أعضاء المنظمة تولوا مناصب وزارية فى عهد مبارك مثل مفيد شهاب وحسين كامل بهاء الدين وعثمان محمد عثمان البعض انتمى للمعارضة السياسية مثل أحمد بهاء الدين شعبان وأحمد يوسف أحمد وعاصم الدسوقى عادت فكرة إنشاء تنظيم قومى للشباب لكى تطرح نفسها من جديد على ساحة الاهتمام العام، خاصة بعد أن أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، بهدف تخريج قيادات شابة قادرة على الإدارة. البرنامج -كما أوضح السيسى فى كلمته أمام أسبوع شباب الجامعات المصرية العاشر فى مقر جامعة قناة السويس- يهدف إلى تأهيل 2500 شاب وشابة سنويًا كمرحلة أولى. مزيد من التفاصيل جاء على لسان الدكتور طارق شوقى، أمين عام المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية، رئيس المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى، الذى قال إن مشروع البرنامج الرئاسى لإعداد الشباب للقيادة «هو هدية الرئيس الأولى لشباب مصر» وأن المجالس التخصصية وضعته على مدى 6 أشهر بعد تكليف الرئيس لها به، تعبيرًا عن كامل ثقته فى الشباب المصرى، ومقدمة لخطوات أخرى تهدف للنهوض به. لاحقًا، اتضح أن البرنامج عبارة عن 7 دورات فى التخصصات المالية والاستراتيجية والإدارية والبروتوكولات والمراسم والإعلام والرأى العام والعلوم السياسية، حيث يدرس الطالب المتقدم علومًا سياسية وإدارية واجتماعية وإنسانية بواقع 8 أشهر لكل دفعة. الشاهد أنه عقب إثارة السيسى قبل عام لفكرة إنشاء كيان قومى مستقل يجمع الشباب، تحدث البعض عن مشروع وطنى متكامل عكف عليه د. مصطفى حجازى، المستشار السياسى للرئيس السابق عدلى منصور، تحت اسم «مفوضية الشباب»، غير أن صلاح عيسى يلفت الانتباه إلى التباين الظاهر - من حيث الشكل والمضمون- بين «الكيان الشبابي» الذى أشار إليه الرئيس السيسى وبين «المفوضية الشبابية» التى يقوم عليها مشروع مصطفى حجازى، ففى حين ذهب السيسى إلى أن الهدف هو «إنشاء كيان شبابى مستقل لا يعمل لصالح أحد أو قوة سياسية بعينها وإنما على المستوى القومي»، ذهب المشروع الذى أعده حجازى إلى أن الشباب لن يثق فى أى كيان كان رئاسيًا، ولن يتحمس له إلا إذا كان مستقلًا وبعيدًا عن أسوار الاتحادية، وهو ما يعنى أن يكون مفتوحًا لكل الآراء والتيارات الفكرية والاتجاهات السياسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لا يستثنى أحدًا. وعند التأمل فى هذا التباين، سوف نكتشف أننا أمام مشروعين يختلفان من حيث الشكل ومن حيث المضمون. يدعو المشروع الأول إلى إنشاء كيان شبابى مستقل، بمعنى أنه كيان غير حزبى، ينضم إليه الشبان غير الحزبيين، للقيام بأنشطة قومية لا صلة لها بالنشاط الحزبى، فهى أقرب إلى منظمات المجتمع المدنى منها إلى المنظمات السياسية، وهى تنشط بالأساس فى مجالات الخدمة العامة والاجتماعية، كمحو الأمية والمشاركة فى تنظيم المرافق العامة، وحماية البيئة وقوافل الخدمة الصحية، وتسعى لتحفيز المواطنين على المشاركة فى مواجهة ما يعانون منه من مشكلات عبر حلول ذاتية مبتكرة، وتحفيزهم على تأسيس الجمعيات الأهلية التى تنظم العمل الجماعى، والتطوعى فيما بينهم.. وهو شكل من أشكال النشاط الشبابى، عرفته مصر الناصرية فى مشروعات دائمة أو مؤقتة، مثل «اخدم قريتك» و»أسبوع المرور» و»مشروع الخدمة العامة»، وساهم فى مجالاته بعض فصائل ثوار يناير فى فورة الحماس التى شملتهم فى أعقاب الثورة، قبل أن تبدد الرياح جمعهم. فى المقابل، يدعو المشروع الثانى إلى تشكيل منظمة -أو مفوضية- تضم الشباب الذين ينشطون أساسًا فى المجال السياسى والحزبى، على اختلاف تياراتهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية، فهى أشبه بجبهة وطنية، تضم الجميع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، دون استثناء أحد، وليس هناك ما يحول بينها وبين النشاط فى كل مجالات الخدمة العامة والاجتماعية، كإحدى منظمات المجتمع المدنى، وإن كان نشاطها الأساسى سيكون -بالقطع سياسيًا وحزبيًا. وهذا الاختلاف من حيث الشكل والمضمون بين «الكيان» و»المفوضية»، يفرض علينا أن نطرح كل الأفكار المتعلقة بأساليب تأهيل الشباب لوراثة المستقبل وإدارته، للحوار العام بين كل من يعنيهم أمر هذا المستقبل، وفى مقدمتهم الشباب أنفسهم. فكرة إنشاء كيان تنظيمى للشباب فى حد ذاتها ليست جديدة، سواء فى تاريخ المنظمات المصرية أو العالمية، وفى التاريخ المصرى نماذج متعددة للدور الذى لعبته هذه المنظمات الشبابية فى مسار النضال السياسى الوطنى والديمقراطى، كان من أبرزها «جمعية مصر الفتاة» التى أسستها مجموعة من طلاب كلية الحقوق عام 1933 بزعامة أحمد حسين، ودعت إلى «مشروع القرش»، لتجمع من المصريين جميعهم تبرعات تبدأ بقرش واحد، لتبنى من حصيلتها مصانع وطنية تواجه سيطرة الأجانب على اقتصاد بلادهم، واعتمادهم على الاستيراد من الخارج، ونجحت بالفعل فى إقامة أولها وهو مصنع لصناعة الطرابيش، باعتبارها الرمز القومى للمصريين آنذاك، قبل أن تتحول إلى حزب سياسى. وفى مرحلة ما بين الثورتين (1919/1952) أسست الأحزاب السياسية فى عشرينيات القرن العشرين أجنحة شبابية كانت تعتمد بالدرجة الأولى على تلاميذ المدارس الثانوية وطلاب الجامعة والمعاهد العليا.. وفى الثلاثينيات -وتأثرًا بالحزبين النازى فى ألمانيا والفاشى فى إيطاليا- أقامت بعض هذه الأحزاب تشكيلات شبابية عُرفت بظاهرة القمصان الملونة، نسبة إلى لون القميص الموحد الذى يرتديه أعضاؤها، فأسس حزب الوفد فرق القمصان الزرقاء وأسس حزب مصر الفتاة فرق القمصان الخضراء، وأسست جماعة الإخوان المسلمين فرق القمصان الصفراء، نسبة إلى القميص الكاكى الذى ترتديه فرق الجوالة التابعة لها. وكانت منظمات الشباب هى أول تنظيمات ثورة 1952، وقد أسست بعد ثلاثة أشهر من قيام الثورة، لتواجه شباب الإخوان المسلمين وشباب ما كان يعرف -آنذاك- بأحزاب العهد البائد، خاصة فى الجامعة، ثم أصبحت جناحًا شبابيًا لهيئة التحرير، ثم حلت محلها -بعد إنشاء «الاتحاد القومي»- «هيئة الفتوة»، وكان آخر تجليات التنظيمات الشبابية لثورة يوليو، «منظمة الشباب الاشتراكي» الجناح الشبابى للاتحاد الاشتراكى العربى. طرح الرئيس جمال عبدالناصر فكرة منظمة الشباب عام 1964 على رفاقه وفى مقدمتهم زكريا محيى الدين، وتكونت السكرتارية التأسيسية لمنظمة الشباب من خمس شخصيات يمثلون التيارات السياسية التى كانت موجودة على الساحة وهم أحمد صادق القشيرى ممثلًا للتيار الليبرالى، وإبراهيم سعد الدين ممثلًا للتيار الماركسى، وأحمد كمال أبو المجد ممثلًا للتيار الإسلامى، ويحيى الجمل مثلًا للتيار القومى، وحسين كامل بهاء الدين، وكان من شباب الثورة، وعن طريق هذه الشخصيات الخمس بدأت الاجتماعات وبدأ وضع البرنامج الفكرى للمنظمة، ثم برنامج العمل وبدأت العجلة تدور. المنظمة فعليًا واسميًا استمرت فى العمل حتى عام 1976، حين قرر الرئيس أنور السادات إلى التحلل من صيغة تحالف قوى الشعب العامل، التى جاء بها الميثاق الوطنى لعام 1962، وتنظيمه الواحد، والعودة إلى شكل مقيد ومحدود من التعددية الحزبية، على الرغم من ضغوط قوية داخل إدارته، كانت تلح على بقاء تشكيلين من تشكيلات هذا الاتحاد، هما «منظمة الشباب» و»الاتحاد النسائي» ليكونا بمنزلة منظمات قومية غير حزبية. أغلب كوادر منظمة الشباب هم الذين برزوا فى الحياة السياسية المصرية طوال السنوات الماضية وحتى الآن فأغلب الكوادر السياسية الآن بل وقبل ذلك هم من أبناء منظمة الشباب. هناك عدة اتجاهات ذهب إليها أعضاء المنظمة وكثير منهم برزوا فى عهد مبارك وتولوا مناصب وزارية مثل مفيد شهاب، حسين كامل بهاء الدين، عثمان محمد عثمان، والأحمدى أبو النور، وأحمد جمال الدين موسى، ومختار خطاب وزير قطاع الأعمال. وبعضهم انتمى للمعارضة السياسية مثل أحمد بهاء الدين شعبان، ود. أحمد يوسف أحمد وعاصم الدسوقى وبعضهم عمل قريبًا من السلطة ولكن ليس فى منصب وزارى مثل د. مصطفى الفقى وأسامة الغزالى حرب، كما أخرجت لنا منظمة الشباب عبدالقادر شهيب وخيرت الشاطر والأخير كان عضوًا فى الإسكندرية. ومن الرموز النسائية لمنظمة الشباب التى ظلت تعمل فى العمل العام منى ذو الفقار وأمل الشاذلى وآخريات. أخر تجليات هذا النوع من التشكيلات هو الأجنحة الشبابية للأحزاب القائمة اليوم، والتى تأسست فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومن بينها «اتحاد الشباب التقدمي» الجناح الشبابى لحزب التجمع، وتشكيلات ولجان أخرى فى غيره من الأحزاب مثل الوفد والمصريين الأحرار ومصر القوية والتحالف الاشتراكى، أما المؤكد فهو أن أبرزها وأقواها وأكثرها تنظيمًا هو الجناح الشبابى لجماعة الإخوان المسلمين، الذى لعب دورًا مؤثرًا خلال الأعوام الثلاثة التالية للثورة، واعتمدت عليه الجماعة فى إثارة الفوضى والقيام بأعمال عنف منذ 30 يونيو 2013 حتى مطلع 2015. عودة منظمة الشباب تعنى الكثير.. وإنا لمنتظرون!