المعركة الدائرة فى مصر حاليًا ليست سياسية فقط، بل إن تأثيراتها الاجتماعية تتجاوز بكثير السطح السياسى الصاخب، ووسط كل هذه الصراعات السائدة فى المجتمع ضد الإرهاب وأعوانه الآن، تم إقحام العامل المصرى المسكين فى المعركة، ليدفع جزءًا من ضريبة إقامته فى بلد يثور نحو التغيير. أول مثال على وصول الصراع السياسى إلى حياة الإنسان العادى هو فرد أمن، 29 سنة، متزوج وأب لطفلتين فى المرحلة الابتدائية، قضى 6 سنوات من الخدمة فى رحاب شركة عريقة، براتب زهيد، يكفى متطلبات أسرته بالكاد، وفى موعد تجديد العقد المحدد له تم إجباره على تقديم استقالته، رافضين تجديد العقد، ليبدأ معاناة جديدة فى البحث عن عمل جديد والبدء من الصفر. السبب الظاهرى لذلك كان تخفيف العمالة، أما السبب الدفين والذى يعلمه جميع العاملين بالشركة فهو انحياز إدارة المؤسسة إلى جماعة الإخوان المسلمين، ورغبتهم فى الانتقام من النظام الحالى بتكبيده مشاكل إضافية من بينها «تسريح العمالة والبطالة». كريستال عصفور «كريستال عصفور» مجموعة مصانع عريقة، تعد أحد أكبر المؤسسات لصناعة الكريستال فى الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم، تصدر منتجاتها لأكثر من 50 دولة، وذلك بعد أن أسسها مالكها «خميس عصفور» فى منطقة شبرا الخيمة، واستطاع أن يطور اسمها وينميها إلى أن أصبحت تحتل مساحة تجاوزت المليون متر مربع، الشركة كان يعمل بها نحو 30 ألف عامل من الرجال والنساء، لكن هذا كان منذ عامين تقريبًا، أما الآن فبلغ عددهم 18 ألف عامل، - أى أنه تمت تصفية ما يقرب من 12 ألف عامل فى أقل من عامين، وزادت الوتيرة بشدة بعد أحداث 30 يونيه، فبدأت العلاقات تتوتر داخل الشركة، كما أخبرنا «م. س» عامل التخزين هناك، وبدأوا «سياسة التطفيش» بعد أن سقط الإخوان، الذين كان صاحب العمل يدعم موقفهم بشكل تام. «الصباح» علمت أن صاحب الشركة « فلسطينى الجنسية»، كذلك فهو ومستشاروه من مؤيدى عودة المعزول وأبناء أفكار البنا للحكم من جديد، الأمر الذى دفعهم للوقوف بجانبهم قبل فض الاعتصام، وذلك بأساليب وطرق متعدة كان أولها إرسال سيارتين من الطعام يوميًا إلى اعتصام رابعة العدوية أثناء وجود مؤيدى الجماعة بإشارة رابعة، هذا ما أكده «رشاد أحمد» أحد عمال التفريغ بالشركة، الذى قال: « أصحاب رأس المال انتماءاتهم أصلًا للإخوان المسلمين، وكانوا بيساعدوا المعتصمين بالطعام والشراب، وبشكل دورى، كذلك فقد ساهموا فى بناء دورات المياة التى أقيمت داخل رابعة بشكل سرى، لكن العمال اكتشفوا ذلك عن طريق سائق السيارة التى نقلت معدات بناء دورات المياه إلى هناك ». العامل أخبرنا أن زملاءه لم يعطوا اهتمامًا كبيرًا لهذا الأمر وقتها، إلى أن جاءت قرارات فصل العاملين، وإجبارهم على الخروج للمعاش مبكرًا لكل من أتم مدة 20 سنة خدمة داخل الشركة. هذه القرارات مخالفة لاتفاقيات منظمة العمل الدولية، وهو ما أكده لنا «على البدرى» رئيس اتحاد عمال مصر الحر، الذى أوضح: « هناك علاقة قوية بين مالكى شركة كريستال عصفور، وبين حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وكانوا يدعمونهم بالوجبات والأموال خلال اعتصاماتهم، كذلك يساندونهم فى مسيراتهم ووقفاتهم ضد النظام بتوفير الأموال والإعاشة والقوى البشرية إن لزم الأمر، وعندما فشلت الجماعة فى استرداد كرسى الحكم بدأت تقضى على حقوق الغلابة، بهدف الضغط على اقتصاد البلد، وتكبيد الدولة أعباء شريحة جديد من البطالة هم «المفصولون من أعمالهم ضحايا الإخوان». البدرى حذر من أن ذلك كله بسبب ضعف قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، والذى يتيح لصاحب رأس المال التحكم فى العامل، خاصة من ملاك شركات القطاع الخاص بهذا الشكل المُهين، والذى يمكنه من فصل العامل تعسفيًا دون وجود عقوبة رادعة فى القانون لهذا المالك تعيده لصوابه، أو تعيد حق هذا العامل مرة أخرى، مما أتاح لأصحاب تلك الأموال التلاعب بمستقبل العمال فى أغراض سياسية، وعليهم أن يختاروا إما ذلك أو التنكيل بهم والتقليل من أماكن عملهم، ووضعهم فى أماكن وبيئات عمل غير مناسبة لسنهم أو لوضعهم على الإطلاق، وهذا ما حدث مع ما أكده فرج سليمان 51 سنة، الذى كان يشغل وظيفة إشرافية على العمال، لكنهم عندما أرادوا تطفيشه نقلوه ليعمل فنى تشغيل، الأمر الذى لا يتناسب تمامًا مع سنه أو حالته الجسمانية أو قدراته، لكنها سياسة وأسلوب متبع بغرض التطفيش فقط. البدرى طالب بتدخل الدولة لوقف حملة تصفية كريستال عصفور، لأن هذا القرار نابع من موقف سياسى متضامن مع فصيل جماعة الإخوان المسلمين، هدفه إثارة القلاقل بين العمال واضطهادهم بشكل غير شريف. من جانبه قال وليد جودة الأمين العام لاتحاد عمال مصر الحر، أن ملف مصانع كريستال عصفور تم وضعه أمام وزير القوى العاملة أكثر من مرة، لكن أحدًا لم يبال بالموضوع على الإطلاق، مما دعا صاحب الشركة إلى التمادى فى محاولاتهم المتتالية لزعزعة النظام والاستقرار، وزيادة البطالة، لإجبار العمال على انتقاد القائمين على الأوضاع الاقتصادية بالبلد.
الأمل لصناعة الملابس شركة مصرية لصناعة منتجات الملابس القطنية، معظم من يعمل بها سيدات، اسمها «الأمل» لكنها بدأت تحرم عاملاتها من أى أمل.. الشركة بدأت بإجبار العاملات على ارتداء النقاب كشرط أساسى لبقائهن فى المصنع، ومن تقاوم بالرفض من تلك العاملات تواجه حملات الترهيب من الله وشريعته، وإن عجزوا عن إقناعها يطلون بوجههم الحقيقى ويطردونها من المصنع. أول من قابلنا من العاملات كانت نوسة صلاح، عاملة تقفيل ملابس بمصنع الأمل، 34 سنة.. متزوجة وتعول أسرتها نظرًا لعجز زوجها، أجبروها على ارتداء النقاب لكى تستمر فى العمل، ولأنها مضطرة وافقت على طلبهم: « أجبرونى على ارتداء النقاب لكى أظل عاملة فى المصنع.. من ترفض ينقطع عيشها، لذلك ارتدينا النقاب فى صمت، وأثناء اعتصامات رابعة والنهضة، كانوا يعطون أجورًا إضافية لمن تذهب إلى هناك، ويفضل أن تصطحب معها زوجها وأولادها أيضًا، وكانوا يبررون ذلك بأن يكون الاعتصام مستوفى الشروط الشرعية، وفى سبيل الله، لكننى لم أستطع فعل ذلك نظرًا لعجز زوجى، وبالتالى لم أحصل على المكافأة المخصصة لذلك، وبعد فض اعتصامى رابعة والنهضة ظهروا على حقيقتهم، فقللوا المرتبات، وأبلغونا أن الشركة عندها تعثر مالى، وفى طريقها للغلق، وعليه يجب خصخصة العاملين بها». جدير بالذكر أن عدد العاملات داخل مصنع الأمل تجاوز ال «10» آلاف عاملة، يوزعن منتجاتهن من الملابس على عدد كبير من المحافظات، فى حركة تجارة داخلية منتظمة، صاحب العمل هو «الحاج سامى محمد»، وهو المتصرف الأول والأوحد فى المصنع، والمعروف بانتمائه لفصيل الإخوان، حيث قضى شهر رمضان الماضى بأكمله فى اعتصام رابعة العدوية، وعلق داخل المصنع صورة مرسى، ومن بعد فض الاعتصام فالأحوال كلها تبدلت للأسوأ، وعلمنا بعدها أن خسارة الإخوان هى السبب فى قطع عيشنا من مكان الرزق الوحيد لنا ».
شركة سيمو للورق شركة الورق للشرق الأوسط «سيمو» والموجودة بمحافظة القليوبية، هى المسئولة عن إنتاج الورق والكارتون بأنواعه المختلفة وصناعة التحويل الورقية والعبوات والقيام بأعمال الوكالة التجارية للشركات الأجنبية، والاستيراد والتصدير لكل ما يتصل بنشاط الشركة، يوجد لها فرعان بمدينة بهتيم الموجودة على طريق مسطرد، محافظة القليوبية، وتعمل فى السوق بسيولة تصل ل 50 مليون جنيه. الجدير بالذكر أن شركة «سيمو» هى أول شركة من نوعها تقوم بنشاطين، الأول هو إنتاج الكارتون بأنواعه والورق ومواد التعبئة والتغليف، والثانى تصدير منتجاتها والقيام بأعمال الوكالة المتصلة بنشاطها، كل ذلك بقيادة «عيد الوردانى» رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة، والمعروف برفضه فض اعتصمات رابعة والنهضة، وميوله المؤيدة للمحظورة. ماجد نصر، عامل تقطيع داخل الشركة عمره 33 سنة، متزوج ولديه 3 أطفال، يروى قصته قائلاً: «الشركة أوقفت العمل بحجة عدم توافر السيولة المادية، وأصبحنا جميعًا فى الشارع رغم أن الشركة «مليانة فلوس».
المفاجأة التى فجرها اتحاد عمال مصر الحر هى أن عمال شركة الورق خلال الستة شهور الماضية كانوا يصرفون مرتباتهم من خلال صندوق إعانة الطوارئ، وهى المدة الأقصى المسموح بها للصرف من هذا الصندوق والاقتراض المادى أكثر من ذلك لا يجوز قانونًا، الأمر الذى دعا إلى تعثر المرتبات تمامًا بعد مرور تلك الشهور السنة، مع العلم أن العمال لم يصرفوا مستحقاتهم عن شهر أكتوبر الماضى إلى الآن، بالإضافة لإجبار العمال على اتخاذ مواقف سياسية بعينها، كان من بينها الدعوة للنزول إلى رابعة العدوية لمناصرة الإخوة من المسلمين هناك، كما أوضح «خ. أ» فنى التشغيل بالشركة. المهندس للمكرونة شركة مقرها الإسماعيلية، العضو المنتدب والمسئول عنها هو « محمد النهواوى» وهو معروف بانتمائه الواضح للإخوان المسلمين، ولهذا السبب رفض دفع أجور العمال المخالفين لفكر الجماعة لمدة شهريين متتاليين فى ظل حكم مرسى، بسبب رفض بعض العمال سياسة المحظورة فى الحكم، واعتراضه على بعض القرارات السياسية التى كانت مطروحة آنذاك، مما جعله يُقف مرتباتهم ثم تلقى هؤلاء العمال تهديدات من المدير الإدارى للشركة، يهددهم فيها بالفصل التعسفى تمامًا من الشركة، وهذا جاء موافقًا لما رواه « ح. ى «عامل المخازن 28 سنة والذى تم فصله بشكل تعسفى وإجباره على إمضاء إخلاء طرف من الشركة تنازل فيه عن كل مستحقاته، وقد اختاروا هذا العامل على وجه التحديد لما اشتهر به من نزوله فى مظاهرات التحرير، ووقوفه بقوة فى وجه سياسات الإخوان أثناء تواجدهم فى الحكم». جدير بالذكر أن عددًا من الشركات التى يترأسها رجال أعمال الإخوان تدعمها مادياً «نقابة المهندسين»، وتدخل معها فى نسب شراكة لدعم استثمارات الإخوان فى مصر، على سبيل المثال شركة «المهندس للمكرونة» والتى تمتلك فيها النقابة نسبة 95% من إجمالى أسهمها، وباقى الأسهم 5% وهى موزعة على هيئة قناة السويس والبنوك والجمعيات الخيرية وأشخاص عاديين. نقابة المهندسين الإخوان
جدير بالذكر أن العضو المنتدب لشركة المهندس للمكرونة هو المهندس «محمد النواوى» وهو رجل الجماعة فى نقابة المهندسين، هذا بخلاف أن نقابة المهندسين شريكة فى عدد من الشركات التى يتبع ولاءها لجماعة الإخوان المسلمين، منها الشركة المنظمة لمعرض السلع المعمرة «سلسبيل»، وهى المتهمة فى قضية قواعد البيانات لإرساء التعاقد للتنظيم العالمى للإخوان، وتمت من خلال إجراءات وملابسات صورية تتعلق بهذه الشركة، كذلك الأمر بالنسبة لشركتى «المستقبل لتسويق الإعلانات»، و«سفير للإعلانات»، والتى يمتلك خيرت الشاطر فيها أسهم بنسب عالية، مكنته أن يتربح آنذاك 3 ملايين جنيه، وهو ما يتوافق مع كلام «شادى أبو العزايم» موظف الشركة الذى أضاف « أن المسئول الأول والأخير عن تنمية استثمارات التى يمتلكها الإخوان هو خيرت الشاطر، وهو العقل المدبر لهذه الشركات، الذى أكد كذلك الحال بالنسبة لبنك المهندس، فالنقابة شريك أساسى فيه، والإخوان استغلوا هذا المشروع، وكان المسئول عنه عبد الحليم فوزى رجل الجماعة داخل النقابة، وترأس منصب رئيس لجنة الائتمان به، والذى تسبب فى خسارة للبنك وصلت 40% من ميزانيته الكاملة، والتى بلغت 3.5 مليار جنيه».