يتصدر العدد المزدوج 21-22 من مجلة "البيت" التي يصدرها بيت الشعر في المغرب٬ حوار واحتفالية بالشاعر الكبير محمد السرغيني٬ تحت عنوان "شعرية الاحتفاء بالعقل". واعتبر الشاعر رشيد المومني٬ في مقدمة تمهيدية لهذا الحوار الذي حاول من خلاله الاقتراب من الخصوصيات الجمالية للتجربة الشعرية لهذا المخضرم٬ أن المسار الإبداعي للسرغيني يعد من أهم التجارب الرائدة والمتمنعة عن سطوة ما توظفه القراءة النقدية من استراتيجيات للاقتراب من حركية وأنساق الكتابة وبنياتها الجمالية والدلالية٬ حيث أن "النصوص (في حالة شاعرنا) منتشية بأسفارها الدائمة والمتجددة عبر ما تقترحه جغرافية الكون وأزمنته العتيقة والحداثية من مفارقات٬ لا تتسع لها عبارة الشاعر الذي لا تطمئنه القصيدة على الإقامة في منعطف ما من منعطفاتها الآمنة٬ ولا جبة الصوفي الحال في لا معناها٬ أو تأملات الفيلسوف المرتاب أبدا من حبر طروسه...". وتأسيسا على ذلك٬ يؤكد المومني أن وظيفة الالتفات جهة رؤية الشاعر لكتابته٬ والمعبر عنها في تضاعيف الحوار٬ "تنحصر في اقتراح إضاءات ممكنة لتلك العتمات النصية٬ التي تأخذ شكل حجاب يجلل القراءة بدكنة الالتباس٬ كما يصدها عن ممارسة تواصلها المتكامل مع شعرية النص٬ فضلا عن كونها تقترح علينا فكرة التعامل مع الحوار باعتباره نصا محايثا٬ قد يكون هو أيضا قابلا للتأويل٬ أو المقاربة عبر مداخل النص"٬ مشيرا إلى أن استحضار نصوص المجموعة الشعرية "فوق الأنقاض تحت الأنقاض" كخلفية لما تضمنه الحوار من إشكاليات نظرية٬ يستند إلى "اعتبارنا إياها منعطفا مهما في مسار الشاعر محمد السرغيني الغني بهبات دواوينه التي سبق أن قاربناها في أكثر من دراسة وأكثر من مقام٬ نذكر منها: (ويكون إحراق أسمائه الآتية٬ بحار جبل قاف٬ الكائن السبئي٬ من أعلى قمم الاحتيال)". كما تضمن العدد أيضا حوارا أجراه الشاعر حسن نجمي مع الباحث أحمد عصيد بعنوان "الشعر٬ اللغة٬ الهوية وتجربة الكتابة"٬ رصد من خلاله مكونات الثقافة والكتابة الامازيغية والمسار الابداعي والانساني والنضالي لهذا الاسم الامازيغي "المشع بحواره الثقافي واللغوي والأدبي والفني في حومات الصراع الثقافي الوطني في المغرب وفي عمق النقاشات حول الثقافة واللغة الأمازيغيتين (...) حيث تكاد شخصيته كشاعر تمحي تحت ظلال الفاعل الثقافي الأمازيغي"٬ مضيفا "من هنا هذا الحرص لدينا في أسرة مجلة (البيت) على أن ننفتح على أحد أصوات التجربة الشعرية المغربية المعاصرة بالأمازيغية... نريد أن نندس بفرح في تجربته الشخصية ومن خلاله في سيرورة الشعرية المغربية بالأمازيغية". وجاء العدد حافلا بالنصوص الشعرية والدراسات حيث اشتمل في باب "أراض شعرية" على عدد من المساهمات الإبداعية منها ترجمة لقصيدة "أغنية إلى الأم العقيم" للشاعرة الكوبية دولسي ماريا لوينار الحائزة على جائزة ثيرفانتيس سنة 1992 ٬ وأخرى لمختارات شعرية للشاعر التركي المعاصر حيدر إرغولان٬ علاوة على نصوص شعرية أخرى منها "قصيدتان لنهر الفرات" للتونسي محمد الغزي٬ و"الذي لا ينسى" للعراقي محمود خضير٬ و"حراسة تجذب الأعداء" للعراقي علي البزاز٬ و"حبات" للزجال أحمد لمسيح٬ و"مركبة السنجاب" لمحمد بودويك٬ و"الآخرون" لمحمد بوجبيري٬ و"الأرض أصابها الوحل" لجمال أماش٬ و"جرة يرقد بداخلها الزمن" لنبيل منصر٬ و"إنها تلمع أيضا مثل الذهب" لعبدالرحيم الخصار٬ و"شجرة وحيدة" لنجيب مبارك. وفي باب "مؤانسات الشعري" تضمن العدد ترجمة لحسن نجمي لنص "اليوم التالي لألف ليلة وليلة" لأندري ميكيل٬ ومقالا نقديا لبنعيسى بوحمالة تحت عنوان "الترجمة: الإكراهات النظرية/الإجرائية والتداعيات الثقافية ... إثمارات خبرة شخصية"٬ و"الخيال الرمزي عند جيلبير دوران" لمصطفى النحال٬ و"الدوال الإيقاعية التموزية في التجربة الشعرية لمليكة العاصمي" لنبيل منصر٬ في حين تصدر باب "مقيمون في البيت" مختارات للشاعر الاسباني أنطونيو غامونيدا الفائز مؤخرا بجائزة الأركانة٬ قام بترجمتها خالد الريسوني.