أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات كتابًا باللغتين العربية والإنجليزية يتضمن تحليلًا لنتائج زيارات الرئيس السيسي الأربع السابقة للجمعية العامة. ويوثق الكتاب أهم ما دار فيها وارتباطه بمصالح مصر الوطنية السياسية والاقتصادية وأمنها القومي، وتم توزيع هذا الكتاب التحليلي التوثيقي على وسائل الإعلام، والمراسلين الأجانب وممثلي الصحف ومحطات التليفزيون والوكالات الإخبارية المعتمدين في مصر، وأيضًا تمت الاستفادة به في تعزيز التغطية الإعلامية بنيويورك لزيارة الرئيس. وتعد الزيارة الحالية للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الأممالمتحدة لرئاسة وفد مصر باجتماعات الشق رفيع المستوى في اجتماعات الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، هي الزيارة الخامسة من نوعها إلى المنظمة الدولية، حيث حرص منذ توليه رئاسة مصر في يونيو 2014 على المشاركة بجميع دورات الجمعية العامة التي تعقد في سبتمبر من كل عام، ليكون بذلك أول رئيس مصري يحضر خمس دورات متتالية لاجتماعات الجمعية العامة بل إن زيارات الرئيس الخمس للأمم المتحدة يفوق عددها مجموع زيارات جميع قادة مصر إليها منذ إنشاء المنظمة الدولية. ويشير كتاب هيئة الاستعلامات إلى أن الرئيس السيسى ألقى، خلال هذه الزيارات، خطبًا رسمية كان أهمها خطاباته الأربعة أمام جلسة الجمعية العامة، والتي تمثل كلمة مصر الرسمية في المنظمة الدولية، إضافة إلى كلماته وخطبه في عدد من المؤتمرات والقمم الأخرى التي عُقدت بمقر الأممالمتحدة خلال فترة انعقاد الجمعية العامة، كما عقد، خلال وجوده بنيويورك، عشرات اللقاءات مع قادة وزعماء ومسئولين وإعلاميين من جميع قارات العالم خلال حضوره لهذا المحفل العالمي الكبير. ويرصد الكتاب عددًا من الملامح التي ميزت مشاركات الرئيس الأربع خلال الفترة الرئاسية الأولى، وأثمرت في النهاية العديد من النتائج السياسية باستعادة مصر مكانتها في محيطها الإقليمي والعالمي، وشجعت المجتمع الدولي على دعم جهود مصر السياسية والاقتصادية. جسدت مشاركات الرئيس في هذه الاجتماعات السنوية الإدراك الكامل لأهمية هذا المنبر العالمي لمخاطبة المجتمع الدولي بكامله، والتواصل معه وعودة صوت مصر على أعلى مستويات القيادة إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيدًا لاهتمام مصر بدور المنظمة الدولية وضرورة تعزيزه واستعادة تأثيره في النظام الدولي على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة في الفترة الراهنة التي يمر فيها النظام العالمي بتغييرات متتالية في توازن القوى وطبيعة ونمط العلاقات الدولية. يواجه المجتمع الدولي أشكالًا من التحديات المشتركة التي تهدد السلم والأمن والحياة على الكرة الأرضية، مثل قضايا الإرهاب واللاجئين والتغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية، وانتشار ثقافات العنف والتطرف على نحو يتطلب تعاونًا دوليًّا كاملًا، لا يوجد أفضل من المنظمة الدولية وأجهزتها لتنسيقه والقيام به. في سياق آخر فإن مشاركة الرئيس السيسي في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة هي رسالة إعلامية إلى شعوب العالم بقدر ما هي رسالة سياسية ودبلوماسية، فالملايين في أنحاء العالم تتابع وقائع اجتماعات الجمعية العامة وما يدور فيها. لذلك فإن الرئيس لم يكن في هذه المشاركات يخاطب الحاضرين في القاعة الرئيسية للجمعية العامة للأمم المتحدة رغم أهميتهم وإنما كان يخاطب من خلالهم كل شعوب العالم، الأمر الذي يختصر الكثير من الجهد في نقل صورة مصر وحقيقة مواقفها إلى الرأي العام الدولي. وبالفعل حرص الرئيس السيسي في خطاباته، بدءًا من الخطبة الأولى في 2014/9/24 على شرح حقيقة ما حدث ويحدث في مصر من تطورات وطبيعة ما قام به الشعب المصري من تحولات تخلص خلالها من قوى التطرف والظلام واستعاد مسيرته المعتادة في ركب الحضارة الإنسانية. وقد أدّت كلمات الرئيس بالفعل آنذاك إلى تفهم دولي لما يدور في مصر من خطوات على طريق بناء دولة مدنية حديثة وتحقيق السلام والاستقرار وبدء عملية شاملة للتنمية والإصلاح الاقتصادي الاجتماعي الشامل في البلاد. وهكذا في كلمات وخطب الرئيس الأربع أمام الجمعية العامة حرص على شرح سياسات مصر الداخلية والخارجية، في مكافحة الإرهاب وفي التعاون البناء مع شركائها في المنطقة العربية والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم كشريك من أجل السلام والاستقرار والتقدم لكل الشعوب والمساهمة في حل المشكلات والأزمات الراهنة التي تخلف المآسي وتعوق سعي الشعوب لحياة كريمة، كما حدد الرئيس في كلماته دائمًا موقفًا واضحًا لمصر إزاء مختلف القضايا العالمية. كل تلك المواقف كانت بمثابة رسائل سياسية دبلوماسية إعلامية أحدثت تأثيرًا مهمًا ووضعت الرأي العام الدولي في صورة مصر الحقيقية ومواقفها وسياساتها. ولعل مناقشة خطابات الرئيس الأربعة ومقارنتها يكشف مدى الاتساق الفكري والسياسي وثبات المواقف والمبادئ التي عبّر عنها الرئيس بشأن سياسة مصر تجاه مختلف القضايا والشئون الداخلية والخارجية.