خطة التمكين الإخوانية وصلت حتى إلى حصن العدالة الحصين، منصة القضاء، والدولة التى تشك فى قضائها أمامها مهمة تطهير جسيمة، لأن العدل هو بالفعل أساس الملك. لهذا السبب يعكف حاليًا عدد من قضاة مصر لرصد وحصر ثروات وأملاك القضاة الموالين للجماعة المحظورة، بعد أن استطاع القضاة الشرفاء القيام بحصر عدد زملائهم المنتمين للجماعة، والذى بلغ حوالى 250 قاضيًا، بالإضافة إلى ال 75 قاضيًا المتهمين بالتوقيع على بيان ضد ما أسموه الانقلاب، برئاسة المستشار وليد الشرابى ، منسق حركة قضاة من أجل مصر. مصدر قضائى من داخل وزارة العدل أخبرنا أن عددًا من القضاة بدأوا بمحاولة جديدة لتطهير القضاء من الموالين للجماعة المحظورة، وذلك عن طريق فتح ملفاتهم المالية، وفضحهم أمام الشعب المصرى الذى سيدرك أن أحكامهم للبيع لمن يدفع أكثر، بدلًا من أن ينادوا بالعفة وعودة الشرعية والشريعة كما يدعون، فالقصة مصالح متبادلة وليست شرعية أو شريعة، وقربهم من قيادات النظام الراحل مكنهم من جمع مبالغ طائلة. وأكد المصدر الذى رفض نشر اسمه أن القضاة أعدوا قائمة بأسماء عدد من القضاة الموالين للمحظورة، يأتى على رأسها المستشار أحمد مكى وزير العدل الأسبق، وشقيقه محمود مكى نائب رئيس الجمهورية السابق، وخلال الفحص ثبت تورط أحمد مكى فى الحصول على أموال عديدة منذ بداية عمله بالقضاء كمستشار، مرورًا بعمله كوزير للعدل فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى. المصدر قال إن ما تم حتى الآن هو مجرد حصر لجزء من من أملاك مكى، مشيرًا إلى أنهم سيقومون كل فترة بفتح ملفات القضاة الموالين للإخوان، وذلك بعد أن ثبت انتعاشهم ماديًا بعد التحاقهم بركب الجماعة. وأضاف أن من ضمن الأملاك التى استطاع القضاة جمع تفاصيل حول حصول المستشار أحمد مكى على «برج سكنى» يرتفع لأكثر من 15 طابقًا فى منطقة سموحة بالإسكندرية، كما تم رصد قرية سياحية فى الساحل الشمالى تعود عليه بالكثير من الأموال، لأن مكى -حسب المصدر- استطاع استغلال نفوذه قبل توليه حقيبة وزارة العدل، وقام باغتصاب مساحات كبيرة من الأراضى من المقاول حسن درة، والذى يعد من أكبر المقاولين فى مصر. أما فيما يخص شقيقه محمود مكى فقد استغل فترة عمله كنائب للرئيس المعزول وتربح بالكثير من الأموال، كما أنه تكسب من رئاسة الجمهورية خلال فترة عمله داخلها، بل إنه على الرغم من إلغاء منصب نائب الرئيس رسميًا، فإنه استمر بالرئاسة وتقاضى مرتبه لمدة ستة شهور، والذى تجاوز فى الشهر الواحد 100 ألف جنيه، وذلك بخلاف المكافآت والحوافز التى حصل عليها. وفيما يخص الأموال التى تحصل عليها المستشار وليد الشرابى ، فقال مصدر قضائى إن الشرابى كان يملك سيارة ماركة «بولونيز» قبل ثورة 25 يناير، ومع ركوب الإخوان الموجة وظهورهم على الساحة السياسية فوجىء القضاة بأن الشرابى أصبح يملك سيارة جديدة ماركة «بى إم دبليو» موديل إكس 3 ثمنها يفوق ال 400 ألف جنيه مصرى، كما أنه امتلك فى نفس التوقيت فيلا بالرحاب تقدر بملايين الجنيهات. وأكد المصدر أن الشرابى نظير عمله كمستشار لوزير المالية فى عهد الإخوان لمدة شهر واحد فقط استطاع الحصول على نصف مليون جنيه. ويحاكم الآن الشرابى ومعه 74 قاضيًا آخرون أمام المحكمة التأديبية، ومن ضمن التهم الموجهة للشرابى التحريض على العنف ضد الجيش المصرى، والانضمام لاعتصام مسلح، والتداخل فى أعمال وظيفية للجهة التابع لها كالانتخابات الرئاسية وتعريض الأطفال للخطر، والانتماء لجماعة محظورة على خلاف القانون. القضاة ال 75 تمت إحالتهم للجنة الصلاحية، والتى من المقرر أن تعلن قريبًا الحكم الصادر ضدهم بعزلهم عن العمل القضائى، بالإضافة إلى منعهم من السفر لعدم تشويه صورة الجيش المصرى، وهى الخطة التى وضعها الإخوان أثناء ثورة 30 يونيو والتى تتطلب مساعدة عدد من القضاة على رأسهم الشرابى بالسفر إلى الدول الخارجية لعرض القضية المصرى من وجهة نظر الإخوان وادعاء أن ما حدث بمصر انقلاب عسكرى. لكن الأجهزة الأمنية بمصر سرعان ما استطاعت كشف حقيقة المخطط عن طريق أمين شرطة بالمطار، الذى رفض الحصول من الشرابى على رشوة مغرية مقابل السماح له بركوب الطائرة والفرار. وبعد انتهاء التحقيقات مع الشرابى أمام المحاكمة التأديبية ستتم إحالته للمحكمة الجنائية بتهمة التربح والسفر للخارج للوقيعة بين الشعب والجيش. كما تم منعهم من ممارسة العمل القضائى لحين الانتهاء من الحقيقات سيرًا للعدالة ولعدم انحرافها عن المسار الصحيح. يذكر أن تيار استقلال القضاء بزغ نجمه ما بين عامى 2005 و2006 عندما دخل فى مواجهة عنيفة مع نظام مبارك، عقب إحالة المستشارين هشام البسطويسى ومحمود مكى إلى المحاكمة التأديبية على خلفية وصفهما أمام وسائل الإعلام للانتخابات البرلمانية التى جرت عام 2005 بأنها «مزورة»، وانخدع الكثيرون فى طبيعة التيار واعتبروه جزءًا من الحركة الوطنية، لكن عقب تولى مرسى رئاسة البلاد فاز قيادات التيار بنصيب الأسد وبأرفع المناصب فى السلطة، وذلك بعد أن ثبت انتماء أغلب أعضائه لجماعة الإخوان المسلمين وأنهم كانوا يحاربون مبارك لأجل مصلحة الجماعة، وليس لأجل مصلحة الوطن، لهذا تم اختيار المستشار محمود مكى نائبًا للرئيس، وكذلك المستشار أحمد مكى وزيرًا للعدل، ثم اختيار المستشار حسام الغريانى رئيسًا للجمعية التأسيسية للدستور، وتعيينه عقب ذلك رئيسًا للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، ثم اختيار المستشار هشام جنينة، رئيسًا للجهاز المركزى للمحاسبات.