من البابا شنودة الثالث إلى البابا تواضروس الثانى، مازالت أزمة بناء وتجديد دور العبادة المسيحية، تطارد الجالس على الكرسى البابوى، أينما ذهب فى أنحاء مصر، ما ظهر بوضوح فى زيارة البابا الأخيرة إلى محافظة المنيا، الأسبوع الماضى، حيث استقبله أهالى قرية الجلاء التابعة لمركز سمالوط، بمظاهرة أمام المطرانية، لكنها لم تكن مظاهرة ترحيب كما كان متوقعًا، وإنما مظاهرة احتجاج على منعهم من تجديد كنيسة السيدة العذراء، رغم حصولهم على التصاريح الرسمية والأمنية. ورغم أن البابا كان منشغلًا بلقاء أسر ال21 مصريًا، الذين ذبحهم تنظيم «داعش» الإرهابى فى ليبيا، وتدشين المطرانية الجديدة، إلا أن الأزمة ألقت بظلالها على الزيارة، مع إصرار الأهالى على مقابلته طوال أيام الزيارة الثلاثة، دون جدوى، مما ألقى الضوء على أزمة عمرها سنوات طويلة، إلا أنها تفاقمت مع إصرار عدد من أهالى القرية المسلمين على منعهم من بناء منح الكنيسة أى مظاهر دينية، سواء بوضح صلبان أو تشييد أجراس. الغريب، أن الأهالى حصلوا على كل الموافقات الرسمية والأمنية الخاصة بتجديد الكنيسة، لكن المتشددين فى القرية وضعوا أمامهم العراقيل والشروط التعجيزية، لمنعهم من إتمام العمل، وبحسب وكيل مطرانية سمالوط، القس اسطفانوس شحاتة، فإن «قرية الجلاء بها كنيسة قائمة بالفعل تحمل اسم السيدة العذراء مريم، وهى مبنية بالطوب اللبن، ويعود بناؤها إلى سبعينيات القرن الماضى، وتقع على مساحة 600 متر، ولأن حالة المبنى سيئة، صدر قرار بإعادة بنائها فى عام 2004، إلا أن مجموعة من المتشددين دينيًا، والمنتمين لجماعة الإخوان افتعلوا الكثير من المشاكل لوقف أعمال البناء». وأضاف أنهم تقدموا بطلبات كثيرة إلى محافظ المنيا لتنفيذ قرار البناء، ووافق عليها جميعًا، وتم الاتفاق على أن تبنى الكنيسة على مساحة 400 متر فقط، لكن عند التنفيذ تكرر المشهد القديم، وتصدى المتشددون لعمال البناء، وحرضوا باقى مسلمى القرية على مناصرتهم ضد المسيحيين، موضحًا «عندما لجأنا إلى الأمن طلب منا التعامل بشكل ودى مع المجموعة التى ترفض البناء، ورفض أسقف سمالوط وتوابعها، الأنبا بفنوتيوس، مقترحًا بالتفاوض مع المتشددين المتصدين لتجديد الكنيسة، لأن الجلسات العرفية تعرقل تفعيل القانون، ونحن دولة مؤسسات، وهناك قانون يجب تفعيله». وقال إن «المتضررين توجهوا إلى كبار العائلات فى القرية لعقد جلسة صلح خلال الأسبوعين الماضيين، لكن المتشددين وضعوا شروطًا تعجيزية، على رأسها أن تبنى الكنيسة على هيئة منزل من طابق واحد، دون أن تكون لها منارة أو صليب، أو رمز يدل على أنها كنيسة، بالإضافة لأن يكون لها باب واحد صغير، لا يتجاوز عرضه المتر، مع فتحه على إحدى الحارات الجانبية الضيقة، وليس الشارع الرئيسى، وأن يتولوا هم الإشراف على أعمال البناء فى مرحلة الأساس، وبناء الطابق الأول لضمان ألا تكون الأساسات قوية، وتسمح ببناء طوابق أخرى فيما بعد. واشترط المتشددون أن يوقع راعى الكنيسة، وعدد من أفراد شعبها، على إقرار بعدم محاولة الحصول على تصاريح بترميم الكنيسة، أو بناء أدوار أخرى، أو ترميمها، حتى إذا انهارت، ولو بفعل فاعل، وأن يتم تسجيل هذه الشروط فى الشهر العقارى، لتكون ملزمة قانونًا، وسارية مدى الحياة، سواء لرعاة الكنيسة حاليًا أو مستقبلًا.