المحررة تحصل على «عمل جلب الحبيب» ب2000 جنيه من دجال مغربى.. والتسليم «ديليفرى» فى 48 ساعة «طلب الزواج» ب4 آلاف.. و«أعمال الأذى» ب5700.. و«الإنجاب» ب3 آلاف.. و«الابتعاد عن الإدمان» ب2880 جنيهًا «سيدة الديليفرى»: الفنانة يسرا وفاروق الفيشاوى أبرز عملائنا.. والملاهى الليلة تتحصن ب«البركة» الضحايا: أكلنا لحوم الماعز المغطاة بالدماء ودفعنا أموالًا باهظة ولم تتحقق مطالبنا رغم أن عالم الدجل والشعوذة قديم للغاية، ورغم أن حكايات النصب والاحتيال فى هذا العالم ملأت الآفاق، إلا أنه ما زال آلاف الضحايا الجدد يسقطون فى آبار هذا العالم البغيض. ولكن الجديد أن الدجالين الجدد أصابهم الدور لاستغلال أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا فى أقدم الخزعبلات للنصب على المواطنين، حيث تم استحداث خدمة «الديليفرى» لتوصيل الأعمال السحرية إلى منازل الزبائن، حتى لا يكبدوهم مشقة أو مخاطرة الذهاب إلى الأماكن المشبوهة بطبيعتها التى يقيم فيها الدجالون. ويأتى دور «الديليفرى» بعد أن تنتهى مرحلة «الطلب»، والتى يتم فيها تشخيص الحالة عن طريق الهاتف. «الصباح» رصدت هذه الظاهرة الجديدة، بمتابعة إعلانات «الدجالين الجدد» عبر الفضائيات، وما تم استحداثه عبر الإنترنت، وصفحات التواصل الاجتماعى، وانتشار ملصقاتهم الإعلانية فى الشوارع، والتى تتضمن طرحهم لميزة جديدة هى خدمة التوصيل للمنازل، والدفع عند الاستلام. تشخيص الحالة فى بداية الأمر رصد محررا «الصباح» رقم «دجال» من أصل مغربى ظهر بصورة متكررة، عبر شريط إعلانات قناة «تايم سينما»، وكانت الخطوة التالية هى الاتصال به، وكان الطرف الآخر للمكالمة فتاة قدمت نفسها بأن اسمها «سمية. ح»، تتلخص مهامها الوظيفية فى الرد على الهاتف. بدأت المكالمة بتعريف الفتاة عن نفسها ووظيفتها، ثم طلبت الاسم والعنوان والجنسية ونوع الشكوى المراد رفعها للشيخ (الدجال)، فكان رد محررة «الصباح» أنها مصرية، تقيم بمنطقة الهرم. وادعت المحررة أن عمرها تجاوز الثلاثين ولم تتزوج حتى الآن، ومنذ فترة وهى تبحث عن شريك الحياة، وهنا قاطعتها السكرتيرة لتسجل أن تصنيف شكواها يندرج تحت بند «جلب الحبيب»، ثم تابعت فى سرد المعلومات حتى جاءت مرحلة رفع الشكوى للشيخ، فوضعت السكرتيرة محررة «الصباح» فى قائمة الانتظار. وبعد مرور ما يقرب من 45 دقيقة، قام الدجال المغربى «عمار. ع» بالرد، فى بداية الأمر كانت أحاديثه عبارة عن مجموعة من الأسئلة المقتضبة، أولها كان السؤال عن العمل وهل تشغل أى نوع من الوظائف، وبعد انتهاء مرحلة الأسئلة، ورجوعًا إلى المعلومات التى تم تدوينها مسبقًا، أكد لها أنه سوف يقوم بعمل «جلب للشريك» فى مدة محددة لن تتجاوز 48 ساعة فقط. بعد ذلك سرد «عمار» مجموعة من الطلبات واجبة النفاذ، منها حضور فعاليات الحضرة الخاصة به عبر الإنترنت، وشراء كميات من «اللحوم» وتوزيعها على الفقراء، شريطة أن توزع على الرجال فقط، وأعلمها بأن تكلفة العمل الخاص بها 1980 جنيها، ثم قام بتحويلها مرة أخرى إلى السكرتارية، التى أكدت لها أن بياناتها الآن أصبحت مسجلة عبر الكمبيوتر. هنا عرضت عليها محررة «الصباح» طلبًا للقاء الشيخ (الدجال) فكان الرد القاطع أن الشيخ لا يقابل أحدًا، وإنما يشخص الحالات عبر الهاتف فقط، معللة ذلك بأن الشيخ عندما يقابل أحد تضعف قواه، وهو ما فرض عليه حالة من العزلة شبه التامة منذ أعوام. وفى محاولة لصرف النظر عن طلبها بمقابلة الشيخ، قالت «السكرتيرة» إن لكل عمل سعره الخاص به، فعمل «جلب الحبيب» يتكلف 1980 جنيهًا مضافًا إليه «مصاريف الشحن» أو «الديليفرى» الذى يكلف 400 جنيه، وبالتالى يصبح المبلغ كاملًا 2380 جنيها. أما طلب الزواج مثلا فيتكلف «العمل» الخاص به مضافًا إليه مصاريف «الديليفرى» 4 آلاف جنيه، فيما يتكلف العمل الخاص بإيذاء شخص ما 5700 جنيه، والعمل الذى يهدف للإنجاب يتراوح سعره بين 2500 إلى 3000 جنيه، بينما يتكلف عمل الابتعاد عن الإدمان 2880 جنيه، وكل هذه المبالغ تشمل مصاريف «الديليفرى». وعقب الانتهاء من الحديث عن أسعار الأعمال، قامت السكرتيرة بتحويل المكالمة إلى قسم «الديليفرى»، الذى تبين أن جميعهن من السيدات، فحينها قامت سيدة «الديليفرى» بالتأكيد على العنوان الخاص بالمحررة المتنكرة، ورقم الهاتف، حتى تقوم بمتابعة صاحبة العمل، وفى نهاية الحديث، سألت محررة «الصباح» عن الحساب البنكى للشيخ، لتسهيل عملية تحويل المبلغ المطلوب إليه، فردت «مسئولة التوصيل» بأن «الشيخ ليس لديه حسابات بنكية، وذلك حتى لا تقل البركة، فكل أمواله التى يتحصل عليها يحتفظ بها فى الفيلا المقيم بها، وهو دائم الرفض للتعامل مع البنوك، ويميل لفرض نوع من السرية على مكان إقامته حتى لا يتوافد عليه المريدون». وصول العمل عقب مرور المدة المتفق عليها، وهى 48 ساعة، وصلت إلى مقر سكن محررة «الصباح» سيدة مصرية، تقود سيارة «هيونداى سوداء اللون»، وترتدى السيدة جلبابًا أسود وطرحة سوداء، سمينة الجسد، بيضاء الوجه، ترتدى العديد من الإكسسوارات الموزعة على يديها ورقبتها. وحين سألتها المحررة عن السيارة التى تستقلها كان ردها أنها سيارة «لنقل الأعمال»، وحينها سلمت «العمل» لمحررة «الصباح» وحصلت على المبلغ المتفق عليه، ثم اردفت أن هناك تسعة أشخاص آخرين بمنطقة الهرم لابد أن يستلموا أعمالهم. تبين من حديثها أن قسم «الديليفرى» هو أكبر الأقسام، فهو يحتوى على العديد من الأشخاص، لأن كل منطقة، ولها سيدة «الديليفرى» الخاصة بها، فكل العاملين عند الدجال من السيدات، الموزعات على قسم الديليفرى والسكرتارية وقسم الإنترنت المسئول عن كتابة الحضرة الإلكترونية، التى يقوم الشيخ بتداولها فى يوم الجمعة من كل أسبوع، فكل محبى الشيخ ينتظرون الحضرة، لأنه «الدجال» الوحيد الذى يقوم بعمل حضرة لكل رواده، بالإضافة إلى أنه يعطى بركاته للأفراد الذين قاموا بالتعامل معه. وأضافت «سيدة الديليفرى»، التى تدعى «بثينة»، أنها تعمل برفقة الدجال المغربى منذ ما يقارب العامين، وأكدت أن له العديد من أتباعه الذى يؤمنون به، فقد عملت معه فى المغرب لمدة عام ونصف العام، إلى أن قرر المجئ إلى مصر، فتابعت العمل معه. وادعت أنها قامت أكثر من مرة بإرسال أعمال إلى فنانين وسياسيين، فذكرت أنها قامت بتوصيل «أعمال» إلى الفنانة «يسرا» والفنان «فاروق الفيشاوى» وغيرهما من الفنانين. وأكدت أن الشيخ يحصل على ما يقرب من 10 آلاف جنيه يوميًا من منطقة الهرم فقط، نظرًا لطلب العديد من ملاك «الملاهى الليلية» لأعمال سحرية لمباركة الملهى، وتحصينه من الأعداء، بالإضافة إلى أن «الشيخ» أنشأ قسمًا خارجيًا يختص بإرسال الأعمال إلى العديد من المناطق خارج البلاد، وقالت إنه يسافر كل فترة إلى «المغرب» حاملًا معه كل أدوات السحر الخاصة به، مؤكدة أن ثروته الضخمة لا يستطيع أن يتخيلها أحد. عمل جلب الحبيب يتكون عمل «جلب الحبيب» من مجموعة «طلاسم» وكلمات غير مفهومة، داخل ورقة بيضاء موضوعة داخل قطعة قماش تفوح منها رائحة البخور، وبجانب الورقة ريشة مخضبة بالدماء. ادعت محررة «الصباح» أن صديقتها التى طلبت العمل ليست متواجدة فى الوقت الحالى، وأنها سوف تحضر بعد ساعة تقريبًا، غضبت «سيدة الديليفرى» غضبًا عارمًا، وصل إلى حد التشاجر مع المحررة، لأنها استنزفت الكثير من الوقت، الذى لا يعتبر من حقها، وأخذت العمل بالقوة وغادرت معلنة أنها لن تعود مرة أخرى حتى تعود السيدة التى طلبت العمل. حالات الأعمال عفاف السيد، سيدة أربعينية، اتصلت بأحد «الدجالين الجدد»، بعد أن وجدت رقم هاتفه على إحدى قنوات التليفزيون الفضائية، مدعيًا أنه «شيخ روحانى». وبالفعل اتصلت به وحصلت على «العمل السحرى» بدون مقابلة الشيخ، وهو عمل من فئة «طلب الزواج»، وكان عبارة عن حديث على ورقة بيضاء معطرة لها رائحة غريبة وشاذة، وقطعة من لحم الماعز مغطاة بالدماء. وكان من شروط تسليم «العمل» أن تتناول «قطعة اللحم»، وبالفعل تناولتها، ثم دفعت 3400 جنيه، منذ ما يقرب شهرين تقريبًا، ولم يحدث شئ، وأكدت أنه عندما تعاود الاتصال بنفس الرقم يكون الرد أن مفعول العمل «ممتد»، ولابد من الانتظار مدة أخرى حتى يجلب لها شريك الحياة، وحتى الآن تنتظر شريك الحياة. ورغم كل ذلك تقول عفاف: «أحيانا أشعر بأننى قد تعرضت لعملية نصب!». أما كوثر علاء، فهى فتاة ثلاثينية، فاتصلت بدجالة وجدت رقم هاتفها عبر إعلان على أحد مواقع الإنترنت، وأبلغتها أن طلبها يتلخص فى أنها تريد «فك عمل» قام أحد الأشرار باستهداف ابنتها الصغيرة به، وجعلها تخشى الجميع. فقامت الدجالة الروحانية السيدة «عفت الكبير» بإرسال العمل، الذى تكلف 5 آلاف جنيه، عبارة عن مياه لها رائحة كريهة، لرشها على جسد ابنتها، وعلى باب غرفتها. وجاءت مع «العمل» ورقة بيضاء بها حروف بالدماء. وبعد ذلك، وحسب تعليمات الدجالة، وضعت «سيدة الديليفرى» يديها على رأس الطفلة، وقرأت المكتوب فى الورقة من خلال همهمات غير مسموعة. كان هذا منذ ما يقرب من 3 أشهر، ولكن حالة الطفلة لم تتغير حتى الآن، بل أن حالتها تزداد سوءًا. وعندما تعاود «كوثر» الاتصال بنفس الرقم ترد السكرتارية قائلة «انتظرى مفعول العمل حتى ينجح، فمفعوله ممتد». وكالعادة أيضًا ادعت السكرتارية أن «الشيخة» لا تريد رؤية أحد، بحجة «خوفها على بركتها الخاصة». دجالون وطالب الخبير الأمنى، اللواء محمد صادق، مساعد وزير الداخلية الأسبق، بنشر الوعى بين المواطنين، مؤكدًا أن الدجالين الجدد، والقدامى أيضًا، يعتمدون على الطبقة الأقل وعيًا، والذين يواجهون ظروفًا معيشية صعبة ومشاكل تجعلهم يلجأون إلى مثل هذه الخزعبلات. من جانبه قال الشيخ محمد عثمان البسطاويسى، نقيب الأئمة، أن النافع والضار هو الله سبحان وتعالى، «فكيف يجرؤ هؤلاء ليعلنوا مثل هذه الأفعال بهذه الطريقة الفجة على قنوات التليفزيون، وصفحات الإنترنت المختلفة؟! فلو كان هؤلاء يمتلكون القدرة على الضر والنفع لجمعوا أموال الدنيا لأنفسهم». وأكد «البسطويسى» على أن تعاليم الإسلام تنفى وتحرم التعامل مع هؤلاء الدجالين بأى شكل من الأشكال.