يعد منصب وزير الخارجية من أهم المناصب في أمريكا ويعكس هذه الأهمية المصطلح الخاص الذي يستخدمه الأمريكيون لهذا المنصب وهو " سكرتير الدولة" بمعنى حافظ أسرارها ومن هنا تبدو حيرة ترامب لاختيار الشخص المناسب حيث تم ذكر عدد كبير من اسماء المرشحين ومن بينهم رودي جولياني ووجون بولتون وبوب كروكر. رغم أن جولياني يعد من أقرب المرشحين للخارجية الأمريكية وفقا لما تتناقله التقارير الإخبارية إلا أن ترشيحه كان مفاجأة للكثيرين نظرا لافتقاده الخبرة اللازمة لهذا المنصب الهام, وقد أثار ترشيح جولياني الجدل، بسبب اقتصار خبرته على مجال العدالة الجنائية وتطبيق القانون، فضلا عن آرائه المتشددة في السياسة الخارجية التي ربما تتوافق مع شخصية ترامب، لكنها لا تطمئن كثيرا في حال تقلده للمنصب. وقد يرد البعض بأن تقلده لمنصب عمدة نيويورك قد أعطاه الخبرة وهوما أكدته صحيفة التليجراف البريطانية التى قالت إنه حصل على لقب "عمدة نيويورك بسبب مهاراته الإدارية، التي لقيت مديحا من الرأي العام، واعتبره البعض يمتلك مهارات قيادية أفضل من جورج بوش الأبن، الذي لم يكن يتمتع بكاريزما، كما أنه نزل لموقع هجمات سبتمبر مباشرة وظهر أمام الكاميرات وهو في موقع الخطر". وحاول جولياني، وهو من أصل إيطالي، استغلال شعبيته هذه في الترشح لرئاسة الولاياتالمتحدة في انتخابات 2008، لكنه انسحب من الانتخابات التمهيدية بعد خسارته في فلوريدا ليفتح الطريق أمام جون ماكين الذي خسر لاحقا أمام باراك أوباما. وتصف الصحف الأمريكية والبريطانية رودي جولياني بالمرشح المفضل لدى ترامب، ولكنه يمثل رعبا لدى السياسيين الأمريكيين من الديمقراطيين بسبب مواقفه في السياسة الخارجية. ومن أهم مواقفه إقراره بحق المرأة بالإجهاض ودعمه لقوانين التحكم بامتلاك الأسلحة النارية، لكنه يعترف باعتناقه فكر المحافظين الجدد في السياسة الخارجية. ويبدو أن جولياني لن يكون افضل فيما يتعلق بالقضايا العربية فمن أبرز الحوادث الشهيرة في حياته قيامه بطرد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من أحد مسارح نيويورك خلال احتفالية للأمم المتحدة، في حادثة اعتذر عنها البيت الأبيض بعد ذلك. ومن أبرز آراء جولياني بحسب مقال نشر له في مجلة "فورين أفيرز"، إنه يجب التركيز على الحرب ضد الإرهاب وخاصة ما وصفه ب"الإرهاب الإسلامي" وأن يكون هذا محور السياسة الخارجية الأمريكية. ويتفق جولياني مع ترامب في فكرة تأييد منع دخول المسلمين للولايات المتحدة وخاصة من الدول المعرضة للإرهاب، وإذا أرادت الولاياتالمتحدة دخول مسلمين لأراضيها فيجب مراجعة ملفاتهم بدقة للتأكد من عدم وجود ميول متطرفة لديهم. كما يؤكد أنه يجب رفض الاتفاق النووي الإيراني، معتبرا أن إيران خطرا على الأمن القومي الأمريكي وأنها لن تلتزم ببنود الاتفاق النووي وسوف تسعى للحصول على السلاح النووي حتى إن استغرق هذا وقتا أطول. يذكر أن رودلف ويليام لويس جولياني المعروف برودي جولياني ولد في 28 مايو 1944 وهو سياسي أمريكي من أصل إيطالي، والحاكم السابق لمدينة نيويورك، وأحد أبرز المرشحين للرئاسة الأمريكية لانتخابات عام 2008 عن الحزب الجمهوري. حصل على شهادة في القانون وعمل في هيئة الإدعاء العام الفيدرالية، ثم صار حاكماً لولاية نيويورك عن الحزب الجمهوري بين عامي 1994 و2001 وكان حاكماً للمدينة وقت وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001. ويعرف جيولياني بالمواقف الليبرالية اجتماعياً، مثل إقراره بحق المرأة بالإجهاض ودعمه لقوانين التحكم بامتلاك الأسلحة النارية، كما يعرف باعتناقه فكر المحافظين الجدد واليمينيين الصهاينة في السياسة الخارجية، وما زال يفتخر بطرده للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من قاعة للمسرح في نيويورك.. جولياني البالغ من العمر 72 عاما، ليس مرشحاً لوزارة الخارجية وحسب، بل إن اسمه مطروح لحقيبة العدل أيضاً.