كشفت دراسة أجرتها منظمتان حقوقيتان٬ مقرهما بروكسل , ملامح التدخلات المدمرة التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني في الشئون الداخلية ل14 دولة إسلامية في منطقة الشرق الأوسط٬ عبر ثلاثة عقود٬ تعكس هذه الأنشطة مختلف أشكال ودرجات هذا التدخل. وأشارت الدراسة الصادرة عن الرابطة الأوروبية لحرية العراق (EIFA )٬ التي يرأسها ستروان ستيفنسون٬ ممثل اسكتلندا السابق في البرلمان الأوروبي٬ واللجنة الدولية للبحث عن العدالة (ISJ(٬ وهما من المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا لها٬ إلى أن التدخل في شؤون الدول الإقليمية في المنطقة تم بصورة منهجية ومؤسساتية٬ من قبل كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني٬ واتخذت منهجا مكثفا اعتبارا من عام 2013 ووجدت لها زخما جديدا في أعقاب التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1 )الدولية. وشارك في إعداد الدراسة٬ التي جاءت في 56 صفحة٬ عدد من النواب الأوروبيين السابقين٬ بينهم ستروان ستيفنسون٬ وأليخو فيدال٬ النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي. وأثبتت الدراسة أن الحرس الثوري الإيراني متورط بصورة مباشرة في الاحتلال غير المعلن لأربع دول شرق أوسطية تحديدا٬ العراق٬ وسوريا٬ واليمن٬ ولبنان. وأضافت :هناك وجود عسكري مباشر ومكثف لقوات الحرس الثوري الإيراني في هذه الدول الأربع وأنه في صيف عام 2016 كان هناك ما يقرب من 70 ألف جندي يعملون بالوكالة عن الحرس الثوري الإيراني موجودين على الأراضي السورية. وتابعت: يتدخل الحرس الثوري الإيراني في الشئون الداخلية لثماني دول بالمنطقة كذلك٬ أو هو يتآمر ضد حكومات هذه الدول وهذه الدول تشمل العراق٬ وسوريا٬ واليمن٬ولبنان٬ وفلسطين٬ والبحرين٬ ومصر٬ والأردن. وخلصت الدراسة إلى أنه على أساس المعلومات المتوفرة٬ زرع الحرس الثوري الإيراني أذرعا وشبكات إرهابية تابعة له فيما لا يقل عن 12 دولة من دول المنطقة. وإحدى أبرز النتائج التي ذكرها التقرير كانت حقيقة مفادها أن الأنشطة الإرهابية المتعلقة بالحرس الثوري الإيراني قد وقعت في13 من أصل 14 دولة من دول المنطقة. وقالت الدراسة : أجرى الحرس الثوري الإيراني عمليات التجسس وجمع الاستخبارات في 12 دولة من دول المنطقة وأغلب هذه الدول قد تمكنت من إلقاء القبض أو حاكمت الجواسيس التابعين للنظام الإيراني, كما أرسل الحرس الثوري الإيراني الأسلحة والمتفجرات على نطاق واسع إلى كافة الدول ال14 في المنطقة. وأضافت: كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية٬ في مؤتمره الصحفي الذى انعقد في العاصمة واشنطن٬ عن مقر الحرس الثوري الإيراني والمراكز ال14 التابعة له٬ حيث يشرف على تدريب قوات المرتزقة الأجانب وتم الحصول على تلك المعلومات عبر مصادر منظمة مجاهدين خلق الإيرانية ٬ بما في ذلك مصادرها داخل الحرس الثوري الإيراني نفسه. ووفقا لهذه المصادر٬ تنقسم معسكرات التدريب بناء على جنسيات المرتزقة المتدربين ونوعية التدريبات التي يتلقونها هناك, حيث يوفر الحرس الثوري الإيراني التدريب الإرهابي والعسكري للميليشيات٬ والتي تمكنهم من التسلل والاختراق وتعزيز أهداف النظام الإيراني الإقليمية. وأضافت: في كل شهر٬ يتلقى المئات من القوات فى العراق٬ وسوريا٬ واليمن٬ وأفغانستان٬ ولبنان وهي الدول التي يشارك النظام الإيراني في حروب خطوط القتال الأمامية فيها التدريبات العسكرية٬ ثم يتم إرسالهم بعد ذلك لشن الهجمات الإرهابية والمشاركة في الحروب المشتعلة في المنطقة, كما يتم تدريب المجموعات المصغرة في بلدان أخرى بغرض تنفيذ الهجمات الإرهابية' وفي يناير من عام 2007 كشفت منظمة مجاهدين خلق الإيرانية عن تفاصيل تتعلق بنحو 32 ألف عميل عراقي تابعين للنظام الإيراني يعملون داخل أراضي العراق٬ حسبما تذكر الدراسة. وخلصت الدراسة إلى أن تدخل الحرس الثوري الإيراني في شئون بلدان المنطقة غير مقتصر على المجال العسكري وأنه له دورا أساسيا في السياسة الخارجية للنظام الإيراني. وأشارت الدراسة إلى أنه في هيكل السلطة الحاكمة٬ يحدد المرشد الأعلى ملامح السياسة الخارجية٬ آية الله علي خامنئي. وعلى هذا النحو٬ فإن وضع وتنفيذ السياسات إزاء بعض البلدان يتم إحالته إلى الحرس الثوري الإيراني. وفي هذا الصدد٬ يتولى الحرس الثوري الإيراني السيطرة الفاعلة على السياسة الخارجية للنظام الإيراني عبر الكثير من السفارات الإيرانية في الخارج. ويمكن ضم سفارات النظام الإيراني في كل من العراق٬ وسوريا٬ ولبنان٬ وأفغانستان٬ واليمن٬ والبحرين٬ وأذربيجان٬ إلى هذه الشريحة. ودعا ستروان ستيفنسون القائم على الدراسة، المجتمع الدولي إلى حل الحرس الثوري الإيراني ومحاسبة قادته، وقال إن الحرس الثوري يتدخل بشكل سافر في دول المنطقة ويثير فيها القلاقل، خاصة العراق وسوريا واليمن ولبنان. وردا على سؤال بشأن الهدف من إصدار الدراسة في هذا التوقيت، والإعلان عنها في مؤتمر صحفي عقد في بريطانيا أخيرا، قال إنها محاولة للإجابة عن أسئلة تتعلق بمن يقف وراء إثارة الفوضى في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن النظام الإيراني استغل الحملة الدولية ضد تنظيم داعش ليمارس حملة تطهير بحق المناوئين له بالداخل. وأوضح أن انتشار الحرب والإرهاب في المنطقة، أصبح يشكل تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار العالمي وتابع قائلا إن هذا الواقع فرض أسئلة لا بد من الإجابة عنها، بشكل حاسم وعاجل، لمعرفة الأسس والجذور المسببة لهذه الصراعات، ومن هو المسؤول عن خلق هذا الوضع الكارثي، مشيرا إلى أن معرفة الحقيقة من شأنها أن تقود إلى حلول مناسبة لإنهاء الصراع ولتشجيع السلام والاستقرار في العالم. وحمل الحرس الثوري الإيراني المسئولية، وقال: آن الأوان لوضعه على القائمة السوداء، وهناك إشارات من الولاياتالمتحدة بهذا الشأن. وأضاف ستيفنسون، نريد أن نقول لماذا نطالب بأن يوضع الحرس الثوري في اللائحة السوداء. وشدد على أن وضع الحرس الثوري الإيراني في القائمة السوداء أمر طال انتظاره، وأنه سيكون خطوة أولى وضرورية، في الواقع، للحد من الأعمال الإيرانية الوحشية. وتابع: «أشعر بالسرور وأنا ألاحظ أن هناك إشارات إيجابية أصبحت تظهر من واشنطن، تقول إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، قد يكون على وشك اتخاذ مثل هذه الخطوة، لكي يتوقف النظام الإيراني عن إثارة الحرب والإرهاب في الخارج. وعما إذا كانت توجد لديه أدلة واضحة على العلاقة بين الحرس الثوري وتهريب الأسلحة في المنطقة، أوضح ستيفنسون أن أكثر حالة واضحة هي أن إيران مدت حزب الله اللبناني بنحو 100 ألف صاروخ خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وأضاف أن ترسانة حزب الله تواصل النمو بشكل مخيف، وأن قائد حزب الله حسن نصر الله اعترف بأن ميزانية الحزب والرواتب والنفقات والأسلحة والقذائف الصاروخية، كلها تأتي من الجمهورية الإيرانية.