فجرت واقعة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي علي رهبان دير السلطان بالقدس والمملوك للكنيسة الأرثوذكسية المصرية، كثيراً من علامات استفهام حول ممتلكات الكنيسة في الخارج والمصير الذي تنتظره في ظل الصراعات والإضطرابات السياسية التي تشهدها الساحة الدولية وكذلك موقف الدولة والكنيسة في الدفاع عن هذه الممتلكات والثروات. وكان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قد حرص في أول تعليق له على أزمة دير السلطان بالقدس علي سرد تفاصيل الأزمة وموقف الكنيسة ضد محاولات إسرائيل للاستيلاء علي الدير، وقال: "الدير اسمه الملاك ميخائيل، والمشكلة تعود لسنة 1820، وهي محاولات مستميتة للاستيلاء على الدير القبطي، وتم اللجوء للمحاكم، لكن كل الأحكام حكمت في أحقية ملكيتنا وحيازتنا، ولدينا الأحكام موثقة، وحتى عام 1970 كانت الحيازة لنا". وأشار في عظته الأسبوعية الماضية إلى أن ليلة عيد القيامة تم تغيير مفاتيح الدير واحتله الإثيوبيون، وصار السكان هناك إثيوبيين رغم أنه دير قبطي، وحال زيارته تجدون ملامح الأديرة القبطية، وتم رفع دعاوى، مضيفا: "أخدنا حكم بتسليم الدير لنا، ولكن لم يتم تطبيقها من قبل حكومة الاحتلال، وظل الأمر معلق، وللدير أهمية حيث إنه بمدخل المطرانية وكنيسة القيامة". وتابع: "ظلت مطالبة المطارنة على مر العصور، وظلت التعديات والتجاوزات، إلا أن تقدم مطران الروم الأرذوكس، في محاولة للمصالحة، ووافقنا على الحوار فوراً وتم تشكيل لجنة من المطارنة والأساقفة، ومحامي معهم أيضا"، مضيفاً: "جلس الوفدان وأعضاء السفارتين، وممثل عن وزارة الأديان والداخلية هناك، وكنا نظن أن الأمور ستحل، ولكن الحوار كان غير محايد بالمرة، وكان مائلاً للجانب الآخر، وكان الترميم سبب ذلك الاجتماع". وأوضح: ترميم الدير أمر خاص بنا، وأعددنا لجنة لذلك، وكنا سنرمم على حساب الكنيسة، وبعد المطالبة بالسماح لنا بالدخول لذلك، وصل الأمر للاشيء، وفي أكتوبر 2016 أوفدنا وفداً هندسياً مرة أخرى. وأكد أن أزمة الدير قضية مصرية، والأمر ليس كنسياً، والدليل أن الخارجية المصرية والقيادة السياسية تهتمان بالأمر جداً، وعلى اتصال دائم بنا بشأن الأمر، وبالعودة للوفد، لم يتم السماح للوفد بالدخول نهائيا، وتم عقد مجموعة من الاجتماعات السياسية عبر القيادات المصرية هناك. وتابع البابا: في 10 أكتوبر 2018، وصلت رسالة شفاهية من رئيس الأديان الإسرائيلي، بترميم الدير عبر الحكومة الإسرائيلية، قائلين: "نحن نخبرك ولا نستأذن منك"، وذلك في رسالة للمطران هناك، ثم أرسلنا خطاباً عبر المحامي بعدم الموافقة على الرسالة، وجددنا طلبنا بالترميم وحفظ حقوق الكنيسة المصرية. وأوضح بطريرك الكنيسة أن السفارة المصرية أبلغت الأسبوع الماضي الكنيسة المصرية برغبة الحكومة الإسرائيلية فى البدء بترميم دير السلطان، وقام الأنبا أنطونيوس ورهبان الدير بتنظيم وقفة احتجاجية اعتراضا على قيام الحكومة الإسرائيلية بترميم الدير، وقامت قوات الاحتلال خلالها بالاعتداء على الرهبان بصورة غير مقبولة تابعها العالم كله في حالة من انتهاك لحقوق الإنسان. وقال البابا إن الكنيسة الأثيوبية شقيقة وأخت لنا، ولا نريد أن يكون هناك شوائب في علاقتنا معهم، ونحن لدينا حكم من المحكمة الدستورية العليا بإسرائيل، ولكن المنحى السياسي، يحول دون تنفيذ القرارات. أهمية الدير و"السلطان" دير أثري للأقباط الأرثوذكس يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة، وتبلغ مساحته حوالي 1800 متر مربع، وقام صلاح الدين الأيوبي بإرجاعه للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، وعُرف من وقتها باسم "دير السلطان". أملاك الكنيسة هناك كنائس وأديرة تابعة للكنيسة القبطية المصرية يأتي إليها ملايين الحجاج المسيحيين من كافة أنحاء العالم وتمثل ببساطة أصل وقلب الوجود القبطي في القدس. ويعتبر أول حصر دقيق للكنائس القبطية في القدس، هو الحصر الذي سجله أبو المكارم- مؤرخ قبطي- في تاريخه عن الكنائس في عام 1281م، إذ يذكر أبو المكارم وجود هيكل قبطي داخل كنيسة القيامة، وكنيسة باسم المجدلية، وكنيسة ثالثة في دير السلطان. وحسب مصادر داخل مركز المعلومات الفلسطيني تضمنت ممتلكات الأقباط في القدس، دير السلطان وبه كنيستا الملاك والأربعة حيوانات ودير مارانطونيوس شمال شرقي كنيسة القيامة، ودير مارجرجس في حارة الموارنة وكنيسة السيدة العذراء بجبل الزيتون وهيكل علي جبل الزيتون وكنيسة ماريوحنا، وكنيسة صغيرة باسم الملاك ميخائيل ملاصقة للقبر المقدس من الغرب. مؤسسات مدنية وتمتلك الكنيسة القبطية بعض المؤسسات ذات الطابع المدني، أشهرها المدارس القبطية، حيث أقامت بطريركية الأقباط في القدس الكلية الأنطونية للبنين، وبعد ذلك كلية الشهيدة دميانة للبنات، وهما مدرستان يحصل فيهما الطالب علي شهادة الدراسة الثانوية، والالتحاق بهما لا يقتصر فقط علي أبناء الطائفة القبطية فحسب، بل فتحت أبوابها أمام الجميع بمن في ذلك المسلمون. كان هناك أيضاً رابطة القدس للأقباط الأرثوذكس، التي أنشئت في القاهرة عام 1944 من أجل حفظ تراث الأقباط في القدس، وتيسير إجراءات الزيارات إلي الأماكن المقدسة هناك، فضلاً عن المساهمة المادية في تدعيم الكنائس والأديرة والمدارس القبطية في المدينة. أوقاف القدس ومع وجود العديد من الكنائس القبطية فضلا عن الأديرة في المدينة المقدسة، ونتيجة للوازع الديني، وبسبب الطبيعة الدينية والاجتماعية لنظام الوقف، حفلت الوثائق القبطية بالعديد من حجج الأوقاف المرصودة في القدس، ولم يكن الوقف حكراً علي الأماكن المقدسة في المدينة من جانب أثرياء الأقباط، بل كانت معظم الأوقاف القبطية في القدس مرصودة لصالح الطبقة الوسطي القبطية، لذا اشتملت علي وقف عمارات صغيرة، أو حتى جزء من عقار، وهي ظاهرة واضحة في الأوقاف القبطية. واختلفت أوضاع الأوقاف القبطية المرصودة، فبعضها كان مرصوداً علي الواقف ثم علي النسل والذرية، علي أن تؤول في حالة انقطاع الذرية إلي الكنيسة في القدس، وبعضها الآخر يتم رصده علي بعض الأديرة القبطية في مصر، كما كان هناك بعض الأوقاف المرصودة مباشرة للكنيسة، وبصفة عامة كان معظم الأوقاف القبطية المرصودة للكنيسة توضع تحت إشراف البابا القبطي في القاهرة، وينوب عنه في ذلك المطران القبطي في القدس، ولكن في حالات نادرة وقف بعض الأقباط أوقافاً علي الحرم القدسي بصفة عامة دون تخصيص لدير أو كنيسة معينة، وفي هذه الحالة توضع هذه الأوقاف تحت إشراف "ناظر أوقاف الحرم القدسي" وهو من المسلمين. حقوق الأقباط احتفظ الأقباط بالحقوق القديمة المعهودة التي وضعت أيام المجامع الكنسية في كنيسة القيامة وهي ستة قناديل، أربعة منها داخل غرفة القبر، واحدة في غرفة الملاك، وأخري فوق حجر المغسل. ومن الحقوق الثابتة للأقباط كذلك حقهم في إحياء احتفالات أحد الشعانين والنور المقدس، حيث يشتركون في دورة أحد الشعانين، ودورهم يأتي، كما يقضي العرف بعد الروم والأرمن ويليهم السريان.. وفي يوم الجمعة العظيمة تفتح كنيسة القيامة خاصة للأقباط الأرثوذكس ما بين الساعة 5 - 7 مساء ويطوف الأقباط بموكبهم في جميع أرجائها ويقدمون الصلوات علي كافة مذابحها. وفي احتفالات النور المقدس التي تقام في سبت النور يطوف الأقباط حول القبر المقدس ثلاث دورات وذلك بعد الروم والأرمن وهم ينشدون ألحانهم القبطية الشهيرة، ويتكرر هذا الاحتفال مرة ثانية في الساعة الرابعة من فجر أحد الفصح. كما أن للأقباط حق قراءة صلوات السواعي النهارية والليلية، ولهم حق أيضاً في دورة البخور داخل القبر المقدس وفي كل قداس في كنيسة القيامة في كل يوم من أيام السنة نهاراً وليلاً، وهذا عدا البخور الرسمي في الأعياد والمواسم علي قدم المساواة مع اللاتين والروم والأرمن. وللأقباط الحق في المواكب الرسمية إلي كنيسة القيامة أو في داخلها مثل باقي الطوائف الممثلة فيها، فيدخل مطران الأقباط المسيحيين الأرثوذكس في كنيسة القيامة في موكب رسمي يتقدمه الشمامسة والكهنة حاملين الصليب المقدس والحية النحاسية ثم يعود إلي مقر المطرانية بنفس الموكب بعد نهاية الصلوات. ممتلكات خارج القدس ويمتلك الأقباط الأرثوذكس خارج القدس كنيسة ودير الأنبا أنطونيوس في يافا حيث تم تشييدها بهذا الدير سنة 1858، ولها مذبح واحد وأيقوناتها علي الطراز البيزنطي، وتؤدي فيها الصلوات كل يوم أحد أسبوعياً.. وتحتوي الكنيسة علي هيكل تحته مقبرة، دفن فيها بعض مطارنة الكرسي الأورشليمي، منهم الأنبا باسيليوس الثاني (1856-1899)، والأنبا باسيليوس الثالث (1925-1935)، أما الدير فمكون من طابقين، علي كل منهما ست غرف فسيحة. وهناك كنيسة ودير الأنبا أنطونيوس بأريحا التي بنيت من قبل الأنبا تيموثاوس الأول عام 1922 وافتتحت في عام 1925، وفي عام 1962 رمم الأنبا باسيليسوس الرابع بناء الكنيسة، وأُضُيف إليها أيقونات جميلة ومقاعد خشبية، وفي عام 1993 قام الأنبا أبراهام، مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدني، بتجديد الكنيسة مرة أخري، وبناء أسوار للدير و بركة مياه، وفي عام 1995م جدد الأنبا أبراهام مبني سكن الرهبان والمضافة الملحقين بالدير. وكنيسة ودير مار زكا والقديس أندراوس بأريحا والتي بنيت في عهد الأنبا باسيليوس الرابع علي آثار كنيسة بيزنطية بالقرب من بيت زكا العشار الذي استضاف فيه، حسب الكتاب المقدس، السيد المسيح. وفي عام 1993م قام نيافة الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي باستبدال سقف الكنيسة المتهدم بسقف جديد، وتم تعزيز جدران الكنيسة من الداخل بالحجر بعد إزالة الجدران الطينية. وقد أماكن لنوم الرهبان ودورات مياه جديدة، وأحاط الدير بالأسوار. أما كنيسة السيدة العذراء بالناصرة فبدأ التفكير في بناءها سنة 1936، عندما زار نيافة الأنبا ثاوفيلس الأول مدينة الناصرة، وحثّ الأقباط علي إقامة كنيسة لهم لرعايتهم روحياً. ولما خلفه نيافة الأنبا ياكوبوس (1946-1956)، اشتري قطعة أرض، وبني عليها الكنيسة. ولا تقتصر أملاك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية علي كنائس وأديرة القدس فخلال الأربعين عاماً الأخيرة توسعت الكنيسة في أنحاء العالم حيث يتبع لها أكثر من 100 كنيسة في الولاياتالمتحدة، وفي أستراليا يوجد أسقفان ونحو 50 قساً، وفي بريطانيا 4 أساقفة وكاتدرائية تم افتتاحها في ستيفندج عام 2007، فضلاً عن كنائس في سويسرا واليابان و4 كنائس في إفريقيا، وفي ليبيا يوجد 3 كنائس، وأسقفان في السودان بالإضافة لكنائس في لبنان والأردن والكويت والإمارات والعراق. وفي مطلع شهر أغسطس الماضي وعقب تداعيات حادث مقتل الأنبا ابيفانيوس رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون، أصدرت الكنيسة الأرثوذكسية بياناً لها حول أسماء الأديرة العامرة المعترف بها والتي بلغت نحو 51 دير منها 11 دير خارج مصر. وتضمنت قائمة الأديرة التي تقع في الخارج، دير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بميلانو في إيطاليا ويرأسه الأنبا أنطونيو، ودير الأنبا أنطونيوس في النمسا ويرأسه الأنبا جبريل، ودير الأنبا أثناسيوس في أيرلندا بإنجلترا ويرأسه الأنبا أنتوني، ودير الأنبا أنطونيوس بكاليفورنيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية ويرأسه الأنبا يوسف ومعه دير القديس موسي الأسود بتكساس، ودير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسيدني في أستراليا ويتبع الأنبا دانيال. وهناك دير الأنبا أنطونيوس بملبورن في أستراليا ويخضع لإشراف الأنبا سوريال ودير مارمرقس والأنبا صموئيل المعترف بجنوب أفريقيا ومشرف الدير هو الأنبا أنطونيوس مرقس إضافة إلى دير الأنبا أنطونيوس بأورشليم ويرأسه الأنبا أنطونيوس ، ودير الأنبا أنطونيوس بألمانيا تحت اشراف الأنبا ميشائيل، فضلاً عن دير الأنبا أنطونيوس والأنبا موسي بالخرطوم في السودان ويرأسه الأنبا إيليا. وتحرص الكنيسة الأرثوذكسية في خطتها على التوسع في شراء وتأجير مقرات لها في الخارج لخدمة رعاياها في كثير من الدول، ففي يونيو الماضي تمكنت الكنيسة الأرثوذكسية من شراء كنيسة فى موسكو، على أن تحولها لملكيتها وتسجلها باسم الكاتدرائية، وذلك فى أعقاب موافقة الكنيسة الروسية والسلطات هناك على افتتاح كنيسة تخدم الأقباط المصريين المقيمين في العاصمة الروسية، لتزيد الكنيسة القبطية من تواجدها فى دولة إضافية ويبلغ عدد الدول المتواجدة فيها بالمهجر 63 دولة.