حالات يحق للمرأة من خلالها إنهاء عقد العمل وفقا للقانون الجديد    النقل تكشف حقيقة حدوث انهيار جزئي في محور بديل خزان أسوان    أبو عبيدة بخير، أول تصريحات للناطق باسم القسام بعد مزاعم اغتياله برفقة السنوار    موناكو يعلن التعاقد مع إيريك داير من بايرن ميونيخ    وسط أجواء إيجابية.. وزير الشباب والرياضة يدعم منتخب الشباب قبل مواجهة المغرب    حسام عاشور: الخطيب فاجأني.. وانتظروني قريبًا في الأهلي    أكاديمي: إغلاق بيوت الثقافة جريمة في حق الوعي    مايا دياب تحيي حفلا في البحرين 29 مايو    طريقة عمل المنسف الأردني بالخطوات الأصلية    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    مصرع طالب دهسه قطار أثناء عبوره المزلقان بأسوان    تحويل قصور الثقافة إلى حضانات يُشعل الغضب تحت قبة مجلس النواب    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه «قولولي مبروك»|فيديو    أمين الفتوى: صلاة المرأة في المنزل خلف إمام المسجد في المنزل غير صحيحة شرعًا    مسؤول سابق بالبنتاجون: الناتو يحتاج لتعزيز الدفاع وزيادة الإنفاق    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    حملات موسعة على التجار المخالفين في كفر الشيخ    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    خطة ترامب لخفض الضرائب تجتاز خطوة مهمة في مجلس النواب    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    إحالة مخالفات امتحانية بإحدى المدارس الفنية في دمياط للتحقيق    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    ليفربول يستعد لميركاتو قوي في الصيف بحيلة فسخ التعاقد    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    أدعية يستحب ترديدها وقت وقوع الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمليات القذرة لجماعة الإخوان في سوريا
نشر في الموجز يوم 22 - 06 - 2013

مثل نظيرتها في مصر تحاول جماعة الإخوان المسلمين في سوريا القفز علي سفينة الثورة السورية وقطف ثمارها قبل أي فصيل سياسي آخر وذلك عندما يحين الوقت المناسب.. تحاول الجماعة ذلك رغم أن الغالبية العظمي من أعضائها يعيشون خارج سوريا وكذلك رغم عدم مشاركتها في الأحداث الجارية هناك بفاعلية مثل قوي أخري.. ومع ذلك تحاول استمالة القوي السياسية والإسلامية هناك من أجل إيجاد مكان لها علي المسرح السياسي الذي يسيطر عليه قوي أخري مثل الجهادية السلفية.
وتأتي الدراسة المنشورة في مؤسسة كارنيجي مؤخرا بعنوان (الصراع من أجل التكيف: جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الجديدة) للباحث السويدي أرون لوند المتخصص في شئون الشرق الأوسط والتي قامت بتعريبها نسرين جاويش الباحثة في العلوم السياسية لتلقي الضوء علي الجهود المبذولة من قبل هذا جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة علي مقاليد الأمور، وتصدر المشهد السياسي السوري مؤكداً أن العائق الأساسي في ترسيخ جماعة الإخوان المسلمين ذاتها في التمرد القائم في سوريا هو وجودها في المنفي، وممارستها لنفوذها داخل الأراضي السورية من خلال شبكة من التحالفات غير الرسمية مع شخصيات إسلامية وقادة الثوار عبر الروابط الأسرية والمنظمات الخيرية المستقلة.
في دراسته يؤكد "لوند" أن صعود الجماعات السلفية المتشددة وتشكيكها في أيديولوجية الإخوان المسلمين المُعتدلة نسبياً هو العائق الأكبر في طريق الجماعة لترسيخ نفسها من خلال الشباب.. مشيرا إلي أنه منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 لم تحظ أي جماعة معارضة أو فصيل معارض لنظام الأسد بهذا القدر من الاهتمام وتسليط الضوء عليه كما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين. وعليه، يري لوند من الأهمية بمكان ضرورة تسليط الضوء علي هذه الجماعة، أو كما يُطلق عليها الحركة السرية، واستعراض تاريخها، ونشأتها، وكيفية تأثيرها في مسار الأحداث في الأراضي السورية من المنفي وشبكة التحالفات غير الرسمية التي تعمل من خلالها، لينتقل بعد ذلك إلي استعراض صراعها مع السلفية الجهادية للتوصل إلي تحديد القوة الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين كطرف فاعل في أحداث الثورة السورية.
يستهل لوند تحليله بتأكيد حقيقة مفادها "أن جماعة الإخوان المسلمين السورية ليست بالقوة كما يُعتَقَد عموماً، إلا أنها تبقي طرفاً فاعلاً أساسياً في الأحداث السورية، وجماعة الإخوان تحاول الابتعاد عن التطرف، علي الرغم من طموحاتها النظرية، وسجلها الحافل بالعنف الطائفي، فهي تروج لنهج إسلامي معتدل، وتسعي إلي مراعاة المخاوف المتعلقة بأيديولوجيتها. ويقاتل عدد من المجموعات المسلحة المرتبطة بالجماعة في سوريا، وترفض قيادة الجماعة أن تقر بأنها تمتلك فصيلا مسلحاً. والمنظمة اليوم إما تسيطر علي عشرات الوحدات شبه العسكرية الصغيرة داخل سوريا، وإما ترعاها".
المنفي والاستبعاد
يستعرض "لوند" في البداية نشأة الجماعة في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وكيفية التخلص منها بالكامل في الأراضي السورية، وبقاءها في المنفي، ليبقي الفصيل المنشق فقط بالداخل لما يقرب من ثلاثين عاماً مع انشغال هذا الفصيل بالنزاعات الداخلية القائمة علي أسس طائفية وشخصية. . وبناء علي ذلك فقد فشلت الجماعة في تجديد صفوفها أو إعادة تأسيس نفسها داخل سوريا، وهو ما جعلها جماعة مهترئة في الداخل. ويبدو ذلك جلياً من عدم قدرة زعيم الجماعة الحالي "محمد رياض الشقفة" علي السيطرة تماماً علي أتباع سلفه "علي صدر الدين البيانوني".
وأوضح "لوند" أنه رغم سعي الجماعة الدءوب لجعل نفوذها أمراً محسوساً من خلال تأسيسها للمجلس الوطني السوري في أكتوبر 2011 في اسطنبول، وبقائه كأهم الأطراف المعارضة في المنفي حتي نوفمبر 2012؛ فإنها لا تزال تعاني ضعف تأثيرها بداخل الأراضي السورية، نتيجة فشل محاولاتها الحثيثة للتواصل مع الناشطين والمقاتلين الشباب، فزخم الثورة أقوي منها، بالإضافة إلي اتجاه المتدينين المحافظين في الريف للجماعات السلفية المسلحة -التي نشأت حديثاً- باعتبارها العنصر الفاعل القوي علي الأرض في الوقت الحالي.
وقد دفعت هذه العوامل وفق ما ذكرت الدراسة - الجماعة لمحاولة التواصل مع الداخل السوري من خلال استخدام وسيلة الدعم المالي لاستمالة الجماعات الإسلامية الثورية، التي يقف أمام تقدمها نقص التمويل إلا أن هذه الإستراتيجية كانت ذات تأثير محدود حتي الوقت الحالي، خاصة مع ما يقابله من صعود سريع، وبخطي ثابتة للسلفية في الداخل السوري..
ويري "لوند" إلي أنه رغم محدودية تأثير جماعة الإخوان المسلمين في الداخل السوري إلا أنها تتميز بكونها لاعبا سياسيا منضبطا وفعالا، ولا تزال قوة مؤثرة في مجتمع الشتات، ولكنها تفتقر إلي القوة البشرية والسلطة داخل سوريا، وكذلك يواجهها خطر إذا ما تخلي المجتمع الدولي عن تأييد ودعم تحالفات المجلس الوطني السوري، والائتلاف الوطني، فإن استثماراتها في هذه القيادات ستكون بدون طائل أو فائدة.
ثقافة السرية
ويؤكد "لوند" أنه من الناحية النظرية، فإن جماعة الإخوان تتصف بكونها تنظيما شبه ديمقراطي، رغم أنه مركزي إلي حدّ كبير، فيه مؤسّسات محدّدة وانتخابات. لكن، من الناحية العملية، كثيراً ما شوّه الاقتتال الداخلي والقمع السياسي حسن سير عمل هذا النظام. فالجماعة سرّية للغاية، وتعمل بشكل روتيني عبر تنظيمات أخري تُستخدم كواجهة، وتستخدم وسائل غير رسمية، بالاعتماد علي دعم المجتمع الإخواني الدولي الأوسع خارج سوريا.
ويوضح أن "ثقافة السرية" هي التي ساعدت علي بقاء جماعة الإخوان المسلمين علي قيد الحياة علي مدي ستة عقود من السياسة السورية، ومن هنا تأتي براعتها في فن السياسة غير الرسمية، والسعي لحشد الأشخاص من غير الأعضاء لصالح قضاياها، بينما تبقي هي بمثابة القوة غير المرئية في الخلفية.. ويُدلل "لوند" بذلك علي قوة التنظيم وارتباطه، وكذلك قدرته علي العمل من خلال جماعات ومؤسسات أخري كواجهة له بمنظمة "وطن" الجديدة نسبياً، والمُسجلة بانجلترا، علي أنها من الممكن أن تكون إحدي الواجهات الجديدة لجماعة الإخوان السورية حيث تخدم مثل هذه الجماعات أغراضاً محدّدة بشكل مستقلّ عن جماعة الإخوان المسلمين، لكن أيديولوجيتها المشتركة وعضويتها تسمحان لها بتبادل الموارد، ودعم بعضها بعضاً في المحافل الكبيرة.
وأكد الباحث السويدي أنه رغم الانقسامات الداخلية والانشقاقات فقد تمكنت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا من الاستفادة من حضورها القوي في مجتمع اللاجئين السوريين، وصلاتها مع الدول المؤيّدة للمعارضة مثل تركيا وقطر، للحصول علي دور محوري في التحالفات البارزة لمعارضة المنفي، بما في ذلك المجلس الوطني السوري، والائتلاف الوطني.
تحالفات للمعارضة
في الجزء الثاني من تحليله لجماعة الإخوان المُسلمين السورية ينتقل "لوند" إلي قدرة الجماعة علي تشكيل تحالفات للمعارضة، في الوقت الذي يبزغ فيه نجم السلفية الجهادية ومواجهتها للجماعة، ليؤكد أن اندلاع الثورة السورية خلق مجموعة من التحديات والفرص للجماعة التي كانت إبان اندلاع الثورة لا توجد داخل الأراضي السورية سوي بأعداد قليلة، ولكن العدد الأكبر كان في المنفي، وهو ما يعكس حقيقة مهمة، مفادها "افتقار الجماعة للسيطرة علي الأحداث علي الأرض".ومن ثم، كان لزاماً عليها العمل مع العديد من جماعات المعارضة المختلفة في محاولة منها لاستمالة أكبر عدد ممكن من هذه الجماعات، وكذا استمالة صناع السياسة الغربيين والعرب لصالح تأييدهم.. ويوضح أن الجماعة اتبعت في سبيل تحقيق ذلك عدة مناح متلازمة منها:
- إطلاق العنان للموالين لها للانخراط في الحركة الثورية المتنامية، وتأييدها لبعض مؤتمرات معارضة المنفي في عام 2011، كما لعب النشطاء المرتبطون بجماعة الإخوان دوراً رائداً في إنشاء شبكات إعلامية مؤثّرة أيديولوجياً.. وفي السياق ذاته أيضا التزمت جماعة الإخوان حتي الآن برسالة إسلامية معتدلة رغم اللهجة الطائفية والراديكالية المتزايدة للخطاب الثوري في سوريا.. وعلي امتداد الانتفاضة حاولت جماعة الإخوان علي الدوام تأكيد اعتدالها، وتسامحها، وبراجماتيتها لطمأنة حلفاء المعارضة والحكومات الأجنبية والأقليّات الدينية في سوريا
علي الصعيد ذاته.. امتنعت جماعة الإخوان عن الدعوة إلي استقالة بشار الأسد إلي أن اتّضح تماماً أن الشارع الثوري السنّي لا يطالب بما هو أقلّ من تغيير النظام من الجذور. وبدلاً من الدعوة إلي قيام دولة دينية إسلامية، روّجت الجماعة لمفهوم غامض عن "الدولة المدنية".. كما قامت في مارس 2012 بإصدار برنامج سياسي يدعم حقوق الأقليّات والديمقراطية التعدّدية.. ويستعرض "لوند" أهم التحالفات التي سعت إليها الجماعة، والمتمثلة في "مجموعة العمل الوطني من أجل سوريا"، التي أُنشئت في أوائل عام 2011 من قبل مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان الشباب المرتبطة بفصيل حلب، وكانت المجموعة بقيادة أحمد رمضان، وهو رجل أعمال غير معروف، وناشط مؤيّد للفلسطينيين. وضمّت قائمة الأعضاء المؤسّسيين أيضاً الحليف المقرّب من البيانوني، عبيدة نحاس. وفي الوقت الذي ترددت فيه قيادة الإخوان في بدايات الثورة بالعمل العلني، مضت مجموعة العمل الوطني علي الفور إلي بناء التحالفات. وقد لعبت دوراً رائداً في إنشاء المجلس الوطني السوري في سبتمبر 2011، وانتخب أحمد رمضان لعضوية المكتب التنفيذي في المجلس، وسرعان ما صار واحداً من أعضائه الأكثر نفوذا.ً.
بعد ذلك كما يقول "لوند"- دعت قيادة الجماعة إلي اجتماع نادر موسّع لمجلس الشوري لتقرير ما إذا كان التنظيم سيدخل في عضوية المجلس الوطني السوري، أو الانضمام إلي مشروع وحدة منافس، جنباً إلي جنب مع جماعات المعارضة العلمانية اليسارية في قطر، وقد اختارت جماعة الإخوان المجلس الوطني السوري، الذي عقد مؤتمراً صحفياً يوم 8 أكتوبر 2011، للإعلان عن هيكله النهائي وقيادته.. وقد حاولت الجماعة جاهدة البقاء بعيداً عن الأضواء، وهو الأمر الذي حافظت عليه طوال الثورة، حتي بعد انضمامها إلي المجلس الوطني السوري.. وبدلاً من طرح مرشحها، أيّدت الجماعة سلسلة من اليساريين العلمانيين لتولّي منصب رئيس المجلس الوطني السوري هم برهان غليون (أكتوبر 2011 إلي مايو 2012)، وعبدالباسط سيدا (مايو نوفمبر 2012)، وجورج صبرا (منذ نوفمبر 2012).
ورغم ذلك، وكما يؤكد "لوند" فقد استغلّت جماعة الإخوان الشبكات الخاصة بها لتعزيز المجلس الوطني السوري وساعدت في ترتيب المؤتمرات الدينية والفتاوي لصالح المجلس، وروّجت للجماعة من خلال قنواتها الإعلامية، وتنظيمات الواجهة، وأثبتت شبكة الاخوان المسلمين العالمية أنها ذات فائدة.. وكان التأثير الإخواني واضحاً في الموقف القوي المؤيّد للمجلس الوطني السوري الذي اتّخذته قطر، حيث برزت في السنوات الأخيرة ، باعتبارها الراعي الرئيس لحركة الإخوان الدولية، وتيسيرها لحصول جماعة الإخوان علي تبرع بمبلغ 20 مليون دولار من الحكومة الليبية في خريف عام 2012 ، وهو ما يمثّل نصف التدفقات النقدية المتراكمة الخاصة بالمجلس الوطني منذ إنشائه.. وكان الشخص الذي وقّع القرار هو الليبي مصطفي أبو شاغور، الذي صادف في ذلك الوقت أنه كان مرشّح جماعة الإخوان المسلمين الليبية لمنصب رئيس الوزراء.
ويتابع "لوند".. في نوفمبر 2012، أعيد تشكيل المجلس الوطني السوري وتوسيعه ليضم أكثر من 400 عضو. وقد عزّزت الانتخابات الداخلية التي عقدت في الدوحة هيمنة الإسلاميين في الأمانة العامة للمجلس الوطني، وفي المجلس التنفيذي. وانتُخِب المسيحي الماركسي جورج صبرا رئيساً للمجلس، لكنه يملك سلطة مستقلّة محدودة، كما انتُخِب محمد فاروق طيفور، من جماعة الإخوان المسلمين، نائباً له.
وبعد انتخابات الدوحة مباشرة وافق المجلس الوطني السوري علي مضض علي الدخول في تحالف آخر، هو الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية الذي تأسّس بعد ضغوط مكثّفة من قطر والولايات المتحدة، اللتين كانتا قد فقدتا ثقتهما بالمجلس الوطني، ورغبتا في إعادة هيكلة قيادة المنفي لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة في المنفي. ويبدو واضحاً أن بعض مخاوف الولايات المتحدة بشأن المجلس الوطني تركّزت علي النفوذ الكبير جداً لجماعة الإخوان المسلمين.
بروز متزايد
وتشير الدراسة إلي أن الخطر الأكبر الذي يواجه الجماعة يتمثل في بروز الجماعات الإسلامية السلفية علي نحو متزايد داخل حركة التمرّد السورية منذ بداية الانتفاضة حيث يساعد هذه الجماعات مموّلون أقوياء في الخليج إضافة إلي البيئة الطائفية المستقطبة بصورة حادّة في سوريا، فضلاً عن ضعف قوي المعارضة الأخري.
ويري "لوند" أنه بسبب عدم وجود خيارات أفضل، فقد اختارت جماعة الإخوان العمل مع بعض الحركات السلفية الجديدة داخل سوريا، في محاولة لاستمالتها، أو الاستفادة من قوتها المتنامية. ومع ذلك، نأت الجماعة بنفسها عن الفصائل الأكثر تشدّداً، أي ما يسمي (السلفية الجهادية)، وهذا يتعلّق خاصة بجبهة النصرة، التي صنّفتها حكومة الولايات المتحدة كياناً إرهابياً في ديسمبر 2012 ، وبايعت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أبريل 2013.. وفي هذا الإطار يري الباحث السويدي أن جماعة الإخوان حريصة علي تجنّب تعريض صورتها المعتدلة للخطر، أو استعداء الغرب.
وعلي غرار معظم المعارضة السورية، بمن في ذلك العديد من العلمانيين، برزت جماعة الإخوان للدفاع عن الجهاديين في مواجهة وصف الولايات المتحدة لهم بالإرهاب.. وشارك أعضاء الجماعة في تمويل حركة أحرار الشام الإسلامية (سابقاً كتائب أحرار الشام)، وهي مجموعة سلفية أقلّ تطرّفاً من جبهة النصرة وتسيطر علي الجبهة الإسلامية السورية، وهي تحالف إسلامي كبير.
استخلاصات ختامية
ويُنهي آرون لوند دراسته بتأكيد عدة حقائق مترابطة منها أن جماعة الإخوان أبعد ما تكون عن كونها القوة المهيمنة التي يتصورها المتمردون كما يصفهم -، وأنصار النظام والمحلّلون الأجانب علي حد سواء. ولكن نظراً إلي مهاراتها السياسية التي أثبتت جدواها، وقدرتها علي التكيّف مع الظروف المتغيّرة، فمن المؤكد تقريباً أن تظل طرفاً فاعلاً في السياسة السورية لسنوات مقبلة.
ويشير "لوند" إلي حقيقة أخري تتمثل في أن إخفاقات الآخرين أفادت الجماعة.. موضحا أن السبب الحقيقي للنجاح الذي حقّقته الجماعة في المنفي يرجع إلي الإرباك الهائل الذي تعانيه باقي المعارضة.وما دامت الأطراف المنافِسة عاجزة عن تنظيم نفسها، فستكون جماعة الإخوان هي الفائزة في غياب البدائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.