كان مثيراً للدهشة أن يخاطب الاتحاد الدولى لكرة القدم نظيره المصرى، بشأن أمور تتعلق بإجراء انتخابات الأندية، رغم أن ذلك الأمر خارج اختصاصات الاتحاد الدولى لكرة القدم، الذى لا يتدخل فى شئون تخص قوانين ولوائح أى بلد، بعيداً عن كرة القدم، لاسيما أن الأندية التى تم ذكرها فى خطاب الفيفا، ليست فقط معنية باللعبة الشعبية الأولى، ولكنها تضم ألعاباً أخرى، خارج اختصاصات الفيفا، كما أن هذه الأندية أيضاً ليست فقط أندية رياضية، ولكنها أندية اجتماعية، ترفيهية، ما يعنى أن تدخل اللجنة الأوليمبية الدولية لن يكون له أى محل من الإعراب. والغريب أن يصدر خطاب عدم إجراء الانتخابات من جهة يفترض أنها من الأساس، تكافح مبدأ التعيين، وترفض ما يسمى بالتدخل الحكومى، والغريب أيضاً أن نادياً من الأندية التى تقدمت بشكوى تحرك لها فوراً الاتحاد الدولى، لا تلعب كرة القدم، وليست عضواً بالجمعية العمومية لاتحاد الكرة، وهو نادى الزهور، الذى تضامن مع أندية الأهلى والزمالك والشمس والترام، فى الشكوى المقدمة حول ما سمى بالتدخل الحكومى، فى تعيين مجالس إدارات أندية رياضية!! وإذا كان طاهر أبو زيد وزير الرياضة، قرر كعادته الاستمرار فى عناده، وإذا كانت اللجنة الأوليمبية، برئاسة المستشار خالد زين ظلت بدورها تضع المشهد فى دائرة شخصنة الأمور، وترفض حتى إصدار وزارة الرياضة لقانون رياضة جديد، بدعوى أن هذا الأمر من اختصاصها هى وحدها، فإن أموراً شائكة تظهر من بين خيوط الجدل الذى تلتزم حكومة حازم الببلاوى الصمت تجاهه، فلا هى قادرة على إيقاف مهزلة الصدام بين وزير لا يجيد غير دور العناد، ولجنة أوليمبية تلعب دور المتمرد، ولا هى تفكر فى دعوة الجميع لاجتماع عاجل لمنع تشويه صورة مصر بهذه الطريقة، على أن يحضر المسئولون المصريون فى لجان الاتحاد الدولى لكرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة وأبرزهم هانى أبو ريدة، والدكتور حسن مصطفى، وخالد مرتجى، ومصطفى مراد فهمى، وعمرو علوانى، لمنع هذا الصدام، وإعلاء المصلحة العليا بدلاً من إهانة اسم مصر فى المحافل الدولية فى ظل ظرف دقيق تمر به البلاد، وتحتاج إلى التلاحم، لا الصراع والانشقاق، والبحث عن مناصب وسلطة. واللافت أن خطاب الفيفا الأخير أثار الانقسام، واختلفت حوله الرؤى، وفسره كل فريق وفقاً لأجندة هواه الخاصة، سواء بالإشارة إلى أنه غير ملزم مثلما ذكر باسل عادل نائب وزير الرياضة، أو أنه لا مفر من تنفيذ ما ورد به، مثلما قال المستشار خالد زين رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية، الذى هدد بأن ما ورد فى الخطاب بداية لتجميد النشاط الرياضى فى مصر، وليس فقط كرة القدم، فى حين انقسم أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة أنفسهم حول ماهية الخطاب، وبعضهم رفضه شكلاً وموضوعاً وعلى رأسهم جمال علام رئيس الاتحاد، والبعض الآخر حذر من خطورة الوضع، مثلما ذكر المهندس إيهاب لهيطة عضو المجلس. بينما لم يفكر مسئول واحد فى أن هناك ضغوطاً مارسها بعضهم لإصدار خطاب نادر من نوعه من مؤسسة دولية أهلية بحجم الفيفا، وأن هناك جاسوساً سرب تقارير تفيد بأن ظهور خطاب بهذا المعنى، سيردع وزارة الرياضة المصرية، ويضعها فى مأزق جديد، بعد ورطة البث، التى تم حلها فى أقل من 48 ساعة لمجرد أن الحكومة أبعدت طاهر أبو زيد عن الملف، وأسندته للمهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب، رغم أن الأخير لم يغير شيئا يذكر فى الاتفاق، وترك نفس المعايير المتفق عليها. وبصرف النظر عن وجود مكتب للفيفا فى مصر، فإن ذلك لا يعنى أن هذا المكتب يمثل ورقة ضغط، لأنه من الأساس يقوم بمهمة إعلامية لا أكثر، وضغوط مثل هذه المكاتبات تعنى أن معلومات خاطئة وصلت للاتحاد الدولى عن وجود تخل حكومى، رغم أن الأندية الخمسة المذكورة انتهت مدة مجالسها، وتم التمديد لبعضها وفقاً لقانون الرياضة 77 لسنة 75، وبات من الضرورى تعيين مجالس مؤقتة لمدة لا تقل عن 45 يوماً، ولا تزيد على سنة، وهو ما التزمت به وزارة الرياضة، إضافة إلى الجهة التى يفترض فيها متابعة موقف اللجنة الأوليمبية، وليس الاتحاد الدولى لكرة القدم فقط، لكن الأخيرة لم تفعل، ما يطرح علامات الاستفهام حول مآرب من ضغط لتحريك الأمر فى اتجاه التصعيد، من أجل التلويح بفزاعة الفيفا، التى لا تستخدم إلا ضد دول معينة فقط فى سويسرا!!