بالوضع الاقتصادى، معتبرًا أنها شرط أساسى للتوسعات الاستثمارية فى المرحلة الحالية. وشدد السويدى على ضرورة الإصلاح التشريعى بما يضمن جذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وكشف «اتحاد الصناعات قام بتقديم العديد من مشاريع القوانين فى مختلف المجالات الاقتصادية إلى الحكومات السابقة، إلا أنها لم تر النور حتى الآن». كما طالب السويدى بإدراج رأى اتحاد الصناعات. وكل مجتمع الأعمال عند إعداد التشريعات والقوانين، مشيرًا إلى أن تسرع الدولة فى إعداد قانون الحد الأدنى للأجور دون أخذ رأى أصحاب الأعمال، ما خلق فجوة كبيرة فى المجتمع الصناعى، بالإضافة إلى بعض الثغرات التى أغفلها مشروع القانون، لطبيعة عدد من القطاعات مثل القطاع السياحى وقطاع الغزل والنسيج وغيرهما. وفى نفس السياق، يرى وليد هلال رئيس جمعية الصناع المصريين، أن غياب الرؤية التشريعية لصانع القرار فى مصر وراء بطء حركة الاستثمارات المحلية والأجنبية، مشيرًا إلى أن هناك استثمارات بالمليارات متوقفة ترصدها جمعية الصُناع المصريين، وتنتظر فقط استقرار الوضع التشريعى فى مصر ووجود سياسات اقتصادية واضحة، بما يسمح لأصحابها من تحديد رؤيتهم المستقبلية لمشروعاتهم. كما طالب هلال بضرورة تطبيق مواد الدستور الجديد، والتى من المفترض أن تحقق العدالة بين الصُناع وبين الدولة، بتوفير الحماية للصناع من الحكومات المتعاقبة، من فوضى الرؤى والقوانين المختلفة التى تضر بالصانع المصرى وباستثماراته. وقال: «الوضع الاقتصادى فى مصر أصبح فى أشد الحاجة إلى إعادة النظر فى قانون جديد لحوافز الاستثمار، بعد أن فقد قانون 8 لسنة 1997 مميزاته، وحذفت منه كل المميزات؛ من إعفاءات ضريبية وحوافز كثيرة، وتوقف العمل بهذا القانون لأسباب لم نعلمها». بينما يرى هانى قسيس رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى السابق، أن تطوير منظومة التشريعات الاقتصادية الحالية، ضرورى لأنها صارت لا تعبر عن طبيعة المرحلة الحالية التى تمر بها مصر، فسياسة الحكومة نحو جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وزيادة معدلات الصادرات المصرية وضع خريطة استثمارية وصناعية واضحة تتطلب استقرارات تشريعية وخلق قوانين جديدة تكون عامل جذب حقيقيًا للمستثمرين. وفى سياق متصل يرى رجل الأعمال هانى صقر رئيس شركة سيناء العالمية للتعدين أنه لابد من خطة لرفع الكفاءة اللوجستية للدولة من طرق وموانئ ومناطق دعم لوجستى مما سيؤدى لانتعاش قوى فى المدى المتوسط أو أن نذهب فى اتجاه الاقتصاد الموجه من قبل الدولة، فى الصناعة والزراعة والتجارة الداخلية لضمان استقرار الأوضاع على المدى القصير، ما سيزيد الضغط على الموازنة العامة وزيادة العجز».