*اعتداءات الشرطة تعيد الأمور إلى ما قبل 25 يناير *موقف النيابة العامة من قضايا التعذيب «قوى جدًا» *التكدس فى السجون يصل إلى 400 فى المائة.. وداخل الأقسام 160 فى المائة *كلام وزير الداخلية عن مكافحة الانتهاكات «نظرى» ونتمنى أن يصبح واقعًا *ألمانيا الرسمية تتفهم أوضاع مصر.. والإعلام يركز على الانتهاكات والإعدامات الجماعية كشف حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أبرز ملاحظات المجلس بشأن أوضاع السجون، لافتًا إلى مشكلة الزحام، وسوء الرعاية الصحية وتجاوزات الحبس الاحتياطى. ورحب أبوسعدة، باعتذار الرئيس، عبدالفتاح السيسى لجموع المحامين عن تعدى أحد ضباط الشرطة بالضرب على أحد المحامين بمحافظة دمياط، وقال فى حوار ل«الصباح» إن الاعتذار يبعث رسالة بأن السلطة التنفيذية ليست فوق القانون، وأن كرامة المواطن المصرى لابد أن تظل محترمة، ولا يجب أن تهان بأى شكل من الأشكال. وحذر من تحركات إخوانية للتأثير على مراكز صنع القرار فى أوروبا.. كما أبدى رأيه فى قضايا الحريات وغيرها من القضايا المتشابكة.. إلى النص: ما وضع الحريات فى مصر الآن؟ - نحن أسّسنا للحقوق والحريات دستوريًا بدستور 2014، ورغم ذلك فلاتزال مشكلة بقاء البنية التشريعية على وضعها القديم قبل ثورة يناير، ولم يتم تطويرها بعد، والقيم الديمقراطية التى تم ارساؤها فى الدستور لم تتحول بعد إلى تشريعات لتحمى هذه الحقوق والحريات، وهذا ما يفسر ظهور بعض الانتهاكات التى نرصدها سواء فى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان. كيف ترى تدخل الرئيس بالاعتذار فى أزمة المحامين والشرطة؟ - رغم أن هناك من رفض اعتذار وزير الداخلية للمحامين، معتبرين أن هذا تجاوز، ظهر فى مصر من يدافعون عن الحكومة ووزرائها سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، وفى الحقيقة فإن الاعتداء على محامٍ وضربه «بالجزمة» إهانة لمهنة بأكملها، لأنه مهما كان الخلاف والتجاوز الذى حدث من المحامى، فالضابط يملك أن يحرر له محضرًا، ويأخذ حقه، لذلك فرئيس الجمهورية، وهو رأس السلطة التنفيذية، أخذ الخطوة الصحيحة لكى يعبر للرأى العام أن السلطة التنفيذية ليست فوق القانون، وهذا الاعتذار نزع فتيل أزمة كان من الممكن أن تظل موجودة وممتدة وتبعث رسالة مفادها أن كرامة المواطن المصرى، لابد أن تظل محترمة ولا يجب أن تهان بأى شكل من الاشكال. كيف تقيّم تعامل الشرطة مع المواطنين؟ - فى تقديرى.. بعد30 يونيو غيّرت الشرطة من أدائها وسلوكياتها، والأهم أن الناس قابلت هذا بترحاب، ولابد أن نتذكر اللحظة التى حُمل فيها الضباط على الأعناق فى ميدان التحرير، وهذا الاستقبال كان تعويضًا عمّا حدث فى ثورة 25 يناير، والصراع الذى أوصل الناس لاتخاذ موقف من وزارة الداخلية كلها، لذلك فإن عودة الممارسات الفردية الآن تعيد الأمور إلى نفس النصاب، وهذا ما نقوله كحركة حقوقية أنه يجب على الشرطة أن تكون خطوتها واضحة تحمى الأمن وتحترم حقوق الإنسان ولا تتجاوز عن جريمة يرتكبها أى شخص ينتمى إليها، وأنا أقلق بشدة من استمرار التعذيب أو القبض التعسفى أو الاختفاء القصرى لأن هذه الظواهر تعطى مؤشرات سلبية عن عودة أساليب لجهاز الشرطة. هل ترى أن هناك تقصيرًا من الداخلية أو النيابة العامة فى كشف حالات تعذيب؟ - فى الحقيقة، النيابة العامة فى كل حالات التعذيب تأخذ موقفًا قويًا جدًا، واذكر موقف قضية محامى المطرية والضابطين اللذين أحيلا للمحاكمة، وأيضًا قضية شيماء الصباغ، إذ توصلت النيابة إلى المتهم رغم رفض الداخلية فى المراحل الأولى ذكر أسماء الضباط، وعندما أعددنا تقريرًا عن سجن أبو زعبل تحركت النيابة واكتشفت انتهاكات جسيمة فى حق السجناء، وأتمنى أن تحذو الداخلية حذوها فى عدم التغطية على أى انتهاكات فيما يتعلق بحقوق الإنسان وتقديم المتهمين بمنتهى الشفافية، والكلام الذى يردده وزير الداخلية نظرى، ونتمنى أن نراه يطبق بشكل عملى على أرض الواقع، فهو يرّوج لإعلانات فى التليفزيون أن أى مواطن يتعرض لانتهاكات تقع فى حقه؟، فعليه أن يبلغ عبر الأرقام المخصصة لذلك ونتمنى أن يطبق هذا الكلام فعلًا. ما أبرز ملاحظات المجلس القومى لحقوق الإنسان حول الأوضاع فى الزيارات الخمس للسجون ؟ - أول مشكلة هى الزحام فالسجون مكتظة، وهناك أعداد أكبر بكثير من الأعداد المخصصة لكل زنزانة أو كل سجن، فالمكان الذى يتحمل 100 سجين يتم وضع 400 شخص داخله، حسب المجلس القومى لحقوق الإنسان، فنحن نتكلم عن 400 فى المائة تكدس فى بعض السجون، وفى أقسام الشرطة تصل النسبة إلى 160 فى المائة، الملاحظة الثانية تمثلت فى الرعاية الصحية، إذ يعانى أغلب السجناء من غياب الرعاية، خاصة أنهم عرضة للأمراض نتيجة التكدس وانتشار الأمراض المزمنة، كما أن صعوبة نقل الحالات تحدث وفيات، وكذلك فإن هناك تجاوزات فى الحبس الاحتياطى بشكل كبير، حيث إن هناك أعدادًا كبيرة تنتظر فترات طويلة ليتم محاكمتها. قلت إنكم على خلاف مع الداخلية لرفضها دخول القومى لحقوق الإنسان إلى السجون بمجرد الإخطار.. هل مازال قائمًا؟ - بالفعل هو قائم، وهذا مشروع مقدم من المجلس القومى لحقوق الإنسان، ووضعنا هذه القاعدة لكى نتمكن من التحقيق فى الشكاوى والانتهاكات داخل السجون، فلو انتظرنا للحصول على إذن، وهناك مشكلة داخل السجن فليس من مصلحة إدارة السجون أن تمنحنى ترخيص دخول، ولكى أتمكن من ملاحقة أى أزمة لابد أن أتمكن من الانتقال فورًا إلى مكان الاحتجاز لمعاينة الحالة وإبلاغ النيابة العامة، فهذا الخلاف لا يزال قائمًا مع الداخلية ونتمنى أن يتم تفهم الوضع وقبوله. إلى أى مدى تمت الاستجابة لطلبكم بإلغاء زنزانة التأديب؟ - هذا فى مشروع القانون الجديد، نحن نسعى لتعديل قانون السجون، ونريد أن نضع حظرًا لزنازين التأديب التى هى عبارة عن مكان فى منتهى الضيق الشديد، وبه «جردلين» كبديل للحمام ومساحته تقريبًا متران إلا ربع (180 سم)، وفتحة تهوية 25سم، وهو أقرب إلى قفص الحيوانات، كما أنه لا يجب أن يتم استخدامه فى ظل تغيير فلسفة العقوبة، ونحن نبحث عن إصلاح وتأهيل فى المجتمع وليس انتقامًا وعقوبة أوقع فيها ألمًا على السجين، لذلك لابد من تغيير هذا الوضع ليكون الحبس الانفرادى، بديلًا عن التأديب لأنه بصراحة التأديب شىء لا إنسانى وبعيد عن الآدمية. شاركت فى الوفد الشعبى الذى زار برلين.. فمن هم أبرز المسئولين الألمان الذين التقاهم الوفد؟ - نحن تقابلنا فى وزارة الخارجية مع مسئولى إدارة القانون الدولى أو (النظام الدولى)، وإدارة حقوق الإنسان، وكذلك عقدنا لقاءً مع خبراء مركز دراسات مقرب من المستشارين الألمان، فضلًا عن عدد من المنظمات غير الحكومية والجالية المصرية، وكانت الحوارات مع الجهات الرسمية بغرض معرفة النقاط التى يأخذونها على الوضع فى مصر وطبعًا تقارير حقوق الإنسان، وأحكام الإعدام هذان الموضوعان حظيا بالاهتمام الأكبر، ويأتى بعدهما قانون الجمعيات وعمل المنظمات الألمانية فى مصر. كيف وجدتم الوضع المصرى أمام الرأى العام الألمانى؟ - لابد أن نفرق بين الرأى الرسمى والرأى العام، فالرسمى متقدم جدًا، بمعنى أن لديه تفهمًا للوضع فى مصر، ولديه يقين بأن الانتخابات حرة تعكس شعبية الرئيس، وأن الحكومة جادة فى تحقيق الاستقرار والمضى قدمًا فى تحقيق نمو اقتصادى وتسعى لمكافحة الإرهاب، وهذا توجه غربى يلتقى مع أهدافهم فى القضاء على الإرهاب، أما الرأى السائد إعلاميًا فيركز على أوضاع حقوق الإنسان وأحكام الإعدام، وبالتالى فهناك مادة يوميًا مصدرها جهات من تركيا أو الإخوان أو غيرهم، ولا يوجد أى تصحيح أو رد من الجانب المصرى، وكل الرؤى التى يتلقاها الرأى العام فى ألمانيا هو أن مصر بها عقوبة إعدام تطبق بشكل جماعى وانتهاكات لحقوق الإنسان. كيف صححتم لرئيس البرلمان الألمانى معلومة وجود 43 ألف معتقل فى مصر.. ومن أين أتى بهذه الأرقام ؟ - هذا الرقم تحديدًا استخدمته جماعة الإخوان ورددوه فى جنيف وكل بلاد العالم، ونحن قدمنا للجهات الرسمية فيما يخص المسائل المعلوماتية حقائق، تؤكد أن عدد المحكومين فى مصر وفقًا لأحكام قضائية 7 آلاف شخص، بينما يبلغ عدد المحبوسين بقرار حبس احتياطى حوالى 3 آلاف، وبذلك لا يتجاوز إجمالى المحبوسين احتياطيًا أو بأحكام 10 آلاف متهم، بقرارات من سلطة قضائية وليس بأوامر اعتقال، والنقطة الأخرى أن الدولة المصرية لم تفرض حالة الطوارئ وبالنسبة لعقوبة الإعدام هناك موقف ثقافى بيننا وبينهم، بمعنى أن مصر لديها التزام بعقوبة الإعدام لارتباطه بالشريعة الإسلامية، ولم نناقش موضوع التخلى عنه خاصة أن ألمانيا تخلت عنه بعد سنوات طويلة. هل صحيح أنكم اعترفتم صراحة بوجود انتهاكات؟ - بالقدر المسجل لدى النيابة العامة فى مصر، وسأعطى مثالًا عندما سُئلنا عن شيماء الصباغ، قلنا: نعم قتلت خارج نطاق القانون، ولكن النيابة العامة حققت، وتم تقديم اسم الضابط والتحقيق معه وتقديمه للمحكمة، ونقصد أن نقول لهم إنه بالفعل قد تكون لدينا انتهاكات، ولكن لدينا آلية للإنصاف، نفس الشىء ينطبق على المحامى الذى تعرض للتعذيب بقسم المطرية، إذا نحن اعترفنا لنوضح لهم إنه كما توجد انتهاكات توجد محاكمات رادعة ومنصفة. هل تقدم المجلس بطلب للإفراج عن 600 طالب..والحكومة استجابت بالعفو عن 200 فقط؟ ماذا عن الباقين ؟ - لدينا أمل فى 400 بإذن الله، ونحن نسعى ونناضل من أجل الإفراج عن الشباب ونريد أن يكون موقف الدولة واضحًا فيه كالآتى: «الذين يرتكبون أعمال عنف أو قتل أو استخدام متفجرات وأسلحة يعاقبون بالقانون، ولكن الشباب الذى تم القبض عليه فى مظاهرة سلمية تكفى المدة التى تم حبسهم فيها، ونحن نعمل على أن نفرج عنهم جميعًا».