رصدت «الصباح» تفاصيل الأسبوع الأول من عمل لجنة تقصى الحقائق والمصالحة، التى قرر شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، تشكيلها الأسبوع الماضى، لإنهاء فتنة الدم بين قبيلتى الهلايل والدابودية، التى راح ضحيتها 26 شخصاً، فى محاولة لإصلاح ذات البين، وإجراء مصالحة نهائية من المنتظر أن يشرف عليها الطيب فى زيارته الثانية لأسوان والمتوقعة خلال الأسابيع القليلة المقبلة. رئيس مجلس رابطة «الجعافرة» والمتحدث الرسمى باسم لجنة المصالحة، كمال تقادم، أكد ل«الصباح»، أن الإمام الأكبر شيخ الأزهر عندما زار أسوان الأسبوع الماضى اجتمع بشكل منفرد مع كل من أبناء قبيلتى الهلايل والدابودية، داخل مكتب محافظ أسوان، واستمع إلى مطالب القبيلتين، قبل أن يعلن عن تشكيل لجنة المصالحة وتقصى الحقائق، خاصة أن زيارته أثرت بشكل كبير على العائلتين، حيث ساد جو من التسامح بين القبيلتين. وأشار تقادم إلى أن اللجنة تضم 19 عضواً، برئاسة رئيس جامعة أسوان الدكتور منصور كباش، من بين أعضائها ممثل عن الهلايل وآخر عن الدابودية، بالإضافة إلى عمد ومشايخ ورؤساء القبائل العربية الموجودة بأسوان، على أن يكون مقر اجتماع اللجنة ديوان عام المحافظة، مضيفاً: اللجنة شكلت لجنة لتقصى الحقائق، استجابة لتوجيهات الإمام الأكبر، للإعداد لصلح موسع وفقاً للأعراف والتقاليد العربية. وتابع تقادم: قامت اللجنة بتشكيل لجنة لتقصى التلافيات بمعاينة المنازل والمحلات التى تضررت من الاشتباكات، لتقدير حجم الخسائر التى وقعت، مشيراً إلى أن اللجنة فى حالة انعقاد دائم على مدار اليوم حيث تنتهى من عملها، لافتاً إلى أنه لا يوجد وقت محدد لانتهاء عمل اللجنة، إلا أن الطرفين وافقا على ما تتوصل إليه اللجنة من تقرير نهائى. وكشف تقادم أن محافظ أسوان، اللواء مصطفى يسرى، شكل لجنتى للشئون الاجتماعية والإسكان، وذلك لعمل الترميمات اللازمة للمنازل التى تم إحراقها أو هدمها أثناء الاشتباكات، كما تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الأوقاف، الدكتور مختار جمعة، وعد خلاله بإعطاء تعليمات لشركة «المحمودية» التابعة للوزارة، على أن تقوم الوزارة بترميم المنازل والبيوت التى تضررت من الحادث المؤسف، كما تسعى اللجنة إلى حل مشكلة مقتل 26 شخصاً فى الأحداث. وكشف رئيس جامعة أسوان ورئيس لجنة المصالحة، الدكتور منصور كباش، عن أن الإمام الأكبر أجرى عدة اتصالات هاتفية مع رموز قبيلتى بنى هلال والدابودية، بعد عودته من أسوان، وذلك ليطمئن على الأوضاع فى المدينة، وأنه شدد على قيادات القبيلتين بضرورة السيطرة على انفعالات الشباب والالتزام الكامل من جانب الطرفين، لتمهيد الأجواء لرأب الصدع وتغليب المصلحة العامة، وأن يحرصوا على وقف نزيف الدم حتى يعود الهدوء مرة أخرى لأسوان. وأضاف كباش أن فور بدء عمل اللجنة أصدر محافظ أسوان أوامره بتشكيل لجنة لحصر التلافيات فى منازل القبيلتين، لسرعة تعويضهم، وأفاد: «لجنة تقصى الحقائق التى شكلها شيخ الأزهر تسعى جاهدة لإعادة وإقرار الحق وفقاً للقانون». وقال المتحدث باسم قبيلة «بنى هلال» بلجنة المصالحة، أحمد السيد: إن زيارة الطيب إلى أسوان، ساهمت بشكل كبير فى تهدئة خواطر أبناء بنى هلال، وإنهاء الفتنة ومسلسل الدم حيث استمع الطيب إلى تصورات القبيلة لإرساء قواعد المصالحة، مشدداً على التزام قبيلته بما تراه لجنة المصالحة، إلا أنه استدرك قائلاً: «اللجنة المشكلة لحل الفتنة لم تتخذ أى قرار بشأن كيفية تعويض القتلى، كما لم يتم القبض على القتلة»، مشيراً إلى أن اللجنة حصرت نحو 17 منزلاً بين أبناء قبيلة بنى هلال، تضررت من الأحداث. من جهته، قال ممثل شباب الدابودية فى لجنة المصالحة، مصطفى حسين: إن الإعلام لم يكن محايداً فى تغطية أحداث العنف التى شهدتها مدينة أسوان، وإنه حمل النوبيين مسئولية ما لم يفعلوه، وإن زيارة شيخ الأزهر كان لها مفعول السحر فى تهدئة الأوضاع ووقف نزيف الدم، مطالباً بتقديم كل من تسبب فى تلك الفتنة إلى القضاء ومحاكمته، بالإضافة إلى ضرورة نزع السلاح من المنطقة، وإن اللجنة قامت بحصر 12 منزلاً لأسر وعائلات دابود تضررت وأحرقت خلال الأحداث. وذهب كبير عائلة الجعافرة وعضو لجنة المصالحة بين القبيلتين، صالح مشالى، إلى أن اللجنة تسعى منذ اجتماعها الأول إلى التهدئة بين الجانبين لوقف نزيف الدم، والسيطرة على غضب الشباب، حيث استمعت إلى مطالب الطرفين، المتمثلة فى القصاص للقتلى، وتوفير مساكن بديلة لمن دمرت منازلهم أثناء الفتنة، فضلاً عن ترميم البيوت التى أحرقت فى الجانبين، وتعويض أصحاب المحلات المنهوبة، مؤكداً أن اللجنة اقتربت من إنهاء جميع التلفيات التى خلفتها الأحداث. على صعيد متصل، قال وكيل الأزهر وعضو لجنة المصالحة، الدكتور عباس شومان: إن اللجنة منعقدة على مدار اليوم لحصر جميع التلفيات والاستماع إلى الطرفين ومعرفة مطالبهم، مشيراً إلى أن اللجنة ستتبع القواعد والأعراف الخاصة بأصحاب الدم، فيما يتعلق باستعادة الحقوق، منوهاً إلى أن الحكم العرفى سيعمل على لم الشمل لعودة الحياة الآمنة إلى أسوان، وسيعطى كل ذى حق حقه، بالتوازى مع الحكم القانونى. وأكد شومان أن اللجنة ستقدم تقريرها النهائى لشيخ الأزهر، وذلك لتقييمه ولإنزال حكم الشرع فيه، ثم بعد ذلك سيتم عرضه على الطرفين لتوقيع الصلح النهائى، كما أن شيخ الأزهر وعد أنه عندما تنتهى اللجنة من عملها وموافقة أبناء القبيلتين على تقريرها، فإنه سيزور أسوان مرة أخرى، لإقرار عملية الصلح النهائى بين القبيلتين، لافتاً إلى أن الشريعة الإسلامية تبيح لولى الدم أن يتصالح ويقبل الدية. �، م������ ��تصريحات ل«الصباح» أن الجماعة الإسلامية خسرت الكثير من أبنائها الذين كشفوا الفخ الذى نصبه لهم القيادات الكبار باستقطابهم لتحقيق مصالح دنيوية زائلة.
فى السياق، يرى نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد سابقاً، أن حديث نجل عبدالماجد حول انشقاقه وعدد من شباب الجماعة الإسلامية، هو نفس حديث والده عاصم عبدالماجد عن التوبة، أثناء المراجعات الفقهية التى أجرتها الداخلية للتصالح مع أبناء الجماعة الإسلامية والذى يعد والده واحداً منهم، حيث قطع عهداً على نفسه بألا يعود إلى أفكار الجماعة مجدداً، لكن ثبت لاحقاً عكس ذلك الادعاء. فيما يرى الدكتور أحمد عبدالعليم، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن يشجع أى خطوة تصحيحية من جانب أبناء وشباب الجماعة الإسلامية الذى هم بالأساس أبناء الدولة المصرية، بشرط أن يرفضوا بشدة سياسات العنف والإجرام التى انتهجتها الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان، عقب ثورة المصريين فى «30 يونيو»، كاشفاً أنه مع أى حزب سياسى يضم أبناء الوطن سواء كانوا منشقين عن الجماعة الإسلامية أو الإخوان، بشرط أن يكون مطابقاً لأحكام القانون والدستور، وألا ينتهجوا أسلوب التجارة بالدين فى تحقيق مصالح وأطماع شخصية، وأن يتعلموا لما حدث لقيادات الجماعة الإسلامية ومنهم القيادى عاصم عبدالماجد، الذى عاد إلى العنف مجدداً بعد وصول جماعة الإخوان إلى الحكم.