أزمة داخل صندوق دعم الصادرات كشف عنها العاملون النقاب تتمثل في أن ثورة يناير لم تغير شيئا وأن السياسة داخل الصندوق واحدة منذ أن تم استقدام رجال تسابقوا مع الزمن لخدمة عدد من كبار رجال الأعمال بتمرير الصفقات المشبوهة وتوجيه أموال الصندوق المخصصة من قبل الدولة لدعم صادرات أصحاب الأعمال المتوسطة التي تحتاج لهذا الدعم.. ومنذ رحيل محمد راجي المدير التنفيذي للصندوق اعتقد العاملون أن الصندوق سيتم تطهيره ممن أفسدوا العمل فيه وساهموا في الإضرار بأموال الدعم.. وبالفعل تم تعيين آخر حرص علي تلبية مطالب العاملين واتخاذ الإجراءات الصائبة وكانت معظمها تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ، ولكن تبدلت الأحوال وانقلبت رأسا علي عقب عندما تم تعطيل مصالح الصندوق وتجميد الملفات الحيوية داخل الصندوق بعدما غابت عنه الإدارة حيث يتولي شئونه عبدالرحمن عبدالرؤوف القائم بأعمال المدير التنفيذي للجهاز والمدير المالي والإداري الذي تحوم حول صفقة تعيينه بالصندوق الشبهات خاصة أن العاملين في الصندوق كشفوا عن علاقة كانت تجمعه بالوزير السابق الدكتور محمود عيسي وقالوا إنه كان أحد ضباط الجيش برتبة لواء وقام الوزير السابق بندبه في مكتب التمثيل التجاري وبعد اتهامه في إحدي القضايا ثم اصطحبه عيسي معه إلي ديوان الوزارة ومنها إلي الصندوق.. وحصلت " الموجز " علي مستندات تداولتها أيادي العاملين في الجهاز والتي تكشف وجود فساد إداري في قرارات تعيين المدير المالي والإداري في الصندوق حيث اتهموا المسئولين بتزوير القرارات الخاصة به ومنها القرار رقم 205 والذي يوضح أنه تم تكليف منصور وهو أحد العاملين بالهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة بوظيفة كبير أخصائيين "مجموعة وظائف التمويل والمحاسبة" للقيام بأعمال المدير المالي والإداري بالصندوق حتي بلوغه السن القانونية المقررة للإحالة إلي المعاش. كما حصلت "الموجز" علي خطاب صادر من مكتب الوزير ومؤرخ في الثامن عشر من يونيو الماضي وموقع من فرج أحمد الساكت رئيس قطاع مكتب الوزير يؤكد موافقة الوزير علي الاستعانة بمنصور للإشراف علي إدارة الشئون المالية والإدارية بصندوق تنمية الصادرات.. وأضاف الخطاب أن اللجنة المشكلة بموجب القرار الوزاري رقم 27 لسنة 2011 بشأن تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ علي المال العام قد ناقشت في جلستها التاسعة عشرة المنعقدة في 30/5/2012 موضوع الاستعانة بمنصور وقد أوصت اللجنة بالموافقة علي التعاقد مع منصور. وأوضح الخطاب أنه بالعرض علي الوزير أبدي موافقته علي الاستعانة بمنصور في وظيفة خبير لمدة 3 أشهر تبدأ من 1/6/2012 إلي أن يتم الانتهاء من الدراسة الخاصة بتطبيق المعايير الجديدة بمكافأة في حدود ما يتقاضاه. كما تداول العاملون خطابا ثالثا صادراً عن أحمد أموي الرئيس التنفيذي للصندوق وموجهاً للوزير السابق محمود عيسي تحت بند "ملخص تنفيذي" بتاريخ 25/7/2012 بشأن الاستعانة بمنصور في وظيفة المشرف علي الشئون المالية والإدارية بالصندوق.. وجاء في الخطاب علي غير الحقيقة الموضحة في الخطاب السابق أن موافقة الوزير كانت علي الاستعانة به في وظيفة المشرف علي الشئون المالية والإدارية.. وهذا ما اعتبره العاملون في الصندوق تزويرا في محرر رسمي حيث إن الموافقة الصادرة في هذا الشأن تأتي في الاستعانة به كخبير. كما أوضح الخطاب الثالث أمام خانة "المطلوب" برجاء التفضل بالموافقة علي الاستعانة بعبدالله منصور مشرفا علي الشئون المالية والإدارية بالصندوق لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 1/9/2012.. والخطاب مذيل بموافقة الوزير.. واتهم العاملون بالصندوق المسئولين بإهدار المال العام موضحين أن منصور يتقاضي وحده راتبا شهريا يصل إلي 23 ألف جنيه.. وتساءلوا عن العقد الذي تم توقيعه مع منصور ويبيح له الحصول علي هذا المبلغ الضخم. من ناحية أخري يتهم العاملون في الصندوق أعضاء مكتب الوزير بالتواطؤ مع قيادات سابقة بالصندوق لتمرير الصفقات المشبوهة كما أنهم مارسوا مهمتهم في التكتم علي تلك الوقائع وجعلوها حبيسة الأدراج إلي الآن علي الرغم من أن الكثيرين تقدموا ببلاغات للوزير تكشف عن وقائع الفساد التي شهدتها إدارات الصندوق المختلفة والتي تتعلق بالفترة التي كان يترأس الصندوق محمد راجي الذي تم اتهامه باتهامات عديدة في بلاغات كثيرة لم يتم التحقيق فيها إلي الآن حيث خصص ميزانية الدعم المفروض أنه موجه إلي الصناعات المتوسطة لتمكينها من منافسة المنتجات الأجنبية لصالح شركات ومنتجات تخص كبار رجال الأعمال.. كما أكد العاملون بالصندوق أنه تمت إدانته في ملف التسليم والتسلم وانتظر البعض أن تتم إحالته إلي النيابة الإدارية للتحقيق معه في الوقائع التي بلغ حجمها نحو 142 مخالفة متنوعة بين الإضرار بالمال العام والفساد الإداري وغيرها من الجرائم إلا أن الملفات والبلاغات لا تزال حبيسة الأدراج داخل مكتب الوزير منذ أكثر من 6 أشهر ماضية.. ولا أحد يعلم ما هو السبب في التكتم علي جرائم راجي الذي كان يستقوي برجل الأعمال جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات وعدد من المحيطين به ممن قام بتمرير الصفقات المشبوهة لهم من تحت الترابيزة وبطرق غير شرعية. وضاق العاملون في الصندوق من صدور عدد من القرارات التي تعارضت مع أخري كانت من الممكن أن تغير مسيرة الصندوق إلي الأفضل إلا أن لغة المصالح راحت تسيطر علي طبيعة العمل فيه وهذا ما ظهر جليا عندما قام المدير التنفيذي للصندوق الحالي بإلغاء قرارات لسابقه ومنها تمكين رجال محمد راجي من العبث في أموال الدعم وإعادة المنظومة التي أوجدها راجي خلال سنوات رئاسته للصندوق كما أصدر قرارات ألغت القرار الخاص بتقييم الشركات التي حصلت علي أموال من الصندوق في إطار دعم المنتجات المرشحة لمراجعة حجم الأعمال والأرباح التي حققها المشروع بعد ضخ الأموال فيه.. كما قام المدير الحالي - علي حد وصف العاملين في الصندوق - بإلغاء العمل بقرار الأسعار الاسترشادية. كما اتهم العاملون في الصندوق أن خطة العمل حاليا لا تختلف كثيرا عن السياسة الخاطئة التي كان يتبناها راجي أثناء رئاسته للصندوق حيث كان ينفذ السياسات التي تمكنه من نسج شبكة من العلاقات الوطيدة مع رجال أعمال من خلال تمرير الصفقات المشبوهة والتي تنتهي بحصولهم علي أموال الدعم في حين أنهم بحكم القانون واللوائح المنظمة للعمل ليس من حقهم الحصول علي أي أموال من برنامج الدعم.. وهذا ما يحدث الآن - علي حد أقوال العاملين في الجهاز - والذين أكدوا أن إدارة الصندوق قامت مؤخرا بتخصيص الأموال الطائلة من برنامج الدعم لمجلس الحاصلات الزراعية الذي يترأسه علي عيسي دون رقابة أو حساب لوجود علاقة قوية بين عيسي والمسئول عن أموال الدعم من خلال رجال راجي الذي تم تعيينه مؤخرا مديراً تنفيذياً للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية براتب 23 ألف جنيه شهريا.. وأضافوا أنه يستخدم رجاله داخل الصندوق لتمرير الصفقات التي تصب في مصلحة الحاصلات الزراعية بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة للعمل في الصندوق.. وفي المقابل توقف صرف أموال الدعم الخاصة بالكيانات العاملة في مجال المستلزمات الطبية نتيجة عدم دراية رئيس الصندوق الجديد بالضوابط فضلا عن وجود خلافات مع قطاع التجارة الخارجية مما تسبب في تجميد الموقف منذ أكثر من 3 أشهر. وقال العاملون إن الصندوق أصبح كالمحطة يتم استقدام البعض لها من أجل الحصول علي أموال بلا حساب وتكوين شبكة من العلاقات الدائمة مع رجال الأعمال الكبار من خلال تخصيص أموال الصندوق لهم وأنشطتهم المختلفة علي حساب مستحقي الدعم.. كما أن أغلب رؤساء الصندوق يعتبرون أن مرحلة رئاستهم للصندوق انتقالية ومؤقتة "سبوبة" مما يجعلهم عازفين عن اتخاذ قرارات بشأن العمل والعاملين في الصندوق.. ولفتوا إلي أن الرئيس محمد مرسي عرض ضمن برنامجه الانتخابي أنه سيولي أهمية كبري لمساندة الفرص التصديرية ووضع المعايير والضوابط اللازمة لعمليات صرف الدعم للصادرات إلا أن المسئولين الذين تعاقبوا علي الصندوق لم يحققوا هذا الهدف حتي الآن. ومن ناحية أخري فجر أيضا العاملون بالصندوق مفاجأة أكدوا خلالها أن رجل الأعمال الإخواني حسن مالك هو من قام بترشيح المهندس حاتم صالح لتولي حقيبة وزارة التجارة والصناعة واتهموا الأخير بتنفيذ تعليمات وتوجيهات مالك بشأن مصالح وأعمال رجال الأعمال الإخوانيين.. كما اتهموا الوزير بتوجيه أموال الدعم للمنشآت العاملة في مجال تصنيع المواد الغذائية باعتباره كان رئيسا لشعبة الألبان بغرفة الصناعات الغذائية في اتحاد الصناعات المصرية، كما اتهموه أيضا بالاهتمام بقطاع دباغة الجلود مبررين هذا بأن والده كان يمتلك مدبغة وينتمي لقطاع المدبغجية. كما اتهموه بإلغاء عدد من القرارات التي اتخذها الوزير السابق ومنها ما يخص رسم الصادرات علي المواد الخام البلاستيك وأقلام الرصاص الصيني بما يخدم رجال الأعمال. وأوضحوا أن محضر العشرين الذي تم إعداده مؤخرا قام بإلغاء كافة الضوابط المحددة للصرف والأسعار الاسترشادية في كافة لجان الصرف مما ترتب عليه إعادة 60 ألف ملف وبعض المصدرين الذين قاموا بالصرف طلبوا إعادة تسوية نتيجة عدم وجود إدارة مستقرة في الصندوق خاصة أن رئيس الصندوق الحالي تم استقدامه من إدارة التمثيل التجاري ولا علاقة له بالعمل بالصندوق وليس مؤهلا للعمل فيه. وأكدوا أن الوزارة لديها 50 مكتباً علي مستوي العالم تتبع إدارة التمثيل التجاري ويتواجد في كل مكتب 3 موظفين لايقل الحد الأدني لرواتب أقلهم عن 5 آلاف يورو.. وكشفوا عن صفقات تعيين العاملين في التمثيل التجاري المنحصرة في الوساطة خاصة أن بينهم مهندسين وزراعيين ولا يمتون للاقتصاد بأي صلة إلي جانب وجود شكاوي من المجالس التصديرية بعدم الاستفادة من هذه المكاتب ولم يثبت إلي الآن انها قامت بأي دور فتحت به فرصاً تصديرية واقتصادية بالخارج علي عكس ما تؤديه المكاتب المماثلة في دول أجنبية أخري كإسرائيل وتركيا.. ويرجح أعضاء تلك المجالس التصديرية أن مكاتب التمثيل التجاري وصلت إلي هذه الحالة بعدما اختفت ضوابط محاسبة العاملين فيها. وتساءل العاملون في الصندوق عن طوق النجاة الذي يتمكنون من خلاله من إنقاذ الصندوق والقضاء علي العابثين والفاسدين بداخله مطالبين الرئيس محمد مرسي بضرورة تنفيذ وعوده التي أرساها في برنامجه الانتخابي.