من جديد طفت أزمة "تغيير الملة" التي تعتبر باباً خلفياً لطلاق الأقباط علي سطح الساحة القبطية، وذلك عقب تبرؤ الطائفة الإنجيلية من شهادات تغيير الملة والطائفة المنسوبة إليها والتي تم تداولها مؤخراً، الأمر الذي فجر ردود فعل غاضبة بين الأقباط وحرك المياه الراكدة مجدداً في ملف قانون الأحوال الشخصية. وخلال السنوات الأخيرة أصبح تغيير الملة أحد أسباب الطلاق لكثير من المسيحيين داخل محاكم الأسرة، وذلك بعدما أجري البابا الراحل شنودة الثالث تعديلاً على لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية، وبعدما كان هناك تسعة أسباب للطلاق اختزلت في "علة الزنى"؛ ما جعل الراغبين في الطلاق يلجأون لتغيير طائفتهم . وتعد الكنيسة الإنجيلية أكثر الكنائس التي تطاردها اتهامات بمنح شهادات تغيير ملة لراغبى الطلاق ومنها ما تم تداوله مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعها لإصدار بيان أكدت خلاله عدم اعترافها بشهادة تغيير الملة التي تصدر عن أشخاص أو جهات بدون اعتمادها من رئاسة الطائفة الإنجيلية، موضحة أن المجلس الإنجيلي العام وحده المنوط بإصدار شهادات العضوية لأبناء الطائفة الإنجيلية في مصر. وقالت "الإنجيلية" في بيان لها إنه لوحظ في الفترة الأخيرة انتشار ما يعرف ب"شهادات الملّة والطائفة" بين المواطنين المصريين الأقباط، والتي يتم إصدارها بغرض تغيير الطائفة لتسهيل الحصول على أحكام بالطلاق بعد تقديمها إلى المحاكم المختصة، وأن أغلب هذه الشهادات المنتشرة حاليا صدرت عن أشخاص وكيانات وهمية وغير معلومة، ولكنها تنسب نفسها بهتانا وزورا إلى الطائفة الإنجيلية في مصر بغرض الاحتيال على المواطنين. وأهابت رئاسة الطائفة الإنجيلية المواطنين بعدم تداول مثل هذه الشهادات المزورة، وعدم التعامل مع أي شخص يدعي انتماءه للطائفة الإنجيلية قبل الرجوع والتأكد من الطائفة نفسها. من جانبه استنكر نادر صبحي مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس بيان "الإنجيلية" واصفاً إياه بأنه إقرار صريح من الطائفة بأنها تصدر شهادات تغيير الملة والطائفة. وقال إن هذه الشهادات تعد باباً خلفياً للتحايل علي القانون لتغيير المراكز القانونية للمتقاضين ولتطبيق الشريعة الإسلامية . وتابع: وفقاً للقانون إذا اختلف الزوجان في الطائفة أو الملة وأقام الزوج الدعوى بطلب إثبات طلاقه لزوجته، فإن أحكام الشريعة الإسلامية تكون واجبة التطبيق، ولا يجوز الرجوع لشريعة كل منهما أو بحث دينونتهما بالطلاق من عدمه، باعتبار أن نص المادة ( 17 / 3 ) من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 وضع القيد بالنسبة للزوجين متحدي الملة والطائفة، فإذا اختلف الزوجان ملة أو طائفة تعين تطبيق القواعد العامة وهي الشريعة الإسلامية التي تبيح الطلاق حتى ولو كانت شريعة أحدهما أو كلاهما لا تجيزه. وناشد مؤسس كريستيان الدولة المصرية بضرورة التدخل لإنهاء أزمة متضرري الأحوال الشخصية من خلال إصدار قانون موحد لكل الطوائف المسيحية، وخاصة بعد تطبيق الكنيسة الأرثوذكسية للائحة الأحوال الشخصية الجديدة فقط علي الحاصلين لأحكام طلاق من المحكمة لمنح تصريح بالزواج من الكنيسة. وأوضح أن الأحوال الشخصية حالياً تواجه أزمة داخل محاكم الأسرة لعدم وجود تشريع أمام القاضي إلا الزنا وتغيير الملة. وأشار صبحي إلي أن شهادات تغيير الملة أصبحت مافيا وتجارة، يصل ثمن الشهادة الواحدة من 60 إلى70 ألف جنيه. وقال إن حركة كريستيان قررت البحث عن جهة إصدار هذه الشهادة لمواجهة تجار الشهادات الذين يستغلون آلام الضحايا، مطالباً الأقباط بالتوجه للجهات الرسمية لاستخراج هذه الشهادات وعدم التعامل مع الكيانات الوهمية ومافيا تغيير الملة . كما ناشدت "كريستيان" الرئيس السيسي بالتدخل لاعتماد لائحة الأحوال الشخصية و العمل بها داخل المحاكم . وفي ذات السياق قال هاني صبري لبيب المحامي إن "مافيا شهادات تغيير الملة والطائفة" يسهلون الأمر على المسيحيين للتحايل للحصول علي الطلاق ويستغلون معاناة الآخر للالتفاف علي القانون ومخالفة تعاليم الكتاب المقدس لتحقيق أغراضهم الشخصية ومصالحهم الضيقة، أو لأية مكاسب زائفة وهو أمر مرفوض- علي حد قوله-. واستطرد:أدعو الجميع إليّ تحمل مسئوليته في هذا الشأن، مع ضرورة إصدار قرار من كافة الطوائف المسيحية بعدم اعتماد شهادات تغيير الملة أو الطائفة التي يكون الغرض منها هو الحصول على الطلاق، وإرسال القرار إلى محاكم الأسرة لإيقاف هذه الثغرة، لحين تعديل قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين. وطالب صبري بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه كل من يصدر تلك الشهادات المزورة، وهم معروفون بالأسماء، موجهاً إليهم رسالة قائلاً "إصدار البيانات والأعذار الوهمية التي تقومون من خلالها بغسل أيديكم لم ولن تعد تعفيكم من تحمل مسئولياتكم الرعوية والقانونية تجاه مخدوميكم". من جانبه أوضح أشرف أنيس مؤسس حركة "الحق في الحياة"، أن شهادات تغيير الملة ظهرت فى مصر في عام 2008، وذلك بعد تعديل البابا الراحل شنودة الثالث للائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس المعروفة بلائحة 1938 وقصر الطلاق على علة الزنا أو تغيير الديانة، وهذا الأمر تسبب في تفاقم أزمة كثير من الأقباط ومعاناتهم في التخلص من زيجاتهم الفاشلة داخل المحاكم للحصول علي الطلاق. وقال إن قصر الطلاق في الكنيسة علي هذين الأمرين وضع الطلاق بين مطرقة الزنا وسندان تغيير الملة، ما دفع بعض متضرري الأحوال الشخصية للجوء للأخيرة من أجل الاحتكام للشريعة والحصول علي الطلاق بعيداً عن قضايا الزنا والتشهير بأزواجهم. وأشار أنيس إلي أن الحصول على تلك الشهادات يتطلب دفع مبالغ كبيرة لذا أصبحت تجارة رائجة يحترفها عدد من المحامين ويقومون بتزويرها ووقع الأقباط ضحايا لها ما جعل المحاكم تتشدد فى قبول تلك الشهادات بل وتلزم مقدميها بإحضار شهادة أخرى بمزاولة طقوس الكنيسة المنضم إليها باستمرار. وقال مؤسس "الحق في الحياة" إن الكنيسة الأرثوذكسية سبقت واتفقت الطوائف الأخرى علي منع تلك الشهادات، إلا أن بعض الكنائس لم تلتزم بهذا الاتفاق، واستمرت في منح هذه الشهادات. وتابع أن "شهادات تغيير الملة" تحولت لمتاجرة تتلاعب بها الطوائف لمن يقدر على دفع الثمن، بغض النظر عن الحالة المادية لصاحب المشكلة، وأصبح شعار الحصول على شهادة تغيير الملة لمن لديه القدرة على الدفع، وليس لقناعة الشخص بالطائفة الجديدة التى انتمى إليها، لأنها مجرد ورقة مختومة بأختام هذه الطوائف تقدم فى القضاء ليتم تطبيق الشريعة الإسلامية. وأوضح "أنيس" أن ثمن شهادة تغيير الملة فى الروم الأرثوذكس يبلغ 4 آلاف دولار، ويتم الحصول عليها إما عن طريق بعض محامى الأحوال الشخصية، أو السفر إلى لبنان والحصول عليها، بينما تبلغ سعر شهادة تغيير الملة لطائفة السريان الأرثوذكس 6 آلاف جنيه، وتدفع إلى مقر الطائفة بمصر تحت مسمى التبرع، إلا أن تلك الطائفة لا تعطى الشهادات لمن يريد، وإنما تعطيها بناء على توافق مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وحسب خطاب موجه من المجلس الإكليريكى للأرثوذكس للحالات التى يوافق المجلس على إعطائها الطلاق. وكشف مؤسس "الحق في الحياة" أن سعر شهادة تغيير الملة للإنجيلية يصل إلى 12 ألف جنيه، إلا أن تلك الشهادة يمكن أن يتم الطعن عليها أمام المحاكم لأنها غير مختومة بختم المجلس الملى الإنجيلى.