أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، أن العالم يتطلع في هذه المرحلة الحرجة التي يمرّ بها، خصوصاً على الضفتين الجنوبية والشرقية من البحر الأبيض المتوسط حيث تَتَفَاقَمُ النزاعات المسلحة وما تُفرزه من أزمات اقتصادية وكوارث إنسانية، في ظل انتهاك القوانين الدولية، وتخاذل بعض القوى الكبرى وعجزها عن القيام بواجباتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين، إلى مبادرات ملموسة تبني السلام العالمي، وتقضي على نزعات التطرّف والكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والثقافي والديني، موضحاً أن السياحة هي إحدى وسائل بناء السلام، وهي عماد التنمية الشاملة المستدامة، وإحدى قواعد البناء الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والارتقاء الثقافي. جاء ذلك في كلمة ألقاها في الدورة الخامسة للمنتدى السياحي المتوسطي، التي افتتحت أعمالها اليوم في مدينة فاليتا عاصمة جمهورية مالطا، وقال في مستهلها إن اختيار شعار (المتوسط الأزرق) لهذه الدورة، يعبّر بدقة وبعمق، عن الهدف الرئيس الذي يسعى هذا المنتدى من خلال دوراته المتوالية، من أجل تحقيقه، وهو بناء السلام على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، الذي هو مهدُ الحضارات والثقافات الإنسانية المتعاقبة، منذ أقدم العصور، التي منها انبثقت الحضارة العالمية الحالية. وذكر أن هذا الشعار الذي وُفقت مؤسسة السياحة المتوسطية في اختياره، هو رمز للسلام، وللوئام، وللتعايش بين الأمم والشعوب، ليست تلك التي تعيش فوق هذه المنطقة الشاسعة فحسب، بل الأمم والشعوب التي تعيش فوق كوكبنا، وقال إذا كان من أهداف هذا المنتدى إنماء السياحة المستدامة في المنطقة المتوسطية، من خلال تحويل البحر الأبيض المتوسط إلى فضاء مفعم بالسلام والتعاون والازدهار والرخاء، فإن السبل التي تؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف النبيلة، تمر عبر تعزيز قيم الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، ونشر ثقافة العدل والسلام، وإقامة منظومة تربوية متكاملة تستند إلى المفهوم العميق للمواطنة الإنسانية التي تَتَجَاوَزُ التمييزَ بين البشر على أساس من العِرق، أو اللغة، أو المعتقد. وقال المدير العام للإيسيسكو في المنتدى الذي يحضره بدعوة من السيدة ماري لويز كوليرو بريكا، رئيسة جمهورية مالطا راعية المنتدى : « بحكم التجربة الواسعة في مجال النهوض بالمسؤوليات في إطار اختصاصات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، التي أمثلها هنا، فإن بناء السلام في الأرض مرهون بتطوير المناهج التعليمية والبرامج التربوية، وبتعزيز قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، وبالتعاون من أجل محاربة العنصرية والكراهية والتطرّف، وبتعميق التفاهم والتقارب والتعايش بين الأسرة الإنسانية». وأكد أنَّ دعم مشاريع التنمية البشرية في الدول المتوسطية، وتعزيز التعاون فيما بينها في المجالات كافة، وإنماء التجارة والصناعة والزراعة وتبادل الخبرات، كل ذلك كفيل بتمهيد السبل لإقامة علاقات دبلوماسية مزدهرة بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط، مما ينعكس على ازدهار السياحة وتوسيع المشاريع السياحية الكبرى، وتوسيع التبادل التجاري، وتنظيم الأنشطة التي تعزز القيم الثقافية والرياضية، من خلال التعاون الإقليمي في هذه الميادين جميعاً. وقال الدكتور عبد العزيز التويجري إن الإيسيسكو تعمل في إطار (استراتيجية تنمية السياحة الثقافية في العالم الإسلامي)، التي اعتمدها المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء الثقافة، المنعقد في باكو عاصمة جمهورية آذربيجان سنة 2009، واعتمدها المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء السياحة المنعقد في طهران سنة 2010، من أجل بلورة هذه المفاهيم وتعميقها وترجمتها إلى ممارسات عملية ومشاريع ملموسة. وأوضح أن تنمية السياحة الثقافية لا تنفصل عن السياحة الترفيهية، والسياحة الرياضية، وإن تنمية السياحة الدينية هي جزء من تنمية السياحة الثقافية في إطارها العام، مشيراً إلى أن العالم الإسلامي يشمل هذه المنطقةَ الجغرافية المتوسطية جنوبيها وشرقيها، لأن الأمر يهمنا نحن بالدرجة الأولى، لأننا شعوب المنطقة، ومن هنا يأتي اهتمام الإيسيسكو بتنفيذ الأهداف التي تعمل لها مؤسسة السياحة المتوسطية التي تنظم المنتدى.