بعد إعلان 45 قياديًا فى فرع جماعة الإخوان بالأردن انشقاقهم، وتكوين جمعية تحمل الاسم التاريخى «الإخوان المسلمين»، بالإضافة لحصولها على ترخيص قانونى، فقدت جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، واحدا من أقوى أذرعها ومكوناتها، ما اعتبره مراقبون يمثل بداية لتفكيك التنظيم الدولى. كانت القيادات الأردنية المنشقة أعلنت عدم رضائها عن سياسات قادة الجماعة داخل المملكة، لأنها تهدد أمن واستقرار دول الجوار، وتدعم العمليات الإرهابية، فى إشارة إلى مصر، بالإضافة لتأكيد تلك القيادات أن حركة حماس تسيطر على الجماعة فى الأردن، من خلال تنظيم سرى يتحكم فى الجماعة لصالحه. ومن جهتها، لاقت خطوة القيادات المنشقة دعما غير مسبوق من جانب السلطات الأردنية، التى شارعت إلى مباركة القرار، والترحيب به، بأن سارعت إلى التصديق على تأسيس الجمعية، ما يأتى متزامنا مع دخول عمان فى معركة مباشرة مع الإرهاب، ممثلا فى تنظيم «داعش»، على خلفية حرقه للطيار معاذ الكساسبة حيا، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين مصر والأردن، ودعم الملك عبدالله الثانى للرئيس عبدالفتاح السيسى ضد «الإرهاب». على مدار 60 سنة مضت، عاشت جماعة الإخوان داخل الأردن دون مشكلات، إلى حد أن وصف البعض لها بأنها «القوة المدللة» من جانب ملوك الأردن، دون الأحزاب الأخرى، رغم عدم امتلاكها أى أساس قانونى، لكن مع موجة الربيع العربى، غير صقور الجماعة، محمد أبو فارس، وهمام سعيد، وزكى بنى رشيد، من توجهاتها، بإطلاق الدعوة لإسقاط النظام، بالتزامن مع فوز «الإخوان» برئاسة مصر، إلا أن دعوة قيادات الجماعة فى الأردن لم تلق قبولاً من جانب عدد من القادة، الذين انشقوا عليها لاحقا، وبينهم عبد اللطيف عربيات، وسالم الفلاحات، فيما انسحب آخرون بهدوء، مثل عبدالرحيم العكور، ومحمد خرببات، وبسام العموش. الآن، أصبح النموذج الأردنى مرشحا للتكرار بقوة فى تونس، بعد الهزيمة التى تلقاها حزب النهضة، بزعامة راشد الغنوشى، ورغم أن سياسات الحزب تبدو أكثر اعتدالاً مقارنة بمكونات التنظيم الدولى للإخوان فى الدول الأخرى، إلا أن مجموعات من شباب الحزب تضغط على الغنوشى، للإعلان رسميا عن انفصال الحزب عن التنظيم الدولى، الذى يدعم الإرهاب فى العالم العربى. ويرجع انشقاق الجماعة فى الأردن إلى منتصف الشهر الماضى، عندما أعلن رئيس مجلس علماء الجماعة، الدكتور شرف القضاة، عن وجود تنظيم سرى مرتبط بحركة حماس يقود الجماعة داخل الأردن، مؤكداً عدم قبوله بهذا الأمر، كما طالب بضرورة وجود تنظيم وقيادة واحدة، وقال حينها «إذا خُيرت بين الفصل أو البقاء فى ظل هذه الظروف سأفضل الفصل»، ما اعتبر ضربة جديدة للتنظيم الذى شهد حركة تصحيحية كبرى منذ 3 سنوات، بإطلاق حركة «زمزم»، التى تزعمها رحيل الغرايبة مع آخرين، لكن الجماعة تعاملت مع المنشقين وقتها ببرود وعدم اكتراث. ومن جانبه، قال القيادى الإخوانى المنشق، خالد الزعفرانى، إن «الانشقاقات التى حدثت فى إخوان الأردن ليست وليدة اللحظة، لكنها حدث تكرر عدة مرات فى الكويت والبحرين والمغرب، بسبب فشل سياسات الجماعة، ما دفع الفروع إلى الانفصال التام عن التنظيم الدولى، فإخوان الأردن إصلاحيون، ويعملون على تطوير أفكارهم بشكل مستمر، عكس إخوانهم فى مصر»، مضيفا فى تصريحات ل«الصباح» أن جماعة الإخوان فى مصر مقبلة على سيناريو أسوأ من انقسام إخوان الأردن، إذ ثبت فشل الفكر القطبى الذى يحكم حركة الجماعة حاليا، وهناك تغييرات كبيرة تتم فى صفوفها، لمنع حدوث انشقاق على غرار انقسام الأردن».