محررة «الصباح» زارت 4 مستشفيات كبرى وتحدثت مع أسر المرضى «محمد» تحول إلى «مريم» وعمره سنتين.. و«هند» اسم ذكر عاش 15 عامًا كفتاة طبيب جراحة بأبو الريش: نجرى خمس أو ست عمليات تصحيح للأطفال أسبوعيًا «الأم أمل» فوجئت برأى الطبيب بتحويل توأمها على وأحمد إلى إناث اجراء عمليه تحويل جنس لطفل ذكر لأن هرمونات الذكورة تهدده بفقدان السمع تكتم شديد وخوف وفضيحة وسط الجيران والأقارب، هكذا تحاصر الأفكار الوالدين اللذان يكتشفان أن طفلهما يعانى من اضطرابات الهوية الجنسية أو أن لدى ابنهما أو بنتهما ميول مغايرة لنوع جنسه، وتزيد هذه الحالة من الهلع والخوف كلما زاد سن هؤلاء الأطفال، وشاعت تفاصيل أزمتهم بين المحيطين. مجال «الترانس» أو تصحيح الجنس والنوع، كلمات جديدة نسبيًا على الوطن العربى عمومًا ومصر خصوصًا، وعلى الرغم من اكتشاف التوصيف العملى للمرض فى الأربعينيات من القرن الماضى إلا أنه يظل مغمورًا بسبب خلطه مع «المثليين». رحلة «الصباح» التى شملت أربعة مستشفيات حكومية كبرى استمرت خمسة أيام بين المرضى والأهالى والمستشفيات، لمحاولة كشف المسكوت عنه فى عالم يحيطه الغموض، الأهالى يتكتمون على أطفالهم، وكذلك الأطباء يحاولون إدارة الأمر بعيدًا عن الإعلام، ومن خلال سؤالنا فى مستشفيات أبو الريش المنيرة وأبو الريش اليابانى وقصر العينى والدمرداش، وجدنا أنه لا تخلو مستشفى تقريبًا من عمليات التصحيح الجنسى للأطفال، من مختلف الأعمار فمنهم من يكتشف أمره مبكرًا فى سنواته الأولى ومنهم من يبلغ سن المراهقة ولم يكتشف حالته بعد. «هند» فتاة مراهقة تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، من محافظة الشرقية، ظلت طيلة سنوات طفولتها تتعايش مع الفتيات فى مثل عمرها، وتقول أمها، إن طفلتها كانت تذهب كل صباح إلى مدرسة البنات الإعدادية، وتعيش حياتها بشكل طبيعى، وبعد كل تلك السنوات ذهبت إلى الطبيب بسبب عدم بلوغها بعد». وتضيف أم هند: «اكتشفت أنا ووالدها أنها ذكر وليست أنثى وتريد عملية تحويل للنوع، فصعقنا لذلك، وبقينا فى حيرة، وهل نتوجه لقصر العينى لإجراء العملية؟ أم نغطى على الأمر منعا للفضيحة؟، وفى الوقت الحالى نقوم بإجراء التحاليل اللازمة حتى نقرر إجراء العملية». «أم محمد» سيدة من السيدة زينب، توجهت لمستشفى أبو الريش بعدما لاحظت أن ابنها بلغ عامه الثانى وبعض أعضائه التناسلية لم تكتمل بعد، فتوجهت لعمل الإشاعات والتحاليل اللازمة، لتكتشف فيما بعد أن ولدها يحتاج إجراء عملية تحويل إلى أنثى، فقررت استكمال العلاج وأصبح ابنتها تحمل اسم مريم. معاناة مزدوجة لاقتها «منال» وهى أم لتوأمين هما على وأحمد، ولاحظت الأم بعد عام من ولادتهما، أنهما مجهولى النوع سواء ذكر أو أنثى، ومن حيث الشكل فكانا ذكران، ولكن أعضائهما ليست واضحة، فتوجهت بهما إلى الأطباء المختصين، وبعد الفحص تبين لها أنه يجب أن يصحح الطفلان نوعهما إلى إناث، وذلك وفق تأكيد طبيب الجراحة، بمستشفى أبو الريش، وتم إجراء العملية الجراحية وتحولا بالفعل إلى إناث. أستاذ جراحة بمستشفى أبو الريش اليابانى تحدث ل«الصباح» - وتحفظ على ذكر اسمه، قال إنه والد طفلين ذكرين ينتمى إلى الأرياف، حضر إلى المستشفى، وبعد اكتشافه أن ولديه يعانيان من اضطرابات فى الهوية الجنسية ويحتاجان عملية تصحيح ليصبحا إناث، رفض إجراء العملية منعًا للفضيحة وسط أهل قريته، وأيضًا حفاظًا على الميراث الذى ينتظر أبنائه. د.غادة أنور، مديرة وحدة الغدد الصماء بمستشفى أبو الريش قالت ل«الصباح»، إنهم يشكلون لجنة من الأب والأم والطفل وخبير نفسى وجراح غدد، كما يتم التواصل مع الأزهر الشريف لإيفاد مندوب للحصول على فتواه والإذن بإجراء العملية اللازمة للطفل. وأشارت الطبية المتخصصة، أنه يوجد من 500 إلى 600 طفل غير معروف هويتهم الجنسية يتابعون مع الوحدة بالمستشفى، موضحة أن هؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم بين حديث الولادة و12 عامًا. من جانبه، يؤكد الدكتور محمد البربارى استشارى جراحة الأطفال بأبو الريش اليابانى، أنه يتم إجراء من خمس إلى ست عمليات للأطفال تقريبًا من هذا النوع كل أسبوع بالمستشفى، وأشار إلى أن عملية الجراحة هى آخر المراحل بعد التحاليل فى وحدة الغدد وعمل الإشاعات والفحوصات اللازمة، وعرض الحالة على الطبيب النفسى إذا لزم الأمر، وفى النهاية تجرى العملية بناء على قرار الأطباء المعالجين. وأضاف البربارى، أن الحالات تختلف من حيث الأعمار فبينها حديثى الولادة والمراهقين الكبار، وكشف أنه تم إجراء عملية تحويل لطفل ذكر إلى أنثى بسبب أنه «أصم» لأن هرمونات الذكورة غير منشطة لأنسجة السمع لديه، فكان الاختيار إما أن يحول من ولد إلى أنثى أو يظل بقية عمره لا يسمع. وتابع استشارى جراحة الأطفال، أن سبب حالات اضطراب الهوية ليست سوى عيوب خلقية، فضلًا عن أنها ليست جديدة ومنتشرة منذ بدء الخليقة، خاصة وأن كل البشر فى البداية يتكونون فى الرحم على أساس أنهم إناث ثم تبدأ هرمونات الذكورة فى العمل والقضاء نهائيًا على هرمونات الأنوثة إذا كان نوع الجنين ذكر، وإذا حدث خلل فى هذه المنظومة يولد طفل غير معلوم هويته الجنسية. وأشار البربارى، إلى إصابة نحو 600 طفل فى مصر بهذه الاضطرابات لايعتبر انتشارًا، لافتًا إلى أن الدول الغربية تتعامل مع القضية عن ترك الحرية للطفل بعد نضوجه عقليًا ليقرر بنفسه النوع الذى يميل له دون تدخل الأسرة أو أى سلطة عليا. وأكدت ياسمين حسن، باحثة فى مجال تصحيح الجنس «الترانسجندر» فى بحث لها عن حقوق مرضى الازدواجية الجنسية أنه تم اكتشاف تشخيص المرض عام 1948، عندما استشار دكتور التخصص الجنسى الفريد كينزى، زميله الدكتور هارى بينجامين عن حالة طفل تشكو أمة أنه يريد أن يصبح أنثى ويرفض هويته كذكر. وأشارت الباحثة إلى أن تأخر تصحيح النوع يؤدى إلى انتحار الحالات، لافتة إلى وجود اختلافات بين مريض «الانترسكس» الذى يعانى من اضطرابات بيولوجية، وبين «الترانسكس»، وهم لا يعانون من الأمراض البيولوجية. وبحسب الدكتورة هالة محمد، أستاذة علم الاجتماع، فإن عمليات علاج اضطراب الهوية تحظى بتعتيم من قبل الأهالى خوفًا مما يعتبرونه فضيحة وسط محيطهم، وأيضا خوفًا على مستقبل الولد أو البنت بالنسبة لزواجهم خصوصًا إذا تم اكتشاف المرض فى وقت متأخر، كما أن عدم الوعى بالمرض والجهل به والصورة الخاطئة المنتشرة عن المرض فى المجتمع من أسباب تكتم الأهالى والخوف من الإفصاح عنه، وتحديدًا فى الأرياف والطبقات غير متعلمة. وأكد تقرير أجنبى فى موقع جندرتوك عن اضصراب الهوية الجنسية، نشر عام 1996 أن الأعراض التى يشعر بها الأطفال الذين يعانون اضطرابات فى الهوية الجنسية، تتمثل فى الشعور بالميل إلى الجنس الآخر، والتقزز من أعضائهم التناسلية، وشعورهم بالعزلة والقلق. وأشار البحث إلى أن هناك فارقًا بين التحويل والتصحيح، إذ أن الثانى ينطبق على الذين يعانون من تشوه فى أعضائهم التناسلية، أو يوجد لديهم جهازين تناسليين للذكر والأنثى فى آن واحد، أو يكون هناك جهاز به ضمور ويحتاج إلى إظهاره، أو تكون هناك زيادة فى كروموسومات الشخص سواء كانت ذكورية أو أنثوية، بينما يوضح البحث أن التحويل يجرى لحالات لا تعانى من أى تشوهات تناسلية، ولكنها تواجه اضطرابات نفسية، وقد يكون التحويل فى تلك الحالات مع الرأى الدينى ناتج فقط عن رغبة ذاتية فى بعض الأحيان.