أكد نائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامى، أن شباب «حزب «النور» بذلوا قصارى جهدهم فى دعم الدستور الجديد، ودعوة المواطنين للمشاركة فى الاستفتاء والتصويت عليه بنعم، مشيرا إلى أن إقصاء السلف من المشهد السياسى مستحيل، واعتبر أن شباب «الإخوان» يتكلف عناء هذه المرحلة ويسدد فاتورة أخطاء قياداته، مضيفاً فى حواره مع «الصباح» أن الشعب لن يقبل بوجود شخصية إسلامية على كرسى الرئاسة، بل سيُفوِّض الفريق عبدالفتاح السيسى للترشح فى الانتخابات المقبلة. هل كنت راضيا عن الأعداد التى شاركت فى الاستفتاء على الدستور؟ - الصفوف التى امتدت من داخل اللجان إلى خارج المدارس تؤكد أن الحشد كان مناسباً، وهى أبلغ من أى كلام أو مزايدات يمكن أن تُقال، فلا أحد يُنكر الأعداد التى اجتاحت كل اللجان للإدلاء بأصواتها، والتأكيد على موقف موحد هو تأييد الدستور و«خارطة الطريق»، وأعتقد أن الفرحة الشعبية التى تناقلتها وسائل الإعلام والتى عبر عنها الناس بتلقائية خلال المشاركة فى عملية الاستفتاء هى «المتحدث الرسمى» عن المشهد. بم تفسر هذا الإقبال الكبير؟ - أعتقد أن هذا من نتاج عملية الحشد المسبقة للدستور وتعريف الناس بمواده، وحملات التوعية التى قامت بها كل الجهات والأحزاب السياسية، وأيضاً انعكاساً للحملات التى تبناها حزب «النور» لدعم وحشد المواطنين للمشاركة فى الاستفتاء. كل هذا يعكس توحيد الصف والرغبة الصادقة فى المضى قدماً إلى الأمام، ولا ينكر أحد أن الحضور أثناء الاستفتاء كان إيجابياً وفاق التوقعات، رغم كل التهديدات الإرهابية ومحاولات الإعاقة، فالشعب المصرى بعث برسالة واضحة للجميع بأن يعيدوا حساباتهم، وأكد أن الذين كانوا يريدون تقسيم المجتمع وإضعاف اقتصاد وأمن الدولة وفتح الباب للتدخل الأجنبى لن يستطيعوا النيل من وحدة الشعب. صرحت أن تعديلات 2013 أفضل من دستور 2012، ما الفارق برأيك؟ - لم أقل ذلك بالضبط، بل قلت إنه أفضل فى تفسير مواد الشريعة، وفى المجمل أرى أنه دستور جيد، وحظى بقبول غالبية جموع الشعب ولم يشهد جدلاً واسعاً. ما أبرز الاختلافات التى شهدتها مواد الدستور؟ - كان هناك بعض الاختلاف حول بعض المواد، لكننا توصلنا فى النهاية إلى توافق يرضى جميع الأطراف، فعلى سبيل المثال مادة المساواة بين الرجل والمرأة لا تعنى مطلقاً المساواة بينهما فى الميراث خلافاً للشريعة كما ردد البعض، ومصطلح «السيادة للشعب» يعنى حقه فى انتخاب الرئيس والبرلمان، أما محاكمة المدنيين عسكرياً فكانت موجودة فى دستور الإخوان، لكن لجنة «الخمسين» عدّلتها وأصبحت تختص بمهاجمة المنشآت العسكرية وأفراد القوات المسلحة أثناء فترة عملهم، والأهم أن كل تشريع يتم إصداره مخالف للشريعة باطل بموجب الدستور المعدَّل، وأهم من كل هذا أن الذى دعانا للتصويت ب«نعم» على الدستور هو النظر إلى المآلات والبدائل. بعد إقرار الدستور هل تتوقع ترشح الفريق السيسى لمنصب الرئيس؟ - أعتقد أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية، وخاصة بعد طلبه تفويضاً من الشعب، وأظن أنه سيحصل على هذا التفويض، لأنه يحظى بحب الشعب وتأييده، وفى النهاية السيسى مواطن مصرى من حقه الترشح حال تخليه عن الزى العسكرى بما يسمح له بممارسة الحقوق السياسية وفق القانون. هل ستكون الدعوة السلفية ظهيرا ومساندا له فى الانتخابات؟ - هذا السؤال سابق لآوانه الآن. قرارنا مؤسسى، ولن يتم فتح باب المناقشة فيه إلا بعد فتح باب الترشح، وقتها سنلتزم بقرار جماعة الدعوة السلفية وحزب «النور» بشأن دعم مرشح رئاسى معين. موجة الغضب ضد التيار الإسلامى منذ 30 يونيو ألا تخشى أن تعيد السلفيين إلى مربع الدعوة وتبعدهم عن المشهد السياسى؟ - هذا الكلام عار تماما من الصحة، فوجود السلفيين فى الشارع السياسى هو لمصلحة الشارع السياسى والمجتمع ككل، لأنهم يقومون بمهمة تحقيق التقارب بين الأطراف المختلفة ويعيدون التلاحم بين أوصال المجتمع، لذا فإن إقصاءهم عن السياسة مستحيل ويخل ببنية المجتمع، لأن العملية السياسية تحتاج مشاركة كل الألوان، وخاصة أن الطائفة المتدينة غير صدامية بطبعها. لذلك فمن يتوهم حبس الدعوة السلفية فى الجانب الدينى فقط لا يعلم قدر ما تقدمه الدعوة من ربط أواصر المجتمع وتقليل مناطق الاختلاف والتصادم بين وجهات النظر، وأعتقد أن نجاح عملية الاستفتاء على الدستور خير دليل. بعد خسارتهم معركة الاستفتاء، ماذا تتوقع أن تكون الخطوة القادمة للإخوان؟ - أتمنى أن يغيروا خططهم الحالية بشأن الذكرى الثالثة للثورة فى 25 يناير الجارى، فهم يحلمون بأن يوم 25 يناير ستنزل فيه القوى الثورية إلى جانبهم لتقلب موازين الحكم فى ثورة جديدة، لكن الاستفتاء يؤكد وبصورة واضحة أن الشعب كله يرفض عودة الإخوان للحكم، لذا أتمنى أن يعيدوا التفكير وتقييم أوضاعهم وخياراتهم بشكل واقعى، بعدها يمكنهم اتخاذ خطوات تعود بالمصلحة على شباب الجماعة الذى يتكلف عناء هذه المرحلة ويسدد فاتورة أخطاء قياداته. ما الطريقة التى يمكن ل«الإخوان» من خلالها إعادة تقييم أوضاعها بعد إدراجها «إرهابية»؟ - لابد على الجماعة مراجعة أفكارها وتغيير قياداتها حتى لا تخسر مزيداً من الشعبية فى ظل أحداث العنف الأخيرة.. تعنتها واستمرارها فى العند والمغالاة فى العنف لن تحصد إلا العنف والكراهية، لذا فلو كان الإخوان عقلاء فلابد لقيادتهم أن تنظر إلى شباب الجماعة بعين الخوف والعمل على مصلحتهم لا دفعهم إلى التهلكة لتحقيق مصالح القيادات، ولابد من إعادة دمج هؤلاء الشباب فى المجتمع بأفكار جديدة وثقافة تتكامل مع فكر وثقافة المجتمع ولا تتصادم معه، لأن تكفير المخالفين منهج خاطئ يعود على صاحبه بأكبر الضرر. كيف تفسر تخلى التيار السلفى عن الإخوان بعد 30 يونيو رغم التحالف السابق بينهما؟ - لم يكن هناك تحالف كما يظن البعض إلا من خلال وجود مواقف سياسية معينة يتفق عليها الطرفان، ولم نقُم بخيانة جماعة الإخوان كما يرددون، ولم نقفز من السفينة الإخوانية وهى تغرق، لكننا فضّلنا الوقوف إلى جانب استقرار الوطن، فمواقفنا تنبع من مبادئنا ونحن نؤيد أى مبادرة للإصلاح لمنع تدمير الدولة أو تقسيم الجيش أو تدويل الأزمة الداخلية، ونرفض تماماً أى تدخل خارجى فى الأزمة السياسية الداخلية فى مصر، ولابد أن أؤكد أن ما بيننا وبين الإخوان مجرد خلاف فى وجهات النظر، وما يروجه قادة الجماعة من اتهامنا بالخداع كذب وتضليل، فنحن نحب ديننا ووطننا ونحب المواطنين الذين نشترك معهم فى الوطن. لم نكن حلفاء للإخوان ثم صرنا أعداء، إنما نحن ناصحون ومحبون للخير لكل الناس، وبالتأكيد نحن نبحث عن مصلحة البلد فى منع سفك الدماء ونراعى مصلحة الدعوة فى عدم تحميلها أخطاء فصيل أو أخطاء شخصية لبعض الأفراد، لأننا مطالبون بالحرص على أن يظل للدعوة قبولها بين الناس، وعندما أرى قطاعاً هائلاً من الشعب يكن الكراهية لفصيل معين لا ينبغى أن أصيب باقى الفصائل بدعوى هذه الكراهية، فمستقبل العمل الإسلامى كله سيكون فى خطر إذا شعر الناس بأنه فى صدام مع المجتمع، ويجب أن أنتبه كى لا يدفع الإسلاميون أعظم فاتورة لأخطاء غيرهم. ما ردود فعل الجماعة على مواقفكم هذه؟ - بعيداً عن اتهامات الخيانة والعمالة، لا أخفى عليكم أن الإخوان يقولون لنا «سوف تخلفونا فى السجون بسبب مواقفكم الراهنة»، وأعضاء الجماعة طوال الوقت يحاولون تعطيل دروسى الدينية ومؤتمراتى السياسية، وآخرها تفجير قنبلة قرب مؤتمر حزب النور بمدينة الحمام فى محافظة مطروح بحضورى والشيخ يونس مخيون. ما ردك على اتهام الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، القيادى بالدعوة السلفية، بأن «النور» خان مصر عندما وافق على «خارطة الطريق»، ونصيحته لكم: «انسلخوا عن الإسلام حتى يمكنكم ممارسة السياسة»؟ - هذا الكلام باطل كله، نحن لم ننسلخ عن الإسلام ولم نتنازل عن شىء من مبادئ الاسلام ونمارس السياسة وفق الضوابط الشرعية، وأريد أن أسأل بدورى الشيخ عبدالرحمن: هل يعقل أن تصفنا بالخيانة ونحن نعود إلى الشعب كى يقول كلمته التى لا يبخل بدمائه من أجلها؟ ماذا كان يريد منا أن نفعل وقد وجدنا سائق قطار الوطن خرج به عن الطريق لأنه لم يتحكم فى الفرامل ولم يسيطر على عجلة القيادة ودخل فى الحائط؟ هل المطلوب أن نؤيده ونستمر؟ وإذا كان ركاب القطار قرروا اختيار شخص أكثر كفاءة ليسوق القطار وفق نظام انتخابى محكم كى يكمل المسيرة وينقذهم هل يريد منا الشيخ عبدالرحمن أن ننزل من القطار ونقف أمامه؟ نحن حرصنا على أن تنجح التجربة ونصحنا مرات عديدة وساندنا قدر المستطاع لتدور العجلة ولكن لم تُقبل النصيحة ولا المشورة وأصر القائد على الطريق الذى أطاح به وبجماعته، فهل نقف ضد إرادة الشعب؟! ثمة من يقول إن الدعوة السلفية تستطيع تقديم يد العون للحد من العنف فى سيناء.. ما ردك؟ - نحن لا نملك أسلحة لنوقف العنف، إنما كل ما فى مقدراتنا هو التواصل ومحاولة تغيير الأفكار، فما المطلوب من الدعوة السلفية أكثر من ذلك؟ هذا ما قدمناه، وتواصلنا مع التكفيريين بقدر المستطاع وعاوناهم على تسليم أسلحتهم، لدرجة أن الشيخ جلال المرة من الممكن أن يكون رهينة لديهم الآن، فماذا نفعل أكثر من ذلك؟ لابد أن يدرك الجميع أن جماعات التكفير هناك تكفرنا نحن قبل الناس، ولديها سلاح ليس فى مقدورنا أن نواجهه بصدور عارية، بخلاف أنهم فى هذا الوقت غير قابلين للجلوس والتحاور. ما موقفكم حال ترشح عبدالمنعم أبوالفتوح للرئاسة كآخر ورقة للإسلاميين؟ - فى رأيى الخاص أنه ليس من الحكمة أن يتقدم لمنصب الرئيس فى هذه المرحلة شخص محسوب على التيار الإسلامى، صحيح أن قرارنا فى هذا الصدد مؤسسى ولكن هذه قناعتى الشخصية، وبخاصة أنه بعد حكم الإخوان وما آلت إليه الأمور بسببهم من الصعب أن يتقبل الشعب مرشحا إسلاميا فى هذا التوقيت، وسيكون لدى الغالبية العظمى من الناس مشاعر سلبية تجاه رئيس ينتمى للجماعات الإسلامية. هل تتوقع انشقاق عدد من الشباب السلفى إذا حدث وتخليتم عن دعم مرشح إسلامى، على غرار من انشقوا عنكم بسبب موقفكم الحالى غير الداعم للإخوان؟ - لا يقلقنى هذا لأننى أعتقد أننا قادرين على إقناعهم، والشباب فى نهاية الأمر يعلمون أننا نفعل كل هذا ليس من أجل مصلحة خاصة بنا إنما من أجل المصلحة الأكبر وهى مصلحة البلاد والعباد التى سوف نسأل عليها أمام الله. أعتقد أن شباب الدعوة لديه الوعى الكافى والمقدرة على استيعاب ما نقوم به من أجل المصلحة العامة، لكن لابد أن أنبه إلى أن الشباب السلفى نوعان: الأول لم يكن يتبع الدعوة من الأصل وهو التيار السلفى العام فى المجتمع، وهناك الشباب الذى انتمى للدعوة، ومن تبع الدعوة يستوعب ويفهم ما تتطلبه الحكمة من تغليب للمصلحة العامة على المصلحة الشخصية وهو ما يقوم به قيادته حاليا، لهذا فلديهم ثقة بقيادتهم، بينما النوع الأول يحتاجون إلى وقت أطول ليفهموا، وفى النهاية لابد أن أوضح لكم أن من انشق عدد محدود جدا. كيف ترى محاولات إيران للتدخل فى الشأن المصرى؟ - لا أعتقد أن الأمر هذا جديد، والدعوة السلفية تتخذ خطاً معادياً ضد إيران من قديم الزمن لوجود خلاف عقائدى بيننا وبيهم من أيام الثورة الإيرانية، وموقفنا محدد ولم يتغير لأنهم يعتقدون أن أهل السنة كفار، وهى دولة تسعى يقينا إلى نشر مذهبها المخالف، معتمدين على العمل السرى وتقسيم المجتمع، وجرائمهم فى العراق والأحواز معروفة وتأييدهم النظام السورى المستبد يجعلنا لابد أن نقف موقفاً معادياً. كيف تفسر موقف كل من قطر وتركيا المعادى لمصر؟ - أعتقد أنهم راهنوا على بقاء نظام حكم معين ولم ينتبهوا إلى أن الشعب رافض لاستمرار هذا النظام، لذلك على هاتين الدولتين مراجعة أنفسهما وتغيير مواقفهما خاصة بعد نتيجة الاستفتاء على الدستور وبعد هذه الجموع الغفيرة التى نزلت لتؤيد ثورة 30 يونيو، وفى يقينى أنه فور استرداد مصر لعافيتها بعد مرور الاستحقاقات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فإن كل هذه المواقف ستزول، والأوضاع الجديدة فى مصر ستفرض نفسها بقوة على الجميع.