عبدالصادق الشوربجي: بناء الثقة والشراكة مع مجتمع الأعمال أولوية للدولة    البيت الأبيض يأمل بأن تتفق روسيا وأوكرانيا على وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا    نحو كأس العالم.. موعد مباراة مصر للشباب أمام غانا والقنوات الناقلة    مستشار أوكراني: روسيا لا ترغب في السلام وتواصل هجماتها على الجبهة الشرقية    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزل وإصابة 3 بانقلاب سيارة في حوادث متفرقة بالقليوبية    ناشرًا بطاقتها على الهواء.. عمرو أديب يعلق على أزمة بوسي شلبي مع أسرة محمود عبد العزيز    المصري الديمقراطي ينظم تدريبًا حول تحليل الموازنة العامة    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    بوليانسكي: روسيا ترحب بإصلاح متزن لدور الأمم المتحدة    قصص «أقفل المحضر في ساعته وتاريخه» لوئام أبوشادي ترصد الصمود الإنساني في وجه الأزمات    وزير الثقافة يصطحب نظيرته الفرنسية في جولة بالجناح المصري في بينالي فينيسيا للعمارة    انطلاق قمة "رايز أب 2025" من المتحف المصري الكبير    منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9.. قوة ردع باكستانية أمام الهند    فريق طبي بسوهاج الجامعي ينجح في استخراج «دبوس» من معدة طفل    «أنوكا» تشيد بتنظيم مصر للمنتدى الإقليمي للتضامن الأولمبي بالقاهرة    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    "بنقول للضحايا إحنا مباحث".. اعترافات عصابة الشرطة المزيفة ب"عين شمس"    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    خبر في الجول - الزمالك يحدد موعدا جديدا للتحقيق مع زيزو    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    موعد بدء العام الدراسي الجديد وتفاصيل الخريطة الزمنية والإجازات    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    ارتفاع توريد القمح المحلى إلى 128 ألف طن وزيادة التقاوى ل481.829 طن بالدقهلية    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    إعلان نتائج بطولة ألعاب القوى (طلبة - طالبات) للجامعات والمعاهد العليا المصرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    نانسي عجرم تعلن غنائها لأول مرة في إندونسيا نوفمبر المقبل    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    «الضرائب»: رفع 1.5 مليار وثيقة على منظومة الفاتورة الإلكترونية    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتى الجمهورية ل"الموجز": مرتكبو حادثة المنيا "خونة" خالفوا كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية
نشر في الموجز يوم 30 - 05 - 2017

تجديد الخطاب الديني أصبح أمرًا ضروريًا.. ونواجه المتشددين بالحوار المباشر لتصحيح مفاهيمهم المغلوطة
: علاج الإلحاد يحتاج لدراسة متعمقة وليس بالاعتداءات البدنية أو بالحبس في البيوت
: نحتاج لصياغة خطاب عصري واقعي للوصول لمواطن إيجابي يعتز بهويته ودينه ولغته
: إطلاق اسم الجهاد على التكفير وسفك الدماء افتراء ولا يحقق من مقاصد الشرع شيئًا
: دعوات حمل السلاح ضد الجيش والشرطة هدفها تدمير البلاد
: لم ننسى الجاليات المسلمة في الخارج.. ويجب أن نعالج أنفسنا أولًا قبل الخوض في قضية الطلاق الشفوي
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنَّ دار الإفتاء تسعى لمواجهة التطرف والتشدد الديني الذي خيَّم على المجتمع بالحوار المباشر مع الناس لتصحيح مفاهيمهم المغلوطة عن الدين، مضيفًا أننا نحتاج إلى صياغة خطاب عصري واقعي لجعل المواطن إيجابي يعتز بهويته.
وشدَّد "علام" في حواره مع "الموجز" أنَّه يجب على علماء الإسلام وقادته الحقيقيين أن يقفوا بحزم ضد هؤلاء الموتورين الذين يسعون لتحقيق أغراض سياسية تحت ستار الدين ؛ وإلى نص الحوار..
. بداية.. وُجهت اتهامات للمؤسسة الدينية بالابتعاد عن الشارع وعدم الاهتمام بقضايا الناس ما أدى لانتشار الفكر المتشدد.. ما هو الدور الذي لعبته دار الإفتاء للتواصل مع الشارع وخاصة الشباب لمعالجة مشكلاتهم؟
. نبذل الجهد الحثيث لتيسير سبل التواصل مع الناس كافة وبوسائل مختلفة، وتعقد الدار مجالس إفتائية في مراكز الشباب بمختلف محافظات مصر بالتعاون مع وزارة الشباب، حيث تلتقي بالناس وخاصة الشباب للإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة لديهم.
. وكيف نعالج ما يعانيه المجتمع من جهل ديني في الوقت الحالي؟
- إننا في حاجة إلى صياغة خطاب دعوي عصري واقعي مقاصدي، يكون قادرًا على صياغة وتكوين فكر المسلم المعاصر، بما يجعله قادرًا على أن يكون مواطنًا إيجابيًا يعتز بدينه ولغته وهويته، وينتمى لوطنه، ويشارك الإنسانية جميعها فى بناء حضارتها فى ضوء نصوص الشرع الشريف وأحكامه.
الموجة الإلحادية
. برأيك.. ما أسباب الموجة الإلحادية التي ظهرت في المجتمع؟
- قضية الإلحاد تحتاج لمعالجة هادئة ومقنعة ودراسة متعمقة، فهذا الإنسان الملحد لديه مشكلة فكرية لا تعالج إلا بالفكر ولا يصح أن تقابل الأفكار باعتداءات بدنية أو بحبس فى البيوت.
ونحن في دار الإفتاء، قطعنا شوطًا في مواجهة هذه الأفكار، ولدينا دراسات كثيرة لمعالجة هذه الأفكار، ولدينا فريق مدرَّب لمواجهة هذه الأفكار ومناقشة من سلكوا هذه الطرق، والإلحاد موجود في المسيحية والإسلام واليهودية وغير مقتصر على الإسلام.
. نتحدث كثيرًا عن تجديد الخطاب الديني.. لكن ما أهمية ذلك؟
- تجديد الخطاب الديني أصبح أمرًا ضروريًا، وذلك عبر استخدام الآليات والوسائل الحديثة للوصول إلى أكبر قدر ممكن من شرائح وأفراد المجتمعات المختلفة، عن طريق شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؛ لمواجهة الفكر المتطرف على الإنترنت، الذي يستهدف شريحة كبيرة من الشباب.
ونحن في الدار استجبنا لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، واستحدثنا منذ عام 2014 تكنولوجيا، حيث تعمل على مدار 24 ساعة للرد على الفتاوى الضالة والمضللة، وأنشأنا موقع بصيرة، الذى يبث بثلاث لغات ليعالج كل القضايا الخاصة بالمفاهيم الخاطئة، كما أنشأنا صفحة بعنوان "إرهابيون" ترصد حركة المسلمين بالخارج لتحسين سمعة الإسلام ومواجهة الدعوات الباطلة التي تسئ للإسلام والمسلمين.
ويجب التاكيد على أن قضية تجديد الخطاب الديني مسؤولية مشتركة بين مؤسسات الدولة جميعها التي تهتم ببناء الإنسان فكريًا ومعنويًا وثقافيًا.
. أثارت دعوة الرئيس لتقنين الطلاق الشفوي موجة من الجدل في الشارع وداخل المؤسسة الدينية.. كيف تتعامل دار الإفتاء مع هذه الأزمة؟
- بداية يجب أن نعالج أنفسنا أولاً؛ فكلمة الطلاق أصبحت كلمة سهلة في المجتمع ومنتشرة؛ حتى إن غالبية الطلاق الذي يأتي إلى دار الإفتاء لا علاقة له بالعلاقة الزوجية لأن بعض الأزواج يقحمون الطلاق في أمور التجارة وغيرها.. وللأسف ارتفعت نسب الطلاق في الخمسين عام الماضية من 6% إلى 40% حسب الإحصاءات الرسمية، وهذه النسبة دخل فيها أحكام القضاء فى مسائل الطلاق؛ وهى نسبة خطيرة ومزعجة تحتم علينا وضع حلول لها والبحث في أسباب وقوعها.
وهناك أسبابًا كثيرة لظاهرة الطلاق منها ما هو اجتماعى وما هو اقتصادى بجانب جهل الزوجين بحقوق وواجبات بعضهما البعض، وبدراسة كل هذه الأسباب والسعى لوضع حلول لها نصل إلى حل لهذه الظاهرة، والدعاة والمشايخ وأمناء الفتوى يقع على عاتقهم مسئولية تبصير الناس بالأمر الشرعى فى مسألة الطلاق.
شروط الإفتاء
. برأيك.. ما أهم الشروط الواجب توافرها في المتصدي للفتوى؟
- أولًا؛ الفتوى هي ما يصدر من الفقيه من حكم يستنبطه من الكتاب والسنة على واقعة بعينها، مع الاجتهاد وإنزال الحكم على الواقع، لذلك فإن الفتوى تتغير بتغير الواقع باختلاف الأزمنة والأحوال والأشخاص، ولا اجتهاد في الثوابت، ولا تغيير فيها فهي مسائل قطعية ثابتة كالصلوات الخمس لا تزيد ولا تنقص.. ومن ثم على الفقيه أن يدرك الواقع الذي يعيش فيه وهذا الواقع يختلف من بلد إلى أخرى ومن زمن إلى أخر، وكذلك حال الناس يختلف كذلك فعلى المفتي أن يراعي كل هذه المتغيرات عند إصدار الفتوى.
والإفتاء كشأن العلوم والفنون يحتاج إلى تخصص، والتخصص في الفتوى يحصل بدراسة علوم الشريعة بأصولها وقواعدها دراسة مستفيضة، وكذلك الإلمام بالواقع المعيش وحبذا لو كان ذلك بالتدرب على ما يسمى العلوم الإنسانية والاجتماعية بالأخص، وبالإلمام بما يتعلق بالمسألة محل السؤال من علوم ومعلومات.
وإضافة إلى الجانب المعرفي الذي يحصل غالبًا بالدراسة الأكاديمية؛ فلا بد من التدرب على الإفتاء حتى ينتقل الأمر من معلومات إلى مهارات، وهناك ما يسمى أخلاقيات المهنة؛ فالإفتاء له أخلاقياته التي يتوارثها أهل المتخصصون فيه.. وعن ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله: بناسخه، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، وتأويله، وتنزيله، ومكيِّه، ومدنيِّه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ويكون بصيرًا باللغة بصيرًا بالشعر وما يحتاج إليه للسُنة والقرآن ويستعمل هذا مع الإنصاف ويكون مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار وتكون له قريحة بعد هذا فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي".
. أصبحت الفتوى أداة في يد الإرهابيين لتبرير العنف.. كيف تواجه دار الإفتاء ذلك؟
- ظهور عدد من الفتاوى التي تنال من المجتمع وتهدد السلام الاجتماعي في مصر والعالم العربي والإسلامي بل والإنساني، كان هو الدافع لدار الإفتاء لإنشاء مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، علاوة على أن المرصد مركز بحثي رصدي يعمل على مدار الساعة ويتابع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كافة، ويعد التقارير والبحوث اللازمة للتعامل مع تلك الفتاوى وتقديم المعالجات الدينية والاجتماعية لها واختيار السبيل الأمثل للرد عليها.
وللأسف أصبحنا وسط تيارات تبحث عن فتاوى تشرعن لها العنف، والمتطرفين يعتمدون على ظاهر النصوص الدينية دون التعمق في فهمها فهما صحيحًا، مثل آيات القتال، التي تجاهلوا فيها الاستقراء القانوني والعلمي والنصوص الشرعية الأخرى التي توضح معنى الآيات، وكذلك تجاهلهم لمقاصد الشريعة الإسلامية التي تحقق المصالح للبشر وتدفع عنهم الضرر في الدنيا والآخرة، فتبنيهم لظاهر النصوص يؤدي إلى إنتاج التطرف الفكري والانحراف عن الصراط المستقيم الذي يؤدي حتما إلى السلوك المتطرف.
وعلى علماء الإسلام وقادته الحقيقيين أن يقفوا بحزم ضد هؤلاء الموتورين الذين يسعون لتحقيق أغراض سياسية تحت ستار الدين.
. وكيف ترى دعوات الإرهابيين لحمل السلاح ضد الجيش والشرطة؟
- نحن نحذر من اتباع مثل تلك الدعوات التي من شأنها أن تدمر البلاد وتسيل الدماء وتنشر التطرف والإرهاب في المجتمع، وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة جاء يوم القيامة مكتوبًا على جبينه آيس من رحمة الله"، وجاء كذلك أن "أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء"، أمّا الجهاد الصحيح الشرعي المحقق لمقاصد الشريعة هو الذي يكون تحت راية الدولة لصد العدوان وتحرير الأوطان وهو أمر شريف، وأثره هو الهداية.
ومثل هذه الدعوات تصدر عن أشخاص ليس لديهم علم، حيث أساءوا الفهم فضلوا وأضلوا، وهي تحريض صريح على القتل والإفساد في الأرض ونشر الفتن وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم إمرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله".
. وكيف ترى اعتبار الإرهابيين سفك الدماء وترويع الآمنين جهادًا في سبيل الله؟
- إطلاق اسم الجهاد على التكفير وسفك الدماء وقطع الرقاب وترويع الآمنين وتهجير الناس وسبي النساء نقض العهود والمواثيق ونشر الفزع وتخريب الديار، فهذا هو الافتراء بعينه ولا يحقق من مقاصد الشرع الشريف شيئًا بل يحقق التصور الظالم الذي يروجه الإعداء عن الإسلام، وأنه دين قد انتشر بحد السيف فشتان ما بين الجهاد الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والذي يندفع به العدوان وينكسر به الشر وبين ما تقترفه التنظيمات الإرهابية من إجرام في حق الإسلام والحجة الدامغة التي تبين بطلان هذه التنظيمات الإرهابية هو قول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ".
. وكيف تُميز دار الإفتاء بين دعاة الفكر المعتدل والمتشدد؟
- المتشدد والمتطرف ينكر التفسير والمقاصد والمآلات والمصالح أي أنه يريد أن يحول فهمه للنص إلى دين، ويتميز هذا الفكر بالتشدد الذي من السهل أن يتحول إلى عنف والذي بدوره يتحول إلى صدام والصدام إلى فرض رأي بهذا العنف فيكون إرهابًا، كما أن من خصائص الفكر المتطرف سحب الماضي على الحاضر، فنجد أن الواقع مرفوض عنده وهو لا يدرك مفرداته ويعمل على تغيير هذا الواقع بقناعته الشخصية الماضوية، ومن هنا يأتي الصدام، علاوة على أن هذا النوع من الفكر لا يهتم سوى بالظاهر لذلك تجد المنظومة الأخلاقية لديه باهتة جدًا أو لا تكاد توجد، وهذا واضح على أصحاب هذا الفكر، لأن لديهم مشكلة في تكوين الأسرة وتربية الأبناء ومشكلة مع الحياة وأخرى مع الجمال وغيرها، ويجب علينا أن تكون غايتنا جميعًا هي محاصرة هذه الأمور والقضاء عليها بالفكر، التربية، بالإعلام والتعامل السوي مع هذه الأفكار المتشددة والمتطرفة والإرهابية، التي تسير بعد ذلك في تطورها الطبيعي من بذرة إلى شجرة إلى ثمرة في هذا المجال.
. في رأيك.. ما الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهور التنظيمات الإرهابية مثل "داعش"؟
- الجهل وعدم معرفة حكم الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم، أهم هذه الأسباب وهذا ليس ناتجًا عن عدم العلم بالدين إنما ناتج عن أن صاحبه ظن بما لديه من العلم القليل أنه يستطيع الإفتاء والتوجيه والإرشاد ويفتي على الرغم من أن بضاعته قليلة، وهذا يعود إلى عدم الأخذ عن العلماء الراسخين في العلم، وأنه قد جعل شيخه كتابه، كما قال ابن سيرين رحمه الله تعالى: "إن هذا العلم دين فانظر عمن تأخذ دينك"، علاوة على المفهوم الخاطئ عن الجهاد، ظنًا منهم أنه مصلحة مطلقة، وقد أغفلوا أن الجهاد شرع لدفع الأذى ورد العدوان عن المسلمين بما سمي بجهاد الدفع، ومن الأسباب التي أدت أيضًا إلى ظهور هذه الجماعات هو تكفير المسلمين والهوى الذي يقودهم إلى تأويل النصوص على غير ما شُرعت له؛ كل هذه الأسباب حملت المؤمنين بها إلى الدخول من بوابة التطرف الى الإرهاب.
هؤلاء ارتكبوا تحت رايات دينية العديد من الجرائم مثل قتل الأبرياء وانتهاك الأماكن المقدسة ومجموعة من الجرائم ضد الإنسانية، التي يدينها ويرفضها الإسلام، لاسيما تهجير المسيحيين من أماكنهم التي نهى ديننا عنها، فكل هذه الأفعال تتنافى تمامًا مع سماحة الدين الإسلامي، إذ إنها تشوهه وتصدر صورة للآخر على أنه دين سفك الدماء وإقصاء الآخرين، وما يفعله الدواعش يندرج تحت الإجرام لأنه أخلَّ بالإسلام وبقانون الإنسان.
السنة النبوية
. وكيف ترى التشكيك في السنة النبوية وكتب التراث والثوابت الدينية؟
- المؤسسات الدينية تقع عليهم مسئولية كبيرة تجاه هذه الظواهر، نظرًا لمكانتهم العلمية والإفتائية والدعوية، ولما لهم من رصيد عند كافة المسلمين في الشرق والغرب، وهم يقومون بدور إيجابي كبير حاليا، خصوصًا في التصدي لمثل هذه القضايا من خلال الرد عليها الرد العلمي الصحيح، وذلك بمنهجية علمية منضبطة تراعي الواقع والمصالح والمآلات والمقاصد الشرعية، بعيدًا عن الإثارة الإعلامية التي لا طائل من ورائها غير مزيد من الالتباس على الناس.
ونحن بالفعل أخذنا الخطوة، فدار الإفتاء عكفت على صياغة ردود علمية موثقة ظهرت تباعًا لكل المسائل والقضايا والشبهات المثارة على الساحة الآن قيامًا بواجب توضيح صحيح الدين، ودفعًا للاتهامات التي يحرص البعض على إلصاقها بالإسلام، ووأدًا لأي محاولة لنشر الفتن أو الطعن على الثوابت.
. ما أهم الإنجازات التي حققتها دار الإفتاء منذ توليك مهامها؟
- على مدار الأعوام الماضية قامت الدار بعدة إنجازات فارقة منها أننا عقدنا مؤتمرين عالميين للفتوى تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأول كان في أغسطس 2015، تم بحضور وبمشاركة وفود من كبار المفتين والعلماء والفقهاء من 50 دولة، وكان عنوان المؤتمر"الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل" وتم خلال المؤتمر الاتفاق على جملة من المبادرات والتوصيات كان أهمها إنشاء أمانةٍ عامةٍ لدُورِ وهيئاتِ الفتوى فى العالم، ومركزٍ عالمي لإعدادِ الكوادرِ القادرة على الإفتاءِ عن بُعدٍ، وكذلك إنشاء مركزٍ عالمي لفتاوَى الجالياتِ المسلمةِ بهدفِ إعادةِ المرجعيةِ الوسطيةِ في الفتوى.
كما أعلنت عن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في الخامس عشر من نوفمبر عن تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم يكون مقرها القاهرة، حيث اعتمدت اللائحة التنفيذية لها، حيث يتم من خلال هذه الأمانة بناء استراتيجيات مشتركة بين دور الإفتاء الأعضاء لمواجهة التطرف فى الفتوى وصياغة المعالجات المهنية لمظاهر التشدد في الإفتاء، والتبادل المستمر للخبرات بين دور الإفتاء الأعضاء والتفاعل الدائم بينها، ووضع معايير وضوابط لمهنة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى تمهيدًا لإصدار دستور للإفتاء يلتزم به المتصدرون للفتوى.
أما المؤتمر الثاني لدار الإفتاء فجاء تحت عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة" في أكتوبر 2016، وحضره وفود من 80 دولة على مستوى العالم. وعُنِي المؤتمرُ في جلساتِه وأبحاثِه ونقاشاتِه وورش عمله بقضية التأهيل العلمي والتكوين الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة، وتفاصيل المساقات المعرفية والتأهيلية التي يمكن من خلالها الارتقاء بمستوى أئمة المساجد حول العالم في المجال الإفتائي، وتحسين جودته، حيث تناول المؤتمر دور المؤسسات الإفتائية في العالم تجاه الأقلياتِ المسلمة، والأصول المنهجية للتأهيلِ الإفتائي للمفتين في الأقلياتِ المسلمة، والحديث عن التحديات التي تُواجهُ الأقلياتِ المسلمة.
. وما أهمية تواصل دار الإفتاء مع الغرب وخاصة فيما يتعلق بسفرياتك للخارج؟
- قمت بالعديد من الجولات الخارجية في العديد من دول أوروبا وآسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنتدى دافوس العالمي والمفوضية الأوروبية واليونسكو والبرلمان الدولي للأديان ومراكز الأبحاث الدولية، بالإضافة إلى المشاركة في أكثر من 32 مؤتمر دولى حول العالم.
وألقيت عدد من المحاضرات في كبريات جامعات أوروبا وعدد من المحافل الدولية كان أخرها جامعة "بون" الألمانية، وقد لاقت اهتمامًا دوليًا وإعلاميًا كبيرًا، كما وجهت بالعديد من القوافل الإفتائية من علماء دار الإفتاء للخارج شملت دول النمسا وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وسنغافورة وكازاخستان والبرتغال وأسبانيا وباكستان ودول غرب إفريقيا وأمريكا وجيبوتي والمغرب ولبنان والإمارات واليونان وغيرها من دول العالم، حيث التقت خلالها رؤساء الدول والوزراء والأمين العام للأمم المتحدة وعقد ندوات ومحاضرات في كبرى الجامعات هناك عن الإسلام الوسطى، وعقد العديد من اللقاءات والفعاليات الجماهيرية والإعلامية.
. وكيف تساعد الدار الجاليات الإسلامية في ظل عدم وسطية الفتوى لديهم؟
- دار الإفتاء تسعى بكل جهدها للتواصل مع الجاليات المسلمة في الخارج بوسائل عدة، حيث تستقبل الدار أسئلة المسلمين من جميع دول العالم وبعشر لغات كان أخرها اللغة الإسبانية، ثم تقوم بالرد عليها.
كما أصدرت الدار موسوعة تضم نحو 1000 فتوى، تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، معظمها وردت من دول غربية، وتجيب عن كل ما يدور في أذهان المسلمين في الغرب، حول مختلف المسائل، بخاصة الشبهات التي يعتمد عليها "داعش" وغيرها من الجماعات المتطرفة.
وحتى في الفضاء الإلكتروني شهدت دار الإفتاء طفرة كبيرة حيث بلغ عدد مستخدمي الصفحات الرسمية لدار الإفتاء التي تزيد عن عشر صفحات رسمية ما يقرب من 6 مليون مستخدم، فقد قامت دار الإفتاء بجهد كبير في التواصل والتفاعل عبر موقعي تويتر ويوتيوب، حيث أتاحت الدار عددا من المواد المرئية والمقروءة في تلك الصفحات، بالإضافة إلى نشر الرسالة الوسطية وتوضيح صحيح الدين وأحكامه فيما يطرأ ويستجد على الساحة من قضايا ومسائل تهم مستخدمي تلك المواقع وروادها.
كما أطلقت الدار العديد من الحملات العالمية على الفضاء الإلكتروني باللغات الأجنبية لتوضيح الصورة الحضارية للإسلام والتي جذبت أكثر من 20 مليون متفاعل حول العالم، حيث بدأتها بحملة عالمية طالبت فيها وسائل الإعلام العالمية خاصة الغربية بعدم إطلاق اسم الدولة الإسلامية على مقاتلي داعش واستبداله بمنشقي القاعدة، وكان هدفها تصحيح صورة الإسلام والمسلمين التي شوهتها داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة، وتعريف الغرب بحقيقة التنظيمات الإرهابية الساعية إلى العنف والترويج للفكر المتشدد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.