«مستقبل وطن» تعامل مع رجال الأعمال فى الانتخابات باعتباره «حزب الرئيس» «المال السياسى» مصطلح أسىء استخدامه.. ولا شفافية فى مصادر تمويل الأحزاب المصرية البرلمان المقبل سيشهد نهاية ظاهرة "نواب الخدمات " الشباب غابوا عن الانتخابات لأنه تم تغييبهم رغمًا عنهم قال خبير الشئون البرلمانية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أكرم ألفى إن أحزاب الوفد والمصريين الأحرار ومستقبل وطن، حاول كل منها استغلال غياب حزب للرئيس، كل على طريقته، بعضها حاول الحصول على أكثرية برلمانية، فى حين حاول بعضها الآخر، الظهور فى ثوب «حزب الرئيس». ألفى، الذى أصدر دراسة بعنوان «كيف يصوت المصريون»، أضاف فى تصريحات مطولة ل«الصباح»، أن البرلمان المقبل سيشهد نهاية «نائب الخدمات»، معتبرًا النتائج الهزيلة التى حصل عليها حزب النور فى الانتخابات بمثابة «عقاب من الناخبين الذى يرون السلفيين فى قائمة الخاسرين بعد 30 يونيو».. وإلى نص تصريحات ألفى. فى البداية تحدث ألفى عن العلاقة بين القوى السياسية ورئاسة الجمهورية فى ظل عدم إنشاء حزب من جانب الرئيس، قائلًا: بعد 30 يونيو وبعد الدستور وانتخاب «السيسى» رئيسًا، أدركت القوى السياسية أن الرئيس لن يقوم بإنشاء حزب سياسى، فسعى الجميع لاستغلال ذلك بالإضافة إلى خروج الإخوان وضعف السلفيين عن التواجد فى الخريطة السياسية، وهو ما فعله ثلاثة أحزاب سعت للتحول إلى أحزاب أكثرية، وأولهم «المصريين الأحرار»، والذى فعل ذلك بطريقتين أولاهما جذب عدد كبير من الخبرات من المصرى الديمقراطى التى شكلت عقل الحزب، وثانيهما ضم عدد من كوادر نواب الوطنى السابقين، وهم العارفون بكيفية إدارة وتنظيم الانتخابات على الأرض، بالاضافة إلى التمويل الضخم. والحزب الثانى هو «مستقبل وطن»، والذى نشأ فى إطار كونه حزب الرئيس وتعامل مع رجال الأعمال فى نفس الإطار مع أنه ليس حزب الرئيس، فاستطاع جذب العديد من الأموال، وضم عدد من البيروقراطيين، فمعظم مرشحى مستقبل وطن لا يخرجون عن كونهم سكرتارية محافظين أو لواءات سابقة أو أبناء رجال أعمال كبار، ولكنه يفتقد إلى الآن العقل السياسى. الحزب الثالث هو الوفد الذى سعى إلى أن يكون حزب أكثرية، اعتمادًا على عدد من العوامل هى تاريخه السياسى الحافل، ووجود قدرات مالية متوازنة لا تصل إلى مثيلتها فى المصريين الأحرار، ولكنها قادرة على إدارة الانتخابات، إلا أنه لم يستطع العودة إلى كونه حزب أكثرية لشدة التنافس والانقسامات الداخلية به، وهو ما دفع عددًا من أبنائه للذهاب إلى المصريين الأحرار. وعن قراءته لأداء المستقلين فى الانتخابات، أضاف ألفى: لم يستطع المرشحون المستقلون كسب الأصوات نظرًا لقوة المرشحين عن الأحزاب الثلاثة السابق ذكرها، فقد استطاعت تلك الأحزاب استقطاب القيادات ذات النسبة العالية فى فرص فوزها بالانتخابات، بالإضافة إلى وجود تاريخ سلبى فى عقل الناخب المصرى عن المستقلين، بالإضافة إلى أن الناخب لديه ثقة أكبر فى الأحزاب أكثر من النواب الخدميين. وردًا على سؤال بشأن ظاهرة «نواب الخدمات»، توقع خبير الشئون البرلمانية، أن يشهد البرلمان المقبل، نهاية ظاهرة النائب الخدمى، وذلك لأن الدولة لا توجد بها رفاهية تحويل واقتطاع أموال لخدمة دوائر بعينها، بالإضافة لعدم وجود حزب أغلبية مسيطر يجعل الحكومة تحول أموالها لخدمة نائبيه، كما أن نائب الخدمات لن تكون لديه المقدرة على تعيين جزء من أبناء دائرته بالوظائف الحكومية، فالقطاع الحكومى لم يعد يتحمل، مستكملًا أن هناك كتلًا تصويتية ذهبت لأحزاب بعينها، فهناك بعض الكتل نظرت إلى قائمة فى حب مصر باعتبارها تابعة إلى الرئيس كما حدث مع حزب مستقبل وطن بالإضافة إلى المصريين الأحرار، والذى اعتبرته كتلة الأقباط ممثلًا عنها. وفيما يخص استخدام المال السياسى فى العملية السياسية، قال ألفى: المال السياسى فى مصر، مصطلح أسىء استخدامه بل وإهانته، فلا توجد سياسة ولا حزب أو انتخابات بدون مال، فهو أوكسجين الحياة السياسية، فلا يوجد حزب فى أوروبا أو أمريكا أو أى دولة فى العالم لا يعمل بدون مال، وكل حزب لا يستطيع تكوين أدوات لجذب الأموال هو حزب لا يصلح، ولن يكمل الحياة السياسية، وتعتمد تلك الأحزاب على مصادر تمويل واضحة، ولكن فى مصر التركيبة المدنية لا تسمح بتكوين نقابة تجمع المال وتقدمه إلى حزب بعينه ليساعدها فى البرلمان وعلى سبيل المثال يحدث ذلك فى حزب العمال فى بريطانيا، ولا يمكن التحدث عن انتهاء المال السياسى، إضافة إلى ذلك أنه فى مصر لا توجد شفافية فى الإفصاح عن مصادر التمويل، وهو ما يصنع حالة من الارتباك والتوجس من قبل الناخبين، كما أننا أيضا تعاملنا مع الرشوة الانتخابية على أنها مال سياسى، وهو لا يصح بأى شكل من الأشكال، فنحن شوهنا تلك الكلمة فشراء الأصوات جريمة تندرج تحت بند الفساد المالى، وأثر الفساد المالى والرشاوى ظهر واضحًا فى اللجان التى تراجعت بها نسبة المشاركة عن 20 فى المائة. وحول الأغلبية فى مجلس النواب، أوضح ألفى أن البرلمان المقبل لن يشهد وجود أغلبية، ولكن ستكون هناك محاولات لتكوين أكثريات، ومنها محاولة «فى حب مصر» لتكوين أغلبية، ومن المتوقع فشلها نظرًا لخروج الوفد من الائتلاف وعودة نوابه إلى السياسة العامة للحزب، وهو نفس ما سينتهجه «المصريين الأحرار» وسيبقى فقط «مستقبل وطن» بالإضافة إلى عدد من المستقلين، وسيتبع ذلك بعد مرور شهرين على الأقل نشوب خلاف بين تلك الأحزاب والحكومة حول مجموعة من القضايا الاجتماعية، ولن يرقى ذلك إلى مرحلة الصدام خوفًا من العقاب الشعبى، فالرأى العام الآن غير مرحب بوجود أى صدامات، فهم من الذكاء الذى يمنعهم من الصدام على سبيل المثال مع الرئيس لأنهم بذلك لن يصطدموا بالرئيس، ولكنهم يصطدمون بالشعب والرأى العام، وهو ما يهدد بقاء المجلس ككل. وعن مستقبل المعارضة تحت قبة البرلمان، قال ألفى: المعارضة ستتكون من مجموعة من الشباب الذين استطاعوا الدخول إلى البرلمان، والمنتمين إلى فكر ثورة 25 يناير وعدد آخر من اليساريين، ولن يكونوا بالعدد الكبير، ولكن على صغر عددهم سيدخلون مع الحكومة فى موقف نقدى عنيف فى عدد من المواقف على سبيل المثال النقاش المتوقع حول قانون التظاهر وقانون الخدمة المدنية، وسيكون تأثيرهم واضحًا فى النقاش فى الرأى العام، ولو نجحوا فى خوضهم لمناوشات على قاعدة متينة حقيقية مع الحكومة، وليس صراعًا لفظيًا، فمن الممكن نقلهم لصورة مغايرة للمواطنين عن المعارضة بوجه عام، وهو ما سيقودنا إلى زيادة أحزاب اليسار فى المرحلة المقبلة، وبالتالى ستزيد نسبتهم فى البرلمان المقبل. وعن موقع المرأة فى المعادلة السياسية داخل مجلس النواب، زاد خبير الشئون البرلمانية: بحكم العرف ستكون هناك وكيلة للمجلس، وهو ما زال فى مرحلة المناقشات، وبالنسبة لى، فإن مشاركة المرأة وتمثيلها فى الفردى، شىء مذهل، وهو ما يعنى أن هناك كتلة تصويتية للمرأة الآن فى مرحلة التقدم، كما أن هناك توجهًا عامًا من الناخبين لزيادة تمثيل المرأة، فلم يحدث فى الفردى أن يصل تمثيل المرأة إلى هذا العدد، ومثالًا لذلك فلم يحدث أن تكون هناك سيدتان قبطيتان فى مرحلة الإعادة، وهو ما يجعلنا أمام احتمال كبير لوجود رئيسات لجان من السيدات، وسيظهر دورها جليًا فى المناقشات الخاصة بقضايا المرأة، كما هو الحال فى مناقشة قانون الأحوال الشخصية، والقانون الجديد لمجلس النواب ومناقشة كيفية تمثيل المرأة فى الفترة المقبلة. وردًا على سؤال بشأن كيفية اختيار الناخب لمرشحه، أجاب: فى بعض الحوارات الاستبيانية مع الناخبين، توصلت إلى خماسية محددات التصويت فى مصر فى هذه الانتخابات، وهى أن الناخب يفضل أن يكون المرشح تابعًا للمؤسسة العسكرية، والمرشح الشاب، وأن يكون خارج دوائر الرشوة الانتخابية، وعدم انخراطه فى أعمال معادية لثورة يناير بصورة فجة كما هو الحال مع «رجب هلال حميدة»، وأن يكون من وسط المرشحين سيدة، وأن يكون هناك مرشح قبطى. وحول أبرز أوجه الخلاف بين المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات مجلس النواب، قال الخبير فى الشئون البرلمانية: الاختلاف بين المرحلتين الأولى والثانية يمكن تلخيصه فى أن هناك نفس قوة تصويت الأقباط والمرأة وزيادة مساحة الرشاوى الانتخابية فى المرحلة الثانية عن الأولى، كما أن الشعور بأن النظام ما زال مهددًا جعل الوجه البحرى يصوت فى اتجاه قائمة مثل فى حب مصر والمحسوبة خطأ كممثلة للنظام، وهو نفس الحال فى الصعيد، كما أن نجاح المرأة فى المرحلة الأولى جعلت السيدات يدخلن بقوة فى المرحلة الثانية، بالإضافة إلى قوة الأقباط التى انتهجت نفس النهج فى المرحلة الثانية، كما زادت نسبة الناخبين فى المرحلة الثانية عن الأولى. وفسر ألفى غياب الشباب عن المشاركة فى الاقتراع قائلًا: غاب الشباب عن الانتخابات لأنه تم تغييبه عنها رغمًا عنه، لأن من يدعون مساندة النظام سعوا بكل الطرق إلى ذلك، وهو ما ظهر فى الهجوم العنيف الموجه إلى الشباب لعدم مشاركته، والذى كان يحمل رسالة مزدوجة، الأولى وهى الموجهة إلى النظام فى إطار تبرئة ساحتهم أمامه فى دعوة الشباب، والثانية تأتى بمعرفتهم التامة أن كل من هو دون سن الثلاثين إذا تم توجيه الأمر إليه بصورة مصحوبة بالضغط سينفر بلا شك، كما تم تغليف تلك الدعوات بكلمات على شاكلة أن النظام القديم سيعود لا محالة، واستمرار هؤلاء فى التحدث بنفس النبرة التى تشكك من قدرة الشباب على التغيير، فحزب مثل «مستقبل وطن» القائم من البداية على فكرة احتوائه للشباب لم يقدم عددًا ملموسًا لمرشحين شباب، وهو ما قتل ذلك الادعاء. وتعليقًا على النتائج الهزيلة التى حققها حزب النور، قال ألفى: التيار السلفى تم عقابه فى تلك الانتخابات، وذلك لأن الناخبين يرون أنه فشل فى إدارة الدولة، ويعتبره الناخب فى جناح الخاسرين بعد 30 يونيو، فدائمًا ما يفضل الناخب أن ينتخب شخصًا، وينجح حتى لو تم تغيير توجهه إلى أقرب من يمثل فكره، كما أن حزبًا مثل النور خاض الانتخابات بدون كوادر وبدون مال، فمن أين سيحصل على الأصوات، وهم غير قادرين على أى تقارب مع أى من المعارضين، فهم سيسعون دائما لاستمالة الدولة للسماح لهم فى استمرار عملهم الدعوى خارج البرلمان. وتحدث خبير الشئون البرلمانية بمركز الأهرام للدراسات عما يثار عن علاقة سامح سيف اليزل بمؤسسة الرئاسة، قائلًا: سيف اليزل نجح بالحديث عن كونه المدافع، هو وائتلافه، عن الرئيس والدولة، فى حصد أصوات الناخبين ولكن استمرار ذلك الحديث فى البرلمان سيضر بالدولة وبالحياة السياسية فى مصر، ويستلزم تدخلًا خاصًا من الرئيس للحديث عن عدم وجود ممثلين لمؤسسة الرئاسة حزبًا أو ائتلافًا، وعلى المؤسسة الرئاسية أن تأخذ مسافة واحدة من الجميع لأن ما يحدث سيضر بالرئاسة. وعن تقييمه لأداء التيار اليسارى فى الانتخابات، اختتم ألفى تصريحات ل«الصباح»، بالقول: اليسار الآن يشهد تراجعًا يليق به لوجود أزمة هيكلية باليسار، وعليه أن يعيد مناقشة أزمته الداخلية، فأزمة اليسار الآن هى افتقاره إلى وجود كوادر، فكوادر اليسار دائمًا كانت هى الرابط بينه وبين الجماهير، فالشارع لم يلفظ اليسار ولكنها عيوب داخلية به، فهناك أزمة ذاتية، وهى خضوع الكبار به لأطفال السياسة .