واذا كنا قد كشفنا بالادلة القاطعة ان التنظيم الداعشى يلفظ انفاسه الاخيرة فى سيناء الا ان ذيوله وما تبقى من جيوبه تستعد للفرار الى بؤرة جديدة فى صعيد مصر . اختار الدواعش أو جنرالات المخابرات الخارجية الذين يديرون تحركات التنظيم الصعيد ملاذا لهم فطبيعة المكان مناسبة لهم خاصة فى الظهير الصحراوى وبعض الجبال التى تشبه سيناء فى طبيعتها فكانت البداية المتوقعة من التنظيم . فقد تعاملت الاجهزة الامنية مبكرا مع محاولات تكوين خلايا إرهابية في صعيد مصروقد ساهم ذلك فى كشف تحركات التنظيمات الإرهابية في سيناء وما إذا كانت تعمل على خلق مناطق ارتكاز جديدة لها هناك، مستغلة تشابه البيئة القبلية والصحراوية والاجتماعية بين المنطقتين. وبالفعل تم منذ فترة تفكيك خلية إرهابية مكونة من 20 شخصا كانت تنوي الإعلان عن تأسيس "ولاية الصعيد" في محافظاتجنوب مصر ومبايعة تنظيم الدولة الإسلامية. واشارت تقارير المعلومات إن داعش كلف قياداته المتواجدة في ليبيا بإرسال البعض من عناصره نحو صعيد مصر لتشكيل خلايا عنقودية ومعسكرات تدريب، استعدادا للإعلان عن ولاية الصعيد.. وكشفت التقارير أن الفوج الأول وصل من خلال الظهير الصحراوي لمحافظة أسيوط وحاولت التمركز في إحدى النقاط الصحراوية هناك تمهيدا لاستقبال العناصر القادمة من ليبيا وسيناء. كما أن داعش أسس مجموعة أخرى بمحافظة بني سويف لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المنشآت العامة وإيهام الرأي العام الداخلي والخارجي بخروج الأوضاع عن السيطرة في صعيد مصر.. احد هذه الخلايا الإرهابية كانت قد تورطت من قبل في حادث إطلاق النار على أحد القطارات الحربية المخصصة لنقل الجنود بمحافظة بني سويف قبل عامين، واستهدفت إحد المقرات الشرطية بالمحافظة ذاتها في العام الماضي، لكنها لم تنجح في أن تكون جسرا لتواجد داعش بالصعيد.. ولعبت العلاقات الجيدة بين قوات الأمن وعمد القرى بالصعيد دورا مهما وسهلت من مهمتها في القضاء على أي بؤرة إرهابية تظهر هناك. ولا تقتصر الحرب التي تخوضها التنظيمات الإرهابية ضد الدولة المصرية على سيناء فقط لكن فلسفتها ترتكز فى الاساس على وجود أهداف متعددة في حال الفشل بإقامة إمارة إسلامية في سيناء، بحيث تكون الحدود المترامية جنوبا وغربا، بديلا مناسبا للارتكاز بعيدا عن الحدود الشمالية التي تشهد نجاحات متتالية لقوات الأمن. كما أن التنظيمات الإرهابية حاولت استغلال السيولة الحدودية عقب ثورة يناير 2011 لخلق بؤر جاهزة تكون حاضنة لتواجدها الفكري والعسكري، ووجدت ضالتها في محافظات الصعيد، ساعدها في ذلك تمدد الجماعات الإسلامية المتشددة بمختلف توجهاتها داخل تلك المحافظات والتي لجأت إليها هربا من ملاحقتها بالعاصمة .. وقد كان صعيد مصر بمثابة المعقل الرئيسي للعديد من التنظيمات الإسلامية في تسعينات القرن الماضي، حيث نفذت العديد من العمليات الإرهابية هناك قبل أن يتم التضييق عليها وإجبارها على نقل أنشطتها إلى سيناء، لكن الصعيد يظل بقعة تأثير قوية لدى جماعات الإسلام السياسي وراهنت عليه جماعة الإخوان للوصول إلى السلطة.. تقارير تقدير الموقف عن تمدد الجماعات الارهابية والمتشددة فى الصعيد تؤكد ان قوات الامن نجحت فى توجيه ضربات استباقية تحول دون استقرار ونفوذ هذه الجماعات وتمددها وتوسيع بؤرتها وتمركز فى اماكن استراتيجية كما كان الحال فى سيناء قبل تطهير جبل الحلال . وعلى طريقة "اعرف عدوك " تؤكد التقارير المعلوماتية أن ابو بكر البغدادى اصدر تعليماته لقادة التنظيم من المهاجرين بعد الانهيارات المتتابعة للتنظيم فى اكثر من بؤرة منها سيناء بإحياء الخلايا النائمة فى الدول العربية، وتكثيف الهجمات على المنشآت النفطية والمصالح الأجنبية التابعة للدول المشاركة فى التحالف الدولى "لمحاربة التنظيم، كما حرض أيضًا على ضرب المنشآت النفطية والمصالح الأجنبية فى البلدان العربية، فضلا عن شن هجمات فى دول أوروبية، ردًا على ما أسماه اعتداء التحالف الدولى على "أرض الخلافة والمسلمين". كما أمر تنظيم "داعش" عناصره المهاجرين بالعودة إلى بلدانهم، وإعلان ولايات عربية هناك، تمهيدا لشن هجمات على المقار الحكومية وهو ما تخشاه اوروبا وتتخذه بمحمل الجد . وتؤكد التقارير المعلوماتية ايضا أن "داعش" لديه العديد من الخطط فى المرحلة المقبلة منها تحريض التنظيم عناصره على تنفيذ هجمات على الكنائس الأمريكية، معلنا أنه يريد أن يحول أمريكا ل"فيلم رعب دموى"على الطريقة الهوليودية . كما ان هناك خططا لتنظيم داعش لشن هجمات فى بريطانيا باستخدام سلاح كيميائى وتؤكد الشواهد عن ضبط مواد كيماوية سامة مع بعض الخلايا التى سقطت فى عدد من الدول فى المقابل، لفتت التقارير المعلوماتية إلى أن موقف تنظيم "داعش" الإرهابى فى المرحلة المقبلة ربما يميل الى الاسلوب الدفاعى وعدم لاانتحار العسكرى بعد تقليص دوره فى سوريا والعراق؛ فقلة تدفق المقاتلين إلى الأماكن التى يسيطر عليها داعش وقلة الإمدادات والضرائب، جعلت التنظيم يفقد جزءَا كبيرًا من قوته، ما أدى إلى أضرار بالغة فى بنيته التحتية. وتسعى كثير من القوى الاقليمية الى الاستفادة من تجربة مصر فى مكافحة الارهاب وتعول كثيرا على شراكات استراتيجية فى هذا المجال . وعلى المستوى العربى فدون شك سيكون للتفاهمات المصرية والسعودية دورا مهما فى القفز فوق او خلافات فى وجهات النظر مما يدفع فى اتجاه الحل السريع للعديد من القضايا سياسيا لما تتمتع به مصر من ثقل عسكرى يدفع بعجلة الدبلوماسية احيانا الى خطوات سريعة .