- خطة المشير اعتمدت على رفع كفاءة الجيش بأفراده ومعداته ومعنوياته - 13 ندوة تثقيفية لإدارة الشئون المعنوية حرص خلالها على لقاء صغار الضباط لإشراكهم فى القرارات المصيرية - السيسى درس جميع السلبيات التى أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار فى عهد مرسى - المشير قال ل«آشتون» صراحة فى لقاء جمعهما قبل فض اعتصامات الإخوان «زياراتك كترت علينا» مثلما يذكر التاريخ خطة خداع حرب أكتوبر 1973 التى أدارها الرئيس الراحل أنور السادات بدهاء شديد، سيظل يذكر خطة أخرى نجح فيها المشير عبدالفتاح السيسى بدهاء أشد فى خداع الإخوان والأمريكان معا، وفى كسب احترام وتأييد غير مسبوق فى الشارع وولاء تام فى القوات المسلحة، لأنه - ببساطة- وضع خطة متكاملة درست جميع السلبيات التى أوصلت أوضاع البلاد إلى حافة الانهيار والفشل فى عهد محمد مرسى قبل أن يضع خطة البناء والإصلاح. رصد السيسى خطة إفشال الدولة داخل إدارة المخابرات الحربية حينما كان يتولى رئاستها، وفق حقائق وأدلة ووثائق تكشف خيوط الاتفاق الشيطانى ضد مصلحة مصر العليا، فكيف نجح المشير خلال 20 شهرًا قضاها وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة فى التحول بالشعب والجيش من دولة إلى دولة أخرى تماما؟ «الصباح» تكشف فى ملف خاص وحصرى - لأول مرة - كيف استطاع «السيسى» تطوير الجيش خلال أسرع وقت، بالتزامن مع كسب تأييد الشارع وإحداث تحول يرأب الصدع الذى أحدثته ثورة 25 يناير وفترة حكم المجلس العسكرى. ملف «إنقاذ مصر» الذى حصلت «الصباح» على ملامحه الرئيسية أشرفت على إعداده 3 هيئات هى هيئة العمليات والتنظيم والإدارة والمخابرات الحربية، بإشراف مباشر من السيسى وبمعاونة الفريق أول صدقى صبحى رئيس أركان حرب القوات المسلحة سابقًا، وزير الدفاع حاليًا، وقائد الجيش الثالث وقت ثورة 25 يناير، والفريق محمود حجازى الذى كان يشغل منصب مدير إدارة المخابرات الحربية، رئيس الأركان الحالى، وهو زميل دفعة السيسى فى الكلية الحربية وصهره، وأحد أعضاء المجلس العسكرى، وكان يدير أكثر الملفات الشائكة، وكان من أول الذين تنبهوا للمؤامرة الدولية لإفشال الدولة المصرية وتدخل مخابرات دول غربية فى شئون البلاد. ولعل فى ذلك ما يكشف سر اختيار صبحى وحجازى لمنصبى وزير الدفاع ورئيس الأركان، لأن الواقع أنهم أقرب القادة إلى فكر السيسى ورؤيته فى تطوير الجيش وأكثر الأشخاص المطلعين على تطور الأمور ومواجهة خيوط المؤامرة الدولية. يظهر الملف على مرحلتين رئيسيتين، حيث انقسمت فترة تولى السيسى قيادة القوات المسلحة نفسها إلى قسمين، الأولى هى الفترة من بداية أغسطس 2012 إلى ثورة 30 يونيو، والثانية هى الفترة التى بدأت منذ الثورة إلى الاستقالة من الجيش. وهدفت الخطة خلال الفترة الأولى إلى رفع كفاءة الجيش بأفراده ومعداته ومعنوياته وعودته إلى صفوف الجيوش المتقدمة، فعلى الرغم أنه كان ضمن العشرة جيوش الأولى فى العالم، إلا أن حالة الإرهاق والانغماس فى الحياة السياسية كانت قد أنهكت قواه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وعمدت المرحلة الأولى من الخطة إلى عدة محاور لاصلاح ما أفسدته السياسة من أمور الجيش، وكان أهمها محور تحديث وتطوير رفع كفاءة وتسليح القوات المسلحة تطويرًا شاملًا إضافة جديدة لتواكب الأحدث والأقوى على مستوى العالم الآن. ويقول مصدر عسكرى مسئول ل«الصباح»، «إن معدات القوات المسلحة كانت حديثة نسبيًا فتم استبدالها بالأحدث، لكن المؤكد أنه تم تغيير تسليح الجيش المصرى بأكمله من الدبابة m 60 الى دبابة m1 a 1، وظهرت العربات الدفع الرباعى hummer فى تسليح الجيش بكثافة، إضافة إلى البوارج البحرية وطائرات الهليكوبتر الحديثة. وعن المحور الثانى من خطة السيسى الذى اهتم بإعداد فرد مقاتل قوى بدنيًا وجسمانيًا وقتاليًا، يقول المصدر العسكرى «إن وجود قوات الجيش فى الشارع بعد ثورة 22 يناير 2011، أحدث احتكاكًا بالمواطنين فى الشارع، وتأثرت القوات بسلوك دخيل عليها فكان لابد من وضع برنامج متكامل لعلاج آثار التداخل مع الحياة المدنية، وتحديد برامج رفع كفاءة القوات، و بالفعل أعيد تنظيم التدريبات لعودة الفرد مقاتلًا على أعلى مستوى من الكفاءة، وبالتوازى تم تحديث مهماته عبر تغيير كامل للزى العسكرى إلى تجديد الوحدات، ورفع كفاءتها بالكامل وصولًا لأماكن مبيت الأفراد ومركبات نقلهم وغير ذلك. وثالث المراحل كانت تتضمن التركيز على جعل الفرد المقاتل واثقًا فى قراراته وابتكاره، وظهر ذلك بوضوح من خلال حرص المشير السيسى على لقاءاته مع الضباط الصغار فى نحو 13 ندوة تثقيفية لإدارة الشئون المعنوية ولقاءاته فى الجيوش والمناطق العسكرية خلال جولاته المكوكية قبل تقديم استقالته من منصب وزير الدفاع. ويكشف المصدر أن «هذه اللقاءات كانت تهدف إلى جعل الضابط يقف مع قيادته ويساعدها فى قرارات مصيرية، وقد اختار السيسى طريق «المكاشفة» فكانت الصراحة والوضوح بابا لكسب قلوب الشباب من الجيش، من جهة حديثه الصريح عن الوضع الاقتصادى والتأهيل النفسى، وضرورة تحمل المسئولية فى الظروف الراهنة، وأن التوفير قرار حتمى وليس رفاهية، ومن جهة أخرى كان حرصه على إعداد استقرار اجتماعى لأفراد الجيش عن طريق إنشاء المدن السكنية الجديدة لهم بمواصفات مميزة وطرح سيارات جديدة بالتقسيط والحرص على مناقشتهم كيف سيتدبرون حياتهم مع الأقساط المطلوبة، وهكذا». وكان ضمن خطة السيسى أن يقوى الضابط معنويًا ويجعله يلقى بنفسه بعد ذلك أمام أى مخاطر غير عابئ بالموت فى سبيل الوطن وفى سبيل هدف رفعته. ولم تتجاهل الخطة محور ربط الشعب بالجيش، فالشعب والجيش يد واحدة، وهنا رأينا حفلات فى الجامعات ومشاركة الشباب فى فعاليات عسكرية وفنية عديدة بحضور المثقفين والفنانين، رأينا زيارة موقع دهشور العسكرى فى شهر إبريل 2012 و زيارة الفنانين والمثقفين لتطوير الوحدات العسكرية، وكانت رسالة السيسى، يومها أن الشعب وحده قادر على اختيار رئيسه والجيش لن يتدخل، ولكنه أردف بكلمة واحدة (ما تستعجلوش)». أما المرحلة الثانية التى وضعتها خطة التطوير، وإنقاذ مصر فهى سياسية، عسكرية، أمنية، فبعد 30 /6 شهدنا وصول الدولة إلى حدود خارج السيطرة فى إطار مخطط إفشالها وتقويض أركانها، وهنا كان الاتفاق مع القوى السياسية وكان إعلان 3 يونيو وتحديد «خارطة الطريق»، حيث كان من المتوقع عودة الهجوم على القوات المسلحة وصعود موجات إرهاب يجب وضع خطط مقاومته بشق أمنى وعسكرى وسياسى . ويكشف مصدر سيادى كيف أن فض اعتصامى «رابعة والنهضة» تأخر لموانع سياسية، وليست أمنية، والدليل أنه تم فضه فى عدة ساعات، وهناك مبدأ أمنى معروف، وهو أن فض الاعتصام فى أول يوم أفضل من الانتظار طويلًا، لكن وجود الدكتور محمد البرادعى وعدد من وزراء الحكومة المترددين فى هذه المرحلة، إضافة إلى الانتظار لكشف مصادر التمويل الخارجى للإخوان من قطر وتركيا، والتحرر التدريجى من الضغط الخارجى، فضلًا عن زيارات كاترين آشتون مبعوث الاتحاد الأوروبى.. كل ذلك جعل الموقف السياسى هو الفاعل فى ملف الاعتصامات، وكان الغرض هو الوصول بالنتائج السياسية والرأى العام الدولى إلى الحياد. ويؤكد المصدر أن «السيسى قال ل«آشتون» صراحة فى لقاء جمعهما «زياراتك كترت علينا»، وقتها كان القادة العسكريون يستقبلون الوفود الأجنبية ويسمعون منها ولا يردون بإجابات كاشفة، وكان السؤال الذى يسأله القادة للوفود الأجنبية هو: هل توافقون على حمل السلاح فى مواجهة قوات الأمن فى بلادكم؟ وكنا نعرض عليهم الأفلام المصورة، وكمية السلاح الموجود داخل اعتصامى «رابعة» و«النهضة»، فقد هدفت الخطة إلى فرقعة البالونة التى استخدمها الإخوان فى ادعاء السلمية والاختباء وراء حقوق الإنسان». كما شملت الخطة النهوض بالبلاد من مرحلة الدولة الفاشلة إلى الاهتمام بالشقين الأمنى والعسكرى، أمنيًا، حددت الخطة تدابير معينة لدعم الشرطة المدنية وعودتها لأفضل مما كانت فى مسار صحيح، بداية من وقوف قوات من الشرطة العسكرية ومدرعتين أمام كل قسم لإشعار الشرطة أنها ليست وحدها، ثم تنظيم لقاءات تعبوية مشتركة بين الجيش والشرطة ومسابقات رياضية واحتفالات وطنية، والمشاركة فى القبض على عناصر إجرامية خطرة. أما الشق العسكرى الذى تضمنته الخطة، حسب المصدر، فاهتم بدراسة تطور أعمال العنف إلى إرهاب منظم، وإعداد مخطط قتالى لمواجهة الإرهابيين عبر تدريب محترف عن طريق مناطق متقدمة وفق خطط شبه عسكرية شاملة، وهى تفاصيل لا تُغطى إعلاميًا حتى يضمن المسئولون عنها نجاحها مثل العملية الأمنية عقب التى نفذتها القوات المسلحة عقب إسقاط طائرة الأباتشى فى سيناء، وغيرها من أعمال مكافحة التكفيريين الذين يتخذون من النساء والأطفال هناك سواتر، ويتنكرون فى زى النساء، ولذلك تتأخر المواجهة كثيرًا، وتنتظر القوات حتى يتم اصطياد الإرهابيين بعيدًا عن المدنيين الأبرياء فى داخل القرى التى تأوى المتطرفين، فى حين أن هناك قرى أخرى تبلغ بنفسها عن عناصرها المتطرفة . خطة الإنقاذ لم تتجاهل الشق التنموى، وكان شعار السيسى فى هذا الشأن هو «هانقوم مصر ونقوتها»، بمعنى أن الهدف هو مساندة الحكومة لمواجهة مخطط الإخوان الذى هدف إلى إفشال الدولة اقتصاديا واعتصامات وتهديد قناة السويس والسياحة وسواها من القطاعات التى تضررت بشدة خلال فترة حكم الجماعة وحتى هذه اللحظة، فقدمت الدول العربية مساعدات غير مسبوقة لمصر، من أجل أن تنتهض من عثرتها لتعود برئاسة السيسى إلى قيادة العالم العربى.