*الابتسامة تشعر الآخرين بالراحة.. والاستماع الجيد يفتح لك الطرق المغلقة «هدفنا إلقاء الضوء على مفاتيح كسب الحوار مع أى شخص، باستخدام ما يسمى بالأجوبة المسكتة أو المفحمة»... هكذا تحدثت رئيس مجلس إدارة جمعية دريم للثقافة والتنمية، لونا بهجت، عن ورشة العمل التى نظمتها الجمعية، بعنوان «مفاتيح الحوار الفعال.. أسلوبك فى الحوار طريقك للنجاح»، حاضر فيها خبير التنمية البشرية عمر القطب، وحضرها عدد كبير من المهتمين بالتنمية البشرية. بدأ القطب الورشة، التى أقيمت بنادى «دريم لاند»، بالسادس من أكتوبر، بتعريف «الحوار الناجح»، باعتباره أداة مهمة من أدوات التأثير على الطرف الآخر، موضحًا أهمية التدريب على مهاراته للسيطرة على حياتنا الاجتماعية والأسرية، لأنه يساعدنا فى قبول الآخرين لنا، فالحوار الناجح مقدمة تؤهلك لتكون مقبولًا أكثر من الآخرين. وتناول خبير التنمية البشرية عدة مفاتيح لكسب الحوار ب«ألفة عالية»، خاصة إذا كان الطرف الآخر هجوميًا فى حواره، ويريد فرض رأيه، الذى هو فى الأصل معتقدات يؤمن بها وصحيحة من وجهة نظره، موضحًا أنه ينبغى ألاّ يكون ردنا هجوميًا أيضًا حتى لا ندخل فى جدل لا تحمد عقباه، و«يمكن استخدام المفاتيح السحرية فى الرد لنغير وجهة نظره أو على الأقل جعل الحوار فعالًا وذا ألفة عالية». وتطرق إلى الحديث عن أسلوب الحوار ونقل الشخص من موضوع يتكلم فيه، إلى آخر نريد الحديث عنه دون أن يشعر ودون قطع حديثه أوطلب تبديل الموضوع، وهو ما يعرف ببراعة إدارة الحوار. وقال عمر القطب فى الورشة إن الإنسان يحب السعادة والبهجة بطبعه، ويميل إلى أن يصاحب الإنسان السعيد ويرتاح لرفقته، والسعيد دائمًا مبتسم للحياة، وكلماته بها الكثير من الصدق والدفء، ووجهه الباسم يدل على الارتياح والثقة، وهذا ما سيجذب الآخرين لك، فالشعور بأن الآخر يتجاهلك يبنى سورًا بينك وبينه، أما الاستماع بانتباه لما يريد أن يقوله الآخرون يجعل قنوات الاتصال بينكما أكثر وضوحًا وانفتاحًا. وأشار إلى أن الاستماع الجيد لا يفتح القنوات فقط، بل يمنحك المركب الذى تبحر به فى تلك القنوات، فأنت كلما استمعت للآخر بإنصات وانتباه، كانت لديك المقدرة لتقترب أكثر من الشخص الذى يحاورك، وتأخذ النقاط التى تهمه لتبدأ حوارك معه. وأكد أن «الماضى مدرسة للحاضر»، وأنه لابد من الاستفادة من الحوارات القديمة، وما تحمله من دروس لتكون مدخلًا لحوار ناجح، مع ضرورة تركيز نظرك على محدثك، لأن ذلك له تأثير قوى على سير الحوار، فهو يشعره باهتمامك به وبما يقول، ويمنحه الحماس ليتكلم ويستمع لك أيضًا. وعرّف خبير التنمية البشرية «الحوار» فى أبسط صوره: بأن تُرِى محاورك ما لم يره؛ وأن يُريك ما لم تر؛ وهو فى هذا مضاد لمنطق المناظرات وإفحام الخصوم، ومحاولات إقامة الحجة على المخالفين، تلك الأساليب التى تؤدى فى أحيان كثيرة إلى تعميق البعد الواحد. ومن ثم فالحوار يقوم على إدراك المحاور أن «ليس كل ما يراه قطعى نهائى فى كماله وإصابته، وأنه من خلال الحوار يستطيع أن يضيف شيئًا إلى ما عنده فى صورة إثراء أو فى صورة تغيير وتبديل». وأكد على الالتزام ب«ثقافة الحوار» التى تقوم على رؤية تَسع المخالفين وتلتمس لهم الأعذار، وتعطى لهم الحق فى الاختلاف والحق فى التعبير عن ذلك الاختلاف، مشيرًا إلى تعدد أوامر القرآن بالرفق فى الحوار، وأن الإسلام السمح قام على احترام ثقافة الحوار وحق الإنسان، فى الاختلاف وحقه فى التعبير عن ذلك الاختلاف. وأوضح أن الحوار بلين ولطف وهدوء يفتح مغاليق النفوس، ويفعل فيها فعل السحر، «فما أجمل أن تقول لصاحبك اسمح لى أن أبدى وجهة نظرى فى الموضوع، وقد أكون مخطئًا وأشكرك لو تفضلت وصححت لى خطئى.. فقد يبدأ الحوار، وروح العداوة تسيطر على أحد الطرفين، فإذا دفع الآخر بالحسنى انقلبت العداوة إلى مودة والبغض إلى محبة». واعتبر أن: دفع الإساءة بالحسنى ليس أمرًا سهلًا يقدر عليه كل أحد، بل يحتاج إلى تدريب نفسى ومران وصبر طويل ومجاهدة، فأسلوب التحدى العقلى والنفسى ولو كان بالحجة الدامغة والدليل القاطع والبرهان الساطع يبغّض صاحبه الآخرون، ولا يصح أن تلجأ إليها لأنه قد يكسبك الموقف، لكنك حتما ستخسر الإنسان الذى ترى أنك أفحمته.. إنك قد تفحم محاورك وتعجزه عن الجواب، لكنك لن تقنعه فلا يسلم لك، أما إذا تسامحت معه فأنت تفتح بابا لقبول لا إرغام فيه وإقناع لا قهر معه، والزمن جزء من العلاج، فأحذر أن يعاديك من تحاوره، فتجعل النقاش خصومة. وعدد «القطب» وسائل عملية تدفع بالحوار إلى منطقة التفاهم والنجاح منها: • كن على يقين دائمًا أن هناك شيئًا جديدًا ومعلومة قيمة تستطيع أن تتعلمها من الآخرين، لذا كن متيقظًا لنقاط الاهتمام لديهم وتعلّم منهم قبل أن تطلب منهم أن ينصتوا إليك ويتعلموا منك. • أدرس الشخص الذى تحاوره، خاصة فى الموضوعات المهمة والحساسة، وتعرف على بعض أمور حياته، وقبل حوارك معه اسأله عن أشياء تعنى له قيمة معينة وتهمه، وتأكد أن هذا سيشعره ببعض الإطراء. • حدث معلوماتك دائمًا، وكن على علم بآخر الأخبار العالمية والمحلية، وتعرف على ما يشغل الناس فى الوقت الحالى والتوقعات المستقبلية، وستجد دائمًا ما تتحدث عنه، وكن ذكيًا فى اختيار الأخبار التى تتحدث عنها، وتأكد من ملاءمتها للوضع الذى أنت به. • أشرك الجميع فى الحديث، فالناس لا تحب أن تشعر بالتجاهل. • اكسب جولة الحوار بإدراكك أن المناقشة هى تبادل للآراء والاستماع والإقناع لمن لديه الحجة والدليل مهما صغر سنه. • القفز من موضوع لآخر يفقد محاورك تركيزه ويشعره بالتشتت، لذا التزم بموضوع واحد وناقشه وركّز على نقاط الاختلاف، والاتفاق ليؤتى الحوار ثماره. وشرح عمرو القطب فى حديثه مفاتيح الحوار الفعال، قائلاً: عندما تتواصل مع الآخرين فإن لغة التواصل لا تقتصر فقط على الكلمات، فالكلمات لها تأثير 7 فى المائة فقط فى توصيل المعنى، بينما لغة الجسد تأثيرها 55 فى المائة، ونبرة الصوت 38 فى المائة، لذلك قد نقول معنى ويصل عكسه للطرف الآخر نتيجة استعمال لغة الجسد، أو نبرة صوت مخالفة لهذا المعنى. وأضاف: مثلًا عندما تقول لشخص «أنا أحبك» بنبرة صوت مرتفعة، وتعابير وجهك فيها نوع من الاستهزاء، هنا سيصل للشخص عكس المعنى اللفظى الذى تقصده، فمن المهم أثناء الحوار مع الآخرين أن نراعى عناصر التواصل. وأشار إلى أنه من مفاتيح كسب الحوار، أن ترد بموافقة أو بمجاراة الطرف الآخر، وغالبا ما يكون ذلك بكلمة «فعلًا» أو «معك حق»، على ألا تكون هذه المجاراة على الفكرة أو المعتقد، وإنما على قصده الإيجابى من هذا المعتقد. واستطرد: على سبيل المثال عندما يقول شخص لى أن «جهاز التابليت سيئ لأنه يضيع الوقت»، هو لديه معتقد أن التابليت سيئ، ولو بحثنا عن قصده الإيجابى من هذا المعتقد سنلاحظ أهمية الوقت، فالتابليت سيئ لأنه يهدر الوقت، وبراعة الحوار تكون بأن أوافقه فى البداية، لكن ليس على معتقده، إنما على قصده الإيجابى، وهو أن أقول له «أقدر اهتمامك بالوقت»، هنا أنا بهذه الجملة قمت بمجاراته وكسبته، وبعد المجاراة، أبدأ أقوده لفكرتى لكى أُغيّر معتقده، وبذلك تصبح الجملة أقدر اهتمامك بالوقت، وكم هو رائع استخدام هذا الجهاز ببرامج مفيدة. وأضاف: من الممكن أن أستخدم مفتاحًا آخر، وهو إعادة تعريف معتقده بشكل إيجابى، وبذلك يكون الجواب: «فعلًا ..أحيانًا تتم إساءة استخدام هذا الجهاز العظيم»، إذا ما يهمنى أن أبدأ بالرد بمجاراة ثم أقوده للمسار الذى أريده».
واتفق الحضور على أن تكون ورشة العمل المقبلة استكمالًا للمفاتيح السحرية للحوار الفعال.