غَزَت أسواق مدينة الإسكندرية الساحلية السمكة المُسممة والمحظور تداولها "سمكة الأرنب" أو ما يُطلق عليها "القراض" من قبل بائعيها بشكل غير مسبوق، ضاربين بعرض الحائط قوانين الرقابة التي تمنع تداولها لما تُسببه تلك السمكة من الوفاة خلال ساعات من تناولها، عبر تسرب السُم الكامن بأمعائها إلى أجزائها خلال عملية تنظيفها. رصدت إنتشارها بعدة أسواق شهيرة بالإسكندرية، يأتي أبرزها تواجد تلك السمكة المُسممة ب "حلقة السمك" بالانفوشي، سوق فيكتوريا شرق الإسكندرية، فضلاً عن تواجدها بسوق محطة مصر وسط المدينة، وذلك في ظل إنعدام الرقابة على أنواع الأسماك بعد قيام الثورة، بالتزامن مع وفاة خمسة أشخاص مؤخراً بمحافظة مرسى مطروح إثر تناولهم وجبة سمك الأرنب. وفي غضون ذلك كشف الدكتور سيد هارون خميس أحد أساتذة المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالإسكندرية خلال تصريحاته ل بأن تلك السمكة التي وصفها ب "المُفترسة" تُسبب الوفاة ولكن أعراضها تختلف من شخصاً لأخر وحسب المُستقبِل لها ومدى قابليته لكمية السُم التي تلقاها، موضحاً أن هذا النوع من السمك "محظور" بالإسكندرية ويوجد على رأس قائمة المحظورات السمكية التي تضم خمسة أنواع من السمك. وشدد "خميس" على خطورة غزو تلك الأسماك لمدينة الإسكندرية مؤخراَ لما سينتج عنها بين الأسر البسيطة التي لم تعرف نوع السمك عبر الخطأ في تنظيفها دون علمهم بإنتقال السم لأجزاء السمكة حال تناولها، في ظل تداول الأفراد "السيئ" لها. وقال "خميس" أنه يُشرف حالياً على أول رسالة دكتوراه بالبحر المتوسط تتناول خطورة تلك السمكة، موضحاً أن تلك السمكة قد صُدر قرار بمنع صيدها من البحر الأحمر وكذلك بالبحر المتوسط، موضحاً ان البائعين يقومون بسلخ جلدها وتنظيفها دون تسلل السُم لأجزائها ويبيعونها على إنها "فيليه"، مؤكداً أن الخطأ وارد بتسلل السم خلال عملية التنظيف. ومن جانبه قال رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى الرئيسي الجامعي،الدكتور حسني مُنتصر، أن هناك حالات وفاة تسببت بها سمكة الأرنب خلال الخمسة سنين الماضية بمدينة الإسكندرية، موضحاً ان المستشفى إستقبلت حالات عدة لأسر تناولت وجبة السمك المُسمم دون علمهم عن خطرها شئ. وأوضح "مُنتصر" أن سمكة الأرنب أو ما يُطلق عليها سمكة "القراض" تعمل على إنتشار السُم بجسم الإنسان بمُجرد تناولها ولكن بحسب كمية السم الذي تخلل لأجزاء السمكة خلال تنظيف أمعائها، الأمر الذي يُسبب شلل الإنسان ومن ثم ضيق وشلل بعضلات التنفس إلى ان تودي بحياته على الفور خلال ساعات من تناولها. وإلتقت بأحد بائعي الأسماك ب "حلقة السمك" بالأنفوشي، الذي يرفض تداول سمكة الأرنب، والذي أكد بدوره على أن تلك الآونة يتم بيعها في العلن وعليها إقبال في الشراء، بعد أن كان يتم حظرها قبل الثورة بأسواق الإسكندرية لخطرها المُميت، لافتا إلى تواجدها بكثرة من قبِل التجار لسعرها البخس مقارنة بحجمها الكبير، موضحاً أن الكيلوجرام منها يبلغ ثماني جنيهات على الأكثر. وأوضح البائع الذي رفض ذكر أسمه، أن هناك زبائن تعرف نوع السمكة وما تسببه ولكنهم يتمتعون بروح المغامرة ويشترونها بداعي معرفة تنظيفها دون أن يتسلل السم إلى أجزائها، قائلاُ "وأغلبهم يكونون ممن يمارسون الطهي بالفنادق والمطاعم الكُبرى لتقديمه كسمك فيليه دون أن يدري الزبائن بخطره حال تسرب السم لأجزاء السمكة المُميتة". وواصل : "قبل الثورة ما تقوم كان أي تاجر سمك يخاف يعرض الأرنب في فرشته علشان عارف اللي هايحصل معاه، كانت الشرطة بتعدم البضاعة بأكملها وتقبض على التاجر وتدفعه غرامه كبيرة علشان يطلع من تاني"، منوهاً إلى أن تلك الأسماك تأتي من رشيد والبُرلس وأصبحت بكافة أسواق الإسكندرية حالياً. وفي هذا الصدد كانت هيئة الثروة السمكية بالمنطقة الغربيةبالإسكندرية قد أصدرت بياناً تحذيرياً حول خطورة سمكة "الأرنب" بالتزامن مع إنتشارها، أوضحت من خلاله شكلها ومناطق تواجدها – بالبحر الأحمر والأبيض وخليج السويس – وأماكن تواجد السُم بالسمكة – بالكبد والأمعاء والجلد والمناسل والخياشيم – ويُطلق عليها سمكة "القراض". وأوضح بيان الثروة السمكية أن سمكة "القراض" منذ سنوات عدة لم تكن موجودة بتلك الأعداد الكبيرة خاصة بالبحر المتوسط، ولكن هاجرت تلك الأسماك من البحر الأحمر إلى المتوسط وتعرف عليها صيادو الإسكندرية وبدءوا يتداولونها. وشدد البيان على أن تلك السمكة يوجد منها 39 نوعا بحريا و28 نوعا يعيش في المياه العذبة، موضحين إنها تحارب صيادي الأسماك الذين يقولون أنها تُعيث فسادا في شباكهم بأسنانها القاطعة ما يزيد من الأعباء على كاهلهم، لافتين إلى أن الكارثة لم تكمن في مهاجمة تلك السمكة لشباك الصيادين عنوة، بل لأنها تُسمم من يتناولها. وحذرت الهيئة العامة للثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، من خطورة تناول سمكة الأرنب أو سمكة القراض التي يتم بيعها بالمناطق الشعبية، لأنها قد تؤدى إلى الوفاة فورًا نظرًا لشدة سميتها، مشيرة في بياناً لها إلى أن تناول وجبة سمكة القراض يؤدى في بعض الأحيان إلى توقف القلب تماماً لمدة 72 ساعة. ولفت البيان إلى أن السمكة تسببت في تسمم معظم من تناولوها خاصة في المناطق الساحلية كالسويس والإسماعيلية والإسكندرية ومطروح، موضحاً أن سمك القراض يحتوى على مواد شديدة السمية ويسبب الوفاة في ساعات إذا لم يتم الحصول على المصل المضاد ونظرًا للتكلفة العالية في سعره لا يوجد أمصال أو طعوم ضد هذا السم.