وصفت بالعديد من الأوصاف منها "سيدة القلوب" بين أوساط الشباب والفتيات فى الصين، و"سفيرة الدبلوماسية الناعمة"، بين المحللين ووسائل الاعلام المحلية والعالمية، الا أن الصين لم تشهد فى تاريخها من قبل اهتماما بإحدى زوجات رؤساء الصين السابقين، مثلما شهدته المتابعة والاهتمام وتسليط الضوء لقرينة الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ، مطربة الأوبرا والفلكلور الشعبي الأشهر فى الصين بنغ لي يوان، بل فاقت الاهتمام والتسليط الاعلامي على أحد زوجات الرؤساء السابقين منذ زوجة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ عندما تزعمت ما عرف تاريخيا باسم "عصابة الأربعة" أثناء "الثورة الثقافية" منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مع الاختلاف الكبير بين السيدتين في الشخصية وموضوع الاهتمام . فمنذ اللحظة الأولي لظهور سيدة الصين الجديدة وهي متأبطة ذراع زوجها الرئيس الصيني في محبة واضحة، وتهبط من الطائرة الرئاسية فى مطار العاصمة الروسية موسكو، وهناك حالة من الانبهار والاعجاب داخل المجتمع الصيني بوجه عام ومجتمع الشباب بوجه خاص، إضافة لمتابعات الاعلام العالمي منذ وقتها، فقد أوجدت هذه الصور للسيدة الأولى في اول ظهور رسمي لها اهتماما غير عادي وانبهار بالتفاصيل الدقيقة من ابتسامة ذات ملامح رقيقة، وأناقة وثقة وشباب سيدة الصين الأولى والتي لم يظهر عليها أي ارتباك بل قامت بإجراء حوارات مع وسائل الأعلام العالمية وهو أمر غير معتاد على سيدات الصين السابقين. وداخل الصين تبادل الشباب والفتيات صور السيدة الأولى على كافة المنتديات عبر شبكة الانترنت الدولية، وعبر الرسائل الشخصية للتتليفونات المحمولة، معنونة برسائل الحب والاعجاب والمتابعة لتفاصيل اناقة ومظهر السيدة الأولى فى محاولة تقليد طريقة اللبس والمكياج وتصفيف الشعر، بل إن تبادل الصور وتعليقات الاعجاب وصل إلى ما يفوق عشرات الملايين من الرسائل والصور والقصص التى تعلق على السيدة الاولى للصين فى أشهر منتديات التواصل الاجتماعي فى الصين مثل " سينا ويبو، وتاوباو، وواي شات وميمو وكي زون وغيرها" بل فاق معدل الدخول بحثا عن أخبار سيدة الصين الأولى داخل الصين بشكل جنوني ما فاق البحث عن مشاهير ورؤساء العالم. وكتب مستخدمو موقع "سينا ويبو" الشهيرين الشبيه "بتويتر وفيسبوك" جمل تحمل معاني الاعجاب والانبهار والفخر بقرينة الرئيس الصيني مثل بنغ لي يوان الجميلة والرصينة ورحبة الصدر، وكتب اخر "من يستطيع الا يعجب ويسعد بسيدة مثلها، وتبادل عشرات الالاف فى أول يوم لظهورها على برنامج ، واي شات وميمو للمحادثات التليفونية صور بنغ لي ووصفاها بسيدة القلوب الصينية" فيما قام موقع "تاوباو" للتسوق الالكتروني في الصين بعرض معاطف مشابهة للتي كانت ترتديه قرينة الرئيس الصيني للبيع وكتب في الاعلان عنه "نفس موديل معطف السيدة الأولى، فيما احتلت الأحذية التى ارتدتها وملابسها والاكسسوارات واجهات المحلات فى الصين للإقبال الكبير على شرائها". والغريب فى القبول غير العادي لسيدة الصين الأولى لدي المجتمع الصيني أنها كانت بالفعل ذات شهرة أوسع وتسبق زوجها الرئيس شي جين بنغ بكثير، فبمجرد الاعلان عن تقلد الزعيم الصيني شي جين بينغ، منصب السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في الجلسة الكاملة الأولى للجنة المركزية ال18 للحزب الشيوعي الصيني، ايذانا لاعلانه رئيسا جديدا للصين فى مارس الجاري ظهر على الساحة اسم زوجته "بنغ لي يوان" والتى تعد ذات شهرة كبيرة فى الصين على المستوى الشعبي، حيث اعتاد ملايين الصينيين على مدار 25 عاما رؤية بنغ والتي ذاع صيتها وشعبيتها من مدينة شنغهاي كمغنية أوبرا "سوبرانو" وتجيد الأغاني الوطنية الشعبية والتراثية الفلكلورية الصينية، وتحمل رتبة جنرال في جيش التحرير الشعبي الصيني، وعلى عكس زوجات الزعماء الصينيين السابقين تحظى بينغ بالشهرة ومعرفة وجهها لدى المواطنين الصينيين قبل تسلم مهامها كزوجة رئيس الصين من خلال احياء حفلات رأس السنة الوطنية فى التليفزيون الوطني وألبومات اغانيها فى كافة البيوت الصينية. وزادت شهرة السيدة الأولى الصينية بنغ لي يوان بعدما اختيرت سفيرة للنوايا الحسنة المعنية بشئون مكافحة السل والإيدز، كما حصلت على جوائز عديدة لأدائها الغنائي وعملها في الميدان الإنساني، كما كانت لها جهود طيلة أكثر من خمسة أعوام، مع وزارة الصحة الصينية من أجل نشر الوعي بالأمراض والوقاية من الإصابة بها. كما عرفت سيدة الصين الأولى من خلال قصة حبها الشهيرة مع الرئيس شي جين بينغ عندما كان يتولى منصب نائب عمدة مدينة شيامن جنوبي شرقي الصين منتصف ثمانينيات القرن الماضي. من جانبه، يقول وانغ فان الأستاذ بالجامعة الصينية للشئون الخارحية أن دور زوجات الزعماء يمكن ان يكون اضافة جيدة لدبلوماسية الدولة، حيث بإمكانهن المشاركة في الأنشطة غير الحكومية المقامة على هامش الاجتماعات الرسمية، مما يضيف لمسة ناعمة للدبلوماسية الرسمية ويساعد في تعزيز الصورة الوطنية للصين. ووصف دور بنغ بالمتميز، حيث تتحمل عبء مسؤولية الدبلوماسية الصينية الشعبية، كما يعكس الدور الذي تؤديه زيادة اهتمام الحكومة بالدبلوماسية العامة، ونتيجة لصعودها كقوة اقتصادية، تقدر الصين كثيرا العلاقات الشعبية، في تحول دقيق من تركيزها الشامل على الروابط الرسمية في السابق. على المستوى الشعبي الصيني أحدثت سيدة الصين الأولى بنغ لي يوان تأثيرا إيجابيا ملفتا على قطاع الملابس الصينية، وحالة من حمى شراء الملابس التي تشبه ما ارتدته فى رحلتها الخارجية بصحبة الرئيس الصيني، حيث شهد قطاع الملابس صعودا كبيرا في سوق الأسهم الصينية، كما حدث تغير سريع في الرأي العام الداخلي والبيئة الثقافية تجاه الملابس الصينية، وكل ذلك يشكل مؤشرات قوية كما يصفها المراقبون فى الصين . ومع تمتع صناعة الملابس في الصين بأسس متينة، كما أن قدرات الإنتاج في قطاع الملابس الصينية تعد فريدة في العالم الا أن سمعة علامات الملابس الصينية لاتزال ضعيفة، حيث لايزال المجتمع الصيني عامة شغوف بالموضة الأوروبية والأمريكية، رغم القدرات الكامنة الكبيرة لقطاع الملابس الصينية، ولذلك كان لظهور بنغ لي يوان السيدة الصينية الأولى بملابس صينية الصنع وقعا داخليا وخارجيا كبيرا حيث فتح الباب على مصراعيه بالنسبة لهذه القوى الكامنة، حيث عاد الصينيون من جديد للتعرف على قطاع الملابس الصينية، وإعادة تقييم مستقبل العلامات الصينية المحلية، بعيدا عن الولع والشغف بموضة الملابس في أوروبا وأمريكا. ويقول محللون صينيون أن تراكمات النجاح التي حققتها بنغ لي يوان خلال مسيرتها وهبتها رمزية استثنائية مع موقعها اليوم كسيدة أولى، لكن من الواضح أنه لا يمكننا رمي آمال تغيير مصير صناعة الملابس الصينية على السيدة الأولى، لأن حظ الصناعة الصينية لن يكون بهذه السهولة، فى وقت أعطت السيدة الأولى النموذج في دفع علامة الملابس الصينية، لكن ثقة الصينيين في ثقافتهم وملابسهم في حاجة إلى مزيد من نقاط الإرتكاز، وفي الحاجة إلى إسهامات المزيد من الأشخاص والقوى. ووصفوا السيدة الأولى بنغ لي يوان بأنها جلبت صحوة لمشاعر الثقة لدى المجتمع الصيني في العلامات الصينية، على أمل من هنا فصاعدا ألا تتراجع مرة أخرى ثقافة الثقة في النفس في كافة الدولة، وإلى حد ما يمكن القول أن التحديث الصيني يعد مرحلة لتخلص الصين من أزمة الثقة في العلامة والثقافة، لذلك كان للدبلوماسية الشعبية التى تقوم بها سيدة الصين الأولى أقوى تأثير حالى لظهور الصين بمظهر مختلف مبهر داخلي وبين الاوساط العالمية.