«مرسى» طلب التنحى بعد بيان السيسى والشاطر رفض.. والمرشد العام عرض على الجيش عزل الرئيس وبقاء الجماعة بديع لمندوبى التنظيم الدولى: القوات المسلحة تراقب إرسال واستقبال الأموال فى الجماعة.. ويوسف ندا وراء الوقيعة بيننا.. وننتظر دعمكم جمعة لنائب المرشد: صدق محمد العدوى حينما قال أخشى على الإخوان من طموح خيرت.. وبشر لرئيس الديوان: ضللت الرئيس وأخفيت الحقائق مصادر: مرسى كان مذعورًا ودائم الاتصال بالشاطر بعض القيادات رفضت تنفيذ الخطة «ب» خوفًا من الجيش الجماعة طلبت من حماس ضرب إسرائيل ليتدخل الرئيس ويتقرب لأمريكا
ساعات عصيبة كتمت فيها مصر أنفاسها.. ما بين أمل فى الحرية بزغ نوره فى سماء ميدان التحرير.. واستعدادًا للجهاد بدا واضحًا على اعتصام ميدان رابعة العدوية.. كانت الدقائق تمر ببطء والجميع فى انتظار ما ستسفر عنه ثورة المصريين التى خرجت ضد حاكم مستبد ينفذ أجندة جماعة متطرفة، حتى لو كان على حساب وطن. خلال ذلك كانت «الصباح» أول من اطلع على ما يحدث فى قلب مركز صنع القرار فى مصر.. داخل مكتب بفيللا نائب المرشد محمود عزت، غير أن اليوم الاخير لحكم الاخوان المسلمين فى مصر، وقبل حرق مقرهم بساعات.. شهد اجتماعهم السرى العديد من التحركات والاجتماعات بحثًا عن مخرج.. ورصدت «الصباح» تفاصيل ما يدور بالداخل. الاجتماع الأخير لقيادات مكتب الإرشاد الذى عقد قبيل دقائق من انتهاء المهلة التى كانت قد حددتها القيادة العامة للقوات المسلحة، شهد العديد من الأسرار، ترأس الاجتماع المرشد العام محمد بديع ورشاد البيومى نائب المرشد والدكتور محمود حسين الذى أتى بتفويض من مجلس شورى الإخوان لاتخاذ ما تراه القيادات مناسبًا لهذه المرحلة الحاسمة، وجمعة أمين مفكر الاخوان وعضو الارشاد والدكتور محمود غزلان والدكتور محمد مهدى عاكف، ومن قيادات الصف الثانى حضر الدكتور حلمى الجزار والدكتور محمد البلتاجى والدكتور عصام العريان، إضافة إلى وزير التنمية المحلية محمد على بشر ومندوبين عن التنظيم الدولى وهم ليسوا مصريين ورؤساء المكاتب الادارية بمحافظات القاهرة والجيزة وسوهاج وأسيوط ومفتى جماعة الإخوان الدكتور عبدالرحمن البر، وأحمد عبدالعاطى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية وأسعد الشيخة نائبه وأخيراً المهندس خيرت الشاطر النائب الاول للمرشد. أول الحضور كان بديع وبيومى وعاكف وحسين وجمعة وغزلان، إضافة الى مندوبى التنظيم الدولى وقد وصلوا جميعًا ما بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحا وكان فى استقبالهم محمود عزت وانضم إليهم بعد ساعة خيرت الشاطر الذى كان بصحبة مهدى عاكف الذى أتى معه من الدقهلية، وهو الحال مع غالبية القيادات باستثناء المرشد الذى فضل الاستجمام داخل «كمبوند» يمتلكه رجل الاعمال حسن مالك بمرسى مطروح حتى دُعيا الى هذا الاجتماع، إلا أن الشاطر غير وجهته الى مكتبه بمدينة نصر لإحضار بعض الأوراق، وكان فى انتظاره كل من الدكتور محمد العقيد شقيق حارس الشاطر وشخص آخر من حركة حماس يدعى قسام الجعبرى لإبلاغه بأن هناك شُعبًا بأكملها داخل الاخوان ترغب فى النزول الى الميادين بعد بيان الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، لكنها تخشى التصادم مع الجيش، وقال أيضا: إن الخطط التى أعدوها تحتاج إلى كثافة عددية اكثر من ذلك اضافة الى الشائعات التى تتردد بين الإخوان بأن الشاطر قد هرب خارج البلاد وانه يطلب اللجوء السياسى، ونصحه بأن يمر على ميدان رابعة العدوية اولا لرفع الروح المعنوية للاخوان، وبالفعل وافق الشاطر إلا أن اتصالًا هاتفيًا من محمود عزت جعله يغير وجهته، بعد ان طلب من العقيد تبليغ الإخوة رسالة على لسانه تدعوهم الى التضحية بأرواحهم فى سبيل الجماعة وبذل الغالى والنفيس واستخدام الخطة «ب». بحضور الشاطر اكتمل النصاب اللازم لاتخاذ القرارات وتحدث المرشد اولا موجهًا كلامه إلى مندوبى التنظيم الدولى مطالبًا اياهم بضرورة دعم التنظيم فى مصر وتجنب تسريب أى تصريحات قد تفهم بشكل خاطئ يضر بالصالح العام للإخوان، وعدم التصريح لوسائل الاعلام بأى أمور تخص الشأن الداخلى لمصر، خصوصا لعدم لفت انظار العالم الى حجم التنظيم الذى أكد ان وصول مرسى للحكم ونجاح خطة تمكين الجماعة كان هو العامل الرئيسى فى احياء التنظيم الذى كان يحتضر قبل ثورات الربيع العربى، وحذر بديع من تدفق تحويلات قيادات التنظيم من الخارج إلى الداخل والعكس فى ظل مراقبة القوات المسلحة لاستقبال وإرسال الأموال، ولم ينتظر الشاطر حتى ينهى المرشد كلامه حتى قاطعه موجها كلامه الى مندوبى التنظيم الدولى قائلا: «أنا أعلم ان يوسف ندا لن ينسى ثأره القديم وهو من يسعى الى إحداث الفرقة بيننا وبينكم، وعليكم ان تعلموا انكم تابعون لنا وليس العكس، واذا أراد ان يسيطر ندا واعوانه على التنظيم الدولى فليذهب ويؤسس جماعته الخاصه وليس لكم سلطان على مكتب لندن حتى تهددونا»، يقاطعه مهدى عاكف قائلاً «ما جئنا اليوم لاحداث مزيد من التفرقة بيننا، والكلام الان لابد ان يدور حول الخروج من الازمة التى نواجهها». يعود الحديث مرة اخرى الى المرشد قائلا «بعد الاستماع خلال الايام الماضية الى توصيات مجموعة ادارة الازمات، يدخل الشاطر مقاطعا: وماذا عن مقترح اقالة الحكومة وتعيين اخرى يكون رئيسها ايمن نور؟»، وتدخل الدكتور محمود عزت محاولا اقناع الشاطر بأن هذا قرار سابق لاوانه خاصة أن المرشد لديه معلومات مؤكدة ان مجموعة الإصلاحيين داخل الجماعة وخارجها وعلى رأسهم عبد المنعم ابوالفتوح يحرضون القيادات الشبابية ضد مكتب الإرشاد وقياداته الحالية، فيقتنع الشاطر ويلتزم الصمت حتى يكمل المرشد كلامه. مرت دقائق عصيبة حتى انسحب الشاطر لاجتماع مغلق مع رؤساء المكاتب الادارية للاخوان بالقاهرة والجيزة واسيوط وسوهاج بهدف الوقوف على اخر التطورات، الحشد الى رابعة العدوية وبكل قوة فى حال حدوث اى انقلاب عسكرى خصوصا بعد مفاوضات قادها احمد عبدالعاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية قوبلت بالرفض مع بعض القيادات العسكرية التى حاول اقناعها بالوقوف الى جانب مرسى ضد اى انقلاب ضده، على ان يرث المتحالفون الفريق السيسى واعوانه داخل المؤسسة العسكرية، ولم يعلم الحضور بما دار داخل هذا الاجتماع، ثم حضر فى تمام الساعة الواحدة محمد البلتاجى وعصام العريان وحلمى الجزار عضوا المكتب التنفيذى للحرية والعدالة وهما فى قمة الاستياء من تأخر قرار التنحى وبعدهما مباشرة حضر كل من احمد عبدالعاطى رئيس ديوان رئيس الجمهورية ونائبه اسعد الشيخة بأوامر من الشاطر وحضر محمد على بشر وزير التنمية المحلية بدعوة من المرشد. وعلمت «الصباح» من مصدر داخل المكتب الادارى للاخوان بالقاهرة ان تعليمات الشاطر جاءت بضرورة نشر شائعات بوجود انشقاقات داخلية داخل المؤسسة العسكرية والحرس الجمهورى حال اتخاذ السيسى اى اجراء ضد شرعية مرسى او اى محاولات لعزله للوقيعة بين الجيش والشعب، وكذلك اقناع المؤيدين برابعة العدوية ان الولاياتالمتحدة تدخلت لإنهاء ازمة الرئيس وأن الامور عادت الى طبيعتها وما هى الا لحظات ويعود كل شىء كما كان عليه. اما فى اجتماع «العشاء الاخير»، فقد نشبت مشادة كلامية بين الشاطر وعلى بشر حيث وجه الاخير اللوم الى احمد عبدالعاطى لانه لم ينصح الرئيس بالتنحى بعد بيان القوات المسلحة والاكتفاء بدوره الذى على اساسه عينه الشاطر فى الرئاسة وهو تبليغ الرسائل الى الرئيس.. بعدها تحدث بشر الى المهندس اسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية قائلا «وانت لماذا لم تنصح الرئيس وتخبره بالصورة كاملة وعليك ان تبلغه بان الاجتماعات اهلكتنا واصبحنا غير قادرين على ما يرتكبه من اخطاء.. متسائلا عن خطاباته: لماذا لا تنصحه بالالتزام بالنص وعدم الخروج عليه والاستطراد الذى يثير الرأى العام ويجعل منه اضحوكة فى برامج قنوات الفلول». وبين حالات الشد والجذب قاطع العريان الجميع موجها كلامه الى الشاطر «هناك انباء ترددت انك زرت السفارة التونسية قبل ايام، وبعدها السفارة التركية ونريد توضيحًا هل لهذا علاقة باللجوء السياسى؟»، الا ان الشاطر لم يرد عليه واستمر فى كلامه الى بشر. ووسط حالة من الهياج العام بين اعضاء الارشاد تكلم جمعة امين مفكر الاخوان وعضو الارشاد الى الشاطر قائلا «صدق محمد العدوى حينما قال اخشى على الاخوان من طموح خيرت الشاطر، مازلت تبحث عن اقل الخسائر ولا تفكر فى مصلحة الجماعة، ولم تضع فى اعتبارك ان نهاية الجماعة ستكون على يد مخططاتك» فرد عليه عزت قائلا «هذا كلام سابق لاوانه والان ليس وقت الحساب»، لتهدأ الامور قليلا ويبدأ رشاد البيومى يتلو على الجميع ما توصلوا اليه قائلاً «عودة الى ما كان يقوله فضيلة المرشد قبل قليل فإن الخروج الامن للقيادات العليا بالجماعة والحزب والتأكيد على عدم حل الجماعة مثلما حدث مع الحزب الوطنى بعد ثورة 25 يناير وعدم تقديمنا الى المحاكمات كما حدث مع رموز الوطنى المنحل هو هدفنا الاساسى وبالمقابل يتم اقناع الدكتور مرسى بالتنحى وتخليه عن مسئولية الحكم والدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة ونكتفى بالانتخابات البرلمانية ودعم مرشح رئاسى جديد من خارج الجماعة، خاصة أن الجماعة على وشك اجراء الانتخابات الداخلية ولا نريد اهدار طاقات الشباب اكثر من اللزوم، بعد ان نمى الى علمنا أن هناك تحركات للإصلاحيين داخل الجماعة وخارجها مستغلين الاحداث للإطاحة بالقيادات وانتخاب مرشد وأعضاء ارشاد جدد». وافق الجميع على المسودة وبقيت الأزمة فى من سيتولى توصيلها الى الفريق السيسى، حيث تم الاتفاق من قبل القيادات على ان يكون الدكتور ايمن نور رئيس حزب غد الثورة هو الوسيط بين الجماعة والجيش، وعلى الرغم من استمرار الاجتماع لأكثر من عشر ساعات الا انه لم يتطرق اى من الحاضرين الى مصير الدكتور محمد مرسى وسبل الخروج الآمن له من الرئاسة، فى الوقت الذى اشارت فيه بعض المصادر المقربة من الدكتور مرسى بأنه يعيش حالة من الرعب والفزع من مصيره المجهول اضافة الى اتصالاته التى لا تنقطع بخيرت الشاطر ليطالبه بالتشاور مع الارشاد للحصول على اذن بالتنحى، الا ان الشاطر كانت له خططة الاخرى التى يسانده فيها عزت ورشاد البيومى رئيس قسم الطلبة داخل الجماعة، حيث علمت «الصباح» من مصادر مطلعة بمكتب الارشاد ان الشاطر قد قام بالتواصل مع قيادات حركة حماس بعد بيان القوات المسلحة محاولا اقناع حماس بتوجيه صواريخها الى اسرائيل ليتدخل الرئيس فيما بعد وبهذا يكون قد حصل على دعم من الامريكان الا انه لم يجد ترحيبًا بهذا الاقتراح، خاصة أن حركة حماس لا ترغب فى احداث مزيد من المشاكل مع القوات المسلحة، واضاف المصدر قائلا «هناك العديد من اللقاءات التى اجراها خيرت الشاطر مع مجموعة من الجهاديين وقيادات الجماعة الاسلامية بمدينة الرحاب داخل مقر الحرية والعدالة، وقد رصدت الاجهزة الامنية هذه اللقاءات وأرسلت خبيرا امنيا بالمعاش رسالة الى الشاطر انذره فيها من ان تصرفاته مرصودة وسيعاقب عليها مهما كان شأنه، خاصة بعد وقوع عدد من الحوادث باستخدام عبوات ناسفة». واختتم المصدر كلامه «شهدت الساعات الاولى بعد بيان القوات المسلحة الاول حالة من الارتباك، فقد تغيرت خطط الشاطر التى بناها على وعود الامريكان بأن الاخوان باقون فى السلطة، حيث كان يخطط للاطاحة ب37 قيادة داخل القوات المسلحة و17 لواء بالشرطة واقاله الفريق السيسى بواسطة التعديل الوزارى الذى سيترأسه عمرو دراج وزير التخطيط، وذلك بعد خطاب الرئيس الاخير بمعاونة الجهاز السرى للجماعة وقيادات من حماس وحركة حازمون الا ان القبض على مجموعة كبيرة منهم كانت موجهة للسيطرة على الميادين افشل هذا المخطط خاصة بعد تخلى ابواسماعيل عن الشاطر». وعلمت «الصباح» ان الشاطر تقدم بطلب للجوء السياسى له ولمجموعة من مكتب الارشاد الى عدة دول، حيث قال مصدر مقرب من المرشد «قبل الاجتماع الاخير ذهب الشاطر الى مكتبه لإحضار شنطة بها مجموعة من الاوراق وجوازات السفر لمجموعة من القيادات، حيث عرض اللجوء الى مجموعة من الدول بشكل شفوى وهى تونس وتركيا والولاياتالمتحدة ولم يلب طلبه الا من تونس التى يحكمها الاسلاميون، وذلك بعد ان كشفت اجهزة امنية رسائل كان عصام الحداد مستشار الرئيس للشئون الخارجية قد ارسلها لمجموعة من دول الغرب على رأسها الولاياتالمتحدة للاستعانة بها للضغط على المجلس العسكرى واجباره على النزول لإرادة حكم الرئيس كونهم السبب فيما وصلت اليه البلاد حسب نص الرسالة، اضافة الى تقديم الاخوان المسلمين كل الضمانات والتعهدات الى دول الغرب لمساعدتهم فى تخطى المحنة، مما اثار حفيظة القوات المسلحة التى اصدرت البيان الاول بعدها مباشرةً. اما عن الخطة «ب» التى اشرنا اليها سابقا، فقد علمت «الصباح» من مصدر موثوق داخل جبهة الاخوان الاصلاحيين ان مكتب الارشاد بدأ فى تنفيذ تلك الخطة على مراحل، قائلا «هى خطة بديلة فى حال سقوط الرئيس مرسى وتنحيه عن الحكم بانقلاب عسكرى ايا كان نوعه سواءً كان معلوما او مجهولا، وهى تعتمد على افتعال الاشتباكات مستخدمين حراس الشريعة امثال الجماعة الاسلامية والجهاديين للقيام بعمليات تثير الرعب والفزع بين المواطنين، وارتداء ملابس العسكريين لتنفيذ هجمات ضد المدنيين للوقيعة بين الجيش والشرطة من جانب وبين الشعب والجيش من جانب اخر، واخراج الاسلحة التى تم تهريبها لصالح الاخوان على مدار العامين الماضيين وتم تخزينها بالمقطم فى المبنى المجاور لمكتب الارشاد وهو ملحق امنى تجتمع فيه القيادات وقت الازمة.