"الإخوة في السلاح".. عنوان جديد يصف علاقة دولتين شعارهما السلاح والخراب والدمار، فلم تستسلم دويلة قطر الإرهابية بعد مقاطعة الدول العربية لها، لكنها باتت تبحث عن حليف يشاركها في ألاعيبها الخبيثة المدمرة ويدعمها في مشاريعهما المشجعة على الأيديولوجيات المتطرفة، وسرعان ما وجدت شبيهتها تركيا والتي التصقت بها ليجتمعان ويشكلان تحالفاً مدمراً كاد أن يطال خطره الشرق الأوسط بأكمله من العراق إلى ليبيا. ومن خطط دعم الإرهاب إلى محاولات زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بدا التحالف القطري التركي واضحاً بشكل بارز، خاصة بعد الأزمة التي تعرضت لها قطر وقطعت عدد من الدول علاقاتها مع الدوحة بسبب دعمها الإرهاب، حيث أن تلك الأزمة دفعت قطر إلى اللجوء إلى تركيا، التي قدمت دعماً واضحاً ووقفت إلى جانبها. وسلط تقرير حديث نشره موقع "ناشونال إنترست" الأمريكي، الضوء على تحالف تركياوقطر المدمر والمزعزع للاستقرار، ووصفه بأنه مثيراً للقلق بالنسبة لواشنطن، قائلاً: "الدولتان حليفتان للولايات المتحدة، على الأقل ظاهرياً، كما أنهما تستضيفان قواعد عسكرية أمريكية مهمة، لكنهما أصبحتا إخوة في السلاح وفي مشاريعهما المشجعة على الأيديولوجيات المتطرفة". وجاء التقرير بعنوان "الإخوة في السلاح: توحيد المحور التركي-القطري"، حيث وصف التقرير تركياوقطر ب"الأخوين"، اللذين يشاركان في التمويل غير المشروع لتعزيز الأيديولجيات المتطرفة، وهو الأمر الذي سيحتم على واشنطن استجابة متعددة الجوانب، لإجبار الدوحةوأنقرة على الحد من سلوكهما الخبيث. وقال موقع "ناشيونيال انترست": إن القاسم المشترك الذي يجمع قطروتركيا هو دعمهما لأيديلوجية جماعة الإخوان الإرهابية، حيث يمتلك حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تاريخ طويل من العلاقات الوطيدة مع جماعة الإخوان، أما قطر فهي من أبرز ممولي التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية ومن رعاة أنشطتها المتطرفة". وأشار الموقع الأمريكي، إلى أن التحركات القطرية التركية ساهمت فى انتشار العنف الطائفي فى الشرق الأوسط بخلاف انتشار الإرهاب وحالة كبيرة من الفوضي، موضحة أن هذا التحالف يقابله كتلة مضادة من كلاً من المملكة العربية السعودية والإمارات. وأوضح التقرير الذي كتبه بإيكان إرديمير، البرلمانى التركي السابق، والمدير الأول لبرنامج تركيا فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وفارشا كودوفايور الباحثة بالمركز، أن المحور القطري التركي بات يتنافس بقوة على نفوذه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من العراق إلى ليبيا، مما يعقد الوضع في المنطقة المضطربة بالفعل. وكشف التقرير كيف أن الشراكة القطرية التركية تنمو وتتوسع لتشمل مجالات عدة، بما في ذلك التعاون في مجال الدفاع والعلاقات العسكرية والإعلام والطاقة. واستشهد التقرير بالعملية التركية الأخيرة لتركيا فى شمال سوريا أكتوبر 2019، موضحاً أن قطر كانت واحدة من الجهات الفاعلة القليلة إلى جانب باكستان التي دعمت الحملة الغادرة رغم الإدانات الدولية الممتدة لهذا العدوان. وبحسب الموقع الأمريكي، باتت قطروتركيا توفران نظاماً قضائياً وغطاءً سياسيا لمجموعات كاملة من الجماعات المتطرفة، مما دفع وزارة الخزانة الأمريكية إلى معاقبة الأفراد والكيانات التي تتخذ من تركياوقطر مقراً لها لمساعدة وتحريض تنظيمات مثل: حماس وداعش والقاعدة وغيرها. وتضم قائمة المتطرفين الذين يتخذون من قطروتركيا ملجأ لهم شخصيات بارزة مثل يوسف القرضاوي، وخالد مشعل، زعيم حماس ووجدي غنيم، الداعية المتطرف الذي دافع في مواقف عدة عن تنظيم "داعش" الإرهابي. ولمواجهة ذلك، يقترح التقرير على واشنطن تطوير استجابة متعددة الجوانب تشمل حلفاءها عبر الأطلسي وشركاءها الإقليميين لإجبار أنقرةوالدوحة على كبح سلوكهما الخبيث. وأشار التقرير إلى أن الخيارات المطروحة تشمل قيادة واشنطن حوارًا رفيع المستوى في المستقبل مع قطر حول الخطوات الملموسة والقابلة للتحقق التي سيتم اتخاذها بشأن وقف تمويل الإرهاب، إضافة إلى الاستمرار في معاقبة الأفراد والكيانات الداعمة للإرهاب والتمويل، أو استكشاف بدائل الأساس لمنشآت الولاياتالمتحدة في تركياوقطر. وكشفت مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطية" الأمريكية أيضاً، الستار عن الأعمال التخريبية لأنقرةوالدوحة في عدد من الدول، وقالت المؤسسة: "إن ليبيا هي واحدة من أولى ساحات المعارك التي ظهر فيها جليا التحالف القطري التركي، حيث أنه عندما بدأ الصراع في 2011، أصبحت قطر أول دولة عربية تعترف رسميًا بمتمردي ليبيا، كما أنها أرسلت المئات من قواتها لدعمهم". وذكرت المؤسسة الأمريكية في تقريرًا لها، أن الدوحة أشرفت على تدريب المقاتلين الليبين في مناطق مختلفة في البلاد، مشيرة إلى أن الدور القطري كان كبيرًا لدرجة أن الليبين في بعض المناطق باتوا يرفعون العلم القطري إلى جانب نظيره الليبي. ومن جهة أخرى، ووفقًا لفريق من الخبراء التابعين للأمم المتحدة، فقد سلمت الشركات التركية الأسلحة إلى تحالف "فجر ليبيا"، وهو تكتل لميليشيات متشددة، كما اتهمت اللجنة ذاتها قطر بإرسال الأسلحة والمال إلى المتطرفين. وكان تقرير للأمم المتحدة خلص، في مارس 2013، إلى أن قطر أرسلت أسلحة للقوات المناهضة للقذافي في عامي 2011 و2012، في انتهاك واضح لحظر الأسلحة الذي فرضته الأممالمتحدة. ويؤكد الجيش الوطني الليبي، في أكثر من مناسبة، أنه يقاتل جماعات إرهابية وإجرامية مدعومة من تركياوقطر، خلال حربه مع ميليشيات متطرفة في العاصمة الليبية. وذكرت المؤسسة الأمريكية، والتي مقرها في واشنطن، أن الجيش الليبي يمتلك أدلة وشهوداً من الأقمار الاصطناعية، تثبت أن تركيا متورطة في توفير الأسلحة والذخيرة وحتى المقاتلين، لدعم المليشيات الليبية. ويتناغم التقرير مع الاتفاقين اللذين وقعا مؤخرا بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحكومة فائز السراج في طرابلس، بخصوص الحدود البحرية والتعاون الأمني، وواجها رفضا قاطعا من جانب دول المتوسط، وأهمها مصر واليونان وقبرص. واحتضنت الأراضي القطرية لقاء "تركيا-ليبيا"، بمشاركة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وفايز السراج، وشارك أيضا في اللقاء، رئيس الأركان التركي يشار غولر. وذكرت وسائل إعلام تركية أن الاجتماع تناول مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا وحكومة السراج بشأن تحديد مناطق النفوذ البحرية والتعاون العسكري والأمني. وزعم أكار عقب اللقاء أن ما تقوم به تركيا واتفاقياتها مع حكومة السراج، هو حماية لحقوقها النابعة من القانون الدولي، مشددا على أن أنقرة ستواصل السير على نفس النهج. وبدوره، تطرق وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، خلال المنتدى، إلى العلاقة مع حكومة الوفاق، مشيرًا إلى أن الأخيرة لم تطلب من تركيا إرسال جنود لدعم قواتها، وتجنب الخوض في مزيد من التفاصيل بها الشأن. وأقامت تركيا قاعدة عسكرية في قطر في عام 2015، حيث زودت الإمارة الصغيرة لحوالي ثلاثمائة ألف مواطن رادع حيوي ضد كتلة تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفي خلال ذلك اسرعت قطر لمساعدة تركيا عندما عانت الليرة من أزمة في أغسطس 2018، حيث قدمت الدوحة حزمة مساعدات شملت مزيجًا من المشروعات الاقتصادية والودائع بالعملات والاستثمارات، بالإضافة إلى مقايضة عملات بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الليرة. كما قامت الشركات القطرية بعدة استثمارات في السوق التركية، ففي عام 2018 فازت شركة BMC وهي شركة تركية قطرية للسيارات بالحق في تشغيل مصنع الدبابات الوطني التركي لمدة خمسة وعشرين عامًا، ويذكر أن الحكومة القطرية تمتلك 49.9 % من BMC. وفي عام 2008، استحوذت شركة قطرية غير معروفة تعمل مع شركة مرتبطة بأردوغان على ثاني أكبر مجموعة إعلامية في تركيا بقيمة 1.1 مليار دولار، في حين استحوذت beIN Group في قطر على أكبر مزود لتلفزيون الأقمار الصناعية في تركيا في عام 2015. ويمكن القول أيضاً إن تشابك العلاقات والمصالح بين قطروتركيا و"جبهة النصرة" يظهر جليًا في وقائع عدة، فعلى سبيل المثال، توسطت الدوحة، في عام 2013، بدفع فدية قدرها 150 مليون دولار، للنصرة، للإفراج عن رهائن تابعين لحزب الله، مقابل الإفراج عن طيارين تركيين، كانا محتجزين في لبنان ونقلا على طائرة تابعة للخطوط القطرية. وتؤكد تقارير وأدلة متعددة، تورط الدوحةوأنقرة في دعم هذا التنظيم الإرهابي، وهو دعم استغل العمل الإنساني غطاء لجمع التبرعات وتمرير الأموال للنصرة وغيرها من الفصائل الإرهابية. كما كشف السفير التركي في قطر، فكرت أوزر، من قبل عن النمو في حج العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وقال أوزر: "العلاقات القطرية التركية قوية، والتبادل التجاري يشهد نمواً مطردا ووصل 2.4 مليار دولار نهاية 2018، وبلغت صادراتنا لقطر 1.362 مليار دولار، وفي سبتمبر 2019 بلغت 838 مليون دولار، بزيادة 8.7 % مقارنة بالفترة نفسها عن السنة السابقة". وأكد السفير أن الاستثمارات القطرية في تركيا مستمرّة، والقطريين اشتروا عقارات كثيرة، مثل الفنادق والمنتجعات، والشقق، واشترى القطريون 764 عقاراً خلال عام 2018، وخلال الخمسة أشهر الأولى من العام الماضي 332 عقاراً". وأردف السفير التركي قائلًا: "يتوقع زيادتها 100% وصولًا إلى نحو 1500 عقار هذا العام، وفي قطاع السياحة، بلغ عدد السياح القطريين الى تركيا بلغ 97 ألفا في 2018، مقارنة ب46 ألفاً نهاية 2017"، متوقعًا أن يرتفع عدد السياح هذا العام بنسبة 30% على الأقل. ولكن في حين أصبحتا العلاقات قوية بين تركياوقطر، ويستمران في المشاريع المشتركة في التمويل غير المشروع، ودعم الجماعات والافكار المتطرفة، تحتاج واشنطن إلى تطوير طرق رد فعل لإجبار أنقرةوالدوحة على التوقف عن سلوكهما المرفوض دوليًا.