السوريون ينتظرون من السياسة الخارجية المصرية أكثر مما ينتظرون من سياسات الدول الأخرى التي لم لم تذق طعم ثروات الربيع العربى مصر تبحث عن ملف تسوية شامل للأزمة السورية بعيدا عن العسكرة والطائفية على خلاف السعودية وقطر وتركيا وإيران عدم قطع الاتصالات مع النظام الحالى وفتح قنوات اتصال مع المعارضة يساعد مصر فى عقد مصالحة شاملة بين الأطياف المتناحرة فى سوريا تحولات مصر إزاء سوريا بدأت عقب الإطاحة بحكم الإخوان من خلال استبعاد التواصل مع كل من له خلفية إسلامية من المعارضة السورية أصبحت مصر بعد ثورة 25 يناير مطالبة بإطلاق مواقف وصياغة سياسة خارجية تجاه أحداث إقليمية هامة في مقدمتها الثورة السورية. وإزاء التطورات السورية السريعة على مدار ستة سنوات تغيرت مسميات ما يحدث في سوريا من احتجاجات سلمية إلي حراك مدني ما لبث أن تعسكر ثم تم تطييفه باشتداد القتال على أساس طائفي ومذهبي، في هذا السياق، تم اجراء دراسة بعنوان" السياسات المصرية تجاه الصراع فى سوريا" لتقديم مدخل مختلف لتعزيز سياسات مصر تجاه قضية الصراع في سوريا انطلاقا من منظور المصلحة الوطنية للدولة المصرية. ولا تقتصر أهمية هذه المداخل وفق ما تشير إليه الدكتورة إيمان رجب الخبير في مركز الأهرام، ورئيس تحرير دورية "بدائل" في مقدمة العدد الذى يحمل عنوان: " القضية "الشائكة.. أهمية إعادة تقييم السياسات المصرية تجاه الصراع في سوريا" على كونها من القضايا التي تؤثر على الأمن القومي المصري، وعلى المصالح الاستراتيجية للدولة في المنطقة فحسب، بل أن استمرار الصراع المسلح هناك وتمدد تنظيم داعش في سوريا والعراق توسع دوائر التجنيد للعناصر المتطرفة من الدول العربية بما في ذلك مصر. كما ترى الدكتورة إيمان رجب أن ديناميكيات الصراع بين الجماعات المسلحة في سوريا على اختلافها ستؤثر بصورة كبيرة على مستقبل الدولة السورية في مرحلة ما بعد نظام الأسد، وعلى تماسك الدولة، وعدم تفككها إلى دول صغيرة، حيث يعد الحفاظ على كيان الدولة السورية أولوية مهمة للدولة المصرية. بالإضافة إلى أن طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في تحريك أو دعم الجهود الدولية الخاصة بالتسوية السياسية للصراع المسلح هناك، والتصدي لأي تدخل عسكري دولي يهدف إلى إسقاط النظام هناك أو إلى دعم الجماعات المسلحة، يعد متغيرا مهما سيحدد الدور الإقليمي لمصر خلال الحالية. وقد أعدت الدراسة الرئيسية في هذا العدد، الباحثة رابحة سيف علام، المتخصصة فى الشأن السوري والحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وتحمل عنوان"The Syrian Issue: السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراع السوري" وتقدم فيها عرض للصراع السوري، بالإضافة إلى تقييم السياسية المصرية تجاه القضية السورية، ومن ثم طرح أفكار بديلة للتعامل المصري مع القضية السورية. الصراع السوري تختلف المسميات التي تحاول توصيف وتحليل الوضع السوري، فالبعض يصفها بالثورة، والبعض الآخر يصفها بكونها حرب أهلية لا تخلو من أيادٍ إقليمية، فيما يصفها البعض الآخر باعتبارها خطر إرهابي متمدد بينما يجمع الجميع على كونها مأساة إنسانية تجلت في سقوط مئات الآلاف من الضحايا ونزوح ولجوء الملايين إلى مناطق أكثر أمنا, غير أن النظر إلى المشهد السوري من خلال توصيف واحد فقط مما سبق، يغفل الكثير من تركيبية وتعقيد الوضع السوري، وبالتالي لا يتمكن من مفاتيح فهمه على نحو سليم. تقييم السياسة المصرية تجاه القضية السورية تختلف السياسة المصرية تجاه الأزمة السورية جذريا عن سياسة الدول الإقليمية المهتمة بالشأن السوري. فمصر على عكس السعودية وقطر وتركيا وإيران شهدت بالتوازي مع الحراك السوري ثورة شعبية اتخذت أشكالا كثيرة ومرت بمراحل عدة وأثرت بشكل مباشر على بنية اتخاذ القرار المصري. ومن ثم فالسياسة المصرية تجاه سوريا لا تنطلق من منطلق نظري بعيد عن أحداث الربيع العربي ولكنها سياسة دولة خاضت الربيع العربي وصارت مطالبة باتخاذ سياسة مباشرة تجاهه عندما تحول خريفا وحربا مفتوحة في سوريا. ومن هنا فإن تقييم السياسة المصرية تجاه سوريا لا يستقيم إذا ما ساوى بين الأطراف الإقليمية في هذا الصدد، وبالتالي قد ينتظر السوريون من السياسة الخارجية المصرية أكثر مما ينتظرون من سياسات الدول الأخرى التي لم تُلهم ربيعا ولم تذق من التغيير شيئا. لكن بين هذين المنطقين، تبقى السياسة الخارجية لأي دولة تجاه أي قضية هي المعبر عن إدراك هذه الدولة لمصالحها المتعلقة بهذه القضية وليس بما يُنتظر منها من أطراف خارجيين حتى وإن كانوا أصحاب القضية المذكورة. ومن هنا ولدت بعض المبادئ التي سرعان ما أصبحت ثوابت للسياسة المصرية تجاه سوريا، وهي كالتالي: وحدة الأراضي السورية, ورفض عسكرة الأزمة "رفض الحلول العسكرية", وسلامة وحماية المصريين في سوريا, وإنهاء معاناة السوريين من جراء الصراع. ورغم تكون هذه الثوابت في الشهور الأولى من عمر الأزمة السورية إلا أنها ظلت حاكمة للسياسة المصرية إلى اليوم، حتى وإن بدا أن بعضها قد تم تخطيه بحكم استفحال الصراع. ومن هذا المنطلق تحمست مصر أكثر من مرة للمبادرات السياسية التي طرحت على مدار سنوات الأزمة سواء كانت على المستوى العربي أو الدولي. وبشأن تطور الموقف المصري الرسمي والشعبي إزاء القضية السورية, ورغم الثبات النسبي لمبادئ السياسة المصرية تجاه الأزمة السورية، أُضيف مبدأ خامس من ثوابت السياسة المصرية تجاه سوريا يُعلي من شأن الملف الأمني ويقدمه على غيره من الاعتبارات من أجل ضمان الأمن الداخلي المصري الذي بدا أنه يتهدد بفعل السوريين بشكل أو بآخر، عقب إعلان الرئيس الأسبق محمد مرسي الجهاد في سوريا، وهو ما اعتبر سقطة كبيرة للسياسة المصرية تجاه الشأن السوري، التي عادة ما التزمت بالتصريحات العقلانية المحسوبة التي لا تتورط في التحريض ضد أي من طرفي الصراع في سوريا، وكان بمثابة نسفا لجهود الدبلوماسية العقلانية السابقة لمصر. أفكار بديلة للتعامل المصري مع القضية السورية تقدم الدراسة ثمانية "أفكار بديلة" تشمل التحرر من مقاربة الأزمة السورية بنظرة أمنية فقط، والتحرر من مقاربة الأزمة السورية من خلال عدسة الأحداث المصرية، وعدم قطع الاتصالات مع النظام السوري، والتواصل مع الفصائل السورية المعتدلة على أرضية الدولة الموحدة، والوساطة بين أطراف الصراع بهدف بناء الثقة، واستثمار الوجود السوري في مصر لبناء جسور تواصل طويلة المدى، ودعم الملف الإنساني، وحسن التسويق الإعلامي للسياسة المصرية. التحرر من مقاربة الأزمة السورية بنظرة أمنية فحسب من غير شك أن تطورات الصراع العسكري قد طغت على المشهد في سوريا، ولكن لابد ألا نغفل أن الصراع في الأصل كان سياسيا. بالأصل كانت ثورة لشعب يطالب بالحرية وتصحيح التمثيل السياسي بعد عقود من احتكار نخبة ضيقة للسلطة والثروة واستخدامها لكل وسائل القمع السياسي في سبيل الإبقاء على هذا الوضع. ومن ثم فلا يمكن للوضع العسكري أن يهدأ أو يتحسن بشكل جذري دون الأخذ في الحسبان كافة أبعاد الصراع، وفي مقدمتها البعد السياسي. ولذا فإن تنفيذ وقف إطلاق النار لابد أن يتزامن مع مفاوضات تستجيب للمطالب السياسية للمعارضة، وتغير جذريا في بنية وسلوك النظام الذي لا يتوانى عن استخدام القمع لإبقاء سلطته وتصفية خصومه. ولذا فمن غير المتوقع أن ينتهي الصراع السوري إن لم تتم الاستجابة لمطالب الحرية والإصلاح السياسي الجذري. وينطبق هذا الأمر كذلك على النظر إلى الصراع السوري من زاوية مكافحة الإرهاب فحسب، فصحيح أن الصراع في سوريا قد فتح المجال لتجنيد المقاتلين على خلفية إسلامية متشددة مما خلق هاجسا أمنيا لكل دول المنطقة بل والعالم. إلا أن هذا لا يعني تبني مقولات النظام السوري بضرورة تقديم أولوية مكافحة الإرهاب على مطالب الإصلاح السياسي خاصة أن سياسة النظام القمعية في تصفية خصومه السياسيين الذين قادوا الحراك السلمي منذ بدايته -وتعزيز الفزاعة الإسلامية -هي التي أسفرت عن تعملق التنظيمات الإرهابية على الساحة السورية على حساب التيارات الأخرى. التحرر من مقاربة الأزمة السورية من خلال عدسة الأحداث المصرية الوضع الداخلي المصري مختلف تماما عن الوضع الداخلي السوري، ورغم تشابه الخطر الإرهابي إلا انه لا يمكن النظر إلي الوضعين السوري والمصري باعتبارهما متطابقين، إلا وكان في الأمر تبسيطا مخلا بشكل كبير. ولذا من غير المحمود إسقاط تفاصيل السياسة الداخلية المصرية على الوضع السوري، ثم اتخاذ المواقف على أساس ذلك. ولعل من أبرز التحولات التي شابت السياسة المصرية إزاء سوريا قد بدأت عقب الإطاحة بحكم الإخوان في مصر في صيف 2013، ومن ثم تتبع ذلك استبعاد التواصل مع كل من له خلفية إسلامية من المعارضة السورية والتضييق على دخولهم إلى مصر. ورغم الأبعاد الأمنية التي يجب أخذها في الاعتبار، إلا أن التواصل المصري مع الفصائل السياسية السورية يجب أن يشمل الجميع، باستثناء داعش والقاعدة بطبيعة الحال. الوساطة بهدف بناء الثقة تتميز مصر دون غيرها بعلاقات مستقرة مع طرفي الصراع، فمصر لم تقطع العلاقات رسميا مع النظام السوري ولم تطرد سفير دمشق، ولايزال التمثيل القنصلي في حده الأدنى قائما. ومن جهة ثانية، تواصلت مصر منذ بداية الثورة مع مختلف الفصائل السياسية السورية المعارضة، وبنت علاقات قوية معها، مما يؤهل القاهرة للعب أي دور للوساطة بين الجانبين. وإذ يتوفر ذلك لمصر، فإنه لا يتوفر لغيرها من الدول التي انخرطت في مستنقع الصراع العسكري ومولت وجهزت وسلحت المقاتلين من الجانبين، بينما وقفت مصر بصرامة ضد محاولات عسكرة الصراع منذ اللحظة الأولى. بالإضافة إلى تمتع مصر بعلاقات جيدة جدا مع السعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة ومع روسيا من جهة ثانية، ولذا فإن مهمة الوساطة قد تكون مستساغة للرعاة الإقليميين والدوليين لطرفيّ الصراع. وبحكم إيمان مصر بحتمية الحل السياسي لإنهاء الصراع السوري فإن دورها في التمهيد والتنسيق لهذا الحل يصبح ضروريا خاصة في صياغة ترتيبات انتقال السلطة بما يضمن إدماج كافة المكونات السورية على قدم المساواة في الحل السياسي المرتقب. التواصل مع الفصائل السورية المعتدلة على أرضية الدولة الموحدة بحكم إيمان بمصر بضرورة إشراك كافة المكونات السورية في الحل السياسي المرتقب بما يعكس تعددية الشعب السوري ويمثله تمثيلا حقيقيا، لابد لمصر أن تتواصل على الدوام مع كافة الفصائل السياسية المعارضة التي تتبنى رؤية معتدلة بشأن مستقبل سوريا. فبالنسبة لدولة لا تقدم دعما ماليا ولا عسكريا لأيٍ من الفصائل على الأرض، لابد لها أن تُبقي على الحد الأدنى من التواصل مع الجميع. وما ينطبق على التواصل مع المعارضة السورية سواء المقيمة بالداخل أو بالخارج، ينطبق كذلك على الفصائل الكردية إذ من غير المنطقي أن يقتصر التواصل على المعارضة ذات المكون العربي وإهمال الفصائل الكردية. ولعل تغول السياسة التركية على مسار وتطور المعارضة السورية قد دفع إلي تهميش الأكراد في هذه المعادلة. وهو ما يجب أن تتلافاه مصر من خلال علاقات مستقرة وبناءة مع الفصائل الكردية على أرضية دولة سورية موحدة تعترف بحقوق القومية الكردية ضمن سقف الدولة. عدم قطع الاتصالات مع النظام السوري للقاهرة مصلحة حقيقية في التواصل مع مؤسسات الدولة السورية التي لا تزال صامدة، ليس التواصل بغرض الاستدراج إلى الصراع ولكن بغرض ضمان عدم تفككها. حيث حملت الخبرة العراقية في حل الجيش العراقي عقب الإطاحة بصدام حسين دروس قاسية للعراق وللمنطقة ككل، عندما ساهم ذلك في خلق كيانات عسكرية متطرفة تهدد الاستقرار وتمنع تقدم الحلول السياسية. ومن ثم فإن التواصل مع النظام السوري من أجل التأكد من عدم انفراط عقد القوات التي تعمل بإمرته أو تسربها لمشاريع جانبية هو أمر في غاية الأهمية. كما أن الجيش السوري رغم تورطه في الصراع المذهبي الدائر حاليا لا يزال بقوام جيش، وقد يشكل بعد خضوعه لإصلاح هيكلي نواة حقيقية لجيش الدولة السورية الجديد بعد إبرام اتفاق نهائي للحل السياسي. فالخبرات العالمية لإعادة بناء الجيوش الوطنية عقب اتفاقات التسوية السياسية تزاوج بين القوات التي كانت تنتمي للفريقين ولكن ضمن عقيدة عسكرية جديدة بعيدة عن الإقصاء وتسعى لدمج الجميع تحت سقف الوطن. استثمار الوجود السوري في مصر لبناء جسور تواصل طويلة المدى لابد للقاهرة أن تدرك أن سياستها تجاه سوريا تمر أولا عبر السوريين اللاجئين والمقيمين بالقاهرة، ومن ثم فلابد من توجيه الرعاية اللازمة لهم. ومن ذلك تسهيل استخراج أوراق الإقامة وتعدد أغراضها للدراسة والاستثمار والعمل وغيرها. ومن ذلك أيضا دراسة الحالات التي تحتاج للم الشمل للأسر السورية المشتتة بين مصر وبلدان أخرى وفقدت القدرة على الدخول إلى مصر عقب وقف إصدار التأشيرات منذ صيف 2013. وبنفس المنطق لابد من السماح للسوريين المقيمين بمصر بالدراسة خاصة في مرحلة التعليم الجامعي، وتيسيرها وتخفيض مصروفاتها. حيث يؤسس ذلك لجيل جديد من السوريين ذوي الخبرات العلمية الرفيعة القادرين على بناء سوريا المستقبل والذين يشعرون بالعرفان لمصر. كما أن استيعاب السوريين الراغبين بالعمل في السوق الرسمي يعزز من فرص الاستثمار بمصر من خلال دخول هذا الاستثمار في حيز الاحتساب الضريبي ويجنب السوريين الوقوع في براثن الاستغلال عبر العمل في السوق غير الرسمي. ومن ثم فاستثمار مصر اليوم في تعليم السوريين وتيسير إقامتهم والقبول بلم شمل الأسر المشتتة منهم والسماح لذوي المهارات الممتازة منهم بالعمل بحرية لهو أفضل استثمار يعزز من وسائل الدبلوماسية الناعمة المصرية في القضية السورية. دعم الملف الإنساني لابد أن تسعى القاهرة بشكل فعال لتخفيف المعاناة عن السوريين المدنيين، سواء أولئك المحاصرين داخل مناطق الصراع بالداخل السوري أو اللاجئين بدول الجوار وخاصة بمصر. فالاستثمار في رفع المعاناة عن السوريون هو الاستثمار الأهم الذي يجب أن تسعى القاهرة للتركيز عليه، خاصة مع امتناعها عن الانخراط في الصراع العسكري. حسن التسويق الإعلامي للسياسة المصرية لابد من تطوير رسالة إعلامية متسقة تعبر عن الموقف المصري. فرغم تعدد المنابر الإعلامية المصرية المؤثرة في الجمهور الناطق بالعربية، لا يتم استثمار ذلك بشكل جيد لتوصيل صورة واضحة وغير ملتبسة لحقيقة الموقف المصري. ومن ثم يجب إيلاء الاهتمام بحسن التسويق الإعلامي للمواقف المصرية إزاء القضية السورية على نحو يزيل الالتباس عن أولويات السياسة المصرية في هذا الصدد ويلقي الضوء على حقيقة الدور المصري في جهود الحل السياسي للصراع السوري. واختتمت الباحثة الدراسة قائلة: رغم تعقيد الصراع السوري وما يتطلبه من جهود إقليمية ودولية متعددة لإنهائه، ورغم تعثر مصر في مشكلات داخلية وتهديدات أمنية داخلية وخارجية، لا تملك مصر رفاهية إغفال الملف السوري عن أجندتها الخارجية. ولذا فتطوير سياسة خارجية مصرية نشطة في الملف السوري يعطي لمصر فرصة حقيقية في المشاركة كفاعل أساسي ضمن الدول الداعمة للحل السياسي بسوريا. وفي هذا الإطار لابد أن تتوخى مصر من الإجراءات والسياسات الجزئية ما يتوافق مع محددات سياستها الكلية الخاصة بسوريا. فإذا كانت مصر تؤيد وحدة الأراضي السورية فلابد لها من التواصل مع كافة مكونات المشهد السوري اليوم بما فيه الفصائل الكردية. وإذا كانت مصر تدعم بحق الحل السياسي في سوريا فعليها أن تتواصل بجدية مع كافة الأطراف ذات الوجود الفعلي على الأرض اليوم، بما يعزز من مصداقية مصر كوسيط محتمل مستعد لتمهيد وتنسيق التفاوض. وإذا كانت مصر تسعي لتطويق نفوذ التنظيمات الإرهابية في سوريا، فعليها أن تدعم الكوادر السياسية المدنية التي تعاني من إقصاء النظام السوري لها كي يستخدم الفزاعة الإسلامية. وإذا كانت مصر تسعي لتعزيز إرادة الشعب السوري ورفع المعاناة عن كاهله فلابد لها أن تبدأ من اللاجئ السوري المقيم على أرضها فترفع عنه عبء الإجراءات البيروقراطية المعقدة في استصدار الإقامات والتسجيل بالمدارس والجامعات والانخراط في سوق العمل.