وكأن مصر موعودة بأن يسرقها حاكمها منذ عهد المماليك، فرموز النظام الأسبق تفننوا فى سرقة قوت الشعب، وعلى الرغم من الحديث عن مليارات تم تهريبها خارج البلاد إلا أن شيئاً لم يعد منها منذ تنحى نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن الحكم فى فبراير 2011، وحتى الآن. وعلى الوتيرة ذاتها، استطاع الرئيس الإخوانى «المعزول» محمد مرسى، خلال عام واحد أن يكدس خزائن جماعته بأموال المصريين، بعضها جمعه متحايلا باسم الله والتبرعات، والبعض حصل عليه استناداً إلى وهم مشروع النهضة الإخوانى، وبذلك استطاعوا ملء حساباتهم البنكية وبناء مقرات لهم فى شتى بقاع العالم. فى هذا التحقيق تنفرد «الصباح» برصد إمبراطورية جماعة «الإخوان» بالأرقام والإحصائيات، من أراض وشركات ومكاتب على مستوى محافظات الجمهورية، بالإضافة للحسابات البنكية الموجودة بالخارج، وذلك نقلا عن مصادر حكومية رسمية من داخل «لجنة حصر ممتلكات الإخوان»، والتى تعمل جاهدة لإدراج كل مليم موجود بخزائن الجماعة، قبيل الإعلان عنها فى أقرب وقت. مصادر مطلعة داخل اللجنة أكدت ل«الصباح» أنه تم تحديد قائمة تشمل 33 دولة حول العالم بها أموال وممتلكات جماعة الإخوان، منها قطروتركيا وسويسرا وبريطانيا وجنوب إفريقيا وفرنسا والولاياتالمتحدةالأمريكية وليبيا والسودان، موضحة بأن التقدير المبدئى لهذه الأموال يبلغ نحو 83 مليار جنيه مصرى، أى ما يعادل 12 مليار دولار، ويتركز أغلبها فى تركيا وجنوب إفريقيا وجزر البهاما والسودان ونصف الأموال فى بنوك سويسرية، وقد شملت القائمة رصد حسابات 200 قيادة إخوانية داخل مصر وخارجها لها نصيب فى هذه الأموال والممتلكات، من أبرزهم يوسف ندا وإبراهيم منير وخيرت الشاطر وأمين جمعة ومحيى حامد وعائلات القزاز والحداد والجزار، علاوة على وجود معلومات عن تحويل أموال باسم الرئيس المعزول محمد مرسى خلال وجوده بالحكم لبنوك أمريكية. المصدر أشار ل«الصباح» إلى أن مكتب التعاون الدولى بوزارة الخارجية يتولى حالياً دراسة هذا الملف من جميع النواحى لتحديد الإجراءات التى يمكن اتخاذها لاسترداد هذه الأموال والتحفظ عليها لمنع استخدامها فى تمويل الأنشطة الإرهابية لتلك الجماعة، فيما كشفت اللجنة أيضا تنفيذاً للحكم القضائى الصادر ضد الجماعة، عن قيام خيرت الشاطر نائب المرشد المحبوس، وحسن مالك رجل الأعمال الإخوانى الهارب، والدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية السابق والمحبوس حالياً، وعدد آخر من رجال الأعمال بدولة قطر، بتأسيس شركة مصرية تتعامل فى البورصة لغسيل الأموال لصالح التنظيم الدولى للإخوان، كما تقرر عمل فروع لها فى إسطنبول والدوحة والخرطوم، وأكدت تقارير لجنة الحصر، والتى قدمتها أجهزة أمنية سيادية، أن سجلات وأوراق هذه الشركة تم العثور عليها فى المقر الرئيسى لجماعة الإخوان بالمقطم، وأن هناك رسالة بعث بها رئيس الوزراء القطرى السابق حمد بن جاسم لخيرت الشاطر أبلغه فيها بمباركته لتأسيس هذه الشركة. الوثائق التى حصلت عليها اللجنة ذكرت أن مكتب الإرشاد أمر «المعزول» بمطالبة محافظ البنك المركزى بتعيين لجنة جديدة خاصة بمتابعة عمليات غسل الأموال، والدفع بعناصر إخوانية مصرفية فى اللجنة لضمان عدم الكشف عن العمليات التى ستقوم بها هذه اللجنة، لتصبح مصر مقراً لعمليات غسيل الأموال للتنظيم الدولى للإخوان، وأشارت الوثائق إلى أن مكتب الإرشاد قرر إنشاء عدد من الجمعيات الأهلية والحقوقية لتكون ستاراً لعمل هذه الشركة، وإرسال أموال إليها، ومنها جمعية «سواسية» التى يرأسها محامى الإخوان المحبوس عبدالمنعم عبدالمقصود إلى جانب جمعية «ابدأ» التى أسسها رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك. وعلمت «الصباح» أن السفارات المصرية فى واشنطن ولندن وبروكسل وجنيف، قد قاموا برصد قيادات بالتنظيم الدولى للإخوان أثناء حضورهم مؤخراً فى اجتماعاً سرياً فى جنيف برعاية القيادى الإخوانى المقيم هناك يوسف ندا، مع عدد من رؤساء ومديرى مراكز الأبحاث والاستطلاع فى تلك الدول. الاجتماع كان يهدف لمناقشة سبل التعاون المشترك بين الجماعة وبين هذه المراكز، وأكدت تقارير السفارات أن أعضاء التنظيم الدولى الذين حضروا هذا الاجتماع كان معهم قيادات إخوانية هاربة من مصر، ومسئولون من قطروتركيا طلبوا من مراكز الأبحاث إصدار عدد من الاستطلاعات الخاصة بالوضع الداخلى فى مصر تهدف إلى زيادة الضغوط الأمريكية والأوروبية على السلطات المصرية وقيادة الجيش. وأوضحت المعلومات التى حصلت «الصباح» عليها أن التنظيم الدولى طالب أن تركز الاستطلاعات داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية حول موقف ورأى المواطن الأمريكى من استمرار أو قطع المعونة العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر، وهو ما عكسه استطلاع أجراه مركز راسموسن الأمريكى عقب هذا اللقاء مباشرة، بشأن رفض 49% من الأمريكيين لاستمرار المعونة العسكرية لمصر، كم أن وحدة متابعة مراكز الأبحاث داخل التنظيم الدولى والمسئول عنها أمين عام التنظيم إبراهيم منير رصدت 25 مليون دولار لهذا الهدف، ولتقديم منح مالية لمراكز الأبحاث وافتتاح مكاتب جديدة لها حتى لا يكون الدعم المالى مباشر، ويتعارض مع القوانين الحاكمة لعمل هذه المراكز البحثية. فى السياق ذاته، رصدت لجنة ممتلكات جماعة الإخوان أن الجماعة تمتلك 65 شركة ومحالا تجارية كبرى تدار لصالح الجماعة، علاوة على مساهمات فى قنوات فضائية وأكثر من 150 مدرسة خاصة، بالإضافة إلى 120 مقرا إداريا بالمحافظات وأسهم فى البورصة ومساهمات فى عدة صناديق استثمار، الأمر الأخطر من ذلك هو الكشف عن مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية وشركات تدوير المخلفات وشركات زراعية كبرى مملوكة لجماعة الإخوان تم شراء واستئجار بعضها خلال فترة وجودهم فى الحكم، وذلك من خلال اقتسام الأرباح مع إخوان السودان، وقد تمت الموافقة على هذا الطلب مقابل تنازل الإخوان عن إثارة ملف حلايب وشلاتين المتنازع عليها، واعتبارها أراضى سودانية. يذكر أن مجلس الوزراء كان قد أصدر قراراً بتشكيل لجنة حصر ممتلكات الإخوان برئاسة المستشار عزت خميس مساعد أول وزير العدل وعضوية كل من ممثل عن النيابة العامة، ومدير ادارة التنفيذ بقطاع التفتيش القضائى بوزارة العدل، وممثل عن قطاع التشريع بالوزارة، وممثل عن وزارة التأمينات الاجتماعية، وممثل عن قطاع الشهر العقارى والتوثيق، وممثل عن إدارة التعاون الدولى بالوزارة، وممثل عن إدارة شئون المحاكم، وممثل عن إدارة المطالبة القضائية، وتم إعطاء أوامر لكل الجهات والوزرات بإمدادهم بالمساعدة فيما يحتاجوه وتسهيل مهامهم. وتضمن الحصر أيضا ممتلكات الرئيس المعزول محمد مرسى، ومحمد بديع المرشد العام للجماعة، ورجل الأعمال الإخوانى حسن مالك فى الداخل، حيث تبين امتلاك المعزول «رسميا» لشقتين إحداهما بمدينة الزقازيق، والأخرى بمنزل عائلته بقريته بالشرقية، ويسكن بفيللا إيجار فى التجمع الخامس، ويمتلك 18 قيراطا زراعيا ميراث عائلته، وأن الدكتور محمد بديع يمتلك شقتين وفيللا ببنى سويف فضلا عن سيارات فارهة وأراض بالمدن الجديدة. وبحسب المعلومات فإن جماعة الإخوان لجأت إلى شركات «الأوف شور» «الخارج الحدود» لإخفاء أموالهم فى الخارج حتى يصعب تتبعها مصرفيا، حيث قاموا بتأسيس شركات عالمية يدريها من هم ليسوا بإخوان، والتى تقدر قيمة أسهمها بمليارات الدولارات، فيما تستعد وزارة الخارجية المصرية لإرسال طلبات إلى جميع الدول العربية المشتركة فى اتفاقية مكافحة الإرهاب العربية سنة 1998، لتجميد أموال الإخوان فى الدول العربية وتسليم المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية، وذلك تنفيذاً لما نصّ عليه البند الثالث من قرار مجلس الوزراء بإخطار الدول العربية المنضمة للاتفاقية، والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2013. وتنص اتفاقية مكافحة الإرهاب الموقعة عليها مصر والدول التى بها أموال الإخوان على أنه لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تنسحب من هذه الاتفاقية إلا بناء على طلب كتابي، ترسله إلى أمين عام جامعة الدول العربية يرتب الانسحاب أثره بعد مضى ستة شهور من تاريخ إرسال الطلب، إلى أمين عام جامعة الدول العربية وتظل أحكام هذه الاتفاقية نافذة فى شأن الطلبات التى قدمت قبل انقضاء هذه المدة، فيما تضمن قرار مجلس الأمن عام 2001 تجريم تمويل الإرهاب حيث ألزم الدول القيام بدون تأخير بتجميد أى أموال لأشخاص يشاركون فى أعمال الإرهاب ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أى شكل من أشكال الدعم المالى، وعدم توفير الملاذ الآمن، أو الدعم أو المساندة للإرهابيين. ومن المقرر أن تستند مصر أيضا إلى قرار مجلس الأمن رقم 1624 لسنة 2005 المتعلق بالتحريض على ارتكاب أعمال الإرهاب، والذى من شأنه قطع الطريق على أعضاء الجماعة من اللجوء سياسيا لدول أخرى حيث تحظر بنص القانون التحريض على الإرهاب، وأن تمنع مثل هذا التصرف، وأن تحرم من الملاذ الآمن لأى أشخاص توجد بشأنهم معلومات موثوقة وذات صلة تشكل أسبابا جدية تدعو إلى اعتبارهم مرتكبين لذلك التصرف.