يصف الكاتب صلاح معاطى فى روايته الجديدة "شفرة آدم" أدب الخيال العلمي غالبا بأنه "أدب أفكار"، وبميله، مثل كل الأجناس الأدبية، إلى الاعتماد على الحبكة التي تقود العمل، ولكن يتوقع الناس عند قراءة الخيال العلمي شيئا آخر أكثر من القصة الجيدة، يتوقعون غالبا وجود ما يتحدى ذكاءهم، ويدفعهم للتفكير، في تلك الأشياء خارج نطاق حياتهم اليومية" كما تقول ليزا توتلي. وتقوم فكرة الرواية على ما يعرف ب "الذاكرة الوراثيَّة للخلية الحية"، وهو مصطلح يُستخدم لوصف مجموعة من العمليات في علم الأحياء وعلم النفس، حيثُ تمنحُ المادة الوراثيّة ذاكرة لتاريخ فرد أو نوع ما. ويُمكن أن يدل على الشيفرة الجينيّة للدنا (DNA), أو التغيرات في المادة الوراثيّة, أو الغريزة المتوارثة, أو الذاكرة العرقيّة في علم النفس. ويُستخدم هذا المُصطلح أيضاً للدلالة على إحدى طرق التنبؤ في الحاسوب. يقول الدكتور شريف أيوب شارحا ذلك، لنا ولآدم أيوب: "يجب أن تعلم أن أجسادنا مكونة من ملايين الخلايا.. الخلية الحية وحدها لديها قدرة فائة على حفظ كم هائل من المعلومات أكثر بكثير من كل أجهزة الحاسوب التي أنتجتها البشرية حتى الآن.. تصور هذه القدرة الطبيعية على حفظ المعلومات هي التي تحافظ على الصفات الوراثية من جيل إلى جيل، ومع ذلك يمكن حفظ أي معلومات تخصنا عليها ونسخها آلاف المرات واستعادتها بسهولة عند الحاجة إليها" [ص 26]. ويستخدم الدكتور شريف هذه الحقائق في حفظ أبحاثه السرية في خلايا آدم أيوب. ويكتب صلاح معاطي قصص "مغامرة وراثية" والتي تتناول إمكانية دمج الخلايا الحيوانية بخلايا الإنسان لإنتاج نوع جديد من البشر فنجد الرجل الفأر, والرجل الثور.. وهكذا, وكذلك قصة "بدرية بالخلطة السرية"، وقصة "عيون اينشتاين" التي تقوم على فكرة إنشاء بنك للجينات وإقامة مفاعل جيني على غرار المفاعل النووي الذي تفتت فيه الذرة, ويتم فيه استنساخ كل عباقرة الحرب والسياسة والعلم في العالم، وقصة "الجمجمة" التي يقيمها على أساس جراحة الأجنة ويتم فيها أخذ خلايا صحيحة من الأجنّة وزرعها داخل الخلايا المريضة. وتأتي رواية "شيفرة آدم" لتكون وساطة عقد هذه القصص، ودرة تاجها. وعلى الرغم من عدم الانفصال هذا، إلا أن كاتبنا صلاح معاطي استطاع أن ينحت له طريقا خاصا، ويشكل له "شيفرة إبداعية"، نستطيع من خلال فكها أن نستدل على الجينات الوراثية التي تكمن داخل خلايا قصصه ورواياته ومسرحه. وفي اعتقادي أن الرقم السري لفك هذه الشفرة الإبداعية، هو الاتجاه الذي سلكه صلاح معاطي في كتابة أدب الخيال العلمي حتى تفرد فيه، هذا الاتجاه هو: "الاتجاه الاجتماعي في أدب الخيال العلمي"، وهو ذلك الاتجاه الذي يُعنَى بأثر التطور العلمي والتكنولوجي على الإنسان ماديا ومعنويا.