هروب بعض العمال الأفارقة إلى القرى المجاورة خوفًا من الترحيل وسهولة انتقال الفيروس كان السبب وراء تفاقم الأزمة أعراض «الملاريا الخبيثة»: صداع ورعشة مع عرق قليل وارتفاع متصل فى درجة الحرارة مع ميل للقىء عادت أزمة مرض «الملاريا» مرة أخرى لتهدد حياة المواطنين، رغم تأكيدات وزارة الصحة أن أزمة هذا المرض انتهت إلى الأبد، إلا أن تزايد أعداد المصابين خلال الأيام الماضية زاد الأمر سوءًا، فلم تتوقع وزارة الصحة أن تعود هذه الأزمة بعد الإجرءات الوقائية التى تم اتخاذها فى أسوان، ووحدات الترصد البيئى التى قام بها أعضاء الطب الوقائى برئاسة الدكتور عمرو قنديل رئيس الطب الوقائى بوزارة الصحة، فضلًا عن ردم الترع والمستنقعات المحيطة بقريتى العدوة والشيخ مصطفى بأسوان، بالإضافة إلى أخذ مئات العينات من أهإلى القرى لعمل مسح شامل لحصار المرض، إلا أن هروب بعض العمال الأفارقة إلى القرى المجاورة، وسهولة انتقال الفيروس كان السبب الرئيسى وراء تفاقم الأزمة.
الدكتورسعيد شلبى، أستاذ الأمراض الباطنة المتوطنة والكبد بالمركز القومى للبحوث، قال ل«الصباح» إن مرض«الملاريا» أصاب مصر فى توقيت حرج، خاصة أن إمكانيات وزارة الصحة فى الفترة الحالية تعتبر فى أضعف أوقاتها، ومع ذلك تكافح الوزارة من أجل عدم انتشار أى من الأوبئة التى تصيب المواطنين، والقادمة من دول لا نعرف عنها وعن طبيعة تربتها وثقافة أهلها شيئًا، فمصر تمر بأزمة حقيقية، خاصة فى ظل ارتفاع معدل الأمراض المعدية فى الفترة الأخيرة، موضحًا أن من الأمراض التى أصابت مصر فى الشهور الماضية «إنفلونزا الخنازير، و فيروس «كورونا» الذى أصاب الجمال، وانتقل بطبيعته إلى الإنسان، ولولا مجهودات الوزارة، واستعداداتها فى مكافحة العدوى، ونشر غرف الحجز الصحى، لتعرضت مصر إلى وباء، لافتا إلى أن مرض الملاريا يصيب الإنسان عن طريق نقل العدوى من مريض أصيب بها، إلى شخص آخر، وأصبح مؤهلًا للإصابة بالمرض. د. شلبى قال إن أسباب انتشار «الملاريا» متعددة، منها غياب الرقابة على المستنقعات وترع الصرف الصحى المعبأة بالعديد من الفيروسات، التى أصبحت بمثابة «سم قاتل» يهدد حياة المواطنين يوميًا،غير أنه لا توجد هناك حملات «رش مبيدات حشرية» على هذه الترع والمستنقعات حتى يتم التأكد من خلوها من أى فيروسات. وأضاف شلبى: « إذا تحدثنا عن الملاريا بشكل علمى فهى فيروس يصيب الإنسان عن طريق بعوضة «الأنوفليس»، وهى المسببة الرئيسية فى المرض، والناقلة للمرض هى الأنثى، كما ينتقل عن طريق نقل الدم و تكرار استخدام المحاقن، حيث تصيب فى المرحلة الأولى كرات الدم الحمراء، وبالنسبة للتشخيص المبدئ للمرض يتم عمل مسحة دموية على شريحة زجاجية و فحصها مجهريا. د. شلبى أكد أن هناك 3 أنواع من الملاريا، وهى الملاريا الحميدة، وأعراضها عادية، وثانيا «الملاريا الثلاثية الحميدة »، وتكون فترة حضانتها للمرض من 8 -15 يومًا، خلالها يحدث تكسير فى العظام و آلام بالعضلات و صداع و فقدان للشهية و ارتفاع بسيط، والنوع الثالث هى «الملاريا الخبيثة»، ومنها النوع الثلاثى العادى، والذى يحدث به صداع ونزلات معوية تشبه الإنفلونزا وتختلف عن الثلاثية فى عدم وجود رعشة، مع عرق قليل، وهنا يكون ارتفاع درجة الحرارة متصلًا مع ميل للقىء. ويعلق الدكتور عبد الهادى مصباح أستاذ المناعة، ل«الصباح» أن مرض «الملاريا» ترك مصر منذ سنوات طويلة، إلا أن تهيئ البيئة له، وتوفير المناخ المناسب للمرض أتاح له الفرصة أن يستوطن فى مصر، خاصة أن السبب الرئيسى فى عودة « «الملاريا» إلى مصر مرة أخرى، بعد أن تركتها منذ 50 عامًا، وهو قدوم العمال الأفارقة الذين يأتون إلى أسوان من أجل العمل والبحث عن أماكن يعملون فيها، وبالتالى فالأفارقة من طبيعتهم معتادون على الجبال، وعلى حفر الآبار، وكان ذلك السبب الرئيسى فى انتقال الفيروس، حيث حفروا الآبار للبحث عن الماء، وتركوها مرة أخرى ليتجمع عليها «الباعوض»، ويصيب أهالى القرى فينتقل المرض من إنسان إلى آخر. د. مصباح أوضح أن اللافت هو أن المواطنين لايعلمون أن مرض «الملاريا» لا ينتقل إلا عن طريق الدم أو أخذ عينات دم من إنسان مريض ونقلها إلى مصاب، وهذا ما يحدث بالفعل مع الأفارقة والسودانيين، حيث أصيبوا بالمرض، وعن طريق «الباعوض» ولدغه لهم، ثم يقوم «الباعوض» بإعادة لدغ إنسان آخر فينتقل المرض له، وبعد 5 أو 10 أو 15 يومًا بحسب نوع « الملاريا» التى انتقلت إلى المريض تظهر الأعراض عليه، فإذا كانت «ملاريا» حميدة يكون صداع وارتفاع درجة حرارة وإذا كانت خبيثة تستمر فترة 10 أيام، وتظهر مرحلة القئ والصداع وارتفاع درجة الحرارة، وإذا كانت ثلاثية خبيثة تظهر عليه نفس الأعراض مع اختلاف طفيف فى درجات الحرارة، وبالتالى لابد من أخذ عينات كبيرة من أهالى القرية التى أصابتها الملاريا، ويتم حجزهم حتى يتم شفاؤهم، حيث إن مده حضانة المرض تتعدى 15 يومًا، يكون خلالها الانسان مصابًا ولا يعلم، وبالتالى ينقل الملاريا لغيره بمنتهى السهولة ولا يعلم أحد، منبها إلى ضرورة احتجاز أغلب أهالى القرية فى وحدات الحجز الصحى وأخذ عينات منهم، وضرورة الترصد البيئى من الباعوض، وردم الترع والمستنقعات ورش المبيدات الحشرية للقضاء التام على الباعوض الناقل للمرض، وحتى لا ينتقل إلى القرى المجاورة أو المحافظات الأخرى. تواصلنا مع الدكتورة شرين محمد، مديرة الوحدة الصحية بقرية العدوة بأسوان، والتى أكدت ل«الصباح»أن بعض الأفارقة تنتابهم حالة من الخوف والذعر بسبب اهتمام الشرطة ووحدات الحجز الصحى بأسوان خلال الفترة الماضية منذ ظهور المرض، خوفًا من أن يتم حجزهم وترحيلهم إلى بلادهم لأنهم دخلوا إلى مصر بطريقة غير شرعية، وهو ما يدفعهم إلى ترك أسوان والسفر إلى بعض المحافظات البعيدة الأخرى حتى يكونوا فى مأمن عن عيون الحكومة والشرطة، وهو ما قد للأسف يؤدى إلى نقلهم المرض فى هذه المحافظات حال سفرهم إليها.