جدد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ،تمسكه بتنفيذ قرار المجمع المقدس بمنع "الاعتراف"- أحد أسرار الكنيسة السبعة- أمام الرهبان سواء خارج الدير أو داخله طالما توجد كنائس وآباء وكهنة ،الأمر الذي أشاد به رجال الدين وشعب الكنيسة محذرين من تعطيل تطبيق هذا القرار والذي سبق وأقره كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث ولم يتم تفعيله حتي الآن , ما تسبب في كثير المشاكل والانحرافات لبعض الرهبان. من جانبه أكد القمص عبد المسيح بسيط، استاذ اللاهوت الدفاعي وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد، أن سر الاعتراف أحد الأسرار السبعة المقدسة في المسيحية، مشيراً إلي أن سر الاعتراف ينقسم الي جزأين , الأول هو الإقرار بالذنب , أما الثاني فهو طلب الصفح من الله بسماع كاهن بغية الحصول على إرشاد روحي ونفسي صحيح، ومن ثم تكفير الإثم بأعمال بر. وقال "هناك شروط لسر التوبة تتضمن، القصد وفحص الضمير والإقرار بالخطايا وسماع الإرشاد، وأخيرًا التكفير أو التعويض بأي من الصلوات أو أعمال المحبة تعويضًا عن الأضرار الناجمة عن الخطيئة". وتابع حديثه :القيام بالاعتراف يكون بشكل دوري، بحيث يلتزم المسيحي مع أحد رجال الدين فيصبح له "مرشدًا روحيًا، وتنصّ الوصايا الكنسيّة على أن يتم الاعتراف علي الأقل مرة في العام، مع ضرورة الإقرار بالخطايا الكبرى. وفيما يتعلق بقرار البابا تواضروس الأخير بمنع الرهبان من أخذ سر الاعتراف قال بسيط :"لابد ان ينقطع الراهب عن العالم، فليس من مصلحته أن يكون هناك اتصال بينه وبين العالم الخارجي، هذا بالإضافة إلي أن هناك بعض المشكلات التي لا يجب ان يطلع عليها خاصة الاعترافات المتعلقة بالنساء ". وأوضح , أن الراهب لم يتزوج وبالتالي لا يجب أن يسمع الاعترافات الشخصية للنساء، فمن الممكن أن تثار غرائزه اثناء سماع اعتراف جنسي لسيدة. وأشار الي أن قرار البابا تواضروس ليس بجديد حيث سبق وأقره البابا كيرلس السادس، والبابا شنودة ،حيث كانت مهمة الراهب ان يتلقي اعترافات الرجال في المشكلة المتعلقة بالعمل وليس له الحق في اخذ اعترافات تتعلق بالحياة الشخصية. ولفت إلي أن الراهب لا تكون له أي خبرة في الحياة العامة وبالتالي من الممكن أن يعطي نصائح خاطئة. وبسؤاله عن اعتراض البعض علي قرار البابا لعدم توافر كهنة للاعتراف في بعض الكنائس، قال: "الرهبان لابد وأن ينعزلوا عن العالم ويكون دورهم مختصر في اعطاء الارشاد الروحي في الصلاة والصوم فقط. وتابع : أما فيما يتعلق بعدم توفر كهنة للاعتراف فيمكن حل ذلك الأمر عن طريق اخطار الكنيسة بعدم وجود قس لتلقي الاعتراف وبالتالي تقوم الكنيسة بتعيين قس اعتراف. وقال مينا أسعد كامل مدرس اللاهوت الدفاعي والمتحدث باسم رابطة حماة الإيمان, إن الاسم الصحيح هو " سر التوبة والاعتراف" وليس كما يشاع عنه أنها "جلسة اعتراف" وهو معتقد مسيحي هدفه الأساسي عودة " التائب" عن خطيئته إلي الكنيسة مرة أخرى. موضحا أنه في العصور الأولى للمسيحية كان المخطئ يقوم بالاعتراف عن خطيئته في صحن الكنيسة وأمام الشعب بأكمله ثم يبدأ الكاهن في صلوات طلب المغفرة له ويطلق عليها "صلاة التحليل". وتابع حديثه: مع مرور الوقت انتقلت طريقة الاعتراف من العلن إلي السرية والمقصود بالسرية ألا يسمع خطيئة المعترف إلا الله والأب الكاهن الذى يقوم بتقديم إرشادات تساعد على توبة المخطئ وعدم تكراره للخطيئة كأن يطلب منه مثلا قراءة أجزاء معينه من الكتاب المقدس أو ترديد صلاة في ذهنه طوال حركته أو الصوم فترة بعيدا عن الأصوام المسيحية التقليدية. وأوضح أن العادة جرت- إلا في حالات خاصة جدا – أن تفاصيل الخطيئة لا تذكر حيث يكتفي الكاهن بسماع نية توبة المعترف عن خطيئة "الكذب" مثلا دون الخوض في تفاصيل متى وأين ولماذا كذب؟" وأكد أن التوبة والاعتراف في الكنيسة الأرثوذكسية شرط هام لممارسة باقي الطقوس الكنسية فمثلا لا يسمح لمن لا يواظب على الاعتراف ويوجد أب كاهن متابع له بالحصول على تصريح زواج وأيضا من يرغب في الرهبنة أو في الدخول إلي سلك الكهنوت لا يستطيع دون تزكية أب الاعتراف الخاص به ، كما أن ممارسة "التناول" في القداس شرطها أن يكون المتناول قد تاب واعترف عن خطاياه. ورفض أسعد ما يردده البعض عن انفراد الكاهن بالمعترف أو المعترفة في مكان مغلق وسري ووقوع بعض التجاوزات أو المخالفات بينهم,قائلا "هذا مجرد خيال زائد بحسن نية أو بسوء نية من صاحب تلك الأقاويل". وأضاف منذ بداية الرهبنة وهناك تعليمات متكررة بعدم الاعتراف أمام رهبان نهائيا وقد صدر قرار رسمي من المجمع المقدس في عهد البابا شنودة وكرر نفس التحذير قداسة البابا تواضروس وهذا بسبب أن الراهب في الاصل ترك العالم وهمومه وتحمله سماع الاعترافات يكون له ثقل كبير عليه. ولفت إلي أن سبب عدم تفعيل هذا القرار حاليا يرجع إلي أن الناس يحبون الرهبان ويرغبون في الاعتراف أمامهم. وعن حالات إفشاء الكهنة لأسرار رعيتهم ,قال أسعد: "الكاهن الذي يقوم بإفشاء سر الاعتراف يجرد من كهنوته فور ثبوت الاتهام". وكشف أسعد عن بعض السلبيات التي تتعلق بمسألة الاعتراف منها أن يسافر الأب الكاهن خارج مصر مثلا فيفقد المعترف "أب اعترافه" بعد متابعته متابعة طويلة ,وهنا ينبغي علي هذا الكاهن ان يراعي بتسليم أبناءه إلي كاهن آخر مع تقرير شفهي إن استلزم الأمر لمتابعه حاله خاصة. وتابع :هناك نقطة أخرى قام المجمع المقدس بمراجعتها وهي تأهيل الآباء الكهنة لسماع المشاكل في الاعتراف بمعنى انه قد يتخلل الاعتراف مشكلة شخصية من المعترف يطلب فيها الإرشاد لذلك أنشأت الكنيسة معاهد للإرشاد النفسي ليستطيع الكاهن أن يتعامل مع هذه المشاكل ويقدم حلولا تتناسب مع العصر إن استدعى الأمر. وأشار إلي أن جلسات "الاعتراف" تنتج عنها مشاكل سياسية يقع فيها الآباء الكهنة بطريق غير مباشر وخطأها في الأساس يرجع للمعترف وليس للكاهن فقد يقوم الشخص المعترف بسؤال الكاهن عن المرشح الذي ينتخبه فيقوم الكاهن بسلامة نية بذكر اسم مرشحه فيتعامل المعترف أنه أمر سمائي من الكاهن بأنه ينتخب فلان الفلاني. وقال :"هذا الأمر دفع الكنيسة لإصدار تعليمات مؤخرا بمنع الكهنة من الإفصاح عن مرشحيهم في الانتخابات حتى لا تستغل الكنائس للدعاية الانتخابية". وأكدت الناشطة القبطية هايدي غبريال, أن "سر الاعتراف" يشعر فيه الإنسان بالارتياح الداخلى لأنه يتوب ويقر بخطئه أمام الله والكاهن وكذلك الإنسان الذى أخطأ فى حقه وهذه شروط المغفرة ,موضحة أن الكاهن وظيفته هي حمل خطايا الناس ووضعها على الذبيحة فى القداس لكى يحصلوا علي المغفرة. وقالت, هذا السر عظيم ولكن ينبغى أن يكون كل الكهنة على قدر الأمانة التى تجعل الشعب يثق بهم. مشيرة إلى أنه أحيانا يحدث ما لايحمد عقباه ويكون الاعتراف على الكاهن سبب تدمير لأسر مسيحية ووسيلة لفضح الناس بإفشاء أسرارهم وابتزازهم في بعض الأحيان. وتابعت: رغم أنه توجد قوانين كنسية للكاهن الذى يكسر أمانة سر الاعتراف إلا أنها لاتَفعل. وأشادت "غبريال" بقرار البابا تواضروس الثاني بمنع الاعتراف على الرهبان, وأن يكون الاعتراف على الكهنة المتزوجين فقط , مقترحة أن يتم وضع شروط وضوابط لاختيار كهنة مميزين يصلحون لأخذ الاعترافات . وأضافت: ينبغى أن تكون جلسة الاعتراف فى مكان ظاهر بالكنيسة ,كما ينبغي التوعية بأن مسألة الاعتراف لا تعني الدخول فى تفاصيل الخطايا وأسرار البيوت لأن بعض الكهنة يصرون على هذا وهو خطأ جسيم – علي حد قولها-. وتابعت: أحيانا ينقل الكاهن بدون حكمة اعترافات أى فرد فى الأسرة بين أفراد الأسرة الواحدة, وبدلا من أن يكون الكاهن هو صانع السلام,يكون السبب فى إشعال المشاكل بين الأهل ,ويتسبب فى ترك الناس للكنيسة وبدلا من أن يُلام الكاهن المخطئ,يجدون له مبررات تفقد الناس الثقة في رجال الدين, ولاعزاء للضحايا. وأشارت إلي أنه في أحد الأيام وقعت خصومة بين كاهن وفتاة تعترف عنده,فقام بإفشاء أسرارها للانتقام منها لذا يجب تفعيل القوانين الكنسية تجاه الكهنة الذين يفشون أسرار الرعية حتي لا يفقد الإنسان ثقته فى الكنيسة ويهرب منها. وقال نادر صبحي مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس, إن قرار قداسة البابا بمنع الاعتراف أمام الرهبان قرارا صائبا وأتمنى الالتزام به ,كما ينبغي تعميمه علي الأساقفة أيضا لأنهم في الأصل رهبان ويخضعون لقانون الرهبنة. وأوضح أن الاعتراف يكون أمام الكهنة المتزوجين فقط والمميزين , الذين يصلحون لأخذ الاعترافات ,مشيرا إلي أن هناك كهنة يكونون غير أمناء و يتاجرون بالأسرار ويستغلون نقاط الضعف لدي الرعية. وأكد أن الاعتراف أمام الراهب ينتج كثير من المشاكل منها عثرة الراهب في حال كان المعترف سيدة أو فتاة خصوصا أنه ليس متزوجا ,لافتا إلي ظهور فضائح جنسية تتعلق برهبان وفتيات أثناء جلسات الاعتراف. وقال, هناك نماذج كثيرة لبعض الرهبان الذين يعترف أمامهم الشعب يرفضون تماما إجراء هذه الجلسات مع الفتيات أو السيدات مثل القمص الراهب "فام الانطونى" نائب رئيس دير الأنبا انطونيوس ببوش فرع البحر الاحمر وهو معروف هناك و يتمتع بهيبة و احترام الجميع ويلجأ اليه الجميع من الأهالى المسلمين قبل المسيحيين فى حل مشاكلهم ومعروف عنه فى الوسط الكنسى سواء الشعب أو الكهنة أنه لا يأخذ اعترافات من الفتيات او السيدات نهائياً و يبتعد تماماً عن مصدر الأزمات . وأضاف, هناك دار أيتام تخضع لمطرانية بنى سويف ومخصص للفتيات فقط وتقوم على ادراتة "تاسونى" - أخت راهبة باللغة القبطية – وعلي الرغم أن هذا الدار يوجد بداخله مذبح و كنيسة للصلاة ويقع بجوار الكثير من الكنائس التى يخدم فيها العديد من الكهنة العلمانيين إلا أن "التاسونى" هناك تصر علي استدعاء راهب معين من رهبان دير الأنبا انطونيوس بمركز ناصر "بوش" بنى سويف لكى يصلى القداس هناك و يقوم بأخذ الاعترافات من الفتيات مما يثير كثير من علامات الدهشة والاستفهام حول أسباب ذلك. وأوضح أمير سمير، الناشط القبطي، أن الكثير من أبناء الكنيسة يفضلون الذهاب للأديرة للاعتراف على يد الرهبان في اعتقادهم بأن الرهبان أكثر قداسة وإرشادا من القساوسة الموجودين في الكنائس. وقال "أخذ الرهبان للاعتراف ينتج عنه كثير من المشكلات ومنها أنه غير متزوج ولا يعلم شيئا عن مشاكل الزواج أو ضغوط الحياة، ولذلك لا يستطيع أن يعطي الإرشاد أو النصيحة السليمة". وواصل حديثه: "الكاهن المتزوج مكانه في الكنيسه بين مشاكل وهموم شعبه، وهو أكثر شخص يستطيع تقديم حلول مناسبه لهذه المشكلات وذلك لخبرته في الحياة" وأشار الي ان قرار البابا تواضروس تأخر كثيرا وكان يجب العمل بيه منذ سنوات لحماية الراهب من الانخراط في هموم ومشاكل العالم، وتركه العبادة.