رجل مسن، يتجاوز عمره العقد السادس، لم يقترف ذنبا سوى دخول مسجد الحسين صبيحة يوم عاشوراء ليصلى الفجر، فإذا بمجموعة سلفية تدخل المسجد، وتلتقط له صورًا من بعيد، وعندما اعترض الرجل، انتظروه خارج المسجد واعتدوا عليه بالألفاظ وسبوه ونهروه، واتهموه بالكفر، حتى تدخل بقية المصلين وضابط شرطة ليفصلوا بينهم.. ذلك ما حدث مع الحاج عماد قنديل الناشط الشيعى، وصاحب أول حسينية بطنطا، أنشأ فيها مكتبة تضم عددًا كبيرًا من الكتب المفسرة لعدد كبير من الأديان. يروى الحاج عماد قصة الاعتداء عليه، قائلًا: «الذى اعتدى على شخص يدعى وليد إسماعيل وهو سلفى، ودخل المسجد فى هدوء خلف المصلين، وبيده كاميرا ولم يصور سواى بالذات، لكونى معروفًا بأنى الوحيد الشيعى وقت الصلاة، وبعد الشجار وتدخل المحيطين والضرب، والإهانة التى وجهها للمذهب الشيعى كله ورواده، ذهبنا لقسم شرطة الجمالية، وتفهم الضابط الوضع وطلب منى عمل محضر، لكننى رفضت بسبب التهديدات التى لا تتوقف من التيار السلفى وبالتحديد من حزب النور». تهديدات حزب النور للشيعة حذر التيار السلفى وبالتحديد حزب النور من دخول أى شيعى مسجد الحسين يوم عاشوراء، وقال أعضاؤه إنهم سيصورون من يدخل وينشرون صورته على «فيس بوك» مع تظليل حول الوجه بعلامة حمراء، حتى يكون مستهدفًا لعملية التصفية أو عمليات الاغتيال، ذلك ما أكده محمد غنيم، مؤسس التيار الشيعى فى مصر، وقال إن هناك صفحات متطرفة كثيرة، ويدخل عليها عدد كبير من الأفراد الذين قد يكون لهم بعض الميول للسلوك المتطرف، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتصرف فيها السلفيون بهذه الطريقة، فكل عام يهددون، لكنه العام الأول هذه المرة الذى تتطور فيه التهديدات اللفظية إلى فعلية ومضايقات لهذا الحد. يضيف غنيم إن ما يحدث مع الشيعة فى مصر الآن بشأن اضطهادهم وغيره ما هو إلا لعبة سياسية اشتركت فيها الدولة لمحاباة الفريق السلفى، وكان ذلك لسببين الأول، خطب ود التيار السلفى فى لجنة الخمسين، وصد أى رفض منهم قد يشوب أى قرار من قرارات الدولة، وبموافقة حزب النور على أى قرار سيادى فى الدولة، سيستطيعون أن يثبتوا للعالم كله أن هناك تيارًا يتبع التوجه السلفى فى مصر، ومع ذلك يؤيد سيادة الدولة التى يراها الجزء الآخر من التيارات الدينية مرفوضة. والسبب الثانى، حسب غنيم، يخص العالم الخارجي، وهو أن الجهات السيادية ترفض أن تنصر التيار الشيعى تحت أى ظرف لأنهم يعتقدون أن نصرة الشيعة هى نصرة لإيران وتأييد لسياساتهم، الأمر الذى قد يضر بعلاقة مصر بالخليج العربى أجمع، لذلك فقرار وزير الأوقاف بمنع احتفالات الشيعة من الحسينيات، جاء موافقًا لسياسة أكبر فى البلد، وهو من تسبب فيما حدث من اعتداءات على الشيعة يوم عاشوراء، على حد قوله. ومع ذلك وعلى الرغم من كل هذه التهديدات التى يتلقاها الشيعة إلا أن الشباب منهم قرروا أن يتجاهلوها وينزلوا ويحتفلوا ويزوروا مساجدهم فى ذكرى عاشوراء.
مجالس العزاء مجالس يلتقى فيها شيعة كل منطقة بمنزل أحدهم، ويجلسون فى «المضيفة» عقب صلاة العشاء مباشرة، يتشحون بالسواد، ويبدأ مراسم الحفل برواية قصة مقتل الحسين، حيث يرويها أحدهم ويستمع له الآخرون فى حالة بكاء شديد، يلى ذلك إلقاء بعض الدروس المستفادة من قصص الإمام الحسين فى حياته للتذكرة بها، واتخاذ ما ينفع منها هذه الأيام، وإعادة ذكر كل ما يتعلق بالحكام والسلاطين على وجه الخصوص، ليؤكدوا ضرورة الخروج عليهم، ثم يلى ذلك أن يروى أحدهم مشهد القتل ذاته الخاص بالحسين وال«70» من أهل بيته، ثم بعدها ينشد أحد المنشدين بصوت حزين رثاء الحسين على شاكلة دعاء له «يا حبيبى يا حسين يا مقتلك..» وغيرها من أناشيدهم الرثائية له، ثم يلى ذلك تلاوة بعض الآيات من القرآن الكريم، وذكر بعض الأدعية، ثم يصلون وينتهى المجلس عند هذا الحد، ولا يوجد ما يدعيه البعض على الإطلاق ببعض المظاهر الزائفة التى لا تتعدى عادات شعبية مثل اللطميات والتطبير والخبط باليد على الكتف الأيسر والضرب بالسيوف لنزف الدم والتطهر من الخطايا والذنوب.