"الريلز هو الحل".. وزير الأوقاف يتحدث عن تجديد الخطاب الديني    مدير تعليم الجيزة يتفقد مدارس إدارتي أوسيم ومنشأة القناطر    وزير الخارجية يشارك في افتتاح المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    توجيه عاجل لوزير الري بشأن أمطار وسيول شبه جزيرة سيناء    نواب ينتقدون بيانات "التعبئة والإحصاء": غير كافية لحسم الإيجار القديم    وزيرا الإنتاج الحربى والزراعة يشهدان توقيع اتفاقية للاستفادة من المنتجات المدنية    البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 75 مليار جنيه وسعر الفائدة يصل إلي 26.62%    منتدى الأعمال العُماني الروسي يوقع اتفاقيات تعزيز فرص التعاون التجاري والاستثماري    الكرملين: بوتين قبل دعوة مودي لزيارة الهند لحضور القمة الثنائية السنوية    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    وزيرا خارجية قطر والعراق يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية    تشكيل سيراميكا لمواجهة بتروجت في الدوري    أشرف نصار: اسم طارق مصطفى ارتبط بالزمالك منذ تواجده في البنك.. ومعنديش لاعب استخرج تأشيرة أمريكا    تطورات مفاوضات الزمالك لضم المغربي كريم البركاوي    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    بيراميدز يكشف حقيقة انتقال ثنائي الفريق للأهلي في كأس العالم    التعليم تعلن جدول امتحانات "ابناؤنا في الخارج" للفصل الدراسي الثاني 2025    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 32 درجة غدا    انهار عليهما سور جنينة.. الصور الأولى من موقع مصرع شقيقتين في قنا    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    «السلم والثعبان 2» يجمع عمرو يوسف مع أسماء جلال    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    شام الذهبي: الغُناء بالنسبة لي طاقة وليس احتراف أو توجه مهني    محافظ الجيزة يتفقد فرع التأمين الصحي بالسادس من أكتوبر    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    6 تصرفات ابتعد عنها.. ما لا يجب فعله مع امرأة برج الثور؟    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    سعر الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 5 مايو 2025 في الأسواق    "الغرف التجارية": إصلاحات الدولة تحفز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    جامعة القناة تحقق ذهبيتين فى بطولة أفريقيا للمصارعة بالمغرب    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    كارول سماحة تقيم عزاء ثانيا لزوجها وليد مصطفى فى لبنان الخميس المقبل    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    وزيرة التضامن: ننفذ أكبر برنامج للدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" بالمنطقة    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    أعدادهم بلغت 2.6 مليون.. أشرف صبحي: الطلاب قوتنا الحقيقية    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    «غير متزن».. وكيل «اتصالات النواب» تعلن رفضها صيغة مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة    "دينية النواب" تناقش تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر نص أخطر تقرير لمعهد الأبحاث بجامعة "جورج واشنطن" عن ديمقراطية الجماعة
نشر في الموجز يوم 11 - 04 - 2013

شعار الحركة التقليدية "القرآن دستورنا" مجرد شعار عاطفي يستخدم لحشد المؤيدين
سيد قطب الأب الروحي لفكر الإرهاب الحديث.. والإخوان مجرد ذئاب في ثياب حملان
القيادات الحالية في الجماعة ليس هي من تدير .. وهناك عقول مدبرة تعمل في الظل
صراع بين الأجيال داخل الجماعة بسبب سيطرة القطبيين على مقاليد الأمور والتحكم في كل كبيرة وصغيرة
الإخوان كانوا ينظرون للديمقراطية باعتبارها شكلا من أشكال الردة.. ولكن وجهة نظرهم تغيرت بعد السلطة
برنامجهم السياسي شبيه بمجالس حراسة الدستور التي أنشئت في إيران حيث بإمكان هذه الهيئة نقض أي قانون تراه ضد الشريعة
مصطفى مشهور: من يدعون للديمقراطية يرفعون لافتات متناقضة مع إرادة الله ويسعون لمحاربة الإسلام
الباحثون يعتقدون أن التحولات الأخيرة في اتجاه الاعتدال ونبذ العنف مجرد نفاق وتكتيكات لإخفاء أهداف الجماعة الحقيقية
الجماعة لم تتخل مطلقا عن هدفها الحقيقي المتمثل في إقامة دولة الخلافة التي ليس لها علاقة بالديمقراطية
الإخوان نجحوا فى تكوين ثروات ضخمة من عملهم بدول الخليج لتمويل أنشطة الجماعة في مصر والعالم
علي الشرنوبي
نشر معهد الأبحاث التابع لجامعة "جورج واشنطن" تقريرا عن شكل الديمقراطية المتوقعة في مصر في ظل حكم الإخوان المسلمين لها، ويناقش التقرير رؤية الإخوان المسلمين لمسألة الديمقراطية كطريقة للحكم وما إذا كان قادة الجماعة المنتمون لمدرسة سيد قطب مثل محمد بديع والشاطر وغيرهم يعترفون فعلا بالديمقراطية ويقتنعون بها كإسلوب مناسب للحكم أم أنهم يتخذون من هذه التعريفات كالديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان مجرد وسيلة لكسب تعاطف ودعم الغرب إلى أن يتمكنون من اخونة واسلمة الدولة ثم يظهرون الوجه الحقيقي الصارم الذي لا يعترف سوى بالسمع والطاعة وتنفيذ مخططات إعادة دولة الخلافة..
يبدأ " لورينزو فيدينو" كاتب التقرير بقوله ان الإخوان المسلمون تعتبر أقدم حركة إسلامية سياسية في العالم الحديث والأكثر نفوذا؛ ومثل معظم الحركات الشعبية التي ظهرت في مصر في ذلك الوقت، كانت الجماعة معارضة للحكم الاستعماري البريطاني وتدعو لاستقلال مصر، وفي حين أن معظم الحركات المعادية لبريطانيا استلهمت أفكارها من مجموعة من الإيديولوجيات المستوردة من الغرب، أقامت جماعة الإخوان خطابها على الدين الإسلامي، واضعة ما أصبح شعار أجيال من الإسلاميين وهو (الإسلام هو الحل)، ورأى حسن البنا مؤسس الجماعة ان الرد على الغزو "العسكري والسياسي والاجتماعي والأخلاقي" الغربي للعالم الإسلامي يكون من خلال "إستعادة مجد الإسلام"؛ وكان البنا ينظر الى الإسلام على أنه يحكم جميع جوانب الحياة الخاصة والعامة، وإنه ليس مجرد "صلوات فارغة".. لكنه حل لجميع مشاكل مصر، السياسية والمجتمعية والاقتصادية والقانونية والثقافية، وانه متى نفذ المسلمين تعليمات الإسلام بالكامل فسوف يستعيدون المكانة الطبيعية البارزة التي وهبها الله إياهم في العالم.
ويلاحظ "لورينزو" أن إشارة البنا الى ماضي الإسلام المزدهر وكونه علاج لأمراض الأمة الإسلامية لا يتعارض مع حبه وإعجابه بالتكتيكات السياسية الحديثة للتعبئة السياسية حيث أنشأت الجماعة التي أسسها البنا بنية تصاعدية شملت المساجد والمنظمات المهنية والجمعيات الخيرية والخدمات الاجتماعية والمنشورات، وعلى المستوى المحلي قسم تنظيم الإخوان نفسه إلى عدد لا يحصى من المنظمات واللجان الفرعية، لكل منها بنية دقيقة للغاية وهدف محدد، وفي أقل من عشرين عاما قدر عدد أعضائها بأكثر من نصف مليون عضو وعدد أكبر من المتعاطفين تنتشر في جميع أنحاء مصر، وقد استقطبت الجماعة العديد من البروليتاريا (الطبقات الكادحة والعمال) والحديثي الاختلاط بالمدنية الحديثة، وكذلك المحبطين من الطبقة الوسطى من الموظفين الحكوميين و"الأفندية"، والمتعلمين وخريجي الجامعات الذين يعانون من البطالة ولا يملكون إلا فرصا قليلة للعمل.
كما أنشأ البنا شبكة واسعة من الدعاة بهدف أسلمة المجتمع من أسفل إلى أعلى تمهيدا لتنفيذ خطته بإنشاء دولة الخلافة، في عملية بعيدة الأجل تسفر عن تأسيس نظام إسلامي وحكومة إسلامية كنتيجة طبيعية لأسلمة غالبية السكان؛ لكن يبدو أن عدد كبير من أعضاء وقادة الإخوان لم يكن لديهم الصبر لانتظار ثمار الدعوة البعيدة فقرروا إنشاء "الجهاز السري الخاص" الذي إتخذ من استخدام العنف وسيلة سريعة لتحقيق أهدافهم، ففي البداية قام الجهاز السري بهجمات ضد المصالح البريطانية في البلاد، ولكنه سرعان ما امتدت أعماله الدموية ضد أهداف محلية ومصرية، بعضها من المؤسسات الإقتصادية التي يملكها اليهود المصريون، وإنتهجت قتل السياسيين المصريين البارزين، والقضاة، والمسؤولين الحكوميين الكبار وجميعهم كانوا يقفون في وجه أطماع ومخططات الإخوان بشكل أو بآخر.
وقد أدت هذه التوترات وأعمال العنف المتصاعدة الى قيام السلطات المصرية بحظر الجماعة في ديسمبر1948، وبعد أسابيع قليلة اغتيل حسن البنا على يد قوات الأمن المصرية، وتم سجن العديد من قادة الإخوان دون محاكمة؛ وخسر الإخوان أولى معاركهم الكثيرة التي سيخوضوها مع الحكومة المصرية على مدى العقود اللاحقة، و في عام 1952 تلقى الإخوان دفعة غير متوقعة عندما أطاح "جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملك فاروق وأنشأوا الجمهورية، لكن سرعان ما تحطمت آمال الإخوان في التأثير على عبد الناصر لإقامة دولة إسلامية، حيث حدثت المواجهة معه بعد محاولة إغتياله في الإسكندرية، ومرة أخرى تم حظر جماعة الإخوان في 1954، وفتح الحظر مرحلة جديدة مثيرة من تاريخ الإخوان ، وتلك الفترة تميزت بالاعتقالات الكاسحة ومعسكرات الاعتقال والمحاكم العسكرية والتعذيب على نطاق واسع، وتسببت أعمال القمع بين الخمسينات والستينيات في حدوث تغييرات كبيرة في تاريخ التنظيم خصوصا في مسار الحركة الإسلامية العالمية عموما.
ويؤكد التقرير ان إحدى فترات القمع هذه ما يسمى بالعهد الناصري والتي أدت الى هجرة أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة فرارا من اضطهاد "ناصر"، ووجد هؤلاء ملجأهم الذهبي في المملكة العربية السعودية وغيرها من بلدان الخليج العربي، وعمل أعضاء الإخوان الهاربين هناك في وظائف كثيرة كالمعلمين والمحامين والإداريين والمصرفيين وكذلك في الوظائف الفكرية والنقدية، وسرعان ما بدأ الاخوان في صنع ثروات كبيرة من عملهم بدول الخليج الغنية وسعوا لحسن استخدامها، حيث ذهب الكثير من هذه الأموال لتمويل أنشطة جماعة الإخوان في مصر، والتي كانت تناضل من أجل البقاء والصمود، وذهبت كميات أكبر بكثير من تلك الأموال لإنشاء المراكز الإسلامية، وطباعة الصحف والمنشورات وتأسيس المنظمات التابعة للإخوان في جميع أنحاء العالم، وأثمر التعاون بين قدرات المملكة السعودية المالية والتمويلية وبين القدرات العقلية والتنظيمية للإخوان عن تشكيل رابطة العالم الإسلامي سنة 1962، وكذلك الندوة العالمية للشباب المسلم (1972)، وغيرها من المنظمات التي تكلفت عدة ملايين من الدولارات التي تقوم على الدعوة لأفكار وتفسيرات كل من الوهابية السعودية والاخوان المسلمين للإسلام.
وعلى الرغم من أن الخليج العربي كان ملاذا مثاليا ومنجم ذهب لا ينضب للإخوان، إلا أن ليس كل أعضاء الجماعة الذين اختاروا مغادرة مصر قرروا الإستقرار هناك، فقامت أعداد أخرى وإن كانت أقل بالذهاب الى أوروبا وأمريكا الشمالية، على أمل الحصول على حق اللجوء السياسي أو استكمال دراستهم في الجامعات هناك، وأسس هؤلاء "الاخوان الغربيون" أول المنظمات الإسلامية في الغرب.
ويضيف التقرير ان التطور الثاني للجماعة يتمثل في التطرف وتبني العنف لجزء من أعضاء جماعة الاخوان ففي الوقت الذي كان الآلاف من الإخوان قابعين في السجون وأصبحت القيادة الرسمية للتنظيم غير فعالة أو هكذا إدعت أمام السلطات، وجد العديد منهم زعيما أيديولوجيا جديدا هو "سيد قطب".. وفي كتاباته التي أصبحت من كلاسيكيات الحركات الإسلامية وفيما بعد الإرهابية، مثل كتب "في ظلال القرآن" و"معالم على الطريق" كان تحليل سيد قطب –الذي تأثر بلا شك بالرعب الذي شهده في اعتقاله- هو أن الموقف صعب للغاية وأن المسلمين لا يمكن ولا ينبغي لهم الانتظار، فعملية الأسلمة من أسفل أو من القاعدة بالنسبة لسيد قطب هي عملية بطيئة جدا ويعيقها تدخل السلطات المحلية والقوى الأجنبية، لذلك فإن الحل الوحيد يكمن في مفاهيم "الجهاد والتكفير"... فالتكفير هو ممارسة الحق في تحديد أن هذا الشخص مسلم وهذا كافر، وسيد قطب كان يرى أن الحكم بالكفر ينطبق على الحكام الحاليين من المسلمين برفضهم تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية أصيلة، وأن لهم تأثير ودور كبير في تخلي الناس عن الإسلام!!.
وفي نظر سيد قطب، فإن المسلم "الحقيقي" يجب أن يسعى للإطاحة بهؤلاء الحكام المسلمين وقتلهم من أجل إقامة دولة إسلامية، وأنه لا يمكن للدعوة أن تفعل ما يستطيع الجهاد فعله، وفي هذه الحالة كما يقول قطب فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنجز الأمور هي المواجهة بإستخدام العنف.
لكن سيد قطب لم يستطع تنفيذ رؤيته أثناء حياته، وبعد وجوده سنوات في السجن اعدم شنقا في عام 1966 مما زاد قليلا من شعبيته، لكن عقيدة وأفكار سيد قطب، وخاصة في تبريره للعنف خلقت أجيال من المتشددين الإسلاميين في جميع أنحاء العالم وفي مصر، وإنفصل أعضاء كثيرون عن جماعة الإخوان وبدأوا في تشكيل العصابات المسلحة مثل "الجماعة الإسلامية" و"تنظيم الجهاد" الإسلامي ، والتي كانت تهدف إلى استخدام العنف لقلب نظام الحكم، وعلى الصعيد العالمي، الهمت تعاليم سيد قطب معظم الجماعات الجهادية مما جعله بلا منازع الأب الروحي لإيديولوجية الإرهاب الإسلامي الحديث.
ويوضح "لورينزو" انه بعد فترات الاضطهاد للجماعة من 1950 الى 1960 اختار قسم من الجماعة الإستمرار في المواجهة المباشرة مع النظام، بينما اختار الآخرون التسوية والإستكانة، وفي آواخر الستينيات بدأ العديد من قادة الجماعة إعلان نبذهم وتخليهم عن العنف ضد النظام، وبدأت عملية طويلة من التطبيع التي كانت جارية حتى نهاية نظام مبارك، وأشار العديد منهم الى ما كتبه مرشد الإخوان حسن الهضيبي من الانفصال التام عن المرحلة "القطبية" -نسبة لسيد قطب- وحيث أعلن مبدأ "دعاة لا قضاة"، والملاحظ أن الهضيبي لم يذكر سيد قطب صراحة في كتاباته لكنه كان يرفض مذهبه للتكفير ويطالب بالتركيز على تعاليم حسن البنا، وأشار الهضيبي الى أن الإخوان لا ينبغي أن يحكمون على مدى تدين وإسلام الآخرين لأن هذا الدور يختص به الله، لكن ينبغي ببساطة التركيز على تعليمهم الإسلام الصحيح.
ويضيف ان الجناح الذي لجأ لعدم مواجهة السلطات والذي سرعان ما اكتسب قيادة الجماعة عرف أن أي نوع من المواجهة العنيفة مع السلطة ستضعهم في الجانب الخاسر وإلى مزيد من الاضطهاد، وهذه المجموعة قررت التركيز على الدعوة وتنفيذ أسلمة المجتمع من أسفل إلى أعلى حسب تعليمات البنا، وبعد وفاة عبد الناصر في 1970 أعطى أنور السادات تدريجيا مساحة أكبر للاخوان لتنفيذ أنشطتهم.. ومنذ ذلك الحين عانى الإخوان من حملات دورية لإعتقالهم وإن كانت قليلة وتليها فترات من الاسترخاء، وفي حين لم يُسمح للجماعة بالعمل كمنظمة رسمية، تم في نفس الوقت التغاضي عنها وأقام الإخوان تسوية مؤقتة مع الحكومة، فمع أنها محظورة رسميا إلا أنهم يشاركوا في الانتخابات.
ويؤكد انه من الواضح أن الجماعة لا تزال تهدف إلى أسلمة – أخونة- المجتمع، لكنها تعلن نيتها في فعل ذلك دون اللجوء إلى العنف؛ وهذا لا يعني أن الإخوان يتجنبوا العنف تماما كوسيلة لتحقيق أهدافهم السياسية، فالجماعة تدعم علنا بعض أفعال الجماعات الإسلامية التي تستخدم العنف في المناطق التي يرون أن المسلمين فيها يتم مهاجمتهم، وقد أيد قادة الإخوان باستمرار الهجمات الانتحارية وغيرها من أشكال العنف في فلسطين وكشمير والعراق وأفغانستان، وفي الوقت نفسه ينتقدون تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له !!.
الإخوان في مصر ما بعد مبارك
يشير التقرير الى انه منذ سقوط مبارك لا يفتر المحللين والدارسين وجميع أنحاء العالم عن مناقشة الدور المحتمل للإخوان في مصر ما بعد مبارك، والحقيقة أن الوضع حتى الآن غير واضح حتى أنه من الصعب وجود أي تنبؤ موثوق به في هذه المرحلة، إلا أنه من الممكن إلقاء الضوء على بعض الديناميات التي اتسمت بها الإخوان على مدى السنوات القليلة الماضية، والتي يمكن أن تكون لها انعكاسات هامة في المستقبل القريب، واحد منها هو وجود انقسامات عميقة داخل الجماعة، ففي الواقع شهدت جماعة الإخوان عدد من الإنقسامات الشخصية والأيديولوجية؛ أعمقها هو الصراع بين الأجيال، فمعظم الأدوار المؤسسية داخل المنظمة في أيدي أفراد من الجيل الأول الذين في معظم الحالات قضوا عدة سنوات في السجن خلال أعمال القمع الناصري، مثل "محمد بديع" الذي تولى رئاسة الجماعة في يناير 2010؛ ويتمسك ذلك الجيل الأول بالعديد من المواقف التقليدية لجماعة الإخوان، بما في ذلك موقفهم الغامض من الديمقراطية واستخدام العنف لأغراض سياسية، ومنذ توليه منصب المرشد، أثار بديع الخلافات بالقول ان الولايات المتحدة "تتجه نحو الانهيار" والدعوة علنا للجهاد ضد إسرائيل واليهود.
ويؤكد انه على مدى السنوات القليلة الماضية تم تحدي قيادة الجيل الأول من نشطاء الجيل الثاني، ذلك الجيل الذي انضم إلى جماعة الإخوان خلال فترة الحرية النسبية التي حصل عليها الطلاب في السبعينيات، وقادة الجيل الثاني هؤلاء مثل عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح يتحدثون بلهجة مختلفة تماما، متحدثين بلغة الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم أن العديد من المعلقين يرون أن أنها ليست سوى محاولة أفضل لتقديم واجهة معتدلة إلى الخارج، بينما في الواقع هم حريصون على الإبقاء على نفس وجهات نظر الحرس القديم، لكن سواء كانت هذه الفجوة أيديولوجية حقيقية أو مجرد صراع على السلطة، فليس هناك شك في وجود توترات قوية بين الجيلين؛ ومما يزيد من تعقيد الصورة هو ظهور كادر من الأعضاء في سن العشرينات والثلاثينات، فلسنوات اشتكى هذا الجيل الثالث من التسلسل الهرمي الصارم للتنظيم واستبعادهم من المناصب العليا، لكن أحداث الثورة المصرية أضافت موجات استياء إضافية نحو القيادة، بسبب تأخر الجماعة وترددها من المشاركة في الثورة في بداياتها، مما دفع العديد من الجيل الثالث لتشكيل ائتلاف مع حركة 6 أبريل وغيرها من المجموعات الشبابية التي كانت في ميدان التحرير.
ويشدد لورينزو على ان هذا الوضع الفوضوي يتعقد باستمرار بسبب انعدام الشفافية داخل الجماعة، وهي شكوى معتادة من أعضاء الجماعة نفسها، كما أن هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن تلك المجموعة التي تحتل أعلى المناصب الرسمية في الجماعة ليست بالضرورة أهم دوائر صنع القرار، ولذلك الإعتقاد ما يبرره من أن هذه الاستراتيجية المتبعة منذ تأسيس الجماعة والمتمثلة في وضع جبهات أمامية مع ترك العقول المدبرة الحقيقية في الظل خوفا من القمع المستمر من قبل السلطات، وهذا يترك الغرباء وحتى الأعضاء العاديين داخل الجماعة دون فهم واضح لديناميات السلطة الحقيقية داخل الجماعة.
وبالمثل، لاحظ العديد من المراقبين أن قادة الإخوان والناطقين باسمها يصدرون الكثير من التصريحات المتضاربة حول العديد من القضايا، مثل العلاقة بين الجماعة والحزب السياسي – الحرية والعدالة- والفرق بينهما، وموقفها من معاهدة السلام مع إسرائيل وأمثلة أخرى كثيرة داخلية وخارجية، ويقول "جوش ستاشر" الاستاذ في جامعة كينت ستيت: انها جماعة كبيرة وبها الكثير من وجهات النظر المختلفة، فيمكنك العثور على رجل يصرخ دائما وهو يتحدث عن إسرائيل وأعضاء آخرين لا يهتمون باسرائيل لانهم مشغولين جدا بشأن رفع معدلات محو الأمية !.. وهذه التصريحات المتضاربة هي علامات أخرى على الانشقاقات الداخلية للجماعة، أو بالأحرى أن مسألة ميل الجماعة للتحدث بطرق مختلفة أمام جماهير مختلفة هو أمر قابل للنقاش، لكن مما لا شك فيه أن جماعة الإخوان ليست حركة متجانسة تماما كما يحلو للبعض أن يصورها.
ويعود "لورينزو" ليقول: رغم هذا التشتت الداخلي، فإنه لا يمكن إنكار أن جماعة الإخوان لا تزال على الأقل في هذه المرحلة أفضل القوى السياسية العاملة الآن من حيث التنظيم، فهم الوحيدين الذين ينتشرون في جميع أنحاء مصر من حيث القاعدة الشعبية والكوادر المدربة من النشطاء السياسيين، وفي الوقت نفسه، فإنه من غير المرجح أن تهيمن على الساحة السياسية تماما، وفي مقابلات مع كاتب هذا التقرير في عام 2009، أعلن عدد من أعضاء مجلس شورى جماعة الإخوان تقييمهم لدعم المصريون للجماعة بنسبة من 20 إلى 25٪، وفي استطلاع للرأي أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في أعقاب سقوط مبارك وجد أن الموافقة على الإخوان لا تتعدى نسبة 15٪ من أفراد العينة وأخذ قادتها بالكاد نسبة 1٪ في التصويت على منصب الرئاسة !!، ورغم أنه من الصعب جدا التنبؤ بتطورات المشهد السياسي المصري خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، لكن يبدو أن الجماعة مع الدور الكبير الذي تلعبه إلا أنها لن تستطيع الهيمنة على المشهد السياسي المصري.
الجماعة والديمقراطية
ويوضح التقرير انه بالنظر إلى التطورات الأخيرة في مصر، يصبح من الضروري دراسة موقف الإخوان من الديمقراطية، فمبدئيا نلاحظ إنقسام كبير في الآراء بين الخبراء حول هذا الموضوع، فالمتفائلون منهم يرون الإخوان كحركة محافظة دينيا تميل الى الديمقراطية بعد أن شهدت تغيرات كبيرة على مر التاريخ ووصلت الآن لمرحلة النضج الذي يرفض العنف وتشارك بشكل كامل في العملية الديمقراطية بحماس ملحوظ، كما يعتقد المتفائلون أن شعار الحركة التقليدية "القرآن دستورنا" هو مجرد شعار عاطفي يستخدم لحشد المؤيدين، بينما أعضائها اليوم يعتنقون شرعية القوانين الوضعية والدساتير.
لكن مجموعة كبيرة من الأكاديميين والمحللين ترى العكس تماما من حيث طبيعة الجماعة وتطورها وأهدافها، ويرى معظمهم إن لم يكن كلهم في التحولات الأخيرة في اتجاه الاعتدال ونبذ العنف أنه مجرد نفاق وتكتيكات لإخفاء أهدافها الحقيقية، ويرى اولئك الباحثون أن الإخوان مجرد ذئاب في ثياب حملان، ففي حين يصور الإخوان أنفسهم كجماعة معتدلة تسعى إلى العمل في إطار ديمقراطي، إلا أنها وفي الواقع، لم تتخل مطلقا عن هدفها الحقيقي المتمثل في إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي ليس لها علاقة تذكر بالديمقراطية، ويقول هؤلاء الباحثون إن الإخوان يرون الديموقراطية كتعريف سياسي اكاديمي أكثر منها قيمة أو مفهوم سياسي قابل للتطبيق.
وانه يمكن أن يكون هذا النقاش معقد كالعادة، لكن التعقيد الأكبر يأتي من خلال تعدد التصريحات المتضاربة القادمة من الإخوان أنفسهم، فليس هناك من شك في أن الحرس القديم للإخوان مدفوعين جزئيا بحماستهم ضد الاستعمار الإنجليزي قد جعلهم يتجنبون أي وجود للتأثير الغربي عليهم وعلى أفكارهم وأسلوبهم، ومن ذلك رفضهم التام للديمقراطية كنظام أجنبي لا يتفق مع الإسلام !، وذكر مرشد الإخوان السابق مصطفى مشهور في عام 1981، أن من يدعون للديمقراطية يعني أنهم يرفعون لافتات متناقضة مع إرادة الله ويسعون لمحاربة الإسلام !، كما لا يمكن تجاهل تصريحات "بديع" وهو أعلى رقم في التسلسل الهرمي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث قال إن القرآن الكريم هو الدستور الذي يحدد قوانين الإسلام، لافتا إلى الطبيعة الدينية الصارمة لشكل الحكومة التي يتصورها.
ومع ذلك، لا يمكن للمراقبين أن يغفلوا حقيقة أنه على مدى السنوات العشرين الماضية ظهرت مجموعة من جيل الإخوان الثاني والثالث التي اتخذت نهجا أكثر انفتاحا لمسألة الديمقراطية واستبدال القانون الوضعي بالشريعة، والعديد من بين هذه الأجيال الجديدة يدعون أنهم تخلوا عن فكرة دولة إسلامية تقوم على اساس أحكام الشريعة الصارمة، ويتحدثون عن النظام الديمقراطي مع حق المواطنة المتساوية للجميع ومجرد وجود خلفية إسلامية ثقافية، ويضع آخرون أنفسهم في مقارنة مع الحزب الديمقراطي المسيحي في مختلف الدول الأوروبية، حيث تحتضن الأحزاب الديمقراطية مع الحفاظ على هويتهم الدينية.
ويقول التقرير انه مع ذلك فقد أصيب المتفائلين بخيبة أمل كبيرة عند نشر برنامج الإخوان السياسي الشامل في عام 2007، خصوصا في الجزء الذي اقترح إنشاء مجلس من علماء الدين الذين يعربون عن آرائهم حول مدى توافق التشريعات الوضعية مع أحكام الشريعة، ويذكرنا ذلك بمجالس حراسة أو صيانة الدستور التي أنشئت في إيران بعد الثورة الإسلامية، حيث سيتم تمكين هذه الهيئة من نقض أي تشريع تراه ضد الشريعة حتى وإن كان بعض أعضاء الجماعة يدعى أن دورها المزعوم سيكون مجرد استشاريا، وتضمن البرنامج أيضا أحكاما في الحد من دور المرأة وغير المسلمين في حالة تولي الإخوان السلطة ومنعهم من الوصول لأعلى مراكز السلطة؛ وقد سلطت عملية صياغة برنامج الحزب الضوء على التوترات الهائلة بين الجيلين الأول والثاني، لكن يبدو واضحا في النهاية أن الجيل الأول كان هو المهيمن صاحب الآراء السائدة، وبعدما واجه ذلك البرنامج انتقادات واسعة، ذكر عدد من قادة الإخوان أن هذه كانت مجرد مسودة لبعض الأفكار التي نوقشت داخليا والمقترحات التي لم تتم الموافقة عليها رسميا !، وأعلن عدد من المحللين السياسيين الصادقين أنهم قد فوجئوا بهذا البرنامج وبالغموض الذي يجدوه في موقف الجماعة من مسائل أخرى كثيرة، ويعتقد الكثيرون أن مع حرص الجماعة على وجود بعض التعبيرات الشكلية من أجل طمأنة الغربيين، لكن الاخوان جعلوا من تعبيرات الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة الاجتماعية تعبيرات أخرى ولغة خاصة بهم واستخدام المعاني التي تبدو مختلفة تماما عن تلك المحددة من قبل نظرائهم، وأن الحيل الدلالية والبلاغية وإعادة التغليف الذكية لرسالتهم لا تؤثر حقيقة في أهداف الإخوان التي يبدو أنها ستظل موجوده دائما دون تغيير.
ويشير التقرير الى أن الباحثين المتفائلين يتخذون نهج مختلف، فهم يضعون في إعتبارهم أنه قبل 20 عاما كان معظم الاخوان ينظرون إلى الديمقراطية باعتبارها شكلا من أشكال الردة وأنه النظام الذي يتعامل مع غير المسلمين والنساء بشكل مختلف، كما يعتبرون أن اعتراف الإخوان بالحقوق الأساسية والمشاركة الشعبية هو تطور كبير، وربما خطوة في اتجاه تبني الديمقراطية بشكل كامل؛ ووفقا لهم، لن يكون من العدل مطالبة المسلمين بأن يعتمدون شكلا من أشكال الحكم يعكس النظام الموجود في الغرب، فبعض الاخوان يشيرون إلى الظلم في فرض المبادئ والمعايير الغربية على المجتمعات المسلمة، فهل يقبل الغرب نموذجا مختلفا للديمقراطية في الدول الإسلامية؟.. وهو النموذج الذي يستخدم الإسلام كمصدر للسلطة، حيث الدين هو الجوهر الأساسي للسياسة، وحيث الناس لديهم سلطة تعيين ومراقبة وعزل الحاكم ولكن السيادة الغالبة تكون للشريعة؟.
وينتهي التقرير الى وضع عدة تساؤلات عن ما هي خطة الإخوان الفعلية بالنسبة للديمقراطية؟ هل هي موقف بديع والحرس القديم المهيمن على الجماعة؟ أم موقف الإخوان الآخرين المتجه نحو مفهوم "الديمقراطية الإسلامية" التي حددها الجيل الثاني؟ أو ربما الموقف الداعي لاحتضان الديمقراطية بشكل كامل من جميع جوانبها كما يدعو عدد من قادة الجيل الثالث؟ وفي النهاية هل هذه الانقسامات في الرأي داخل الجماعة حقيقية أم مجرد قشرة لجعل مجموعة تظهر بصورة أكثر اعتدالا؟ وإذا كانت حقيقية، فكيف سيحاول الإخوان التوصل إلى حل لها؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.