جمال الدين شوقى : القطاع الصناعى ابرز المستفيدين من تطوير التعليم الفنى خلال المرحلة المقبلة مجهود كبير تبذله مؤخرا حكومة المهندس مصطفى مدبولى لتطوير منظمة التعليم الفنى من أجل تخريج عامل فنى ماهر قادر على مواكبة متطلبات سوق العمل المحلى والاقليمى العالمى بما يدعم فى النهاية مصلحة الاقتصاد القومى بشكل مباشر ويحول منظومة التعليم من مصدر للعاطلين إلى رافد جديد من روافد التنمية الشامل،الامر الذى يجعلنا نسعى للوقوف على ابرز المعوقات التى تواجه المنظومة الجديدة والطرق المثلى للاستفادة من خريجى التعليم الفنى و العوائد المنتظرة فى النهاية من عملية التطوير. بداية وقبل الغوص فى النتائج المتوقعة من تطوير منظومة التعليم كان لزاما علينا الوقوف أولا على التحديات التى تواجه المنظومة الجديدة والمتمثلة الأرقام التالية.. أرقام ودلالات الأرقام دائما لا تكذب ولا تجمل الصورة التى بات عليها التعليم الفنى لكنها تنير الطريق لكل من يسعى لتطوير منظومة التعليم الفنى بمعضلاتها القائمة، أول رقم واجهنا أن عدد طلاب التعليم الفنى فى مصر يمثلوا ما يقرب ل 64% من طلاب التعليم الثانوى فى حين لا تتعدى ميزانية التعليم الفنى مليار ونصف المليار جنيه موزعة على ألفى مدرسة إضافة إلى 600 مركز تأهيلى فنى، فى الوقت الذى تشير فيه دراسات بحثية إلى أن طالب التعليم الفنى يحتاج اعتمادات مالية تساوى تكاليف 7 طلاب بالتعليم العام. تكشف كذلك الأرقام أن طلاب التعليم الصناعى يمثلون 30٪ من عدد طلاب التعليم الفنى - سواء نظام الثلاث سنوات أو نظام الخمس سنوات لخريجى الفنى المتقدم- مقسمين إلى 10 صناعات ينبثق من كل صناعة عدة شعب هي الميكانيكية والمركبات والبحرية والكهربية والنسجية والمعمارية والخشبية والمعدنية، بالإضافة لتبريد وتكييف الهواء الزخرفية. أما طلاب التعليم الزراعى فيمثلون ما يقرب ل 8٪ من عدد الطلاب مقسمين على الإنتاج الحيواني، وإنتاج الحاصلات البستانية، والتصنيع الغذائي، والعجائن، واستصلاح الأراضي، والميكنة الزراعية، وتكنولوجيا إنتاج وتصنيع الأسماك وفنى معامل، ومساعد بيطري، وتربية النحل، وديدان الحرير، بينما يمثل طلاب التعليم التجارى والفندقى حوالى 26% وتضم المدارس التجارية، أقسام مساعد فنى إدارى ومهنة سكرتارية طبية، أما المدارس الفندقية فتضم شعبة المطبخ وشعبة المطعم وشعبة إشراف داخلى وشعبة الخدمات. الأزمة بهاء .غ مدرس بأحد المدارس الفنية بمدينة 6 أكتوبر، قال أن أبرز المعوقات التى تواجه الاستفادة الاقتصادية من طلاب التعليم الفنى سريعا هو أن معظم الطلاب لا يرعبون فى الاستمرار بالعمل بالمصانع التى تدربوا فيها ذلك لرغبتهم فى الحصول على شهادة جامعية بأى شكل بحثا منهم على مكانة اجتماعية مثل أقرنائهم بطلاب التعليم العام، وتابع ما لحظناه أن الطالب يجد صعوبة فى الالتحاق بالتعليم الجامعى عن طريق المدارس الفنية فتتلقه المعاهد الخاصة التى تفتح ذراعيها له بصرف النظر عن تخصصه الذى لا يهمها في الحقيقة إثقاله فهى عبارة عن شركات استثمارية وليس دراسية ومعظمها معاهد تجارية ومع ذلك تقبل طلاب الصنايع والزراعة دون أدنى مسئولية". وأضاف : طالب الصنايع وعلى الرغم من أنه يشاهد المئات من خريجي كلية التجارة دون عمل يقبل بأن يضحى بما تعلمه من أجل شهادة جامعية وذلك بالرغم من أن العديد من المصانع والشركات ترحب بالتحاق الطالب بالمعاهد الصناعية أثناء عمله معها" . وعن الاستفادة المثلى من خريجى التعليم الفنى فقال "من ضمن برتوكول التعاون للمدارس مبارك كول أن توجد لجنة داخل كل مدرسة تدعى "وحدة تيسير سوق العمل" تمتلك قاعدة بيانات لكل خريجيها تتواصل معهم حال طلب أى شركة جديدة عمال فنيين وهو ما يعرف بخدمة ما بعد التخرج هذا بالإضافة إلى أننا نسعى للتواصل دائما مع مراكز التنمية البشرية بالقطاع الاستثمارى لإمدادهم بأسماء وتخصصات خريجى مدرستنا ليتواصلوا معهم خاصة وأنهم على تواصل أكبر مع المصانع والشركات". الحل الدكتور رءوف عزمى توفيق أستاذ ٍتكنولوجيا التعليم بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية حدد طرق الاستفادة المثلى من التعليم الفنى اقتصاديا قائلا : أولا يجب تدعيم فكرة المدرسة المنتجة بشكل أكبر مما هي عليها الآن خاصة وأن بعض المدارس باتت مربحة للطالب والمدرس ضاربا المثل بالمدارس الزراعية التى تغذى الأسواق المحيطة بها بمنتجات الألبان والتى تلقى رواجا ملحوظا نظرا لجودة منتجاتها، كذلك المدارس الصناعية والتى تساهم بمنتجات جيدة قدر المستطاع "، وتابع "فى المدن الصناعية تزيد كفاءة التعليم الفنى فمثلا محافظة الوادى الجديد فيها مصانع بلح كثيرة ويكون هناك اتفاق ببين المدارس الصناعية والزراعية لإنتاج منتج بإمكانيات جيدة تمكنها من المنافسة وفرض نفسه بالأسواق". وعن العائد على الاقتصاد القومى للدولة حال تطوير التعليم الفنى بشكل حقيقى فيقول " التعليم الفنى قادر على أن يكون أمل مصر ورافد هام من روافد اقتصادها القومى لو تم الاهتمام به بشكل فعلى وإنتاجنا عامل ماهر وفقا لمتطلبات السوق، وتابع " ليس بالضرورة أن يخرج الطالب يعمل بمصنع أو شركة قمن الممكن أن يفتح ورشة صغيرة لحسابه تضمن دخلا ثابتا له ولأسرته". وأوضح أن الاستفادة من التعليم المزدوج متوقفة على التدريب الفعلى فى المصانع والشركات، مطالبا بضرورة أن تغير الحكومة من ثقافتها وألا تجعل التدريب مقتصر على المصانع والورش الكبيرة فقط وأن تدمج الورش والمصانع الصغيرة بما يضمن تدريب فعلى ينتج صنيعي ماهر، كما طالب وزارة التربية والتعليم بالاستفادة من مؤسسات المجتمع المدنى التى تستطيع الوصول لأكبر عدد من الورش وتحدد احتياجاتها الفعلية كما تمتلك متابعة إذا ما كان الطالب يتدرب فيها من عدمه". وعن آليات التنفيذ على أرض الواقع فيقول " على الحكومة أن تمنح المصانع والشركات والورش وكل من يتعاون فى تدريب طلاب المدارس الفنية مزايا كبيرة تجعلهم يقبلون بتدريب عدد أكبر من الطلاب فمثلا من الممكن أن نمنحهم مزايا ضريبية أو تعرض منتجاتهم فى معارض كبيرة". وأضاف : القطاع المصرفى عليه هو الأخر أن يشارك فى إنجاح المنظومة الجديدة للتعليم الفنى من خلال منح الورش أو المصانع أو الشركات التى تكون فى حاجة لمعدات حديثة قروض ميسرة بشرط استمرارها فى تدريب عدد من طلاب المدارس الفنية طوال فترة سداد القرض، كذلك يمكنها بالتنسيق مع الحكومة فتح ورش صغيرة للمتفوقين من طلاب التعليم الفنى بعد التخرج لضمان عملهم بالمهنة التى تدربوا عليها كنوع من الحافز سواء كانت الورشة الواحدة لطالب واحد أو لأكثر من طالب فى تخصصات مختلفة على أن تمكنهم من تملكها بعد سداد بعد فترة زمنية". الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي الدكتور إسلام جمال الدين شوقي ، قال أن مردود تطوير التعليم الفنى على الاقتصاد القومى كبير للغاية، موضحا أن التعليم الفني أحد أهم آليات الدولة للقضاء على البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري نظرا لان الاهتمام به يؤدى إلى توفير عمالة فنية مؤهلة ومدربة قادرة على المنافسة محليا وأقليميا". وأضاف : تطوير التعليم الفني بما يواكب متطلبات العصر يمكننا من التركيز على زيادة الإنتاج من خلال منظومة عمل ذات فاعلية وجودة فى الأداء، بما يصب فى النهاية بالنهوض بالاقتصاد القومي وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والتي تحقق الرفاهية والرخاء للمجتمع بأسره وعن أبرز القطاعات المستفيدة، فقال : كل القطاعات ستستفيد من تطوير التعليم الفنى فهو قاطرة التنمية وعن طريقه يتم اكتساب الأفراد الخبرات العملية اللازمة ودراسة متطلبات الإنتاج، وربطه بسوق العمل ، وعن طريقه كذلك يمكن أن يستعيد القطاع الصناعي دوره الفعال والمؤثر من جديد، مشدد على أن القطاع الصناعي أول وأبرز المستفيدين من عملية التطوير ثم يليه القطاع الزراعي ، والتجاري ، والسياحي والفندقي وغيرها من القطاعات التى تعتمد على الأيدي العاملة الماهرة المدربة فالصناعة تعني أن هناك إنتاج والإنتاج يعني أن هناك أنشطة تجارية ، وهناك تصدير كما أن الصناعة تمد القطاع السياحي بالعديد من المستلزمات التي يحتاجها وهي كثيرة فالعملية الانتاجية عبارة عن مجموعة تروس الاساس فيها التعليم الجيد الذى يدفع عجلة الإنتاج للدوران".